قبل مغادرته إلى لندن، ذكر وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، أن ألمانيا تهتم بوحدة دول الاتحاد الأوروبي الـ27 المتبقية أكثر من اهتمامها بمفاوضات البريكست مع بريطانيا. وذكر متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية أن ألمانيا تريد شراكة متينة مع بريطانيا رغم البريكست. وأردف أن زيارة غابرييل للندن، التي تأتي بعد ستة أيام من تسليم بريطانيا طلب البريكست إلى بروكسل، ستؤكد على ضرورة التزام بريطانيا بالاتفاقيات الأوروبية الخاصة بالقضايا الأمنية والدفاع، وأن ألمانيا لن تقبل «بشروط» في هذا المجال. وأكد المتحدث عدم وجود «أجواء متأزمة» في وزارة الخارجية الألمانية بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وعبر الوزير، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، عن ذلك على أفضل وجه بعد لقائه مع نظيره البريطاني بوريس جونسون. إذ وصف غابرييل خروج بريطانيا بأنه «مثل أي طلاق، يبدأ صعباً جداً، ثم يصبح سهلاً». وأكد زعيم الدبلوماسية الألمانية أن المهم بالنسبة لألمانيا هي مصالح دول أوروبا المتبقية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، إذ أن الهدف المقبل هو الحفاظ على لحمة الاتحاد الأوروبي وتقليل أضرار البريكست إلى أقصى حد.
تتحدث الصحافة الألمانية منذ شهرين عن «ميل» جديد في الدبلوماسية الألمانية منذ تسلم غابرييل منصبه في وزارة الخارجية خلفاً لرفيقه فرانك - فالتر شتاينماير. إذ خرج غابرييل أكثر من مرة عن دبلوماسيته، وتجرأ لأول مرة على القول: إن ألمانيا لن ترضى بوصاية الرئيس الأميركي ترمب في قضية الناتو. كما تجاوز سلفه شتاينماير في الموقف من تركيا، وقال إن تركيا حالياً أبعد ما تكون عن تحقيق شروط العضوية في الاتحاد الأوروبي.
إلا أن غابرييل يبدو أكثر دبلوماسية من شتاينماير حينما يتعلق الأمر بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. إذ كان شتاينماير يخطب أمام البرلمان الأوروبي في نفس الوقت الذي كان غابرييل يحاور فيه بوريس جونسون. وهاجم شتاينماير البريكست ووصفه بـ«غير المسؤول» منْ يعتقد أنه يريد «إسماع صوته للآخرين من دون صوت الاتحاد الأوروبي».
ولا يختلف هنا غابرييل في رأيه عن رأي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي ترى أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي سيبقيان بحاجة لبعضهما. ودعا غابرييل في لندن إلى الاحتفاظ بالهدوء، لأن الطرفين يتعلقان ببعضهما.
وسبق لميركل أن عبرت عن قلقها من البريكست بعد تسليم أوراق الطلب رسمياً في الأسبوع الماضي، لكنها طالبت بأن ترتبط بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي بعلاقة شراكة تلي «الطلاق». وقالت المستشارة إنها تحدثت مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي هاتفياً متمنية أن يبقى الطرفان «أصدقاء». وأضافت أن الاتحاد الأوروبي سيفقد عضواً قوياً ومهماً، لكن ذلك لا يعني «الطلاق». واعتبرت ميركل يوم الخروج البريطاني يوم «نهوض» أيضاً، لأنه يعني الارتباط الوثيق بين بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27 المتبقية.
وبرأيه أن «شراكة» سياسية مقبلة مع بريطانيا هي «أقل من عضو في الاتحاد الأوروبي»، وأن اتفاق تجارة حرا بين الطرفين أقل من عضوية في السوق الأوروبية المشتركة، لكن ذلك لا يستدعي خلق حالة عداء بين الطرفين.
والمهم بالنسبة لغابرييل أيضاً، أن لا يتضرر أكثر من ثلاثة ملايين أوروبي يعملون في بريطانيا جراء البريكست. وأكد على ضرورة تأمين مصالح البريطانيين في أوروبا، لأن المصالح المشتركة ستبقى.
سيكون البريطانيون «المتضررين» من فشل مباحثات الخروج بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، بحسب رأي وزير الخارجية الألماني، ولا بد عليهم الالتزام بالبرامج الأوروبية المتفق عليها. وأردف قائلا: إن خطة بريطانية للخروج من الاتحاد الأوروبي «غير واقعية»، ورد جونسون على هذا التصريح بالقول «إذا فشلت المباحثات، فإن بريطانيا ستبقى». واحتفظ غابرييل بموقفه المعتدل من البريكست في مقابلة له مع صحيفة «راينشه بوست» قبل يوم من سفره إلى لندن. وقال الوزير إنه يبذل جهده لمنع حصول حالة عداء بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد البريكست. وأكد أنه يقف ضد أي مواجهة تناحرية مع البريطانيين، وأن مباحثات الخروج لن تكون سهلة: «لكننا نريد أن نبقى أصدقاء»، ولا أحد يتمنى قيام علاقات عدائية بين الطرفين. ورغم كل هذا الموقف، فإن أوروبا لن تتفق مع بريطانيا على «تنزيلات» (خصم) في مباحثات الخروج. أكد أن المهم بالنسبة لألمانيا هي مصالح بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27 المتبقية، التي يجب أن لا تنفصم. وأشار إلى أن هذه البلدان تود التعامل مع لندن بـ«وعي»، وبلا خصومة، ولكن من دون تنازلات.
ألمانيا نحو «طلاق» هادئ مع بريطانيا و«زواج كاثوليكي» مع الاتحاد الأوروبي
ألمانيا نحو «طلاق» هادئ مع بريطانيا و«زواج كاثوليكي» مع الاتحاد الأوروبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة