طلاب الجامعة الأميركية في القاهرة... حلم التخرج يبدده الدولار

القضاء المصري يلزمها قبول {المصروفات} بالجنيه المصري

الجامعة الأميركية في القاهرة
الجامعة الأميركية في القاهرة
TT

طلاب الجامعة الأميركية في القاهرة... حلم التخرج يبدده الدولار

الجامعة الأميركية في القاهرة
الجامعة الأميركية في القاهرة

لم يتوقع الطالب سامر الذي التحق بالجامعة الأميركية قبل 3 سنوات تحقيقا لحلم والده الراحل بالتخرج فيها كمهندس مرموق أن حلمه قد يتبدد ويذهب مع الريح. فقد أوشكت المدخرات التي تركها له والده أن تنفد قبل أن يصل للفصل الدراسي النهائي ويحصل على درجة البكالوريوس. «لا يوجد أمامي حل سوى الحصول على منحة مجانية لاستكمال الدراسة كحال مئات الطلاب الآخرين»، بنبرة يشوبها اليأس، قال سامر: «قدمت طلبا لمكتب المنح بالجامعة، لكن إذا تم رفضه أعتقد أنني سوف أعود للإسكندرية وانضم لشقيقي في الدراسة بالأكاديمية العربية للنقل البحري، رغم أن هذا يخالف رغبة والدي رحمه الله في أن أتخرج في الجامعة الأميركية، لكن ليس لدي خيار آخر فقد وضعتني الجامعة في موقف حرج، فأنا مطالب في كل فصل دراسي بدفع 9800 جنيه مصري لكل مادة فضلا عن زيادة مصروفات المدينة الجامعية».
معاناة سامر تعكس معاناة طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرة بعد أزمة ارتفاع سعر الدولار في مقابل الجنيه المصري، وقرار الجامعة بزيادة مصروفاتها للعام الدراسي المقبل 2017 – 2018، والذي لم ينه معاناة الطلاب وذويهم.
رغم ظهور بارقة أمل مؤخرا تبشر بنهاية الأزمة، بعد صدور حكم من محكمة القضاء الإداري المصرية، يلزم إدارة الجامعة الأميركية بالقاهرة بقبول سداد المصاريف الدراسية للطلاب المصريين بالعملة المصرية من دون تحصيل أي نسبة من الرسوم بالدولار الأميركي، لكن الحكم لم يتم تنفيذه بعد، كما أن حيثيات الحكم تثير مخاوف الطلاب.
وجاء في الدعوى التي أقامها 60 ولي أمر ضد رئيس مجلس الوزراء المصري، ورئيس البرلمان ووزير التعليم العالي، ورئيس الجامعة الأميركية، أن «الجامعة وعلى مدار 95 عاماً كانت تقبل المصروفات الدراسية بالجنيه المصري، حتى أصدرت في 2014 قراراً بأن تُدفع 50 في المائة من مصاريف الدراسة بالجنيه المصري، على أن يُدفع النصف الباقي بالدولار، وفقاً لسعر الصرف المُعلن من البنك المركزي والبالغ عام 2014 نحو 7.5 جنيه لكل دولار أميركي».
«لا أتوقع أن تحاول الجامعة تخفيض العبء المادي على الطلاب»، هكذا عبر أمجد الطالب بكلية الإعلام بالجامعة الأميركية عن رأيه حيال حكم المحكمة، قائلا: «حضرت الاجتماع الذي أعقب الأزمة بيننا وبين الجامعة، الذي صرح فيه رئيس الجامعة بأن (الجامعة ينبغي أن تحافظ على تميزها وجودة التعليم فيها وأن خفض المصروفات لن يضمن ذلك)»، وأضاف: «خطوة جيدة أن يتم دفع المصروفات بالجنية المصري، لكنها أيضا لا تزال مصروفات باهظة تثقل كاهل أسرنا».
معاناة طلاب أرقى الجامعات المصرية لا تقل عن معاناة الطلاب في جامعات أخرى تأثرت قدرة أسرهم المادية بعد ارتفاع الأسعار الجنوني، فقد وجدوا مستقبلهم على المحك وقد يتغير مجرى حياتهم.
