مستشار خامنئي: حدودنا الدفاعية في جنوب لبنان

الجنرال يحيى رحيم صفوي
الجنرال يحيى رحيم صفوي
TT

مستشار خامنئي: حدودنا الدفاعية في جنوب لبنان

الجنرال يحيى رحيم صفوي
الجنرال يحيى رحيم صفوي

أثنى مستشار المرشد الإيراني للشؤون العسكرية والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني، الجنرال يحيى رحيم صفوي، في تصريحات أدلى بها أمس في ذكرى تحرير مدينة خورمشهر خلال الحرب الإيرانية العراقية في 1982، على الاقتدار السياسي والعسكري الذي تتمتع به إيران.
ودافع صفوي عن نظام الأسد والسياسات الإيرانية بشأن سوريا، وقال إن «منطقة شلمجة (النقطة الحدودية بين إيران والعراق في جنوب غربي البلاد) لا تمثل الحدود الدفاعية لإيران، إنما حدودنا الدفاعية هي جنوب لبنان (الحدود مع إسرائيل). ويشكل البحر الأبيض المتوسط بالقرب من إسرائيل العمق الاستراتيجي لإيران». وأضاف صفوي، الذي كان يتحدث من مدينة أصفهان «نلاحظ اليوم امتداد النفوذ الإيراني حتى البحر الأبيض المتوسط للمرة الثالثة (في الإمبراطورية الإيرانية التي يعود تاريخها إلى 2500 عام)».
واعتبر صفوي أن الأزمة السورية «أحد الأحداث العظيمة في التاريخ المعاصر»، وصنف المنافسة الاستراتيجية في سوريا بين محورين: المحور الأول الذي يحمل أفكارا غربية، وصهيونية، وعربية»، والثاني يتضمن «إيران، وروسيا، وحزب الله اللبناني، والصين، والعراق». وأضاف صفوي «تكتسب سوریا أهمية لإيران لكونها جسرا للتواصل بين دول شمال أفريقيا، وآسيا. كما أن سوريا الدولة الوحيدة التي لم تعترف رسميا بالكيان الصهيوني، وقامت بتشكيل محور للمقاومة (أمام إسرائيل)».
وقال قائد فيلق القدس قاسم سليماني في أغسطس (آب) 2013 إن «الغرب لا يعتبر غياب الديمقراطية أساس الأزمة في سوريا، بل إن المشكلة بالمنظور الغربي أنها تقع في محور المقاومة». وأشار صفوي إلى تاريخ العلاقات الاستراتيجية بين سوريا وإيران منذ تولي حافظ الأسد زمام الأمور في سوريا، وقال «عندما قامت القوات الإيرانية خلال الحرب الإيرانية العراقية بتحرير مدينة خورمشهر من سيطرة القوات العراقية في 1982، توجهت أنا وقائد الحرس الثوري آنذاك محسن رفيقدوست إلى سوريا وليبيا لشراء الصواريخ».
وفي الوقت الذي التزمت فيه سوريا خلال صفقة مع روسيا بعدم بيع الصواريخ الروسية إلى جهة ثالثة، اقترحت الحكومة السورية بقيادة حافظ الأسد على إيران أن تقوم بتدريب الوحدة الصاروخية والمدفعية للوفد الإيراني. وتوجه على أثر ذلك وفد مكون من 20 من عناصر الحرس الثوري الإيراني إلى سوريا خلال عامي 1982، و1983. وكان حسن طهراني مقدم، الذي تولى في ما بعد منصب قائد الوحدة الصاروخية في الحرس الثوري، ضمن الوفد الإيراني. وقال صفوي «وضع الوفد الإيراني حجر الأساس لإنشاء الوحدة الصاروخية للحرس الثوري الإيراني».
وقتل حسن طهراني مقدم في 2011 في انفجار استهدف مركزا صاروخيا تابعا للحرس الثوري بالقرب من طهران. وقال بعض المراقبين إن العملية تأتي ضمن عملية الاغتيالات السرية التي تنفذها القوات الإسرائيلية بحق الخبراء الصاروخيين والنوويين في إيران.
ودعم صفوي، خلال التصريحات التي أدلى بها أول من أمس، ترشيح بشار الأسد لخوض الانتخابات الرئاسية، واعتبر أن الأسد عراب الإصلاحات، ومدافع لحقوق الشعب السوري. وتظهر هذه التصريحات أن المستشارين والقيادات العسكرية الذين يتم تعيينهم من قبل مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله خامنئي لا يزالون مستمرين في ترسيم السياسات الإقليمية، في الوقت الذي يبدو فيه عجز حكومة روحاني واضحا عن القيام بدور لترسيم أو إجراء تعديلات في سياسات إيران الإقليمية.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».