5 آلاف معتقل في سجون الحوثي وصالح

صنعاء وعمران والحديدة على رأس القائمة

أمهات المعتقلين في وقفة احتجاج لإطلاق سراح أبنائهن في صنعاء (سبأ)
أمهات المعتقلين في وقفة احتجاج لإطلاق سراح أبنائهن في صنعاء (سبأ)
TT

5 آلاف معتقل في سجون الحوثي وصالح

أمهات المعتقلين في وقفة احتجاج لإطلاق سراح أبنائهن في صنعاء (سبأ)
أمهات المعتقلين في وقفة احتجاج لإطلاق سراح أبنائهن في صنعاء (سبأ)

يعيش عدد كبير من اليمنيين أوضاعا إنسانية ونفسية خطرة، في ظل تزايد الانتهاكات التي ترتكبها ميليشيات الحوثي وصالح منذ بداية الحرب التي تجاوزت عامها الثاني بعدة أشهر، في مدن متفرقة من البلاد.
وتعرض آلاف المدنيين لاختطافات واعتقالات تعسفية تحول بعضها، مع مرور الوقت، لحالات إخفاء قسري مع عزلهم عن العالم الخارجي، الأمر الذي زاد من تعقيد الوضع النفسي والمعاناة لأسر أولئك المختطفين.
أشخاص تم الإفراج عنهم وآخرون تحدثوا عن طبيعة معاناتهم وما طلبت الميليشيات من أهاليهم مقابل إطلاق سراحهم، وآخرون لا تزال أسرهم غير قادرة على الوصول إليهم أو معرفة أماكن اختطافهم، في وقت طالت فيه حالات الاختطافات والإخفاء القسري آلاف المدنيين وفقا لإحصائيات صادرة عن منظمات حقوقية محلية.
وكشفت تقارير محلية يمنية أن ميليشيات الحوثي وصالح ارتكبت خلال العام الماضي 4841 جريمة إخفاء قسري واعتقالات تعسفية. وقال تقرير صادر عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، إن فرق الرصد الميدانية التابعة للتحالف سجلت نحو 5092 حالة انتهاك، منها 4882 حالة اعتقالات تعسفية، فيما بلغت حالات الإخفاء القسري 210 حالات. وبلغ إجمالي حالات الإخفاء القسري والاختطاف التي ارتكبتها الميليشيات بنسبة 95 في المائة، وحازت محافظات صنعاء وعمران والحديدة والمدن التي تسيطر عليها الميليشيات النصيب الأكبر من تلك الانتهاكات والجرائم.

رصد ومتابعة
تقول عضوة اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن وناطقها الرسمي، إشراق المقطري، إن اللجنة حرصت منذ بداية عملها في يناير (كانون الثاني) 2016، على الوصول إلى كافة الضحايا في عموم اليمن والذين تعرضوا للانتهاك أو المساس بحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، لا سيما الحق في الحياة والكرامة والسلامة الجسدية، وحاولت تجاوز الصعوبات المتمثلة بالشق الأمني واستمرار الحرب.
واهتمت اللجنة برصد وتوثيق كل ما يصل إليها عبر الراصدين التابعين لها من قضايا الاعتقال غير القانوني والإخفاء القسري، الذي يعد انتهاكا لقانون حقوق الإنسان والاتفاقيات الملتزم بها اليمن إضافة لنصوص القانون الوطني ومبادئ القانون الدولي. وحققت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات وانتهاكات حقوق الإنسان بعدد 614 واقعة اعتقال وإخفاء قسري، نسبت 95 في المائة منها للميليشيات، وارتكبتها في محافظات صنعاء والمحويت وحجة وعمران.
وأضافت المقطري أن إنشاء اللجنة هو للتحقيق في تلك النتائج للخروج بقائمة متسببي تلك الممارسات، إضافة إلى تحديد السياسات التي نفتها تلك الجهات وهدفت إلى المساس بحقوقهم والإضرار بهم، ومن ثم الرفع بتلك الملفات وقائمة الضحايا والمتسببين بتقرير عام إلى القضاء، لتتم محاكمة هؤلاء الجناة، كما أن هذا التقرير وتلك القائمة تعكس ويستفاد منها في لجان العدالة الانتقالية التي حتما سيتم إعلانها وتطبيقها، إضافة إلى أنه من الممكن أن يستفيد الضحايا بشكل فردي من تلك الملفات لمتابعة حقوقهم والانتصاف مما وقع عليهم من ضرر جسدي ومادي ومعنوي عبر الآليات الوطنية والدولية لحماية حقوق الإنسان، بحسب ما ترى المقطري.

