{حماس} تطلق حملة كبيرة ضد «عملاء» تحت شعار «الانتقام»

ليبرمان ينفي علاقة الجيش الإسرائيلي بقتل الفقها ويعدّه «تصفية داخلية»

{حماس} تطلق حملة كبيرة ضد «عملاء» تحت شعار «الانتقام»
TT

{حماس} تطلق حملة كبيرة ضد «عملاء» تحت شعار «الانتقام»

{حماس} تطلق حملة كبيرة ضد «عملاء» تحت شعار «الانتقام»

بعد يوم واحد من التهديد الذي أطلقه نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، بأن قتلة القيادي في الحركة مازن الفقها لن يعيشوا تحت الشمس، أطلقت الحركة حملة جديدة ضد مشتبه بتعاونهم مع إسرائيل، تمهيدا كما يبدو، لسلسلة أحكام وإعدامات جديدة.
وأعلنت وزارة الداخلية والأمن الوطني التي تسيطر عليها حماس في غزة، أنها بصدد اتخاذ إجراءات مشددة ضد «عملاء الاحتلال» خلال الأيام المقبلة، وذلك في سياق متابعة قضية اغتيال مازن الفقها.
وقال الناطق باسم الوزارة، إياد البزم، في تصريحٍ مقتضب: «في سياق متابعة قضية اغتيال الشهيد مازن الفقها، ستقوم وزارة الداخلية والأمن الوطني، بإجراءات مشددة ضد عملاء الاحتلال خلال الساعات والأيام المقبلة، بما يحفظ أمن مجتمعنا الفلسطيني».
ويتوقع بحسب مصادر مطلعة، أن تبدأ الحركة في تنفيذ قرارات أحكام بإعدام متعاونين، وتشديد العقوبات على آخرين واعتقال وتحقيق مع مشتبهين.
وتستند حماس إلى أن قتلة الفقها الذي اغتاله مجهولون الجمعة قبل الماضي وسط غزة هم أدوات لدى إسرائيل، على الرغم من أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن الاغتيال، بل لمح وزير جيشها إلى عدم علاقة الجيش بالأمر.
وكان مجهولون قتلوا الفقها بكواتم صوت أمام منزله، في حادثة تسببت بإرباك كبير داخل غزة وفي حماس التي أغلقت جميع منافذ القطاع وحولته إلى ثكنة عسكرية في محاولة للوصول إلى قتلته.
وتطلق حماس حملتها الكبيرة ضد «العملاء» تحت شعار «الانتقام»، وذلك بعدما امتنعت لسنوات بسبب جملة انتقادات كبيرة محلية ودولية بعد إعدامها عملاء في الشوارع، خصوصا في حرب 2014.
ومن غير المعروف ما إذا كانت وزارة الداخلية ستلجأ إلى إعدامات علنية في الشوارع أو داخل السجون.
وأصدرت حركة حماس بيانا قالت فيه، إنها تقدر وتدعم «الجهود الوطنية والمسؤولة التي تبذلها وزارة الداخلية في غزة وأجهزتها الأمنية في ملاحقة الخونة والعملاء، ولا سيما بعد اغتيال العدو الصهيوني وعملائه الشهيد القائد مازن الفقها».
وطالبت الحركة في تصريحٍ على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم، بضرورة إبقاء ملف ملاحقة العملاء مفتوحا وإنزال أقصى العقوبات بحقهم، والعمل على اتخاذ كل الإجراءات والتدابير اللازمة التي من شأنها الحفاظ على أمن المجتمع وحماية ظهر المقاومة.
ويكشف التنسيق بين حماس ووزارة الداخلية، عن التخطيط لحملة كبيرة، خصوصا أن الأمر ترافق مع إطلاق نشطاء من حماس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هاشتاغات تدعو للقصاص من العملاء.
ودعا النشطاء لسرعة اتخاذ الإجراءات الضرورية، وطالبوا بإعدامهم في الساحات والميادين العامة.
وقال أحمد بحر، النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، وأحد قيادات حماس في قطاع غزة: «سنعمل على محاربة العملاء وتجار المخدرات بكل قوة. إنهم يشكلون خطرا على الأمن القومي الفلسطيني والمصري». وأضاف بحر خلال كلمة ألقاها في حفل تخريج: «إن الانتقام قادم لدماء الشهيد مازن الفقها».
وتجري حماس تحقيقات موسعة ومكثفة في عملية اغتيال الفقها، وسط إصرار كبير على أن قتلته هم إسرائيليون أو عملاء لإسرائيل.
وقال الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة: «نؤكد بأنه لا مسؤول عن الجريمة سوى العدو الصهيوني، ولن تفلح كل محاولاته المعلنة أو الخفية في التنصل أو خلط الأوراق». وأضاف: «إن تصريحات وزير الحرب الصهيوني أفيغدور ليبرمان التي يحاول فيها الهروب من المسؤولية عن جريمة اغتيال القائد مازن الفقها، تظهر حجم الخوف والضغط الذي يتملك العدو وقادته الذين تلطخت أيديهم بدماء القائد مازن ودماء أبناء شعبنا».
وكان أبو عبيدة يرد على تصريحات لليبرمان لمح فيها إلى عدم مسؤولية إسرائيل عن قتل الفقها. وقال ليبرمان: «لا تغيير في سياسة إسرائيل تجاه حركة حماس». مضيفا: «إن إسرائيل ليست بصدد البحث عن مغامرات بل تدير سياسة الدفاع بمسؤولية وحزم». وتابع: «حركة حماس معروفة بتطرفها وبعمليات التصفية الداخلية».
وتلميح ليبرمان حول تصفية داخلية لالفقها، أمر لا يستبعده خصوم حماس، لكن الحركة تنفيه جملة وتفصيلا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم