يعمل دان ويستوود مدرسًا بإحدى مدارس مدينة ولفرهامبتون الإنجليزية، بجانب اضطلاعه بعمل آخر لجزء من الوقت في المساء وخلال عطلات نهاية الأسبوع: لاعب بمركز قلب الهجوم لدى فريق نادي وولفرهامبتون سبورتينغ سي إف سي.
لكن في الواقع، يعد ويستوود واحدًا من أقوى وأبرز الهدافين على مستوى دوري الهواة، ويبدو سجله أقرب لما نعاينه في ألعاب الفيديو. لقد سجل ويستوود الأسبوع الماضي، هدفين أمام غورنال أثليتيك في مباراة انتهت لصالح فريقه بنتيجة 6 - 1. جاء هدفه الأول من ركلة حرة عبقرية، ليسجل بذلك هدفه الـ100 لصالح ناديه ـ وذلك في المباراة الـ72 فقط له. وخلال هذا الموسم، سجل ويستوود بالفعل 54 مرة، بينها خمس مرات متتالية أحرز خلالها ثلاثة أهداف (هاتريك).
يشارك اللاعب البالغ 25 عامًا في صفوف الدور الأول من دوري ميدلاندز الإقليمي، الذي يمثل دوري الدرجة العاشرة بكرة القدم الإنجليزية. ومع ذلك، تظل الحقيقة أن هذا المعدل في تسجيل الأهداف استثنائي على أي مستوى كروي للبالغين، وعليه، فقد اجتذب أنظار الأندية إليه من جميع المستويات، بما في ذلك الدوري الممتاز.
عند بداية الموسم الماضي كان ويستوود يلعب في دوري أيام الأحد للهواة بعد أن أدار ظهره لكرة القدم شبه الاحترافية. إلا أن وولفرهامبتون سبورتينغ أقنعه بخوض محاولة أخيرة. وبعد مرور 16 شهرًا على موافقته على هذا العرض أحرز خلالها 101 هدف، يبدو أن قراره كان حكيمًا بالفعل.
في الوقت الراهن، يبدو في حكم الحتمي تحرك ويستوود نحو الصعود عبر الهيكل الهرمي للدوريات الإنجليزية، في الصيف أو ربما في وقت مبكر عن ذلك. وعن هذا الأمر، قال ويستوود: «أنجزت الموسم الماضي وأنا أحمل لقب هداف الدوري، وأنا في طريقي لتكرار الأمر هذا الموسم. ولا يعني ذلك أنني أشعر بسهولة هذا الأمر، وإنما بداخلي ثقة في قدرتي على تحقيقه. لدي رغبة حقيقية الآن في اختبار قدراتي على مستوى أعلى».
ويجد ويستوود تشجيعًا كبيرًا في المسيرات الناجحة لمهاجمين آخرين بدأت من دوري الهواة أمثال جيمي فاردي، وبصورة خاصة أندري غراي المشارك حاليًا في صفوف بيرنلي. كان ويستوود قد لعب إلى جواره وكذلك سام وينال، لاعب شيفيلد وينزداي، الحاصل على لقب أفضل لاعب في دوري الدرجة الثانية لشهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما كانا في صفوف فريق وولفرهامبتون سكول بويز. وقال ويستوود: «إنها جميعها قصص ملهمة - خاصة أندري. ولا أزال على اتصال به، ومن المذهل حقاً ما أنجزه».
وفي وقت قريب، انضم ويستوود إلى وكالة يتولى إدارتها مهاجم ليستر سيتي وإستون فيلا السابق جوليان يواكيم. وعن هذه الخطوة، قال ويستوود: «لم يكن بالقرار الصعب. لقد قلت لنفسي: لم لا؟ إنني لست ضحية أوهام، وليس هناك ما أخسره»، مضيفاً أنه: «في هذا المستوى، من غير المألوف أن يكون لدى اللاعبين تعاقدات أو وكيل أعمال. لذلك، يبدو الأمر مبهماً بعض الشيء بالنسبة لي بخصوص ما يمكنني وما لا يمكنني فعله».
في المقابل، داخل الملعب يبدو واضحاً تماماً ما يمكن لويستوود عمله. من ناحيته، قال مدرب ويستوود، آندي بادوك: «لم يسبق لي مشاهدة شخص يملك مثل هذه المعرفة الفنية بالمراكز داخل الملعب... ويستوود، يؤكد أن جزءا كبيرا من هذا الأمر غريزي ويتعلق بالفطرة». ويقول ويستوود: «تكمن نقطة قوتي الكبرى في تحركاتي، لم يسبق أن وجهني أحد قط بأن علي أن ألتزم بهذا المركز طيلة الوقت. ولا أعتقد أن هذا الجانب من كرة القدم يمكن للمدرب أن يعلمه للاعبيه».
ومع ذلك، تبقى هناك نصيحة تلقاها من أحد المدربين ظلت عالقة بذهنه حتى يومنا هذا. وفي هذا الصدد، قال: «أفضل النصائح التي تلقيتها جاءتني من مدربي في ويست ميدلاندز كاونتي، عندما أخبرني أنه علي دوماً أن أجري مرة من أجل المدافع ومرة أخرى من أجلي. وهذا ما أحاول تحقيقه طيلة الوقت. وقد بقيت هذه النصيحة عالقة في ذهني منذ ذلك اليوم».
