توجه الدفعة الثالثة من مهجّري حي الوعر الحمصي إلى إدلب بحماية روسية

تغيير خط سير القافلة بسبب المعارك المحتدمة بريف حماة

طفل سوري يلعب في مخيم بقرية عين عيسى في محافظة الرقة أول من أمس (أ.ف.ب)
طفل سوري يلعب في مخيم بقرية عين عيسى في محافظة الرقة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

توجه الدفعة الثالثة من مهجّري حي الوعر الحمصي إلى إدلب بحماية روسية

طفل سوري يلعب في مخيم بقرية عين عيسى في محافظة الرقة أول من أمس (أ.ف.ب)
طفل سوري يلعب في مخيم بقرية عين عيسى في محافظة الرقة أول من أمس (أ.ف.ب)

غادرت الدفعة الثالثة من مهجّري حي الوعر المحاصر في مدينة حمص السورية، أمس السبت، إلى محافظة إدلب في شمال سوريا. وشملت هذه الدفعة أكثر من 1800 شخص، بينهم 400 مقاتل خرجوا بسلاحهم الفردي، وذلك تنفيذاً للاتفاق القسري بين المعارضة والنظام برعاية روسية. ويفترض أن تتوزّع هذه الدفعة على مدينة إدلب وعلى مخيم الساعد الواقع في ريف محافظتها، على أن ينتقل عدد من الأشخاص إلى تركيا للالتحاق بأسرهم في إطار لمّ الشمل، وينضمّ المقاتلون إلى الكتائب العسكرية المعارضة التي يتبعونها.
50 حافلة مدنية تولت نقل المهجّرين، بالإضافة إلى 5 شاحنات حملت أمتعتهم والقطع الخفيفة من أثاث منازلهم، ورافقتها 9 سيارات إسعاف نقلت الجرحى والمرضى، كما تولت قوة روسية مرافقة القافلة من داخل حي الوعر حتى وصولها إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلّحة في ريف إدلب. وحول ما حدث، أعلن أسامة أبو زيد، مدير مركز حمص الإعلامي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الدفعة الثالثة «شملت 428 عائلة، أي ما مجموعه 1858 شخصاً، منهم 400 مقاتل، و657 رجلاً و358 سيدة و443 طفلاً، اختاروا التوجه إلى مدينة إدلب». وأوضح أن القافلة «سلكت طريق حمص - سلمية - طريق الشيخ هلال - بغيديد - سرحا - قصر ابن وردان والبويدر، ومنها إلى بلدة أبو ظهور ومدينة سراقب في محافظة إدلب، على أن تكون نقطة تجمّع المهجرين في مخيم ساعد». وللعلم، سبق أن انتقلت الدفعتان السابقتان إلى مدينة جرابلس الحدودية بريف محافظة حلب الشمالي الشرقي، الخاضعة لفصائل المعارضة المنضوية بقوات «درع الفرات» المدعومة من تركيا، وضمت نحو أربعة آلاف مهجر.
من جهة ثانية، كشف الناشط الإعلامي في حي الوعر حسن الأسمر، أن «قافلة المهجرين انطلقت عند الساعة الواحدة من ظهر اليوم (أمس) من أطراف الحي باتجاه الشمال السوري». وأوضح الأسمر لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الدفعة «ستتوزع بين مخيم ساعد ومدينة إدلب، فيما سينتقل عدد من الأشخاص إلى تركيا للالتحاق بعائلاتهم في إطار لمّ الشمل»، لافتاً إلى أن «المجلس المحلي في إدلب والهيئات الإغاثية الثورية هي من ستتولى استقبال المهجرين وتوزيعهم وتقديم المساعدات لهم». وأشار إلى أن المقاتلين «سيلتحق كل منهم بالكتيبة والفصيل الذي يتبعه في محافظة إدلب»، لافتا إلى أنّهم «خرجوا بسلاحهم الفردي الذي هو عبارة عن بندقية رشاش، ملتزمين بمضمون الاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية روسية».
وفي السياق ذاته، أبلغ مصدر في لجنة حي الوعر، وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، بأنه «تم الاتفاق مع السلطات السورية على تغيير خط سير القافلة الذي كان مقرراً من ريف حماة باتجاه قلعة المضيق». وأوضح أنه «بسبب المعارك التي يشهدها ريف حماة تقرر توجه القافلة باتجاه ريف إدلب الشرقي، والوصول إليه عبر طريق حلب - خناصر».
هذا، وكانت لجنة التفاوض المنبثقة عن اللجان المدنية ومسلّحي حي الوعر، قد وافقت مضطرة في منتصف الشهر الماضي، على تسليم الحي لقوات النظام بعد انسحاب مَن يرغب من المقاتلين والناشطين المعارضين مع عائلاتهم منه، وتسوية أوضاع الراغبين بالبقاء، متجاوزة بند الإفراج عن المعتقلين من أبناء الحي، الذي كان السبب الرئيسي في تعطيل تنفيذ كل الاتفاقات السابقة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.