أسعار الأراضي في السعودية تتراجع 12.4 % خلال الربع الأول

توقعات بانخفاض أكبر خلال الربع الثاني لبدء تحصيل الرسوم

إصدار فواتير رسوم الأراضي مطلع الأسبوع الجاري أثر بشكل واضح على كبح جماح الأسعار (تصوير: أحمد فتحي)
إصدار فواتير رسوم الأراضي مطلع الأسبوع الجاري أثر بشكل واضح على كبح جماح الأسعار (تصوير: أحمد فتحي)
TT

أسعار الأراضي في السعودية تتراجع 12.4 % خلال الربع الأول

إصدار فواتير رسوم الأراضي مطلع الأسبوع الجاري أثر بشكل واضح على كبح جماح الأسعار (تصوير: أحمد فتحي)
إصدار فواتير رسوم الأراضي مطلع الأسبوع الجاري أثر بشكل واضح على كبح جماح الأسعار (تصوير: أحمد فتحي)

باتت رسوم الأراضي في السعودية، التي بدأ إصدار أول فواتيرها مطلع الأسبوع الجاري، ذات تأثير واضح على كبح جماح الأسعار، إذ تراجع متوسط سعر المتر المربع للأرض بنسبة 12.4 في المائة، بمتوسط سعر ربع سنوي 398 ريالاً للمتر (106.1 دولار)، فيما أظهرت الاتجاهات السعرية قصيرة الأجل انخفاضاً سنوياً لجميع متوسطات الأسعار خلال الفترة ذاتها.
وتعددت أسباب انخفاض الصفقات، إلا أن الرسوم تسيطر على المشهد وعلى حال السوق، إذ تعتبر الأكثر تأثيراً حتى الآن مدعومة بامتناع عدد كبير من المواطنين عن الشراء نظراً للفجوة الكبيرة بين أسعار البائعين وقدرة المشترين، كما أن الإصلاحات الحكومية الإضافية للسيطرة على الأسعار؛ ومنها إطلاق برنامج «سكني»، أثّرت بشكل ملموس.
وتوقع عقاريون أن تنعكس تبعات هذه الخطوات الإصلاحية على القطاع العقاري كاملاً، لتعيد الأسعار إلى وضعها الطبيعي بعد سلسلة من الارتفاعات تجاوزت 100 في المائة خلال العقد الماضي، وهو الأمر الذي ينتظره المستهلكون الذين لا يستطيعون مجاراة الأسعار الحالية.
وأكد خالد الباز، المدير العام لشركة الباز للتطوير العقاري، أن القطاع لا يزال يسجل المزيد من الانخفاض في الأداء نتيجة الفجوة الكبيرة بين قدرات المشترين وعرض البائعين، إضافة إلى دخول وزارة الإسكان على الخط عبر توفير مساكن غير ربحية، وهذه العوامل تسبب ركوداً في القطاع، الذي يعيش فترة تصحيحية كبيرة من جميع النواحي من طلب وعرض وقيمة بل وحتى التصاميم والمخططات.
وأضاف أن السوق تفرز من وقت لآخر كميات لا بأس بها من العروض، دون أن تجد لها طلباً يتلاءم معها في السعر أو نوعية الإقبال، ونزول معدل الصفقات المنخفضة أساساً أكبر دليل على ذلك، يصاحبها انخفاض محدود في القيمة.
ولفت إلى أن أسعار الأراضي منخفضة أساساً، بما يعني أن الانخفاض بنسبة 12.4 في المائة هي حلقة جديدة من مسلسل الانخفاض، إلا أن الجديد هنا أنها حضرت بضغط من الرسوم التي من المتوقع أن تقلب حال السوق رأساً على عقب فور بدء دفعها، وهو ما يراهن عليه المستهلكون.
وأشار إلى أن القيمة العامة للعقار شهدت معدلات مهولة من الارتفاع نتيجة انفلات بالأسعار في ظل غياب الرقابة على السوق، وبالتالي فإن دخول الحكومة كمنظم لسوق العقار أمر مهم من شأنه أي يدفع نحو توافق جيد بين أسعار العرض وقدرات المنتجين، وهو ما يحدث الآن ولو بشكل بطيء، إلا أن بدء دفع الرسوم سيحدث فصلاً جديداً في معدلات الطلب والأسعار باعتباره القرار الأكثر تأثيراً على العقار السعودي.
وسجلت الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية انخفاضا بنسبة 4.7 في المائة، لتستقر قيمة صفقات السوق بنهاية الأسبوع الثاني عشر من العام الحالي عند أدنى من مستوى 4.3 مليار ريال (نحو 1.15 مليار دولار)، ولتصل نسبة انخفاض إجمالي قيمة الصفقات العقارية منذ مطلع العام الحالي إلى 34.6 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2016 (انخفاض بنسب 38.3 في المائة و53.3 في المائة و54.2 في المائة مقارنة بأعوام 2015 و2014 و2013 على التوالي)، لتستقر إجمالي قيمة الصفقات العقارية منذ مطلع العام عند مستوى 50.5 مليار ريال (13.46 مليار دولار)، مقارنة بمستواها للفترة ذاتها من العام الماضي البالغ 77.2 مليار ريال (20.58 مليار دولار).. علما بأنها كانت 82.5 مليار ريال للفترة نفسها من عام 2015، 108.0 مليار ريال للفترة نفسها من عام 2014. 110.3 مليار ريال للفترة نفسها من عام 2013.
إلى ذلك، أكد محمد الدريهم المدير العام لشركة أملاك نماء العقارية، أن مستويات الانخفاض كبيرة وليست محدودة بالتزامن مع بدء إصدار أول فواتير رسوم الأراضي البيضاء، مضيفاً أنها تعد مؤشراً مهماً للمستقبل الذي سيكون عليه القطاع العقاري، خصوصاً أن المؤشرات العقارية ثابتة ومن الصعب تحريكها إلا في مجال الارتفاع، ما يعني أن الانخفاض الحاصل كان من السيناريوهات شبه المستحيلة.
وتابع: «الواقع الجديد سيجبر الشركات على التعاطي مع الحالة الجديدة وهي الانخفاض الذي سيدفع بالسوق نحو تحقيق الأرباح، عبر كميات كبيرة من حركات البيع والشراء بأرباح قليلة وليس الاعتماد على فائدة كبيرة من بيع قطع صغيرة من الأراضي، وهو النوع الأكثر انتشارا الآن، في الوقت الذي يعاني فيه السوق بجميع قطاعاته من توقف معظم مشاريع شركات التطوير العقاري».
وتطرق الدريهم إلى تخوف يسود بعض المستثمرين في القطاع من قرب حدوث انخفاض حقيقي سيحدث مفاجأة كبيرة، وسيهبط اضطرارياً بالأسعار، وهو أمر يرونه كارثياً، لافتاً إلى أن التنازل عن بعض المكاسب خير من فقد مكاسب أكبر قد يفرضها الواقع في القريب العاجل، خصوصا أن انخفاض أسعار الأراضي هو المؤشر الأول لقرب نزول العقار عموماً.
وذكر أن ارتفاع قيمة الأراضي هو المتسبب الرئيسي في ارتفاع العقار بشكل عام، مشيراً إلى أن هناك حركة جيدة على مستوى بيع الشقق، خصوصاً ذات التصميم الواسع الذي تشبه الدور المستقل.
وتوقع أن يشهد العقار مزيداً من الانخفاض وهو ما يحاول العقاريون التكيف معه بتصريف ما يمتلكون بأقل الأضرار لإثبات أن السوق لا تزال تشهد معدلات جيدة من الإقبال، موضحاً أن تداول العقار بين المستثمرين أصبح محدوداً بشكل كبير تخوفاً من النزول المتتالي في القيمة وهو مالا يستطيعون تحمله، نظراً لجهل ما ستؤول إليه الأمور مستقبلاً في ظل استمرار العزوف ودخول الحكومة كمنافس غير ربحي لهم عبر برنامج «سكني».
وسجل عدد الصفقات العقارية انخفاضا أسبوعيا بلغت نسبته 9.4 في المائة، ليستقر عند 4496 صفقة عقارية، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 8.6 في المائة. وانخفض عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 9.6 في المائة، ليستقر عند 4610 عقارات مبيعة، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 10.0 في المائة. فيما سجلت مساحة الصفقات العقارية خلال الأسبوع ارتفاعا بنسبة 12.5 في المائة، مستقرة عند 73.0 مليون متر مربع، مقارنة بانخفاضها القياسي للأسبوع الأسبق بنسبة 18.3 في المائة.
واعتبر وليد الرويشد الذي يدير شركة مستقبل الإعمار العقارية، أن تراجع متوسط سعر المتر المربع للأرض خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 12.4 في المائة بمتوسط سعر ربع سنوي 398 ريالاً للمتر (106.1 دولار)، بداية لما سيحدث خلال الفترة التي ستلي بدء دفع الرسوم، ما يعني أن الربع الثاني سيشهد مستوى أكبر من الانخفاض نظراً لأنها الفترة التي ستشهد دفع الرسوم وهو المقياس الحقيقي لما سيؤول إليه السوق.
وتحدث عن بطء الحلول لدى المستثمرين الذين لم يستطيعوا تلبية متطلبات السوق ورغبات المشتري الذي يعزف عن جميع الخيارات نتيجة عدم توافر المال أو وجوده بنسب تقل عن الأسعار الحالية للسوق، لافتاً إلى أن القطاع قد يحقق الكثير من المفاجآت خلال العام الحالي الذي ستقع فيه السوق تحت مقص الرسوم التي ستغير خريطة أداء العقار المحلي.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»