البرلمان الشيشاني يقر قانوناً يسمح بارتداء الحجاب في المدارس

أثار جدلاً في موسكو وكشف عن ثغرات في التشريعات الروسية

محجبات شيشانيات خلال فعالية شعبية في غروزني (ريا نوفستي)
محجبات شيشانيات خلال فعالية شعبية في غروزني (ريا نوفستي)
TT

البرلمان الشيشاني يقر قانوناً يسمح بارتداء الحجاب في المدارس

محجبات شيشانيات خلال فعالية شعبية في غروزني (ريا نوفستي)
محجبات شيشانيات خلال فعالية شعبية في غروزني (ريا نوفستي)

أثار قرار السلطات الشيشانية بالسماح بارتداء الحجاب في مدارس جمهورية الشيشان، العضو في الاتحاد الروسي، ردود فعل متباينة في أوساط مؤسسات السلطة الفيدرالية، التنفيذية والتشريعية. وكان البرلمان الشيشاني قد اعتمد مشروع قانون يوم 31 مارس (آذار) يسمح للتلاميذ والتلميذات في مدارس الجمهورية بارتداء الأزياء أو الرموز الدينية، وأكد البرلمان أن هذا القانون لا يتعارض مع القانون الفيدرالي «حول المؤسسات التعليمية في روسيا الاتحادية». من جانبه، قال محمد داودوف، المتحدث الإعلامي باسم البرلمان الشيشاني: إن القانون الجديد يرفع من مستوى أداء المؤسسات التعليمية، ويضمن في الوقت ذاته احترام حقوق التلاميذ. وفي تعليقه على هذه الخطوة التشريعية في الشيشان، قال المفتي ألبير كرغانوف، رئيس المجلس الروحاني لمسلمي روسيا إن «ضرورة اتخاذ قرار نهائي بهذا الخصوص قد نضجت»، معربا عن قناعته بأن «اعتماد البرلمان الشيشاني مشروع القانون حول الحجاب، هو بمثابة رد على غياب حل لهذه القضية على المستوى الفيدرالي»، ووجه الدعوة إلى الخبراء وممثلي مناطق القوقاز والديانات التقليدية في روسيا إلى عقد لقاء في موسكو لبحث هذه المسألة. وأشار كورغانوف، الذي يشغل في الوقت ذاته مقعداً في المجلس الاجتماعي الروسي، إلى أن «القرآن الكريم هو القانون الرئيسي للمسلمين».
وتجدر الإشارة إلى أن موضوع ارتداء الحجاب في روسيا لا يشكل بحد ذاته مشكلة، بقدر ما هي المشكلة في التشريعات بهذا الخصوص، وفي عدم وجود موقف موحد في مؤسسات السلطة الروسية، كما وعلى مستوى الرأي العام الروسي، حول هذه القضية؛ الأمر الذي برز بوضوح من خلال تباين ردود الفعل على قرار البرلمان الشيشاني، ولا سيما في رد فعل الكرملين الذين لم ينتقد أو يرفض بوضوح قرار السلطات الشيشانية، لكنه لم يبدِ ترحيبه بذلك القرار.
وقال دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين: «ما كنت لأعلن عن موقف ما بهذا الخصوص، وهناك جدل واسع في كثير من دول العالم حول مشكلة ارتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية. وللأسف يصعب الحديث عن وجود معيار ما موحد، حيث يجري حل هذه المسألة بطرق مختلفة في مختلف الدول». وأشار بيسكوف إلى أن «روسيا دولة متعددة القوميات والأديان، وقال الرئيس بوتين أكثر من مرة إن قوة روسيا في هذا التعددية»، لافتاً إلى أن «روسيا في الوقت ذاته دولة علمانية، وهذا أمر موثق في الدستور».
من جانبه، رأى يوسف ديسكين، رئيس لجنة المجلس الاجتماعي الخاصة بشؤون تناغم العلاقات بين الأديان، أن قرار البرلمان انتهك القوانين العامة في روسيا، وقال: «من وجهة نظري، فإن الأمر يثير الشبهة، وأعتقد أننا أمام واقعة يقوم فيها عضو في الاتحاد بانتهاك القوانين الاتحادية العامة». وبعد تأكيده أنه يكنّ كل الاحترام والتقدير للرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، ووصفه بأنه «وطني روسي، يهتم بالمشاعر الدينية لشعبه»، عاد ديسكين وشدد على أن الحرص على المشاعر الدينية لا يجوز أن يتحول إلى «انتهاك مباشر للقوانين الروسية»، معربا عن قناعته بإمكانية التعاطي مع هذه المسألة وفق نهج مختلف بين منطقة وأخرى من الأعضاء في الاتحاد الروسي «لكن بعد إدخال تعديلات على التشريعات بهذا الخصوص»، وختم معرباً عن أمله بأن «يضع الرئيس قاديروف فيتو على قانون البرلمان الشيشاني بشأن الحجاب في مدارس الجمهورية».
أما البرلمانيون الروس، فيبدو أن قرار زملائهم في البرلمان الشيشاني، وضعهم وجها لوجه أمام جوهر المشكلة، ممثلا بغياب تشريعات واضحة بشأن ارتداء الرموز الدينية. وأقر أوليغ سمولين، النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما لشؤون التربية والتعليم، بأن التعديلات التي أدخلها برلمانيو الشيشان على القانون حول التعليم، لا تتعارض مع القوانين الفيدرالية؛ لأن تلك القوانين لا تتضمن حظراً مباشرا على ارتداء الرموز الدينية، غير أن تلك التعديلات حسب قوله «ربما تتعارض مع فكرة الطبيعة العلمانية للتعليم». ويرى سمولين أنه «كان لا بد من أن تتفق السلطات الفيدرالية والسلطات المحلية فيما بينها، آخذة بالحسبان أنه هناك في روسيا مناطق تتميز بأغلبية سكانية دينية»، معربا عن قناعته بإمكانية أن يتم التغاضي عن مسألة ارتداء الأزياء والرموز الدينية، لكن «مع حظر حازم لأداء أي شعائر دينية داخل المؤسسات التعليمية».
وجهة نظر أخرى بهذا الخصوص عبر عنها غينادي أونشينكو، نائب آخر في لجنة مجلس الدوما لشؤون التربية والتعليم. إذ أبدى أونشينكو، في حديث لوكالة «ريا نوفوستي» تفهمه لاتخاذ القرار، وأشار إلى أن قرار البرلمان الشيشاني لن يواجه معارضة لكن على مستوى جمهورية الشيشان، لأنها جمهورية أحادية القومية، مؤكداً أنه سيدعم فكرة تصميم أزياء تأخذ بالحسبان الخصوصية الدينية، لكن على أن يتم ذلك بموجب تشريعات فيدرالية، وعلى شكل توصيات بموجب تلك التشريعات.
وعلى مستوى المجتمع الروسي أظهر استطلاع للرأي أجراه «مركز عموم روسيا لاستطلاع الرأي العام» انقساما بشأن قانون حظر ارتداء الحجاب في المدارس الروسية. ويشكل هذا الانقسام مناصفة، بين مؤيد ومعارض، تغيراً في مزاجية الرأي العام الروسية، لصالح زيادة أعداد المؤيدين، أو من لا يعارضون ارتداء الحجاب في المدارس. وبالأرقام يشير استطلاع الرأي إلى أن 47 في المائة من المواطنين الروس ينظرون بتسامح إلى ارتداء كل ما يشير ظاهرياً إلى الانتماء الديني للشخص، في المدارس.
وقال الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف في تصريحات مطلع العام الحايل: إن الدستور الروسي يضمن حرية الرأي والديانة، وأضاف: «بناتي الثلاث يدرسن في المدرسة ويرتدين الحجاب، ويحصلن على علامات ممتازة»، وفي سياق رده على تصريحات لوزير التعليم الروسية أولغا فاسيلوفا، أشارت فيها إلى الطبيعة العلمانية للمؤسسات التعليمية في روسيا، قال قاديروف إن «أولغا فاسيلوفا تطلب من بناتي نزع الحجاب. بناتي لن يفعلن هذا أبداً». حينها شدد يفغيني بوبروف، نائب رئيس مجلس حقوق الإنسان لدى الرئاسة الروسية على أن «ارتداء الحجاب لا يشكل انتهاكا للدستور الروسي؛ لأننا نعيش في دولة علمانية»، مردفا أن «العملية التعليمية من جانب آخر يجب أن تتوافق أيضا مع التشريعات المعتمدة» في إشارة منه إلى ضرورة الالتزام بحظر الحجاب في المقاطعات، حيث يوجد قانون ينص على ذلك، معربا عن قناعته في الوقت ذاته بأنه «من الممكن السماح بارتداء الحجاب في مدارس المناطق التي جرت العادة فيها ارتداء الحجاب».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».