الظواهري يحل «داعش» ويولي «النصرة» في سوريا.. والبغدادي يرفض

خبراء: التسجيل تجديد لمقترح قديم.. ومن شأنه تصعيد الاقتتال بينهما

الظواهري يحل «داعش» ويولي «النصرة» في سوريا.. والبغدادي يرفض
TT

الظواهري يحل «داعش» ويولي «النصرة» في سوريا.. والبغدادي يرفض

الظواهري يحل «داعش» ويولي «النصرة» في سوريا.. والبغدادي يرفض

أمر زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، أمس، بـ«إلغاء الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، مؤكدا «استمرار العمل باسم دولة العراق الإسلامية»، فيما تعد «جبهة النصرة لأهل الشام فرعا مستقلا لجماعة (قاعدة الجهاد) يتبع القيادة العامة». ويعطي هذا التصريح لجبهة النصرة التي سبق وبايعه زعيمها في سوريا أبو محمد الجولاني، غطاء شرعيا لها كفرع من «القاعدة»، في حين رفضت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ما قاله زعيم تنظيم القاعدة، مؤكدة على لسان زعيمها أبو بكر البغدادي، أمس، أن «الدولة باقية في العراق والشام».
وأكد خبراء في الحركات الإسلامية أن هذه الرسالة هي تكرار حرفي لرسالة سابقة بثها الظواهري في مايو (أيار) الماضي، وتحمل المضمون نفسه. وقال الخبير بالجماعات الجهادية الداعية عمر بكري فستق لـ«الشرق الأوسط» إن الفيديو الذي عرضته أمس قناة «الجزيرة»، ما ورد فيه «اقترحه الظواهري قبل 6 أشهر، واطلعت عليه»، مشيرا إلى أنه «لا جديد فيما ورد في الفيديو». وأكد فستق أن ما ورد «كان مجرد اقتراح لم يعمل به، وواصل التنظيمان الإسلاميان في سوريا عملهما، ونسقا عملياتهما».
وتقاطعت المعلومة مع ما أكده عضو المجلس السوري والخبير بالجماعات الإسلامية عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط»، أن الرسالة الصوتية «هي نفسها التي بثت في مايو»، مشيرا إلى أن الظواهري آنذاك «تدخل لحل الخلاف بين الجولاني والبغدادي، عبر اقتراح فصلهما، وإنشاء مجلس شورى جهادي». وأشار إلى أن «جبهة النصرة» في ذلك الوقت «نشرت الرسالة على نطاق واسع، لكن البغدادي، زعيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، رفض الرسالة.. الآن يجدد الظواهري التأكيد بنص حرفي للنص القديم أمره»، معربا عن توقعاته أن «يكون لهذه الرسالة تأثير على الأرض، ومن شأنها أن تعزز وضع جبهة النصرة وتضعف داعش بسبب امتعاض الناس منها».
وتعد الدولة الإسلامية في العراق والشام أقوى التنظيمات الإسلامية المعارضة في سوريا، وتتفوق على جبهة النصرة بعددها وعدتها. ويصفها فستق بأنها «أقوى فصيل جهادي، وتأتي النصرة في المرتبة الثانية، بينما يأتي فصيل (أحرار الشام) في المرتبة الثالثة»، مشيرا إلى أن الفصائل الثلاثة «تتماهى مع منهج (القاعدة)، فيما تختلف مع الفصائل الإسلامية الأخرى الأقل تشددا، التي تتماهى مع الجيش السوري الحر».
وكانت ممارسات «داعش» في المناطق التي تسيطر عليها، في الرقة وحلب، أثارت موجة استنكار السكان، لجهة قطع الرؤوس وفرض تعاليمها عليهم. ويشير الحاج إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن «تصعد الخلاف بينهما، وتدفع باتجاه الاقتتال بينهما».
وظهرت هذه الحرب بينهما أمس بتسجيل لزعيم «داعش» تناقلته مواقع إسلامية تحت عنوان «باقية في العراق والشام»، ردا على الظواهري. وقال أبو بكر البغدادي: «لقد اعتدنا ومنذ عشر سنوات من الدماء والأشلاء أننا لا نخرج من محنة إلا ويبتلينا الله تعالى بمثلها أو أشد منها». وأضاف: «الدولة الإسلامية في العراق والشام باقية ما دام فينا عرق ينبض أو عين تطرف، باقية ولن نساوم عليها أو نتنازل عنها حتى يظهرها الله أو نهلك دونها».
ويأتي أمر الظواهري بفصل تنظيم سوريا عن العراق، وتحديد نطاق عمل التنظيمين، على قاعدة «الولاية المكانية لدولة العراق هي العراق، والولاية لجبهة النصرة لأهل الشام هي سوريا»، بعدما رفض زعيم «النصرة» الانضمام إلى دولة العراق. وكان زعيم دولة العراق أبو بكر البغدادي عين الجولاني أميرا لـ«جبهة النصرة» في سوريا في بداية عام 2012. وما لبث أن أعلن البغدادي ضم «النصرة» إلى دولة العراق الإسلامية، في شهر أبريل (نيسان) الماضي، معلنا توحيدها مع سوريا تحت اسم «دولة العراق والشام الإسلامية». وجاء ذلك في أعقاب رسالة مصورة نشرها زعيم القيادة المركزية لـتنظيم القاعدة أيمن الظواهري قبل يومين، دعا فيها إلى توحيد الجهاد في سوريا.
في ذلك الوقت، رفض زعيم «النصرة» الانضمام إلى دولة العراق والشام الإسلامية المستحدثة، رغم أن قسما من عناصر وقياديي «النصرة» انضموا إليها. ويوضح فستق لـ«الشرق الأوسط» أن الجولاني «ارتأى أن لا يكون هناك انضمام، وأن يبقى مستقلا، على خلفية أنه يرى بالضم مساوئ على الجهاد في سوريا». وقال إن الأسباب التي دفعت الجولاني للرفض «تمثلت في أرجحية رفض فصائل سورية إسلامية معارضة لهذا التوحد، كما كان يخشى من أن تسحب فصائل المعارضة السورية الغطاء من (النصرة) بعدما دافعت عنها ودعمتها ضد وضع اسمها على لائحة الإرهاب الأميركية».
إزاء ذلك، يضيف فستق: «تدخل الظواهري، واقترح أن تبقى (النصرة) مستقلة عن دولة العراق الإسلامية، لكن الاقتراح لم ينفذ، وبقي الواقع على ما هو عليه».
ويشير فستق إلى أنه وسط التباين، اقترح قادة جهاديون، بينهم أبو محمد المقدسي وأبو قتادة من معتقله، أن ينشأ «مجلس شورى للمجاهدين في سوريا يتألف من مندوبين لكل الفصائل الجهادية، على أن يكون أبو خالد الشامي الذي زكاه الظواهري الحكم بينهم، ويبقى كل فصيل مستقلا». ويضيف أنه «رغم رفض الانضمام اتسمت العلاقة بين التنظيمين بالتوفيق والتعاون، ولا محاربة بينهما، ولا تناقض، وظهر التعاون في العمليات العسكرية والتقديمات الاجتماعية، لا سيما في عيد الأضحى».
وطرحت قضية الولاء لـ«القاعدة» شكوكا حول دور التنظيمات الجهادية في سوريا، لكن فستق يؤكد أن فصيلا «يوالي أميره». وفيما كان الجولاني أعلن ولاءه للظواهري فيما لم يعلنه البغدادي، أكد فستق أن «منهج الطرفين واحد»، مجددا تأكيده أن «إعطاء الجولاني البيعة للظواهري لا يعني أنه بات فصيلا من (القاعدة)».
وكان الظواهري اعتبر في تسجيل صوتي بث أمس أن البغدادي أخطأ بإعلانه دولة العراق والشام الإسلامية دون أن يستأمرنا أو يستشيرنا، بل دون إخطارنا. وأمر بإقرار البغدادي «أميرا على دولة العراق الإسلامية لمدة عام من تاريخ هذا الحكم، يرفع بعدها مجلس شورى دولة العراق الإسلامية تقريرا للقيادة العامة لجماعة (قاعدة الجهاد) عن سير العمل، تقرر بعده القيادة العامة استمرار الشيخ أبي بكر البغدادي الحسيني في الإمارة أو تولية أمير جديد». كما أمر بإقرار «الجولاني أميرا على (جبهة النصرة لأهل الشام) لمدة عام من تاريخ هذا الحكم، يرفع بعدها مجلس شورى (جبهة النصرة لأهل الشام) تقريرا للقيادة العامة لجماعة (قاعدة الجهاد) عن سير العمل، تقرر بعده القيادة العامة استمرار الشيخ أبي محمد الجولاني في الإمارة أو تولية أمير جديد».
وأصدر الظواهري تعليماته بأن يتبادل «داعش» و«جبهة النصرة» على قدر استطاعتهما، «ما يطلبه كل منهما من إمداد بالرجال والسلاح والمال ومن مأوى وتأمين». وطالب الطرفين بالتوقف عن «أي اعتداء بالقول أو الفعل ضد الطرف الآخر»، كما طالبهما بـ«عدم الاعتداء على مسلم أو مجاهد إلا بناء على حكم قضائي، يبين تفصيله أدناه».



تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
TT

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تراجعت أنشطة بنوك يمنية بشكل حاد، ويشتكي مودعون من حالة تذمر إزاء عدم قدرتهم على سحب أموالهم، وسط إجراءات وقرارات حوثية.

تلك البنوك تقع بمناطق سيطرة الحوثيين، ويشتكي السكان من إجراءات الجماعة المدعومة من إيران، من عجزها عن تقديم خدمات بنكية.

ودفعت المعاناة البنوك إلى مزاولة أنشطة خارج اختصاصاتها، والاعتماد على فروعها بالمناطق اليمنية المحررة، وتحت سيطرة الحكومة لتغطية خسائرها، في حين تطالبها الجماعة بجبايات عن أنشطة تلك الفروع.

في الأثناء، اشتبك عدد من المودعين مع أفراد أمن أحد البنوك، على خلفية مطالبتهم بمبالغ من ودائعهم في صنعاء قبل أيام، وفقاً لمصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن بعض الموظفين أيضاً يخشون خسارة مصدر دخلهم بسبب موجة تقليص وظيفي لمواجهة تراجع الإيرادات وهواجس الإفلاس الذي يهددها.

بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن المودعين اعتصموا داخل مقر البنك بعد رفض إدارته منحهم مبالغ من ودائعهم، ما دفعهم للاحتجاج بالاعتصام، قبل أن ينشب عراك بينهم وبين رجال الأمن، وتطورت الأحداث بقدوم مسلحين من أقارب بعض المودعين، حاولوا اقتحام البنك بالقوة، وتبادلوا إطلاق النار لبعض الوقت، قبل أن تتدخل قوة من شرطة الجماعة الحوثية، وتوقف الاشتباكات. لجأ البنك إلى تخفيض رواتب الموظفين العاملين في إدارته وفروعه، بنسبة 20 في المائة، بسبب أزمة السيولة النقدية التي يواجهها منذ أشهر، بعدما حجزت الجماعة أمواله في البنك المركزي الحوثي بصنعاء، ما اضطر عدداً من الموظفين إلى التوقف عن العمل احتجاجاً على خفض رواتبهم، أو للبحث عن فرص عمل أخرى. ويواجه سكان مناطق سيطرة الحوثيين أوضاعاً معيشية معقدة بسبب الحرب وسيطرة الجماعة على مؤسسات الدولة ووقف رواتب الموظفين العموميين.

أزمة نقدية

تُمْنَى البنوك اليمنية وفروعها الموجودة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بخسائر كبيرة، وتواجه أزمات نقدية حادة، وباتت غالبيتها غير قادرة على دفع مرتبات موظفيها أو تغطية مصاريفها الشهرية.

بسبب الإجراءات الحوثية تحوّلت غالبية البنوك إلى أنشطة غير مصرفية (غيتي)

يرى الباحث الاقتصادي رشيد الآنسي، أن مصير البنوك والقطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بشكل عام أصبح في مهب الريح، بعد الدخول في مرحلة شبه إفلاس منذ أصدرت الجماعة قانوناً يمنع الفائدة، ما أجهز تماماً على ما تبقى من إمكانية تحقيق إيرادات للبنوك في ظل الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه تلك المناطق. ويبين الآنسي لـ«الشرق الأوسط» أنه، إضافة الى لجوء الناس، وخاصة رجال الأعمال والتجار، إلى الاعتماد على شركات الصرافة، فإن البنوك أضحت خاوية من العملاء تقريباً، باستثناء تلك البنوك التي تحولت إلى ما يشبه محلات صرافة لتسليم المعونات الإغاثية أو مرتبات شركات القطاع الخاص. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، فرضت الجماعة الحوثية على البنوك جبايات جديدة تحت مسمى دعم وإسناد قطاع غزة، وطالبتها بمبالغ ما بين 75 ألفاً، و131 ألف دولار (ما بين 40 مليوناً و70 مليون ريال يمني، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار في مناطق سيطرتها بـ534 ريالاً).

وطبقاً لمصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين لجأت إلى مزاولة أنشطة وأعمال تجارية ليست من اختصاصها لمواجهة حالة الركود وشبح الإفلاس اللذين يحيطان بها، ومن ذلك الوساطة بين المستهلكين والشركات التجارية والمحلات التجارية ومحال البقالة للحصول على عمولات يتحملها المستهلكون.

البنوك اليمنية تعرضت لاستحواذ الجماعة الحوثية على سيولتها النقدية المتوفرة لصالح المجهود الحربي (إكس)

ويتهم البنك المركزي اليمني الجماعة الحوثية بالاستحواذ على جزء كبير من المبالغ النقدية للبنوك التجارية في مناطق سيطرتها، وإجبارها على سحب السيولة النقدية المتوافرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات الجماعة واستخدامها لدعم مجهودها الحربي، متسببة بعجز البنوك عن الوفاء بالتزاماتها، وفقدان ثقة العملاء بالقطاع المصرفي.

الاتكال على الفروع

يواجه عدد من البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين الأزمات النقدية ببيع بطاقات الشراء من الإنترنت وبطاقات ركوب الحافلات وبيع الذهب، بعدما فقدت، بسبب الإجراءات والقرارات الحوثية، القدرة على ممارسة مهامها الأساسية وتقديم التمويلات الضخمة والمنتجات المصرفية. ووفقاً للآنسي، لجأت هذه البنوك إلى الاعتماد على فروعها في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي تحقق أرباحاً كبيرة نتيجة دخولها في الدين العام وتحصيل فوائد تصل إلى 23 في المائة، إضافة إلى الحركة الاقتصادية في هذه المناطق، وتوجه رجال الأعمال والشركات التجارية للتعامل مع البنوك لسهولة الحركة بعيداً عن رقابة الجماعة الحوثية.

بنك في صنعاء تعرض للحجز التحفظي على أرصدة ملاكه قبل أعوام بأوامر من الحوثيين (إكس)

وتشترك فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة في مزادات البنك المركزي، ما يحقق لها عائداً جيداً من خلال بيع العملات الأجنبية للتجار، أو من خلال فتح الاعتمادات الخاصة بالمزادات، وهو ما يتيح للبنوك في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التنفس برئة هذه الفروع. وينتقد الآنسي ما وصفه بتقاعس الحكومة اليمنية عن تحصيل ضرائب من إيرادات فروع البنوك في مناطق سيطرتها، بينما تضغط الجماعة الحوثية على إدارات البنوك في مناطق سيطرتها لإجبارها على دفع ضرائب على أرباح تلك الفروع، ما يمثل دعماً مالياً إضافياً للجماعة. وطالب الباحث اليمني البنك المركزي في عدن بعزل فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة عن فروعها ومراكزها الرئيسية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، تجنباً لتحول هذه الفروع إلى ممول للجماعة.