معاناة مستمرة
عانت، وتعاني، الكثير من الأسر وأبنائها القابعين في سجون الميليشيات أوضاعا نفسية غاية في السوء، عوضا عما يواجهه المختطفون ويعيشونه وراء أسوار تلك السجون، المعروفة وغير المعروفة، وهي قصص مؤلمة، تحدث عنها بعض المفرج عنهم، وكذا أهاليهم، لـ«الشرق الأوسط».. يقول «ف ص» والد أحد المختطفين لـ«الشرق الأوسط» إنه واجه الكثير من المصاعب النفسية والمادية والضغوطات وعمليات الابتزاز التي وصلت حد مطالبته بدفع مبلغ مالي مقابل الإفراج عن نجله الذي ظل ما يقارب 7 أشهر لدى الميليشيات في سجونها الخاصة في مديرية رداع بمحافظة البيضاء، ويضيف إن نسبة الضغط الذي عاناه، مع أسرته، جعله في حالة نفسية غير طبيعية مع كثرة الوعود والضمانات التي تلقاها وقدمها مقابل الإفراج عن نجله، هذا عوضا عما عانته زوجته في فترة غياب فلذة كبدها.
وفي إحدى المرات التي قام فيها (ف ص)، الذي فضل عدم إيراد اسمه بالنزول من صنعاء إلى رداع البيضاء بمعية زوجته، يقول بأنه حاول إحراق سيارته جراء ما شهده من امتهان وتعسف، طاله والعشرات من المسافرين الذين احتجزت سياراتهم وحافلاتهم لساعات في نقطة «عيال إدريس» في رداع، وهي أهم النقاط التي تقوم منها الميليشيات باختطاف المدنيين، غير أنه ترجل من سيارته ودلف كل الحافلات ليبلغ الناس بمعاناته ويخبرهم بحكاية ابنه الذي اختطفته الميليشيات، واستحضاره لمقولة قديمة مفادها «الإمام أحمد في القلعة والشيخ عبد الله هنا في نقطة التفتيش»، مشيرا لمسؤول الميليشيات بسجن القلعة والأخيرة لمسؤولها في نقطة التفتيش أبو هاشم.
وحولت الميليشيات مباني حكومية لسجون في مدينة رداع بمحافظة البيضاء وسط البلاد، بعد أن عمدت إلى اختطاف المئات من المواطنين الذين كانوا يمرون عبر طريق رداع البيضاء والمؤدي إلى شبوة ومأرب وحضرموت، منذ حولتها الحرب الدائرة في البلاد إلى طريق رئيسي، يمر عبرها المسافرون، وهذا السجون الخاصة توزعت على قلعة رداع ومبنى المحكمة في المدينة وغيرها من المواقع.

إتاوات الإفراج
في أوقات كثيرة كانت الميليشيات تطلب من المواطنين مبالغ مالية مقابل الإفراج عن مختطفين من أقاربهم، وهذا الأمر ما تحدث عنه المواطن فاكر صالح، الذي وصف ما تعرض له من انتهاكات، بأنه أوصله، في بعض الأحيان، إلى قناعة بأنه لن يرى مجددا العالم الخارجي. يقول المواطن فاكر، الذي اقتادته الميليشيات أثناء خروجه من أحد مقاهي الإنترنت في صنعاء إلى قسم شرطة وصادرت كل ما كان بحوزته من مقتنيات شخصية، إنهم وجهوا إليه تهمة تزويد التحالف العربي بمواقع وأماكن عسكرية مهمة، ومع مرور الوقت وبعد بحث أسرته عنه وعثورها عليه معتقلا في قسم الشرطة، طالبت الميليشيات الأسرة بدفع مبلغ 100 ألف ريال مقابل الإفراج عنه.

جرائم لا تسقط بالتقادم
ويرى حقوقيون يمنيون أن بعض حالات الاختطافات تحولت، مع مرور الوقت لحالات إخفاء قسري، وهذا ما ينطبق على وزير الدفاع اللواء محمود سالم الصبيحي واللواء ناصر منصور هادي (شقيق الرئيس هادي) والعميد فيصل رجب والسياسي محمد قحطان، الذين غيبتهم الميليشيات في سجون غير معروفة، منذ أكثر من عامين.
مطلق الأكحلي، محام وعضو فريق العدالة الانتقالية في مؤتمر الحوار الوطني، سابقا قال لـ«الشرق الأوسط» إن مسألة الاختطاف والإخفاء القسري جريمة وفقا للمادة 14 من قانون الجرائم اليمني لسنة 1994، فمسألة الإخفاء القسري تكون فيه العقوبة مضاعفة كون المخفي صاحب رأي باعتبار أن الدستور اليمني ضمن حقوق الرأي والتعبير. مشيرا إلى أن اليمن موقعه على قانون حقوق الإنسان الدولي والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية سنة 1966م. وأضاف الأكحلي أن اليمن لم توقع على اتفاقية الإخفاء القسري، غير أن مخرجات الحوار الوطني تضمنت مؤخرا مصادقة اليمن على الاتفاقية القانونية للمخفيين قسرا. وقال الأكحلي إن جريمة الإخفاء القسري معاقبة داخليا «محليا»، ودوليا ومن حق ذوي الأشخاص المخفيين رفع دعاوي بالمحاكم والقضاء الدولي بالمطالبة بالكشف عن مصير ذويهم، وتعتبر جريمة الإخفاء القسري من الجرائم المستمرة والتي لا تسقط بالتقادم.

انتهاك للقانون الدولي
تعد جرائم الانتهاكات بحق المدنيين ومن بينها الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري انتهاك للقانون الدولي بحسب اتفاقية جريمة الإخفاء القسري الصادرة في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2006، بل إن هذه الاتفاقية تحظر الإخفاء القسري، وتعتبرها جرائم ضد الإنسانية، وفقا لما قاله المحامي علي هزاع.
وقال هزاع إنه لا تجيز بأي حال من الأحوال التذرع بالظروف الاستثنائية أو الحرب لارتكاب هذه الجريمة، كما أن المادة الأولى من القرار الدولي 2216 نصت صراحة على إطلاق سراح وزير الدفاع الصبيحي وغيره من المعتقلين السياسيين، ولم تقتصر جريمة الإخفاء القسري على السياسيين بل طالت مختلف شرائح المجتمع من بينهم صحافيون وأطباء ومهندسون وأكاديميون وغيرهم، الأمر الذي يضاعف معاناة المختطفين وذويهم. ويفرق قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم 12 لسنة 1994، بين الاختطاف والإخفاء القسري، الذي أورد لفظ الإخفاء في نصوص مواد العقوبات لجريمة الاختطاف تحديدا في المادتين 250 الخاصة بعقوبة الشريك في جريمة الاختطاف إذ ذكر: «أو أخفى المخطوف بعد خطفه»، وجعل عقوبته المباشر للفاعل وشركاه، وهي الحبس مدة لا تزيد عن 5 سنوات، غير أنها ترتفع هذه المدة بما لا يزيد عن عشر سنوات إذا صاحبها إيذاء أو تعذيب، بحسب ما قاله المحامي والناشط الحقوقي، خالد الماوري، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن نصوص قانون مكافحة جرائم الاختطاف والتقطع رقم 24 لسنة 1998، حددت العقوبات لجريمة الاختطاف في المادة 2 منه بما لا يقل عن 12 سنة، وإذا كانت الجريمة وقعت على أنثى أو حدث تكون العقوبة عشرين سنة وإذا صاحب الخطف اعتداء أو إيذاء تكون العقوبة مدة لا تزيد على 25 سنة وتكون العقوبة الإعدام إذا تلا الخطف قتل أو اعتداء جنسي.

