المفوضية الأوروبية تدرس مقترحات لحصار «غزو الاستحواذات الصينية»

قالت المفوضية الأوروبية في بروكسل، إن أوروبا تحتاج إلى مراقبة أكثر صرامة لعمليات الاستحواذ على الشركات الأوروبية، من جانب المستثمرين الصينيين، الذين يتلقون مساعدة من الدولة الصينية، بحسب ما جاء على لسان المفوض الأوروبي يوركي كتاينن، المكلف بملف النمو والتوظيف.
وأضاف كتاينن، في تصريحات لصحيفة «هانلسبلات» الألمانية، أن جميع الاستثمارات الخاصة موضع ترحيب، ولكن على الاستثمارات الأجنبية (في إشارة إلى الصين) ألا تتسبب في خلل بالسوق الأوروبية، موضحاً: «يجب دائما أن تكون المنافسة عادلة من كلا الجانبين، ولكن هذا لا يحدث إذا كان المستثمر الصيني يحصل على دعم من الحكومة الصينية».
ووفقا للإعلام البلجيكي، فقد جاءت تصريحات المسؤول الأوروبي، في تعليق له على حالة القلق والجدل في ألمانيا حاليا بسبب نشاط شركات صينية في العام الماضي، والاستحواذ على شركات في ألمانيا وصلت إلى 68 شركة مقابل 12 مليار يورو، ومنها إحدى الشركات المتخصصة في تصنيع الروبوت الألماني، وفي الوقت نفسه هناك قلق في دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، بسبب خطة الدولة الصينية للتصنيع 2025 التي تسعى بكين من خلالها لمساعدة الشركات الصينية للاستحواذ على شركات في قطاعات مختلفة، بحيث تكون لها الريادة عالميا.
وكان نائب وزير الاقتصاد الألماني ماتياس نينغ، قد دعا من جديد الدول الأعضاء في الاتحاد إلى رفض عمليات الاستحواذ على الشركات الأوروبية من جانب مستثمرين يحصلون على دعم من الدولة الصينية، ووصف الأمر بمثابة «معركة غير متكافئة»، مضيفا: «يجب علينا أن نكون منفتحين على عمليات الاستحواذ الأجنبية، ولكن ليست بطريقة ساذجة».
وقالت الصحيفة الألمانية، إن مقترحات من جانب المفوضية الأوروبية يجري إعدادها حاليا، وستطرح على طاولة النقاش في مايو (أيار) المقبل، وتتعلق بحظر التملك للشركات والاستحواذ على الشركات في إطار دوافع سياسية خصوصا شركات في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والبنية التحتية.
وأوضحت الصحيفة، أن تصريحات المسؤول الأوروبي كتاينن تتفق مع تصريحات صدرت من قبل عن وزراء الاقتصاد في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، أعربوا فيها، فبراير (شباط) الماضي، عن القلق إزاء التوسع الصيني المتنامي.
وعلى الجانب الآخر، هناك أصوات من داخل المفوضية الأوروبية تطالب بعدم الإفراط في اتخاذ إجراءات ضد الصين، ومن بين هؤلاء مفوضة شؤون التجارة الخارجية سيسليا مالمستروم التي تعمل من أجل التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة مع الصين، والوصول إلى الأسواق الصينية؛ بينما اقترحت فعاليات داخل البرلمان الأوروبي، ومنها كتلة حزب الشعب الأوروبي، التي دعت إلى إنشاء لجنة أوروبية للتدقيق في عمليات الاستحواذ على الشركات الأوروبية خصوصا الشركات الاستراتيجية بالنسبة لأوروبا، وذلك على غرار لجان مماثلة موجودة في الولايات المتحدة الأميركية.
وحسب ما جرى الإعلان عنه أواخر العام الماضي، بلغت قيمة صفقات الاستحواذ التي نفذتها الشركات الصينية في أنحاء العالم 207 مليارات دولار، إذ أصبحت الصين قادرة على تخفيف الاعتراضات التي تواجهها في بلدان كثيرة بفضل جيل جديد من صانعي الصفقات.
وألقت وكالة «بلومبيرغ» للأخبار الاقتصادية، الضوء على التوسع الصيني النشط بعد الإعلان عن صفقة جديدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث قررت شركة «أوشن وايد» الصينية شراء شركة «جنوورث فايننشال» الأميركية للتأمين مقابل 2.7 مليار دولار. وقال جوزيف غالاغر - من مجموعة «كريدي سويس» المصرفية - معلقا على ذلك، إن «موجة الاستحواذ الآتية من الصين ما زالت تعلو وتشتد». وتوضح صفقة شركة الكيماويات الوطنية الصينية للاستحواذ على شركة «سنجنتا» السويسرية مقابل 43 مليار دولار - وهي أكبر صفقة استحواذ خارجية في تاريخ الشركات الصينية - مدى الحصافة التي صار الصينيون يتمتعون بها في هذا الميدان.
وقالت تقارير إعلامية إن الصفقة التي أعلنت لم تثر جدلا في سويسرا على الرغم من أنها أعطت هذه الشركة الصينية الحكومية دورا مركزيا في قطاع الأغذية العالمي، وترجع سلاسة الصفقة إلى تعهد المشترين الصينيين بالإبقاء على المديرين الحاليين في مواقعهم بالشركة والإبقاء على مقرها بسويسرا، غير أن الصورة ليست كلها مشرقة، فهناك صفقات فشلت بسبب الاعتراضات التي واجهتها، ومن أبرزها محاولة شركة «أنبانغ» الصينية للتأمين للاستحواذ على مجموعة «ستاروود» العالمية للفنادق مقابل 14 مليار دولار.
وفضلا عن ذلك، دعا أعضاء في الكونغرس الأميركي إلى التدقيق في «النفوذ الصيني» بهوليوود بعد مجموعة صفقات نفذها الملياردير الصيني وانغ جيان لين في صناعة الترفيه الأميركية. وقد تنوعت الخطط الصينية لاصطياد الفرص الجذابة في أنحاء العالم، وشملت قطاعات شتى، من بينها كرة القدم والتكنولوجيا والإنترنت. فقد اتفق مستثمرون صينيون على شراء نادي ميلان الإيطالي لكرة القدم بنحو 820 مليون دولار، كما عرضت شركة صينية شراء شركة ألعاب الفيديو الفنلندية «سوبر سل» مقابل 8.6 مليارات دولار.