إذاعة «إن آر جي» الدولية تتوسع في العالم العربي

تبدأ العمل في مصر والمغرب بعد تجربتها في لبنان

فريق عمل في فرع للإذاعة الدولية أثناء تقديم البرامج
فريق عمل في فرع للإذاعة الدولية أثناء تقديم البرامج
TT

إذاعة «إن آر جي» الدولية تتوسع في العالم العربي

فريق عمل في فرع للإذاعة الدولية أثناء تقديم البرامج
فريق عمل في فرع للإذاعة الدولية أثناء تقديم البرامج

تتوسع إذاعة «إن آر جي» الدولية، في العالم العربي، بشكل متسارع. فبعد تجربتها في لبنان باللغة لإنجليزية، أطلقت الأسبوع الماضي البث من المغرب باللغة الفرنسية، وقامت أمس بالاحتفال في مصر بإطلاق محطتها للبث باللغة العربية لأول مرة. وللمحطة نفسها وجود في أوكرانيا، وروسيا، وهولندا، والسويد، وغيرها من الدول، بلغات مختلفة، وهدف واحد، هو تقديم الموسيقى والبرامج الترفيهية للشباب.
ويقول رجل الأعمال المصري، وليد مصطفى، وكيل «إن آر جي» في القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: نستهدف تقديم الترفيه، عبر هذا الراديو، للشريحة العمرية من 13 إلى 39 سنة، مشيرا إلى أن بداية البث سيكون في نطاق القاهرة الكبرى (تضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية)، ثم الانتشار في باقي المحافظات قبل نهاية العام.
ويقع المقر الرئيسي للإذاعة في باريس، حيث أسسها رجل فرنسي، وتوسعت في البث، منذ إطلاقها عام 1981 في نحو 20 دولة حول العالم. وتستضيف المشاهير في عالم الموسيقى، والفنون، والرياضة، وملكات الجمال. وقامت ملكة جمال أوكرانيا، أليكساندرا كوشرينكو، بزيارة دعائية لفرع الإذاعة في العاصمة كييف.
في الوقت الراهن تسعى «إن آر جي» لأن تكون منافسا للإذاعات المحلية الخاصة بالموسيقى والبرامج الترفيهية في منطقة الشرق الأوسط. وجرى إطلاق البث في مصر الليلة الماضية، وفي المغرب يوم 25 الشهر الماضي بمشاركة عدد من نجوم المجتمع، بينما تبث الإذاعة من بيروت منذ سنوات. ولها في فرنسا فقط 18 محطة.
وتدير إذاعة «إن آر جي» شركة متخصصة في نشاط الترفيه عبر الراديو، والتلفزيون، والإنترنت، وتطبيقات الهواتف المحمولة. ويقول رجل الأعمال المتخصص في النشاط الإعلامي: التوكيل الذي حصلت عليه يتضمن قناة (إف إم) للبث على تردد «92.1»، وكذا تطبيقات للموبايل، والديجيتال.
ويوضح مصطفى الذي سبق وشارك في تأسيس صحيفة «اليوم السابع» و«شبكة تلفزيون النهار» بمصر، قائلا: لدينا عناصر ستعمل في هذا المجال، وهي ذات خبرة، لكنها شبابية، وسنقدم وجوها جديدة أيضا، أما الاستعانة بالنجوم، فسيقتصر على أولئك ممن لهم علاقة بالترفيه. ويضيف إن «95 في المائة من محتوى القناة سيتم تقديمه على الهواء مباشرة، وسيقوم على التفاعلية، من خلال رسائل الهاتف القصيرة، ومواقع التواصل وغيرها مما يربط بين المستمع والمحطة».
ويقول مصطفى إنه تقدم للسلطات في مصر للحصول على تردد لبث الراديو، لأول مرة، عام 2007، إلا أنه لم يشعر باليأس طوال هذه السنين، إلى أن حصل على الترخيص أخيرا... «حين أرى أمرا وأكون مقتنعا به لا أيأس. طرقت كل الأبواب، وأخيرا نجحنا». وتعمل «إن آر جي» في نسختها المصرية بناء على شراكة بين القطاع الخاص واتحاد الإذاعة والتلفزيون، التابع للدولة.
وتنطلق المحطة الجديدة من استوديوهات لها في مدينة الإنتاج الإعلامي الواقعة في غرب القاهرة. ويؤكد مصطفى أن إطلاق هذه الإذاعة العالمية، يعطي رسالة إيجابية للاستثمار الأجنبي، وبخاصة في هذا المجال... «المهم أن يكون العمل في إطار ما يحدده القانون، وفي إطار ما تحدده اللوائح في مصر، بما فيها ميثاق الشرف الإعلامي. أي أننا نعمل تحت مظلة محترمة، نحترمها ونلتزم بها، إلى جانب تقاليد بلدنا أولا وأخيرا».
وبمجرد إطلاق البث ترسل قنوات «إن آر جي» في العالم التهاني للحدث الجديد. وهي تقول بلغات مختلفة: «مبروك يا مصر... أنتم انضممتم إلى شبكتنا». ويعلق مصطفى قائلا: هذا في حد ذاته دعاية مجانية لمصر، ولسمعتها في الخارج. شهادة بأننا بلد مستقر وآمن وفيه استثمار. وهذا سيساعد أيضا في تنشيط السياحة الأجنبية.
ويبلغ عدد سكان القاهرة الكبرى الذين تستهدفهم موجات الإذاعة الجديدة، نحو 23 مليون نسمة، من بينهم أقل قليلا من 10 ملايين نسمة في القاهرة، ونحو 8 ملايين نسمة في الجيزة، ونحو 5 ملايين نسمة في القليوبية، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر.
وفي ظل أزمة المرور التي تعانيها القاهرة الكبرى، يمثل الراديو وسيلة مهمة للتسلية وقطع الوقت في الشوارع المكدسة بالسيارات. ويقول جهاز الإحصاء أيضا إن عدد المركبات المرخصة في محافظة القاهرة، حتى عام 2014 يبلغ 2.2 مليون مركبة، وفي محافظة الجيزة نحو 921 ألف مركبة. ويقول مصطفى: «المؤكد أنه توجد أزمة مرور في العاصمة، والراديو هو الأداة الوحيدة للترفيه عن المواطن خلال تواجده في الشارع».
وتوجد في مصر نحو 20 محطة إذاعية، نصفها تقريبا يبث على موجات الـ«إف إم». ولا توجد محطة مخصصة بشكل كامل لموسيقى الشباب والترفيه، مع العلم أن هناك محطات لبث «الموسيقى العربية» و«الأغاني» بشقيها التقليدي والشعبي، وأخرى لبث مختارات من «الموسيقى العالمية»، ويغلب عليها الطابع الكلاسيكي.
ويقول وكيل «إن آر جي»: الفرق بين الإذاعة الجديدة وباقي المنافسين المحليين، هو أن الإذاعة تعد علامة تجارية عالمية، وعليه أصبح لدينا مكونات عالمية للبرامج، أخذناها من الراديو الأم، وقمنا بتمصيرها. كما أن الراديو قائم على التواصل والتفاعل، حيث يشعر المستمع عبر محطتنا أن هناك من هو جالس بجواره.
وعن مصادر الدخل للإذاعة يؤكد وليد مصطفى قائلا: «سيكون لدينا إعلانات، وهذا سيكون مصدرا الدخل. في النهاية هذا مشروع تجاري. وسأحترم اللوائح المحلية والعالمية فيما يتعلق بمساحة الإعلانات مقارنة بالبرامج، حفاظا واحتراما للمستمع». ويزيد موضحا أن السعة البرامجية للتلفزيون، المتعارف عليها في العالم، هي 52 دقيقة لكل ساعة، بمعنى أن هناك 8 دقائق إعلانات. و«ما زاد عن ذلك يعد خارج السياق، وما زاد أكثر يعد مهانة للمشاهد (أو المستمع، في حالة الراديو). سأحترم ما قالته الكتب فيما يخص نسبة الإعلانات».



كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
TT

كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)

قبل 861 عاماً، نهضت كاتدرائية «نوتردام دو باريس» في قلب العاصمة الفرنسية. ومع مرور العقود والعصور تحوّلت إلى رمز لباريس، لا بل لفرنسا. ورغم الثورات والحروب بقيت «نوتردام» صامدة حيث هي، في قلب باريس وحارسة نهر السين الذي يغسل قدميها. إلا أن المأساة حلّت في شهر أبريل (نيسان) من عام 2019، عندما اندلع حريق هائل، التهمت نيرانه أقساماً رئيسة من الكاتدرائية التي انهار سقفها وتهاوى «سهمها»، وكان سقوطه مدوياً.

منظر للنافذة الوردية الجنوبية لكاتدرائية نوتردام دو باريس(رويترز)

حريق «نوتردام» كارثة وطنية

وكارثة «نوتردام» تحوّلت إلى مأساة وطنية، إذ كان يكفي النظر إلى آلاف الباريسيين والفرنسيين والسياح الذين تسمّروا على ضفتي نهر السين ليشهدوا المأساة الجارية أمام عيونهم. لكن اللافت كانت السرعة التي قررت فيها السلطات المدنية والكنسية مباشرة عملية الترميم، وسريعاً جدّاً، أطلقت حملة تبرعات.

وفي كلمة متلفزة له، سعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى شد أزر مواطنيه، مؤكداً أن إعادة بناء الكاتدرائية و«إرجاعها أجمل مما كانت» ستبدأ من غير تأخير. وأعلن تأسيس هيئة تشرف عليها، وأوكل المهمة إلى الجنرال جان لويس جورجولين، رئيس أركان القوات المسلحة السابق. وبدأت التبرعات بالوصول.

وإذا احتاجت الكاتدرائية لقرنين لاكتمال بنائها، فإن ترميمها جرى خلال 5 سنوات، الأمر الذي يعد إنجازاً استثنائياً لأنه تحول إلى قضية وطنية، لا بل عالمية بالنظر للتعبئة الشعبية الفرنسية والتعاطف الدولي، بحيث تحوّلت الكاتدرائية إلى رابطة تجمع الشعوب.

وتبين الأرقام التي نشرت حديثاً أن التبرعات تدفقت من 340 ألف شخص، من 150 دولة، قدّموا 846 مليون يورو، إلا أن القسم الأكبر منها جاء من كبار الممولين والشركات الفرنسية، ومن بينهم من أسهم بـ200 مليون يورو. ومن بين الأجانب المتبرعين، هناك 50 ألف أميركي، وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وكان أحد الأسباب التي دفعته للمجيء إلى فرنسا؛ البلد الأول الذي يزوره بعد إعادة انتخابه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

متطوعون يضعون برنامج الحفل على المقاعد قبل الحفل (أ.ف.ب)

منذ ما يزيد على الشهر، تحوّلت الكاتدرائية إلى موضوع إلزامي في كل الوسائل الإعلامية. وخلال الأسبوع الحالي، حفلت الصحف والمجلات وقنوات التلفزة والإذاعات ببرامج خاصة تروي تاريخ الكاتدرائية والأحداث الرئيسة التي عاشتها في تاريخها الطويل.

وللدلالة على الأهمية التي احتلتها في الوعي الفرنسي، فإن رئيس الجمهورية زارها 7 مرات للاطلاع على التقدم الذي حققه المهنيون والحرفيون في إعادة البناء والترميم. وإذا كانت الكاتدرائية تجتذب قبل 2012 ما لا يقل عن 12 مليون زائر كل عام، فإن توقعات المشرفين عليها تشير إلى أن العدد سيصل العام المقبل إلى 15 مليوناً من كل أنحاء العالم.

المواطنون والسياح ينتظرون إفساح المجال للوصول الى ساحة الكاتدرائية (أ.ف.ب)

باريس «عاصمة العالم»

خلال هذين اليومين، تحوّلت باريس إلى «عاصمة العالم»، ليس فقط لأن قصر الإليزيه وجّه دعوات لعشرات من الملوك ورؤساء الدول والحكومات الذين حضر منهم نحو الخمسين، ولكن أيضاً لأن الاحتفالية حظيت بنقل مباشر إلى مئات الملايين عبر العالم.

وقادة الدول الذين قدّموا إلى «عاصمة النور» جاءوا إليها من القارات الخمس. وبسبب هذا الجمع الدولي، فإن شرطة العاصمة ووزارة الداخلية عمدتا إلى تشكيل طوق أمني محكم لتجنب أي إخلال بالأمن، خصوصاً أن سلطاتها دأبت على التحذير من أعمال قد تكون ذات طابع إرهابي. وإذا كان الرئيس الأميركي المنتخب قد حظي بالاهتمام الأكبر، ليس لأنه من المؤمنين المواظبين، بل لأنه يُمثل بلداً له تأثيره على مجريات العالم.

لكن في المقابل، تأسف الفرنسيون لأن البابا فرنسيس اعتذر عن تلبية الدعوة. والمثير للدهشة أنه سيقوم بزيارة جزيرة كورسيكا المتوسطية الواقعة على بُعد رمية حجر من شاطئ مدينة نيس اللازوردية، في 15 الشهر الحالي. والمدهش أيضاً أنه منذ أن أصبح خليفة القديس بطرس في روما، «المدينة الخالدة»، فإنه زار فرنسا مرتين، ثانيها كانت لمدينة مرسيليا الساحلية. بيد أنه لم يأتِ إلى باريس إطلاقاً. ووفق مصادر واسعة الاطلاع، فإن قرار البابا أحدث خيبة على المستويين الديني والرسمي. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى حدث تاريخي رئيس، وهو أن بابا روما بيوس السابع، قدم إلى باريس يوم 2 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1804، لتتويج نابليون الأول إمبراطوراً.

