إسرائيل تتوقع اعتداءات في عيد الفصح وتفكر في إغلاق معبر طابا

حذرت رعاياها في تركيا وسيناء ودعتهم إلى المغادرة فوراً

إسرائيل تتوقع اعتداءات في عيد الفصح وتفكر في إغلاق معبر طابا
TT

إسرائيل تتوقع اعتداءات في عيد الفصح وتفكر في إغلاق معبر طابا

إسرائيل تتوقع اعتداءات في عيد الفصح وتفكر في إغلاق معبر طابا

في تحذير هو الأشد خطورة منذ سنوات طويلة، دعت الحكومة الإسرائيلية مواطنيها الموجودين في تركيا، أو في سيناء المصرية، إلى المغادرة فوراً، بسبب إنذارات ساخنة حول احتمال تنفيذ اعتداءات دامية ضد أي هدف يهودي أو إسرائيلي.
وقال رئيس طاقم مكافحة الإرهاب في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيتان بن ديفيد، أمس، إنه جرى تشديد التحذير بشأن السفر إلى سيناء، وإنه يجري التفكير بإغلاق المعبر الحدودي في طابا، إذا توفرت معلومات استخباراتية عينية حول التخطيط لعمليات. كما دعا بن ديفيد الإسرائيليين الموجودين في تركيا إلى مغادرتها فوراً، للسبب نفسه.
وقال إيتان بن ديفيد، خلال لقاء مع الصحافيين، إنه تقرَّر شحذ التحذير بسبب «تهديد خطير وصل إلى علم المخابرات الإسرائيلية، بقيام تنظيمات إسلامية بتنفيذ عمليات ضد السياح عموماً في سيناء، وضد السياح الإسرائيليين بشكل خاص، خلال الفترة الحالية».
ويسود التقدير لدى طاقم مكافحة الإرهاب، بأن مئات الإسرائيليين يوجدون في سيناء الآن، ويتوقع وصول عشرات الآلاف في عيد الفصح العبري. وكان قد وصل إلى سيناء خلال الأعياد العبرية، في أكتوبر (تشرين الأول)، بين 17 و20 ألف سائح إسرائيلي. وقال إن التحذير من السفر لا يزال الأشدَّ خطورة، لكنه جرى تغيير نصه بسبب نشاطات ذراع «داعش» في المنطقة. وضرب مثلاً بقيام تنظيم داعش في سيناء بنشر الحواجز في بداية شهر مارس (آذار) الحالي، للبحث عن سياح وجنود مصريين في وسط سيناء. وقال: «هذه مسألة تقلقنا جداً».
وفي رد على سؤال، قال رئيس طاقم مكافحة الإرهاب في الحكومة الإسرائيلية، إن الأنباء المتزايدة التي تتهم إسرائيل بتنفيذ هجمات في سيناء، ترفع من محفزات الانتقام من الإسرائيليين. وأضاف أن «حقيقة وجود الإسرائيليين هناك تثير القلق المضاعف. نحن نتعقب ما يحدث وليست لدينا رغبة بالصراخ: (ذئب، ذئب). نؤمن حقاً بأن التهديد خطير».
وكشف بن ديفيد أن إسرائيل تدرس إغلاق معبر طابا إذا وصلت معلومات استخباراتية عينية، وإذا رأت أن الإسرائيليين لا يكترثون للتحذيرات. ورداً على سؤال حول إمكانية قيام حماس بالانتقام على خلفية التقارير التي تتهم إسرائيل باغتيال مازن فقها، الأسبوع الماضي، قال بن ديفيد، إنه لا توجد تحذيرات أو معلومات عينية حول قدرة حماس على تنفيذ عمليات في الخارج.
وأوصى رئيس الطاقم الإسرائيليين بعدم السفر إلى تركيا، ومن يوجدون هناك بمغادرتها فوراً. لكن التحذير من السفر إلى تركيا لا يشمل مطار كمال أتاتورك في إسطنبول، الذي يصل إليه كثير من الإسرائيليين كمحطة عبور إلى عواصم مختلفة في العالم. وبالنسبة للأردن ومصر، وعلى الرغم من وجودهما في درجة متدنية من التهديد، بفضل التعاون بين الجهات الاستخباراتية، فإن طاقم مكافحة الإرهاب ينصح بعدم السفر إليهما. وبالنسبة لتهديدات إيران و«حزب الله»، قال بن ديفيد إن هذا التهديد لم يختفِ عن الخريطة، لكنه اليوم أقل من السابق.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.