خان شيخون تتقاطع مع محافظات الشمال وخطر محدق بـ«سوريا المفيدة»

خان شيخون تتقاطع مع محافظات الشمال وخطر محدق بـ«سوريا المفيدة»
TT

خان شيخون تتقاطع مع محافظات الشمال وخطر محدق بـ«سوريا المفيدة»

خان شيخون تتقاطع مع محافظات الشمال وخطر محدق بـ«سوريا المفيدة»

لم تكن مدينة خان شيخون السورية، تنتظر المجزرة الكيماوية التي هزّت العالم، لتصبح تحت مجهر المتابعة الميدانية ليوميات الحرب السورية، ولم تكن مجزرتها الدليل الوحيد على أن تلك المدينة، ما غادرت يوماً بنك الأهداف العسكرية للنظام السوري وحلفائه. الأسباب كثيرة ومتعددة، هي لا تتوقف عند ما تمثّل من حاضنة شعبية للمعارضة السورية فحسب، بقدر ما أنها تشكّل منطقة تتوزّع على مساحتها الجغرافية، غالبية التشكيلات العسكرية المسلّحة المنضوية في صفوف الجيش السوري الحرّ، أو ما اصطلح على تسميتها بـ«الفصائل المعتدلة».
تقع خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، ويبلغ تعداد سكانها مائة ألف نسمة بينهم ما يزيد على عشرة آلاف نازح من مناطق سورية أخرى. أهميتها بالنسبة إلى المعارضة، أنها نقطة تقاطع لثلاث محافظات، هي إدلب وحماة وحلب، وتشكّل حديقة خلفية لإمداد الفصائل التي تقاتل على معظم هذه الجبهات، فالمدينة التابعة جغرافياً إلى منطقة معرة النعمان في محافظة إدلب، تبعد مسافة 37 كلم عن مدينة حماة ونحو مائة كلم عن مدينة حلب و70 كلم عن مدينة إدلب، وتعدّ موقعاً استراتيجياً، للمعارضة حاضراً ومستقبلاً. وإلى جانب البعد الاستراتيجي لخان شيخون، فهي تبقى بقعة تحصين الفصائل العسكرية المعارضة في إدلب، وفق تعبير عضو المجلس العسكري في الجيش الحرّ أبو أحمد العاصمي، الذي لفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن خان شيخون «تقع في عمق مناطق سيطرة المعارضة، وتشكّل حاضنة للفصائل المعتدلة، وأبرزها (أحرار الشام): (جيش النصر)، (جيش العزّة)، (الفرقة 13) و(جيش إدلب الحر)، وهي أبعد ما تكون عن الفصائل المصنّفة متطرفة أو إرهابية»، مذكراً أن هذه الفصائل «أبعدت في الفترة الأخيرة تشكيل (جند الأقصى) المعروف بقربه من تنظيم داعش».
وبقدر أهمية هذه المدينة لـ«الثوار»، تشكّل بقعة خطر دائم للنظام وحلفائه، بحكم موقعها الاستراتيجي على الأوتوستراد الدولي الذي يربط حلب بدمشق، ولكون جغرافيتها الممتدة على تقاطعات المحافظات المشار إليها، تقلق قوات الأسد والميليشيات الموالية، برأي مصدر سوري معارض، ليس في هذه المرحلة فحسب «بل في المرحلة التي تكتمل فيها التركيبة الجيوسياسية لـ(سوريا المفيدة)، عندما ترسم المعالم النهائية للتقسيم».
ويشدد أحمد العاصمي على أن «الغارات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي لم يتوقف على خان شيخون، وسأل ما العبرة من استهداف أحياء مدنية خالية من الوجود المسلّح؟».
صعوبة الوضع في خان شيخون، ليس إلا صورة عمّا هو حال محافظة إدلب بأكملها، إذ تتخوّف المعارضة من تحوّل هذه المحافظة إلى «محرقة كبيرة»، شبيهة بما شهدته مدينة حلب، فنظام الأسد الذي هجّر مئات آلاف من السوريين من دمشق وحمص وحلب، إلى إدلب، يتخوّف خبراء من أن «تصبح إدلب الهدف المباشر للتهجير بعد حمص وحلب». وتشير إحصاءات الائتلاف السوري المعارض إلى أن محافظة إدلب التي يبلغ عدد سكانها مليون و300 ألف نسمة، انضم إليها مليون ومائة ألف نازح ليصبح العدد الإجمالي مليونين و400 ألف نسمة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.