وتمثل لوحة الرسام الفرنسي الشهير لوي دافيد، التي خلد فيها تتويج بونابرت، ما قام به الأخير الذي لم ينتظر أن يضع البابا التاج على رأسه، بل أخذه بيديه ووضعه بنفسه على رأسه، وكذلك فعل مع الإمبراطورة جوزفين.

احتفالية استثنائية

لم يساعد الطقس مساعدي الاحتفالية الذين خططوا لأن تكون من جزأين: الأول رسمي، ويجري في ساحة الكاتدرائية الأمامية؛ حيث يلقي الرئيس ماكرون خطابه المقدر من 15 دقيقة، وبعدها الانتقال إلى الداخل للجزء الديني. وكان مقدراً للمواطنين الـ40 ألفاً، إضافة إلى 1500 مدعو حظوا بالوجود داخل الكاتدرائية، أن يتابعوا الحدث من المنصات التي نصبت على ضفتي نهر السين، إلا أن الأمطار والعواصف التي ضربت باريس ومنطقتها أطاحت بالبرنامج الرئيس، إذ حصلت كل الاحتفالية بالداخل. بيد أن الأمطار لم تقض على شعور استثنائي بالوحدة والسلام غلب على الحاضرين، وسط عالم ينزف جراء تواصل الحروب، سواء أكان في الشرق الأوسط أم في أوكرانيا أم في مطارح أخرى من العالم المعذب. وجاءت لحظة الولوج إلى الكاتدرائية، بوصفها إحدى المحطات الفارقة، إذ تمت وفق بروتوكول يعود إلى مئات السنين. بدءاً من إعادة فتح أولريش لأبواب «نوتردام» الخشبية الكبيرة بشكل رمزي.

كاتدرائية «نوتردام» السبت وسط حراسة أمنية استعداداً لإعادة افتتاحها (إ.ب.ى)

وسيقوم بالنقر عليها 3 مرات بعصا مصنوعة من الخشب المتفحم الذي جرى إنقاذه من سقف الكاتدرائية الذي دمرته النيران، وسيعلن فتح الكاتدرائية للعبادة مرة أخرى. ونقل عن المسؤول عن الكاتدرائية القس أوليفييه ريبادو دوما أن «نوتردام»، التي هي ملك الدولة الفرنسية، ولكن تديرها الكنيسة الكاثوليكية «أكثر من مجرد نصب تذكاري فرنسي وكنز محبوب من التراث الثقافي العالم، لا بل هي أيضاً علامة على الأمل، لأن ما كان يبدو مستحيلاً أصبح ممكناً»، مضيفاً أنها أيضاً «رمز رائع».

الأرغن الضخم يحتوي على 8 آلاف مزمار تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام (أ.ف.ب)

كذلك، فإن تشغيل الأرغن الضخم الذي تم تنظيفه وتحضيره للمناسبة الاستثنائية، تم كذلك وفق آلية دقيقة. ففي حين ترتفع المزامير والصلوات والترانيم، فإنه جرى إحياء الأرغن المدوي، الذي صمت وتدهورت أوضاعه بسبب الحريق. ويحتوي الأرغن على 8 آلاف مزمار، تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام. وقام 4 من العازفين بتقديم مجموعة من الألحان بعضها جاء مرتجلاً.

إلى جانب الشقين الرسمي والديني، حرص المنظمون على وجود شق يعكس الفرح؛ إذ أدت مجموعة من الفنانين الفرنسيين والأجانب لوحات جميلة جديرة بالمكان الذي برز بحلة جديدة بأحجاره المتأرجحة بين الأبيض والأشقر وزجاجه الملون، وإرثه الذي تم إنقاذه من النيران وأعيد إحياؤه.

وبعد عدة أيام، سيُعاد فتح الكاتدرائية أمام الزوار الذي سيتدفقوة بالآلاف على هذا المعلم الاستثنائي.

حقائق

846 مليون يورو

تدفقت التبرعات من 340 ألف شخص من 150 دولة قدموا 846 مليون يورو لإعادة ترميم نوتردام