الأخضر اقتحم الحياة من باب الأمل والتخفيف من الضغوطات

بعد دراسات واختبارات... معهد بانتون للألوان يقول إنه سيجتاح الموضة هذا الموسم

من «غوتشي» لربيع وصيف 2017  -  هاتف «P10» الأخير من «هاواوي» تلون بالأخضر هو الآخر  -  من عرض «إيغنر» لربيع وصيف 2017  -  من عرض «جيامباتيستا فالي»  -  من عرض «إيغنر» لربيع وصيف 2017
من «غوتشي» لربيع وصيف 2017 - هاتف «P10» الأخير من «هاواوي» تلون بالأخضر هو الآخر - من عرض «إيغنر» لربيع وصيف 2017 - من عرض «جيامباتيستا فالي» - من عرض «إيغنر» لربيع وصيف 2017
TT

الأخضر اقتحم الحياة من باب الأمل والتخفيف من الضغوطات

من «غوتشي» لربيع وصيف 2017  -  هاتف «P10» الأخير من «هاواوي» تلون بالأخضر هو الآخر  -  من عرض «إيغنر» لربيع وصيف 2017  -  من عرض «جيامباتيستا فالي»  -  من عرض «إيغنر» لربيع وصيف 2017
من «غوتشي» لربيع وصيف 2017 - هاتف «P10» الأخير من «هاواوي» تلون بالأخضر هو الآخر - من عرض «إيغنر» لربيع وصيف 2017 - من عرض «جيامباتيستا فالي» - من عرض «إيغنر» لربيع وصيف 2017

