أفكار لرحلات «كروز» صيفية

إبحار فاخر من الكاريبي إلى مدن «المتوسط» التاريخية

سفن أشبه بفنادق عائمة من فئة «5 نجوم» - بعض الأجنحة العائمة تكون على هذا الشكل
سفن أشبه بفنادق عائمة من فئة «5 نجوم» - بعض الأجنحة العائمة تكون على هذا الشكل
TT

أفكار لرحلات «كروز» صيفية

سفن أشبه بفنادق عائمة من فئة «5 نجوم» - بعض الأجنحة العائمة تكون على هذا الشكل
سفن أشبه بفنادق عائمة من فئة «5 نجوم» - بعض الأجنحة العائمة تكون على هذا الشكل

مع بداية فصل الربيع يبدأ التفكير في رحلات الصيف السياحية التي تغطي كل أنحاء العالم تقريباً. ويوفر قطاع سياحة الكروز للسائح هذا العام وجهات سفر جديدة ومتعددة يمكن أن يغطيها في رحلة واحدة بينما هو يستمتع بإقامة فاخرة على سفينة بها خدمات تماثل فنادق الـ5 نجوم. الرحلات المتاحة هذا الصيف تأخذ السائح عبر مناطق بحرية ساحرة مثل مجموعة جزر البحر الكاريبي أو إلى ألاسكا وبحر الشمال، أو تتيح له استكشاف البحر المتوسط ما بين المدن التاريخية فيه وموانئ جنوب أوروبا.
وتجمع رحلات الكروز بين المغامرة والاسترخاء، كما توفر المشاهد الرائعة أثناء الرحلات وفي الوجهات التي تصلها. ويستمتع السائح بالرحلة نفسها قدر استمتاعه بالوجهة السياحية. وتوفر سفن الكروز كل ملامح الفخامة من حمامات سباحة إلى أركان لتناول الطعام في الهواء الطلق. وهي تماثل الواحات الوادعة التي تتهادى بين ميناء وآخر. ويمكن فيها الاستمتاع بخدمات متنوعة من حمامات البخار، والمساج، واليوغا أثناء الرحلة.
وعندما يحجز السائح مكانه على إحدى سفن الكروز فإن معظم الخدمات المتاحة عليها تكون مجانية أثناء الرحلة. وتشمل هذه الخدمات تذكرة ذهاب وإياب بالطائرة من موقع السائح إلى موقع بداية الرحلة، وهناك خيارات للكثير من مواقع بداية الرحلات بلا تكاليف إضافية.
كما توفر بعض السفن شرفات خاصة لكل مقصورة ركاب مع خدمات للمقصورة طوال 24 ساعة لمن يريد تناول الإفطار في المقصورة أو البقاء فيها لوجبة العشاء. وتغطي التكاليف كل المشروبات مع الوجبات، كما يختار الضيف أن يتناول طعامه في الكثير من المطاعم المنتشرة على السفينة بلا تكلفة إضافية.
وتتوفر على متن السفن الحديثة إمكانية الاتصال المجاني بالإنترنت، كما يمكن تناول الشاي والقهوة مجانا في أي وقت. وتغطي التكاليف أيضاً رحلة استكشافية بدليل محلي في معظم المواقع التي تصل إليها السفينة أثناء رحلتها.
من الخدمات الأخرى التي تشملها تكاليف الرحلة مجموع من المحاضرات عن وجهات سفر السفينة والعروض المسائية للترفيه، بالإضافة إلى حضور دار السينما والمسرح على السفينة. وتتكفل التكاليف أيضاً بالبقشيش للعاملين على السفينة حتى لا يضطر المسافر إلى حمل نقود معه.
وتذهب بعض الشركات إلى تقديم رحلات غير معتادة لدى الوصول إلى وجهات السفر مثل الطيران بطائرة هليكوبتر فوق المسطحات الجليدية في ألاسكا أو استعراض شاطئ الريفييرا الفرنسي من البحر بركوب يخت فاخر. ومثل هذه الخدمات الاختيارية تكون بتكاليف إضافية.
ويتم تجهيز المقصورات بحمامات خاصة ملحقة بها تشمل «الدوش» بالماء المضغوط ومرايا وأرضية مسخنة. وهي مقصورات معزولة صوتيا لتوفير الهدوء التام ليلاً، كما أن ديكوراتها هادئة وبها الكثير من أماكن التخزين وأجهزة تلفزيون مسطحة يمكن مشاهدة قنوات الأفلام عليها.
