وزير الخارجية العراقي: لقاء البحر الميت لتقليص الخلافات

الجعفري قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده تقبل بالمستشارين وترفض القواعد العسكرية الأميركية

وزير الخارجية العراقي: لقاء البحر الميت لتقليص الخلافات
TT

وزير الخارجية العراقي: لقاء البحر الميت لتقليص الخلافات

وزير الخارجية العراقي: لقاء البحر الميت لتقليص الخلافات

أشاد وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري بالعلاقات السعودية - العراقية، مؤكداً أنها «تسير باتجاه صياغة علاقات قوية وراسخة»، ومرحِّباً بكل اللقاءات التي تُعقد بين الجانبين.
وأعلن الجعفري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الأجواء الإيجابية والتضامنية سادت طيلة الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية التي تلتئم، اليوم، في الشونة على البحر الميت. وقال: «الكل كان حريصاً على تقليص الخلافات ومراعاة الدول التي تعاني من ظروف صعبة في الوقت الراهن». وحول العلاقات مع الولايات المتحدة وما تردد عن إقامة قواعد أميركية في العراق، أكد الجعفري أن بغداد تقبل بالمستشارين وبالتدريب فقط، وقال: «اتفقنا مع الأميركيين على تنفيذ اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي أُبرِمت معهم».
من ناحية ثانية، أثنى وزير الخارجية العراقي على الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا من أجل ترسيخ الحل السياسي «بعد الدمار الذي أحدثته التجربة في استخدام الحل العسكري طيلة السنوات الماضية». وفيما يلي نص الحوار:
* ماذا عن اللقاء المرتقب بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الوزراء حيدر العبادي، وهل سيتم في عمان؟
- اللقاء سيتم في القريب وهو في الأساس مبرمَج له أن يُعقَد في الرياض لكن الموعد لم يتحدد بعد، وقد يُعقد على هامش القمة.
* إلى أين وصلت العلاقة بين السعودية والعراق، وهل وصلت إلى المستوى الذي تطمحون إليه؟
- هي في تصاعد إيجابي مستمرّ من خلال زيارة الأخ وزير الخارجية عادل الجبير إلى بغداد قبل فترة قصيرة. ونسعى من خلال الحديث الذي دار بيني وبينه إلى الدفع بالعلاقات للأفضل قدر ما نستطيع لنصل إلى علاقات قوية وراسخة وتحسّن بشكل مستمر.
* من الملاحَظ أن كل الدول العربية تدرك أهمية التضامن العربي والمصالحة ودعم الجامعة العربية. هل ترى أن هذا قابل للتحقيق أم أنه مجرد شعار أو حديث يتردد مع انعقاد كل قمة، وينتهي الأمر على حاله من خلافات وغيره؟ وكيف يمكن معالجة الخلل الذي أصاب العلاقات العربية - العربية؟
- بالتأكيد ليس فقط شعاراً، وإنما هو سعي حثيث من الأطراف. والجميع يسعى بالفعل لتطوير العلاقات والارتقاء بها، خطوة بعد أخرى. ولكن الأمور لن تكون زِرّاً كهربائياً بمجرد ضغطه يتم إصلاح كل شيء في الحال. السعي المتواصل والدؤوب والجاد حتماً سيؤدي إلى نتائج إيجابية. واليوم أرى مقارنة بالاجتماعات السابقة خطوات تقدم كبيرة في المواقف نحو الأفضل.
* مثل ماذا؟
- تفادي نقاط الخلافات الحادة والاستماع باهتمام واحترام إلى كل الآراء دون اعتراض تقديراً لكل دولة ومواقفها، وكذلك تقديراً لوضع الدول الأخرى التي تعاني من بعض التحديات ومراعاة ظروف كل دولة، ومحاولة تكثيف البيان الختامي لما يخدم كل الدول العربية، وبالتالي أعتبر أن البحث عن المساحة المشتركة والتوافق خطوة طيبة.
* ما العنوان الأنسب لهذه القمة من وجهة نظركم؟
- هي قمة توافق ولقاء الإخوة. وهي تطرح النقاط بشكل جدي وتبذل قصارى الجهد من أجل تحقيق الأهداف. وما نطمح إليه جميعاً قد يتحقق خلال القمة بنسبة 50 في المائة أو 60 في المائة أو حتى 80 في المائة. نحتاج إلى أن نترجم ما اتفقنا عليه عبر بذل الجهود لتنفيذه على أرض الواقع. والجهد المطلوب بعد انعقاد القمة للمتابعة والتنفيذ لا يقل أهمية عما توصلنا إليه خلال القمة من التأكيد على المواقف في كل الخطب والكلمات التي تلقى والبيانات التي تصدر عنها.
* هل من دعم للجامعة العربية، خصوصاً أن الأمين العام للجامعة العربية تحدث عن فقر الميزانية، وأن ما تم تسديدة حتى اليوم لعام 2017 نحو 23 في المائة، ومن موازنة العام الماضي لم يُسدَّد سوى 46 في المائة؟
- صحيح، الأمين العام تحدث في هذا الأمر، ونحن نؤيده ونتعاون معه والمال مهم لتطوير أي مؤسسة بالعالم. وأسعى لمساعدة الجامعة وجهد الأمين العام. والعراق رغم ظروفه الصعبة يتحمل أعباء كبيرة مع انخفاض سعر النفط، وكذلك تكلفة المواجهة العسكرية المرتفعة ولكن سنبذل كل الجهود من أجل الوفاء بالالتزامات المالية.
* ما نتائج وآفاق التعاون العراقي الأميركي، خصوصاً بعد زيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى واشنطن؟
- خلال الاجتماعات في واشنطن لفتنا إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي، ووعدوا بالاستمرار في زيادة الدعم للعراق.
* هل سيكون هناك وجود عسكري أميركي في إطار مكافحة الإرهاب؟
- هذا موضوع آخر، وأعني أن وجود قوات أميركية برية على أرض العراق هو بالنسبة لنا موضع تحفُّظ، ونقبل فقط بوجود مستشارين، وهو باب واسع ومفتوح. ونحن نقبل بالاستشارة والمساعدة من كثير من دول العالم داخل قوات التحالف وحتى من هم خارجه.
* تقصد في إطار التحالف الدولي للحرب على الإرهاب؟
- من باب أولى نتلقى الدعم والمساعدة من الدول ضمن التحالف الدولي، ونقبل كذلك دعم ومساعدة الدول غير الموجودة في التحالف. ولكن ما أعنيه هو أن الدعم والتدريب وتأمين الغطاء الجوى شيء، ووجود قوات مسلحة أجنبية على أرض العراق شيء آخر، وهذا أمر مرفوض، وكذلك إقامة قواعد عسكرية.
* هل ستستمر عملية الموصل أم ستتوقف لبعض الوقت نظراً للخسائر البشرية التي لحقت بالمدنيين؟
- العمليات العسكرية مستمرة في الموصل ما دام هناك وجود لتنظيم داعش وحيثما وُجِد الإرهاب سوف توجَد القوات المسلحة العراقية لتطهير العراق من دنس هؤلاء.
* التقيتُ بالأمس مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، كيف كان اللقاء وهل من جديد؟
- دي ميستورا يحمل في جعبته ملفّ التعامل مع الأزمة السورية، وكانت له تجربة في العراق من قبل. وقد استمعتُ إلى تصوراته عن الحل ووجدتُها واقعية، وهو مصمِّم على الوصول إلى إتمام الحل السياسي، وهو مسكون به. وهو الأمر صحيح، فبغير هذا الطريق لا يمكن إنهاء المشكلة في سوريا، وقد جرب المتمسكون بالحل العسكري قرابة ست سنوات، والنتيجة معروفة للجميع من هدر دم، وتخريب المدن، وسقوط المنازل على ساكنيها، وهذا حرام في الدين والعرف الدولي والإنساني. وبالتالي لا بد من إعادة النظر وفتح الأبواب السياسية في معالجة الملف السوري.
* سبق أن أعلن دي ميستورا أنه لا يرى حلاً قريباً في الأفق للأزمة السورية؟ والأمر الثاني أنه سيغادر منصبه، فهل سيؤثر على الحل السياسي؟
- نحن لا نتعامل مع كل مشروع على أساس من يحمل لواءه. ومشاريع الحل قد تأخذ وقتاً. المهم أنه يؤدي دوره، ومتى تنتهي مهمته فسيتم تسليم الراية إلى شخص آخر.
* هل ترى في التنافس الروسي - الأميركي عائقاً أمام تقدُّم الملف السوري والحل السياسي؟
- تتداخل عادة الملفات المحلية والإقليمية والدولية، ولا يمكن عزل واحد عن البقية. وقد يتعلق الأمر بالعمل من أجل تنقية الأجواء وفتح آفاق الحل وطنياً وإقليمياً. وبحكم علاقاتنا مع دول العالم نوظفها لخدمة لصالح الشعب السوري.
* هل يلتقي العراق مع ضيوف القمة من مبعوثي روسيا وأميركا وفرنسا والأمم المتحدة؟ وهل للعراق مطالب محددة خلال الفترة المقبلة من خلال هذا الزخم العربي والدولي الموجود؟
- لا يوجد مانع من لقاء المبعوثين من أي دولة كانت، ونتحدث في كل الملفات. وأنقل بكل فخر واعتزاز ما تحققه القوات المسلحة العراقية على الأرض سواء كانت جيشاً أو شرطة حشداً شعبياً وبيشمركة. وفى الوقت ذاته، أذكر الطرف الآخر بضرورة دعم العراق ومساندته.
* كيف ترى بوادر الحوار بين دول الخليج وإيران من خلال الرسالة التي حملتها طهران للكويت، وهل يؤثر بالإيجاب في تغيير المواقف؟
- بكل تأكيد الحوار مهم، وسبق أن قمت بمبادرة في هذا الشأن من خلال زيارتي إلى طهران وسلطنة عمان والكويت. ونعتقد أن الحل السياسي عندما يتقدم سوف يحل كثيراً من المشكلات.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.