يمنى الطالبة بمرحة الدراسات العليا في تخصص الإدارة تؤكد أنها قد تتخلى عن استكمال الماجستير بسبب النفقات الباهظة التي تتكبدها هي وأسرتها في سبيل الحصول على الدرجة العلمية، تقول بحزن شديد: «أشعر بأنني أشكل عبئا ماديا على أسرتي، خاصة أن إخوتي لا يزالون بالمرحلة الثانوية، وقد اضطررت لبيع سيارتي التي أهداها لي والدي بعد الثانوية العامة؛ لتسديد مصروفات الفصل الدراسي الماضي، حاليا أنا وعدد آخر من الطلاب نفاضل بين عدد من الجامعات الدولية في مصر لاستكمال مسيرتنا».
وكانت الجامعة التي تأسست عام 1919 بالقاهرة قد ألزمت الطلاب المصريين منذ عام 2014 بتسديد نصف قيمة مصروفات الجامعة بالدولار، إلا أن قرار «تعويم الجنيه المصري» نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أوصل سعر شرائه إلى 25 جنيها، مما شكل معضلة كبيرة أمام أولياء الأمور وهدد عشرات الطلاب الذين أصبح مستقبلهم على المحك، وكان مجلس آباء الجامعة الأميركية بالقاهرة يطالب منذ سنوات كثيرة بعدم دفع جزء من المصروفات بالدولار، كون المصروفات الدراسية تفوق قدرتهم المالية.
ووفقا لموقع الجامعة الأميركية بالقاهرة فإن «مجلس أوصياء الجامعة الأميركية بالقاهرة قد وافق في 17 مارس (آذار) الحالي على احتساب المصروفات الدراسية للعام الدراسي المقبل 2017 - 2018 بالجنيه المصري فقط للطلاب المصريين، بحيث تضمن التساوي بين الطلاب الحاليين والجدد. وأن هذا القرار لا يسرى على الطلاب الدوليين، حيث يستمر احتساب ودفع مصروفاتهم بالدولار الأميركي».
وفي أعقاب الحكم القضائي، صرح الدكتور عادل عبد الغفار، المتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي بمصر بأن «الجامعة الأميركية بالقاهرة سوف تنفذ حكم القضاء الإداري الخاص بحق طلاب الجامعة بدفع المصروفات بالجنيه المصري». ومن جانبه أكد د. عمرو عزت سلامة، مستشار الجامعة الأميركية بالقاهرة، أن «الجامعة الأميركية تحترم أحكام القضاء المصري، وسوف تلتزم بتنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بحق الطلاب في دفع المصروفات بالجنيه المصري. وكذلك التزام الجامعة الأميركية بإشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على كافة الأنشطة الأكاديمية والثقافية للجامعة». وفي الوقت نفسه، أكد مجلس الأوصياء على موقف الجامعة الأميركية بالقاهرة منذ تعويم الجنيه المصري في نوفمبر الماضي، وهو التأكيد على الحفاظ على طلاب الجامعة وعدم اضطرار أي طالب مسجل بالجامعة حالياً وذي مستوى أكاديمي مرتفع لترك الجامعة بسبب عدم قدرة أسرته على دفع أي زيادة في المصروفات.
كما صرح بريان ماكدوجال، نائب رئيس الجامعة التنفيذي للشؤون الإدارية والمالية، بأنه «مثلما حدث في العام الدراسي 2016 – 2017، ستلتزم الجامعة الأميركية بالقاهرة بزيادة المساعدات المالية للطلاب ذوي المستوى الأكاديمي الجيد والذين يثبتون حاجتهم للمساعدة المادية من خلال طلبات مستوفاة ودقيقة». ويضيف ماكدوجال أنه تحسباً لاستمرار وتزايد الحاجة للمساعدات المادية، فإن الجامعة قد قامت بزيادة ميزانية برنامج المساعدات المادية والمنح الدراسية زيادة كبرى للعام الدراسي 2017 - 2018.