مدنيون أم أسرى حرب؟
شهدت الفترة الماضية الكثير من حالات الاختطافات والاعتقالات التعسفية لمدنيين تم التعامل معهم كأسرى حرب، حسب ما قاله الناشط صامد محمد، الذي اعتقل لأيام في سجن الأمن السياسي بمدينة إب، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2015، إثناء تنظيم نشطاء مسيرة إغاثية لتزويد مدينة تعز التي كانت تعاني ولا تزال من حصار الميليشيات بمياه الشرب، قال إن ناشطا آخر يدعى أمين الشفق، اعتقل في الفترة ذاتها وكان من ضمن المجموعة التي اعتقلت في مسيرة الإغاثة وتعاملت الميليشيات معه كأسير حرب، وتم الإفراج عنه في صفقة تبادل أسرى. وعند الإفراج عن صامد، ومعه عدد من المعتقلين، أبلغتهم الميليشيات بأنهم كانوا ضحايا ومؤامرات مخطط إرهابي من أجل تحميل الميليشيات، متسائلا كيف يتم إخبارهم بذلك مع أن آخرين تم الإفراج عنهم بعد أشهر من الاختطاف.
وقال نشطاء يمنيون إن هنالك الكثير من الأشخاص أمثال الشفق تم اعتقالهم من الشوارع واقتيادهم إلى سجون الميليشيات وتم الإفراج عنهم فيما بعد خلال صفقات تبادل أسري خاصة في مدينة تعز.

تجاوز العرف القبلي
شجبت الدكتورة فائزة عبد الرقيب، مستشارة رئيس مجلس الوزراء، وأدانت الممارسات والانتهاكات التي تقوم بها ميليشيات الحوثي وصالح منذ انقلابها على الشرعية الدستورية ومحاولة اختطافها الدولة وللوطن، حيث لم تتوقف عملية الاختطاف والإخفاء القسري للرموز السياسية والنشطاء المعارضين لهم بما فيهم أساتذة الجامعة والحقوقيون والإعلاميون ممن يوثقون انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، ناهيك باختطاف الأطفال والزج بهم في الحرب واستخدام البعض الآخر للضغط على آبائهم أو أحد أقاربهم، إما بتسليم أنفسهم لتلك الميليشيات أو للكف عن أنشطتهم المعارضة، كما أنها تستخدم تلك الاختطافات وسيلة ابتزاز لكسب المال، بل لم تتورع تلك الميليشيات الانقلابية من القيام بالعيب الأسود (الزواج بالإكراه) الذي بلغ مداه، أخيرا، وفيه يتم إكراه وإجبار الفتيات وآبائهن وأسرهن على زواج بناتهم بعناصر الميليشيات الحوثية وفي مقدمتهم المشرفون، لا سيما بعد رفض الفتيات وذويهم زواج المتعة الذي يعد عيبا أسود عند القبيلة في اليمن.
عزاؤنا أن زوال هذه الممارسات التي لم يشهدها الإنسان اليمني وانتصار الشرعية وتحرير ما بقي من الأراضي واندحار الميليشيا المتمردة قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من تحقيقها، وأن هزيمة هذه الميليشيات أصبحت وشيكة، ولن يفلتوا من العقاب.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.