صراع المصالح يشق الجمعية المغربية لصناعة وتجارة السيارات

الصناعيون يطردون التجار ويطالبون السلطات بتشديد مراقبة الحدود

شركات تصنيع قطاع الغيار التي ما زالت صامدة في المغرب لم تتمكن من الاستمرار إلا بفضل توجهها نحو الأسواق الخارجية ({غيتي})
شركات تصنيع قطاع الغيار التي ما زالت صامدة في المغرب لم تتمكن من الاستمرار إلا بفضل توجهها نحو الأسواق الخارجية ({غيتي})
TT

صراع المصالح يشق الجمعية المغربية لصناعة وتجارة السيارات

شركات تصنيع قطاع الغيار التي ما زالت صامدة في المغرب لم تتمكن من الاستمرار إلا بفضل توجهها نحو الأسواق الخارجية ({غيتي})
شركات تصنيع قطاع الغيار التي ما زالت صامدة في المغرب لم تتمكن من الاستمرار إلا بفضل توجهها نحو الأسواق الخارجية ({غيتي})

ارتفع عدد الشركات الأعضاء في الجمعية المغربية لصناعة وتجارة السيارات إلى 167 شركة حالياً، مقابل 36 شركة فقط في 2012. وعرفت الجمعية توسعاً منقطع النظير في سياق النمو القوي لقطاع صناعة السيارات بالمغرب، والذي تحول خلال هذه الفترة إلى أول قطاع مصدر في البلاد، إذ ارتفعت قيمة صادراته من 2.3 مليار دولار في 2012 إلى 6 مليارات دولار في 2016.
في غضون ذلك، تغيرت بنية الجمعية، فبعد أن كان يهيمن عليها التجار والمستوردون، أصبحت اليوم تتكون بغالبية ساحقة من مصنعي أجزاء السيارات الذين يوجهون إنتاجهم لمصانع تركيب السيارات المحلية في الدار البيضاء وطنجة أو إلى التصدير إلى جنوب أوروبا. ولم تعد الجمعية تضم سوى 12 تاجراً مستورداً يمونون السوق الداخلية بقطع الغيار، التي يتم تسويقها بالتقسيط لأغراض استبدال القطع التي لم تعد صالحة في السيارات الشخصية.
وبالإضافة إلى هؤلاء التجار المنتمين للجمعية يوجد كثير من المستوردين الآخرين خارج إطار الجمعية. ويقدر عدد المحلات التجارية المتخصصة في ترويج قطع غيار السيارات بالمغرب بما بين 5 آلاف و6 آلاف متجر.
وإلى جانب هؤلاء تضم الجمعية 7 شركات مغربية فقط متخصصة في إنتاج قطع الغيار. ويقول حكيم عبد المومن الجمعية المغربية لصناعة السيارات: «بخلاف فرع صناعة أجزاء السيارات الموجهة للمصانع والتصدير، الذي عرف نمواً قوياً في إطار الاستراتيجية المغربية للنهوض بصناعة السيارات، عرفت صناعة قطع الغيار اندحاراً قوياً. فخلال هذه الفترة أغلقت نحو 16 شركة متخصصة في هذا الفرع أبواب مصانعها بسبب المنافسة الشرسة وغير النزيهة للواردات، وكانت هذه الشركات تشتغل في إنتاج البطاريات والفرامل والنوافذ ودواسات السرعة والصفايات وكثير من المكونات الأخرى».
ويضيف عبد المومن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن شركات تصنيع قطاع الغيار التي ما زالت صامدة في المغرب لم تتمكن من الاستمرار إلا بفضل توجهها نحو الأسواق الخارجية. وقال: «لا يمكن لأي شركة صناعية جادة أن تصمد أمام الفوضى العارمة السائدة في السوق الداخلية المغربية، حيث تهيمن المنتجات المستوردة المغشوشة والمقلدة بأسعار زهيدة. ولا أحد يمكن أن يغامر بالاستثمار في قطع الغيار بالمغرب في ظل هذه الظروف».