وفي أحدث رحلات الكروز لعام 2017 لا يتقيد الضيف بمواعيد محددة لتناول الطعام أو بزي رسمي في المطاعم، حيث يكفي قميص عادي أو الزي الوطني. ويختار السائح من قائمة طعام متنوعة ومختلفة يوميا، ويختار ما بين الجلوس في المطعم الرئيسي أو أي من المطاعم المنتشرة حول السفينة، ومنها ما هو حول حمام السباحة أو يتخصص في وجبات معينة. ويجلس الضيف في الموقع الذي يروق له ومع أي عدد من رفاق الرحلة. كما يمكن في المناسبات الخاصة طلب غرف خاصة لتناول الطعام فيها ببعض الخصوصية، وهي ما بين 9 و10 أفراد وتدخل أيضاً ضمن تكلفة الرحلة.
ويختار السائح من بين الكثير من الوجهات السياحية التي يفضلها ولكل منها تكلفة مختلفة وتوقيت معين، وهذه بعض النماذج لرحلات الكروز الصيفية والخريفية المتاحة هذا العام:
> جولة في موانئ ألاسكا: وهي تبدأ في شهر مايو (أيار) هذا العام وحتى شهر أغسطس (آب)، وتستمر الرحلات لمدة 11 يوما تتخللها 7 رحلات استكشافية، وتبلغ التكلفة للفرد الواحد نحو 4900 دولار. وهي تبدأ من ميناء فانكوفر الكندي بالإبحار شمالاً إلى ألاسكا. وتستعرض الرحلة بعض مجاهل المنطقة القطبية الشمالية، ويكتشف المسافر أنها مليئة بالحياة البرية من الحيتان إلى الدببة القطبية وأسود وكلاب البحر.
وفي اليوم الأول يتم استقبال السائح في مطار فانكوفر ونقله إلى السفينة، وبعد يومين من الإبحار شمالا بموازاة الساحل الكندي الغربي تصل السفينة إلى ميناء كيتشكان داخل ألاسكا الذي يقع في ظل تلال خضراء وساحل مرصع بسفن الصيد. ويعرف الميناء بأنه عاصمة السالمون في العالم. وتتاح رحلة بحرية بزورق صيد لاستكشاف المنطقة ضمن تكلفة الرحلة أو اختيار رحلات أخرى بتكلفة إضافية تشمل رحلة استكشاف بالطائرة أو زيارة غابات تونغاس وهي أكبر محمية غابات أميركية.
ثم تنطلق السفينة بعد ذلك إلى جزيرة سيتكا في ألاسكا التي كانت مركزاً تجارياً في السابق ولها تاريخ روسي يعود إلى عام 1700. وبعد استكشاف الجزيرة تستأنف السفينة رحلتها إلى جونو عاصمة ألاسكا التي يمكن الوصول إليها فقط بالطائرة أو عن طريق البحر. ويمكن التجول في المدينة أو الذهاب في رحلة استكشاف بحرية أو صعود التلال القريبة بالترام.
ثم تنطلق السفينة في اليوم السادس إلى سكاغواي التي كانت تاريخيا مقرا للباحثين عن الذهب في المناطق المحيطة. ومنها يمكن الذهاب في رحلة قطار إلى قمة الجبال القريبة أو في رحلة بحرية. وتغطي الأيام الخمسة الباقية عدداً من موانئ ألاسكا تنتهي في ميناء سيوارد حيث تنتهي الرحلة بالعودة من مطار المدينة.
> بحار الفايكنغ: وهي رحلات تبدأ في شهر يونيو (حزيران) وحتى سبتمبر (أيلول) هذا العام، وتستمر لمدة أسبوعين يتخللهما 11 رحلة استكشافية وتبلغ تكلفتها ثلاثة آلاف دولار للفرد الواحد. وتشمل الرحلة الكثير من مدن شمال أوروبا المعروفة وتبدأ من ستوكهولم، حيث يتم استقبال السياح في المطار ونقلهم إلى السفينة، ثم البقاء لمدة يومين لاستكشاف العاصمة السويدية. وتبحر السفينة في اليوم الثالث إلى هلسنكي في فنلندا، حيث يتم استكشاف المدينة والتسوق فيها مع إمكانية التجول بالدراجات الهوائية في شوارعها قبل أن تتوجه الرحلة إلى روسيا وميناء سان بطرسبورغ. وتبقى السفينة يومين في الميناء حيث يتم ترتيب رحلات استكشاف لمعالم المدينة.
وتتوجه السفينة بعد ذلك إلى ميناء تالين في استونيا ويعود تاريخها إلى العصور الوسطى. وهناك يمكن التجول في المدينة القديمة المصنفة تراثيا من منظمة اليونيسكو. ويدخل ضمن تكاليف الرحلة جولات بالدراجات أو دورات اختيارية لصناعة الشيكولاته في أحد مصانع المدينة. وبعد رحلة بحرية لمدة يومين في البحر البلطيقي تصل السفينة إلى ميناء غدانسك البولندي، وهناك يمكن زيارة ميدان التضامن الذي أشعل ثورة العمال في بولندا. وتغطي الجولة أيضاً بعض القلاع التاريخية في المدينة.
ومن بولندا تنطلق الرحلة بعد ذلك إلى برلين ثم كوبنهاغن والبورغ في الدنمارك ثم ستافنجر وبرغن في النرويج حيث تنتهي الرحلة بالعودة من مطار المدينة.
> جزر البحر الكاريبي: وتبدأ الرحلات من شهر أكتوبر (تشرين الأول) وحتى نهاية العام وتستمر لمدة 11 يوما تتخللها تسع رحلات استكشافية وتتكلف الرحلة 3150 دولاراً للفرد الواحد. وتبدأ الرحلة من سان خوان عاصمة بورتوريكو حيث تبقى السفينة في الميناء لليوم التالي لمنح السياح فرصة استكشاف المدينة من الشوارع التاريخية إلى الشواطئ الرملية التي تمتد عليها المطاعم والمقاهي البحرية. وتبقى السفينة في اليوم التالي في بورتوريكو حيث تزور ميناء سان خوان التاريخي على جانب المحيط الأطلنطي للجزيرة. ويرى السياح بعض المعالم التاريخية من الحقبة الإسبانية في الجزيرة في القرن السابع عشر بما في ذلك قلعة سان فيليبي ديل مورو. ويمكن اختيار زيارة للغابات الاستوائية لعدة ساعات.
في اليوم الثالث تذهب السفينة إلى ميناء تورتولا في الجزر العذراء البريطانية ويستقل السياح حافلة تطوف بهم في أنحاء المنطقة التي تتكون من الجبال والبحيرات والمشاهد الرائعة. ثم تواصل الرحلة مسارها إلى ميناء سان جون في انتيغا التي تضم 365 شاطئا لكل يوم من أيام العام، ويتمتع السياح بالاسترخاء على أحد الشواطئ أو الانضمام إلى رحلة استكشاف للجزيرة.
وتنطلق الرحلة بعد ذلك إلى جزر سان لوتشيا ثم باربادوس وغوادالوب وسان كيتس وسان مارتن وسان توماس قبل العودة إلى سان خوان في بورتوريكو. ولكل جزيرة من هذه الجزر هويتها الخاصة ومشاهدها الخلابة مما يجعل الكروز الكاريبي أحد أفضل الخيارات المتاحة لفصلي الخريف والشتاء المقبلين.
ولمن يفضل وجهات الإبحار القريبة هناك أكثر من خيار لرحلات كروز في البحر المتوسط يركز بعضها على المدن التاريخية والبعض الآخر على غربي البحر المتوسط.
> تغطي رحلات كروز شرقي المتوسط الكثير من المدن التاريخية بداية من روما وهي تستمر لمدة 15 يوما وتشمل تسع رحلات استكشافية تبدأ في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) هذا العام. وهي أيضاً من الأقل تكلفة بين رحلات الكروز حيث يدفع الفرد الواحد 2500 دولار تغطي كل تكاليف الرحلة.
ومن معالم هذه الرحلة البقاء في روما لمدة يومين مع رحلة استكشافية لآثار المدينة الرومانية ثم الإبحار إلى نابولي وقضاء يوم في المدينة أو الذهاب في رحلة اختيارية إلى آثار مدينة بومباي التي دمرها قديماً انفجار بركان. وتصل الرحلة بعد يومين من الإبحار إلى جزيرة كريت. وتشمل الرحلة المرور على ليماسول في قبرص ورودس وميكونوس في اليونان قبل نهاية الرحلة في أثينا والسفر منها بعد قضاء يوم كامل فيها.
ولمن يفضل التوجه إلى غرب البحر المتوسط يمكنه أن يتوجه من روما على سفينة كروز أخرى إلى فلورنسا، ثم مونت كارلو، ثم سان تروبيه، وميناء مرسيليا، وبعدها إلى برشلونة حيث تنتهي الرحلة وهي من أقصر رحلات الكروز (ثمانية أيام) وتشمل معالم أوروبية جنوبية راقية.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.