كلنا نعرف أن وراء عروض الأزياء فريقاً كبيراً من خبراء الإضاءة والموسيقى إلى مصممي الديكورات وخبراء الماكياج وتصفيف الشعر وغيرها من التفاصيل، فضلاً عن فريق تصميم الأزياء طبعاً. فما يستغرق على منصات عروض الأزياء ربع أو ثلث ساعة تقريباً، يكون قد استنفد جهوداً جبارة على مدى أشهر وتكاليف تفوق مئات الآلاف من الدولارات. ومع ذلك قلة فقط تعرف أن هناك فريقاً لا نعرف عنه الكثير له كلمة قوية تتلخص مهمته في توقع اتجاهات الموضة، فيما يخص الألوان تحديداً. أعضاء هذا المعهد يُعتبرون حجة في مجالهم على المستوى العالمي، ولا يقتصر رأيهم على الأزياء وحدها بل يشمل ديكورات بيوتنا ومجالات أخرى مثل السيارات والهواتف النقالة. لهذا عندما يقولون إن الأخضر بدرجته المتراوحة بين الفستقي المائل للصفرة هو الذي سيسود في عام 2017، فما علينا إلا أن نتقبل الأمر كواقع لا مهرب منه.
وفيما لا يختلف اثنان على أن الأخضر هو لون الخصوبة والعطاء والسكينة، فإن السؤال حول اللون الذي سيسود يتكرر في كل سنة، وغالباً ما يكون معبراً عن أحداث عايشها العالم أو أسماء ترددت كثيراً مثل «ترمب» و«الشعبوية» و«الانقسام» و«الغضب». لهذا يمكن القول إن السبب الذي زاد من أهمية «الأخضر» هذا العام، أنه يوحي بالراحة ويقترحه علماء النفس والأطباء عموماً للتخفيف من الضغوطات والتوترات، وهو ما نحن في أمس الحاجة إليه الآن أكثر من أي وقت سبق.
البعض يرد سبب انتعاشه إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حسب ما توضحه لياتريس أيزمان، المديرة التنفيذية لمعهد بانتون للألوان، وهي الجهة المسؤولة عن هذه الاختيارات. فهي تقول إن الدرجة لن تكون تقليدية وإنما «بانتون 15 - 0343» مضيفة أن اللون بات يرتبط بترمب من الناحية المجازية على الأقل: «فنحن نشعر بالقلق حيال نمط العالم الذي نعيش فيه... إنه عالم يعج بالضغوطات والشد العصبي، وهذا ما يجعل الأخضر مطلوباً أكثر من أي وقت مضى باعتباره لون الأمل من ناحية أنه يربطنا بالطبيعة والجذور». وتضيف أيزمان أن الأخضر يرتبط تلقائياً بـ«التجدد» و«الانتعاش» و«الانبعاث» لأننا مع حلول فصل الربيع «ندخل دورة جديدة من الحياة، وتبدأ النباتات في الخروج من رحم الأرض». ثم لا ننسى أن علماء الفلك يشيرون بدورهم إلى أن 2017 يُؤذن ببداية دورة جديدة تحمل وعداً بالتفاؤل، على العكس من 2016 الذي كان عاماً مروعاً، سواء بسبب الانتخابات أو الاضطرابات العالمية وما شابهها.
وتوضح أيزمان أيضاً أن: «هذه الدرجة تحديداً من الأخضر استثنائية، فهي مزيج من الأصفر والأزرق، أي أنها مزيج بين الدفء والبرودة، وهو مزيج معقد على كل المستويات».
تجدر الإشارة إلى أن بانتون كانت قد بدأت في اختيار «لون العام» مع بداية الألفية الجديدة، لأسباب مختلفة من خلال استكشاف الدوافع النفسية والاجتماعية.
ولأن اختيارات الألوان التي تتخذها «بانتون» لا تتعلق بأي غرض استهلاكي ربحي معين، كون المعهد لا يبيع أية منتجات ولا يصدر تراخيص بخصوص رموز أو شعارات لشركات أخرى، فإنها تكتسب ثقة ومصداقية لدى كل المهتمين. وهذا يعني أن كل ما يصدر عنها يؤخذ بجدية على أنه سيؤثر على المزاج العام، لهذا غني عن القول إنه في غضون ساعات من إعلان «بانتون» عن «لون العام» سارع صناع الموضة باستعماله وطرحه. من دار «إيغنر» الألمانية التي قدمت عدة اقتراحات منه في عرضها لربيع وصيف 2017 إلى شركة «هاواوي» التي أطلقت هواتفها الجديدة P10. فهذه الأخيرة لا يضاهي خصائصها الفريدة مثل الكاميرا الأمامية والخلفية من لايكا اللتين تقدمان مميزات تصوير البورتريه الأكثر تطوّراً لحد الآن، سوى تصاميمها وألوانها الجذابة.
كما أن سيارة «إيه إم جي جي تي رودستر» الجديدة من «مرسيدس» تتخللها ظلال واضحة من اللون الأخضر. ويذكر أنه في عام 2015، وقع اختيار «بانتون» على لون أحمر يتميز بظل بني يحمل اسم «مارسالا» في إشارة إلى البهار الهندي، مما ساعد على انتشاره في اختيارات ربطات العنق لكثير من السياسيين خلال العام، وإن جاء اختياره بالنسبة للبعض مجرد صدفة لما يمنحه من شعور بالراحة والأمان. أما بالنسبة لعام 2013، فكان اللون المختار هو الأخضر الزمردي، الذي تجسد ذلك العام في فستان ميشيل أوباما بمركز كينيدي الذي أثار موجة إعجاب تداولته شبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بنهم.
العام الماضي، أقدمت «بانتون» على خطوة راديكالية باختيارها لونين عوض واحد، الوردي والبيج الشفاف الذي يشبه لون البشرة، إشارة إلى الحركة التي سادت المجتمع حينها وكان شعارها «المساواة والانسيابية».
بوجه عام، تستغرق عملية تحديد «لون العام» قرابة تسعة شهور، وتعتمد على الآراء الشخصية والإجماع عليها حسبما أقرت «بانتون» نفسها، مشيرة إلى أنها تعتمد على الأحاسيس العاطفية أكثر من التفكير العلمي. بصورة أساسية، يعمد فريق العمل المعني باستكشاف مختلف أرجاء الحياة والصناعات لتجميع ما يصفونه بأنه «نقاط ذات دلالة»، من معارض سيارات ومعارض ديكورات وما إلى ذلك، وعند مرحلة بعينها، يحاولون إيجاد التداخلات والقواسم المشتركة بين كل هذه المجالات قبل أن تبدأ القائمة تنكمش وتتقلص. في نهاية الأمر، تصبح الغلبة من نصيب لون بعينه، وهو ما تشرحه أيزمان بقولها: «نبدأ في طرح أسئلة على أنفسنا حول الرسالة التي يحملها اللون وكيف يمكن استخدامه في الحياة».
هذه المرة، لاحظ أعضاء الفريق انتشاراً لافتاً للون النبات الأخضر في معظم المعارض التي تقام منذ عام 2014 إلى الآن. ويتضح ذلك من إقبال أسماء تجارية بارزة مثل «بالينسياغا» و«غوتشي» و«مايكل كروس» و«برادا» وأخيراً وليس آخراً «إيغنر» الألمانية عليه، علماً أن الكثير منهم استقوه من الشرق الأقصى، إذ هناك معتقد ياباني يقول إنه «إذا لم يمكنك القيام بنزهة بين أحضان الطبيعة، فعليك بإدخال اللون الأخضر إلى البيئة المحيطة بك، سواءً كانت خزانة ملابسك أو ديكورات منزلك أو مجرد نبتة صغيرة قرب مكتبك».
ومع أن الكثير من النساء يشعرن بالتخوف من هذه الموضة ولا يفضلنه كثيراً إلا أن أكد أنه لا بأس به ويمكن أن يناسب الشقراوات كما السمراوات، بدليل أن النجمة جوليان مور ظهرت به في فستان من تصميم «جيفنشي» عام 2016 خلال احتفالية توزيع جوائز «سكرين أكترز غيلد»، كما ارتدته هيلاري كلينتون خلال حملتها الانتخابية والبقية تأتي، لأن التجربة علمتنا أن كل ما تتعود عليه العين تتقبله وتُقبل عليه النفس.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.