وقال رئيس اتحاد طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرة، عمرو خالد الألفي: «يعتبر هذا الحكم حكما تاريخيا، وإن كان هناك جدل حول حيثيات الحكم تسببت في بعض البلبلة بين الطلاب، خاصة أن الحكم لم يلزم الجامعة بأي شيء، ولكنه ألزم وزير التعليم العالي بإصدار قرارات معينة، ومشكلة الجامعة الأميركية كانت تتلخص في أنها غير خاضعة للمجلس الأعلى للجامعات».
وفي تعليق منشور على صفحة اتحاد طلاب الجامعة على «فيسبوك»، كانت الجامعة قد أعلنت عن زيادة المصروفات حيث تم تثبيت سعر credit hour على 9800 جنيه مصري، فيما لم يتم إخبار أي من ممثلي اتحاد الطلبة بالميزانية لعام 2017-2018، وجاء في التعليق أيضا أن «المصاريف المُعلنة تُعتبر خطوة استباقية من الجامعة قبل أن تُعلم بالحكم، حيث إنه إلى الآن لم يتم إعلام الجامعة ووزير التعليم العالي رسمياً بالحكم، وأن الاتحاد بعد المحادثات مع لجنة الأزمة قرر انتظار الإعلام القانوني والرسمي للجامعة». واعتبر اتحاد الطلبة بعد التشاور مع لجنة الأزمة، أن الجامعة اتخذت خطوة استباقية.
ويبلغ عدد طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرة نحو خمسة آلاف طالب وطالبة، لكن نسبة كبيرة من الطلاب قاموا بمظاهرات ومسيرات داخل حرم الجامعة الأميركية بالقاهرة الجديدة للمطالبة بتخفيض الرسوم ودفع المصروفات بالجنيه المصري؛ نظرا لأن الجامعة على أرض مصرية. وقد اشتدت أزمة الطلاب نهاية العام الماضي بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار مما جعل الرسوم تتجاوز 135 ألف جنيه مصري وتصل إلى نحو 155 ألف جنيه مصري في العام الواحد. وتختلف قيمة الرسوم الدراسية بالجامعة الأميركية لكل فصل دراسي بحسب عدد الساعات المعتمدة، التي تتراوح ما بين 12 - 18 ساعة، بقيمة تقريبية تصل إلى 130 ألف جنيه مصري تدفع على جزأين ما بين 4 إلى 6 آلاف دولار ونحو 50 ألف جنيه. وعادة ما يكون للطلاب أشقاء غيرهم يدرسون بذات الجامعة، لذا فإن أزمتهم الاقتصادية تصبح مضاعفة.
ووفقا لتقرير صدر عن الجامعة عام 2015 فإن نسبة الطلاب المتقدمين لبرنامج المساعدة المالية، التي توفرها الجامعة للطلاب بتكلفة 28 مليون دولار سنوياً، في صورة منح وتخفيضات في الرسوم، كان في تزايد مستمر. وأشار التقرير إلى أن قرابة 60 في المائة من طلاب الجامعة يعتمدون على هذا البرنامج لتغطية نفقات الدراسة. وأوضح التقرير أن 48 في المائة من الطلاب المعتمدين على برنامج المساعدة ينضمون إليه بسبب حاجتهم المالية، بينما يتقدم نحو 25 في المائة من الطلاب للحصول على «منح الإنجاز»، مستفيدين من إنجازاتهم الأكاديمية أو الرياضية أو أي إنجازات أخرى.
وحسب بيانات لإدارة الجامعة فإن ارتفاع قيمة الدولار يتسبب في خسارة الجامعة نحو 36 مليون دولار أميركي، مما دفع الجامعة إلى إلغاء المنح المعتمدة على إنجازات الطلبة، لسد الحاجة المتزايدة لبرنامج المساعدة المالية.
تجدر الإشارة إلى أنه توجد بمصر الآن 20 جامعة خاصة وعدد كبير من المدارس الدولية، ويطالب بعضها بتسديد المصروفات بالعملة الأجنبية سواء الدولار أو اليورو أو الإسترليني، وهو الأمر الذي قد يتغير بعد هذا الحكم القضائي.



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.