وتطالب الجمعية المغربية لصناعة السيارات الحكومة بوضع معايير واضحة لقطع الغيار المعروضة في السوق، وتشديد المراقبة على الحدود وزجر الغش والتقليد. ويضيف عبد المومن «نحن لا نطالب بالحماية والتضييق على الواردات، بالعكس نحن متمسكون بالانفتاح التجاري للمغرب ومدافعون عنه، خصوصاً وأننا نشتغل أساساً من أجل التصدير. لكن ما نطالب به هو وضع معايير تسمح، من جهة، بحماية المستهلك لأنه هو الضحية الأساسية للغش والتزوير، ومن جهة ثانية، بتوفير مناخ صحي للاستثمار الصناعي في مجال قطع الغيار ببلادنا. فمن غير المعقول أن نتوفر على صناعة في مستوى عالمي وقادرة على المنافسة من حيث الجودة والأسعار، وتصدر إلى أوروبا وآسيا، غير أنها لا تستطيع أن تسوق منتجها في أرض الوطن».
غير أن هذه المساعي لإخراج معايير وقوانين تضبط السوق لم تكن لتروق للتجار المستوردين. فقبل أشهر دفعت الجمعية في اتجاه إصدار قانون يفرض نقش العلامات والخصائص على ظهر بطاريات السيارات بدل طباعتها في بطاقة وإلصاقها عليها. وترى الجمعية أن بعض التجار يغيرون البطاقات بأخرى تتضمن خصائص أعلى من الخصائص الحقيقية للبطاريات من حيث الجودة وأمد الاستعمال. غير أن المستوردين، وضمنهم أعضاء في الجمعية قاموا بحملة مضادة لهذه المبادرة ووجهوا شكاوى إلى سفارات البلدان التي يستوردون منها البطاريات المستهدفة.
وحالياً تبحث وزارة التجارة والصناعة إحداث نظام جديد لضبط سوق قطع الغيار. وفي سياق المشاورات الحالية بهذا الصدد تتصادم مصالح ومواقف الطرفين، فبينما يطالب المصنعون بوضع نظام صارم مشابه لنظام مراقبة تسويق الأغذية، يرى المستوردون أن الأمر يتعلق بإرساء قواعد الاحتكار وإغلاق السوق أمام المنافسة.
ويقول عبد المومن: «قطع غيار السيارات المزورة قد تشكل خطراً أكبر على حياة المستهلك من المواد الغذائية. فالشخص الذي يصاب بتسمم غذائي يمكن أن ينقل إلى المشفى وأن تنقذ حياته. أما عندما يشتري الشخص جهاز فرملة مغشوش ويخونه في منعطف جبلي فلا أحد يمكن أن ينقذه».
ويرى عبد المومن أن الجمعية المغربية لصناعة وتجارة السيارات لم تعد تتسع للمصالح المتضاربة لمصنعي قطع الغيار ومستورديها. ويضيف: «أصبحت لدينا قناعة بأن المستوردين لم يعد لهم مكان في الجمعية لأننا لا يمكن أن ندافع عن مصالحهم. لذلك طلبنا منهم الانسحاب وإحداث جمعية خاصة بهم. فالجمعية عرفت تحولاً كبيراً في السنوات الأخيرة، وأصبحت تحمل أهدافاً استراتيجية ترتبط بالصناعة والتصنيع، وتحمل طموح بناء صرح صناعي وطني. وبالتالي فالمصالح التي تدافع عنها هي مصلحة الاستثمار الصناعي والإنتاج المحلي وليس الاستيراد من الخارج».
في سياق ذلك، أشار عبد المومن إلى أن الجمعية تستعد لتغيير اسمها من «الجمعية المغربية لصناعة وتجارة السيارات»، ليصبح «الجمعية المغربية لصناعة وتركيب السيارات».



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.