الملاحظ أن الرأس شكل جزءًا مهماً من مسيرة ويستوود الكروية، لكن ليس بالضرورة بذات النحو الذي حدث مع آندي كارول. والواضح أن عامل الثقة لعب دوراً محورياً في النجاح الذي حققه ويستوود في الفترة الأخيرة. وعن ذلك الأمر، قال: «يختلف الأمر من لاعب لآخر، وبالنسبة لي وفي هذا المركز تحديداً، تلعب الثقة دوراً هائلاً. إذا كنت تسجل أهدافاً بانتظام، فإن بإمكانك تكرار الأمر في المباراة التالية. وأحياناً تنغمس في مناورة مع لاعب خصم لدرجة تجعلك عاجزا عن رؤية حتى حارس المرمى، وأحياناً تجري بسرعة كبيرة لدرجة تجعلك عاجزا حتى عن التفكير. إن الأمر برمته يسير وفق الغريزة».
وبعيداً عن كرة القدم، يقضي ويستوود الأيام من الاثنين إلى الجمعة في العمل مدرساً بإحدى المدارس الابتدائية. وعن هذا قال: «يحضر بعض الأطفال في الخامسة أو السادسة من العمر صورا لي بالصحف ويقولون: هذا ليس أنت! أنت لاعب كرة، لا يمكن أن تكون مدرساً في الوقت ذاته. ومن الواضح أنهم ينظرون إلى باعتباري متقدما في السن للغاية».
في الواقع، يعد ويستوود كبيرا في السن نسبياً عن أن يكون لاعباً طموحاً في انتظار مستقبل لامع. ويقول: «كنت أتحدث إلى المدرب منذ أسبوعين، وقال لي: أين كنت في السنوات القليلة الماضية؟» جدير بالذكر أن ويستوود جرى تسريحه من نادي بورت فيل عندما كان مراهقاً، ثم تخلى عن منحة تلقاها من نادي بيرتون ألبيون للحصول على وظيفة مكتبية، قبل أن يقرر الالتحاق بالجامعة.
واعترف ويستوود: «استغرقت بعض الوقت حتى اعتدت على عالم كرة القدم الخاصة بالرجال. كنت لاعباً ناشئاً جيداً ـ وكنت دوماً أكبر الهدافين في الفرق التي أشارك بها ـ لكنني تنقلت عبر الكثير من الأندية بدوري الهواة حتى عامين ماضيين. واستغرق الأمر مني بعض الوقت كي أتوصل إلى كيفية التغلب على المدافعين الأكبر مني سناً بعض الشيء، وأكثر مني حكمة وقوة بعض الشيء، وكان بمقدورهم سحقي لو أرادوا. لقد شعرت بحالة خصام مع كرة القدم بعض الشيء، وبدأت أعتقد أنه ليس مقدراً لي الاستمرار بها. وعليه، قررت أقصر مشاركتي على مباريات أيام الأحد، مع العمل على محاولة استعادة حبي لكرة القدم».
وبالفعل، نجح الأمر. وبدأ ويستوود يسجل أهدافاً فقط من أجل المتعة. وبعد فترة قصيرة من المشاركة في نادي سبورتينغ كالسا في إطار دوري ميدلاند للمقاطعة عام 2015. عندما سجل الكثير من الأهداف قبل انطلاق الموسم، لكن خسر مكانته المتقدمة بين الهدافين بسبب عطلة قضاها في كرواتيا، وعاود ويستوود المشاركة من جديد في دوري أيام الأحد. وقال: «بعد قرابة أسبوعين، بدأ نادي وولفرهامبتون سبورتينغ اتصالاته معي وقال مسؤولوه حاول أن تعطي كرة القدم فرصة واحدة أخيرة، وإذا شعرت أنك غير مستمتع يمكنك الرحيل وقتما تشاء».
وخلال أول مباراة له مع ناديه الجديد، لم يسجل أهدافا، لكنه عوض ذلك عبر 47 مرة قبل نهاية الموسم الماضي. وأنهى وولفرهامبتون سبورتينغ الموسم بالمركز الرابع وتأهل للمشاركة ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخ النادي.
وفي بداية هذا الموسم، سجل ثلاثة أهداف في مباراة واحدة (هاتريك) خمس مرات. من ناحيتها، لا تسجل موسوعة «غينيس» رسمياً سوى الـ«هاتريك» المتعاقبة بالدور الممتاز من بطولات الدوري ـ والرقم القياسي المسجل حالياً يبلغ أربعة وهو من نصيب الياباني ماساشي ناكاياما لصالح نادي جوبيلو أواتا عام 1998. ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أن ويستوود حقق رقماً قياسيا عالمياً. وخلال مباراته الأولى عام 2017. سجل ويستوود أول «هاتريك» مزدوج له في إطار مباراة بكأس الرابطة أمام غورنال أثليتيك انتهت بالفوز 11 - 1.
وقريباً، سيحل موعد اتخاذ ويستوود لخطوته التالية. وتبقى حركته الغريزية داخل الملعب نقطة قوته الكبرى داخل الملعب، وحتى الآن ليس بإمكانه تقدير إلى أي مدى يمكنه صعود هرم هيكل الدوري. من جانبه، قال ويستوود: «بالطبع سأواجه مدافعين أفضل بكثير من حيث المستوى، لكن القول ذاته ينطبق على الخدمة. ولن أقول قط لنفسي: أنا عاجز عن اللعب في هذا المستوى أو ذاك حتى أخوض محاولة فعلية. وإذا لم تفلح، سأحاول الوقوف في وجه هذا الإخفاق. في الواقع، أريد المحاولة والارتقاء في سلم درجات الدوري لأقصى ما يمكنني».
ويستوود ماكينة أهداف تبحث عن مكتشف
سجل 101 هدف خلال 72 مباراة بدوري الهواة بجانب عمله كمدرس
ويستوود ماكينة أهداف تبحث عن مكتشف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة