هجوم لندن يثير القلق بين مسلمي برمنغهام

جيران خالد مسعود مطالبون بتقديم تفسير عن أسباب ارتكابه العمل الإرهابي

ورود وشموع أمام المركز الإسلامي في برمنغهام على أرواح الضحايا (واشنطن بوست)
ورود وشموع أمام المركز الإسلامي في برمنغهام على أرواح الضحايا (واشنطن بوست)
TT

هجوم لندن يثير القلق بين مسلمي برمنغهام

ورود وشموع أمام المركز الإسلامي في برمنغهام على أرواح الضحايا (واشنطن بوست)
ورود وشموع أمام المركز الإسلامي في برمنغهام على أرواح الضحايا (واشنطن بوست)

عندما انطلقت التحذيرات (الأربعاء) الماضي، وتواترت الأنباء العاجلة عن الهجوم الإرهابي المروع الذي ضرب لندن، أمل كثير من أبناء برمنغهام ألا تكون له صلة بمدينتهم، التي يفصلها نحو مائة ميل عن شمال العاصمة. إلا أنه سرعان ما طوقت طائرات مروحية صباح اليوم التالي برمنغهام، ليخمن سكان المدينة السبب على الفور؛ اتضح أن منفذ الهجوم، خالد مسعود، كان من سكان المدينة.
الآن، أصبح جيرانه مطالبين بتقديم تفسير. في الواقع، لقد كافحت برمنغهام على امتداد سنوات الصورة الشائعة عنها بوصفها «معقلاً للإرهاب» وذلك لارتباط كثير من المتطرفين الذين يسلكون العنف داخل بريطانيا بالمدينة بصورة أو بأخرى. المعروف أن بعض مسلمي بريطانيا الأشد فقراً يعيشون داخل ضواحٍ في برمنغهام استفاد الراديكاليون من ظروف الفقر والجريمة والبطالة المستشرية بها طيلة عقود. إلا أن كثيرا من المسلمين أعربوا، الجمعة، عن قلقهم من أن الجدال الدائر حالياً حول المدينة ربما ينتهي به الحال إلى التسبب في مزيد من التردي في أوضاع المسلمين داخل برمنغهام وعبر أرجاء بريطانيا.
من جانبه، قال همايون سلطان (38 عاماً) الذي كان في طريقه للخروج من المسجد الرئيسي في برمنغهام في أعقاب صلاة الظهر: «لا يمكنك محاربة التطرف من خلال دفع مجتمع بأكمله للوقوف موقف الدفاع عن النفس». وأكد محمد أفضال، إمام المسجد، أنه «هناك كثير من الغضب داخل المجتمع. إننا نعيش في سلام معاً، ثم يأتي شخص واحد لينسف كل ذلك».
اللافت أنه منذ الأربعاء حدثت زيادة حادة في رسائل البريد الإلكتروني التي تحوي رسائل كراهية والتهديدات التي يتعرض لها المسجد الرئيسي في برمنغهام. وتنطوي هذه التوترات على خطر تقويض التقدم الذي تحقق على مدار سنوات ودفع بالمدينة في مقدمة الجهود البريطانية لمكافحة التطرف.
من جانبه، قال كريس ألين، عالم الاجتماع بجامعة برمنغهام: «في الواقع، نجح التعاون بين السلطات والمجتمع المحلي حتى الآن على نحو أفضل داخل برمنغهام عنه على المستوى الوطني».
إلا أن هذه لم تكن الحال دوماً داخل ثاني كبرى المدن البريطانية، التي أكثر من 20 في المائة من سكانها من المسلمين. في عام 2010، وضعت السلطات كاميرات مراقبة عبر مختلف أرجاء المدينة لمراقبة تحركات المسلمين المشتبه في تورطهم في الإرهاب، وبذلك جرى وضع جميع المسلمين داخل دائرة الاتهام والتشكك، حسبما اشتكى منتقدو هذا الإجراء. ورغم وقف المشروع، فإنه بحلول ذلك الوقت كان قد سبب بالفعل ضرراً بالغاً للعلاقات بين قيادات المجتمع المسلم في برمنغهام والسلطات.
عن ذلك، قال رافايلو بانتوتشي، مدير الدراسات الأمنية الدولية بـ«المعهد الملكي للخدمات المتحدة» في لندن: «انتاب المجتمع المسلم في برمنغهام الشعور بأنه تحت المراقبة على مدار فترة طويلة». ومع ذلك، طرأ تغيير راديكالي في السنوات الأخيرة، حسبما أكد قادة المجتمع المسلم وعدد من الخبراء.
داخل المسجد الرئيسي، وقف الجميع دقيقة حداد ظهيرة الجمعة في حضور قائد الشرطة، ماك تشيشتي، وهو مسلم الديانة. إلا أن مظاهر وحدة الصف لم تفلح في إخفاء ما يعتري نفوس كثير من مسلمي المدينة من خوف. ويخالجهم قلق خاص حيال إمكانية وجود رد فعل عكسي سلبي قوي ضد مجتمعهم خلال الأسابيع المقبلة.
ولدى سؤاله من أحد الحضور حول السبب وراء مطالبة المسلمين بالتنديد بهجوم نفذه رجل «ليس بمسلم حقاً»، أجاب تشيشتي: «أمثال هذا الرجل يسببون لكم الأذى، ولي أنا أيضاً. علينا جميعاً التنديد بمثل هذه الأعمال». إلا أن أمارات عدم الاقتناع بدت على كثير من الحاضرين، فهم يواجهون صعوبة بالغة في تقبل الصلة التي يجري نسجها بين دينهم والهجوم الذي وقع الأربعاء. ولدى سؤالهم عن منفذ الهجوم، وصفه قليلون فقط في حديثهم بـ«الإرهابي»، بينما أشارت الغالبية إلى مسعود بلفظ «مجرم».
يذكر أن الاسم الأصلي لمسعود هو أدريان راسل أجاو، وعاش لسنوات داخل شقق في منطقة بريتيش ميدلاندز. ينتمي مسعود في الأصل إلى «كنت»، لكنه انتقل لاحقاً للعيش في برمنغهام. أما جيرانه السابقون فلا يعرفون عنه سوى اهتمامه الشديد بحديقته، وفيما عدا ذلك كانوا نادراً ما يرونه أو يشعرون بوجوده. ولم يترك مسعود وراءه أثراً يذكر بخلاف إدانته بضع مرات بتهم جنائية.
من ناحيته، قال علي خان (25 عاماً): «إنه متحول إلى الإسلام، وليست لجرائمه صلة بديننا. وإذا كان نفذ هذا الهجوم باسم الإسلام، فإن هذا يعني أنه لم يفهم ديننا».
وقال محمد المختار (43 عاماً): «ما فعله هذا الرجل سبب صداعاً في رأسي، فأنا أسأل نفسي مراراً وتكراراً: لماذا فعل هذا؟ إن المسلمين حقاً لا يقدمون على هذه الأفعال».
بالنسبة لمسلمي برمنغهام والسلطات، فإن مسألة التمييز بين الاثنين بحاجة إلى توازن. داخل المسجد الرئيسي في برمنغهام، تجري تحية الزائرين الآن بتوزيع كتيب عليهم بعنوان: «الإرهاب ليس الإسلام - الطبعة الثانية».
من ناحيته، يتفق تشيشتي مع ذلك، لكنه يرغب في الوقت ذاته في أن يتحسس المسلمون الإرهابيين المحتلمين في صفوفهم.
الملاحظ أن العلاقات بين الشرطة ومساجد برمنغهام تحسنت كثيراً منذ عام 2014 بسبب مخاوف الآباء والأمهات من احتمال إقدام أطفالهم على مغادرة المدينة للانضمام لتنظيم داعش في سوريا أو العراق. وفي هذا الصدد، قال ألين: «أصبحت الشرطة مرحبا بها الآن داخل الأوساط المسلمة في برمنغهام بصورة أكبر بكثير عما كانت عليه الحال منذ 3 سنوات، الأمر الذي جعل الوضع أكثر سهولة».
السبت الماضي، كان من المنتظر أن يشارك سكان برمنغهام في مسيرة بقلب المدينة للتنديد بالهجوم وإظهار «وحدة صف المسلمين ضد الإرهاب»، تبعاً لما ذكره منظمو المسيرة. إلا أن كثيرين هنا يساورهم القلق من أن هذا لن يكون كافياً لتهدئة التوترات. عن هذا، قال محمد المختار: «لطالما تخوفت من اليوم الذي ستتعرض فيه بريطانيا لهجوم إرهابي كبير جديد. هذا من شأنه جعل حياتنا أصعب بكثير».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



تدشين قاعدة دفاعية أميركية مضادة للصواريخ الباليستية في بولندا

وفد يضم الرئيس البولندي وضيوف آخرين يغادرون سطح نظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور» بمناسبة حفل تدشين هذا النظام في بولندا 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
وفد يضم الرئيس البولندي وضيوف آخرين يغادرون سطح نظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور» بمناسبة حفل تدشين هذا النظام في بولندا 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

تدشين قاعدة دفاعية أميركية مضادة للصواريخ الباليستية في بولندا

وفد يضم الرئيس البولندي وضيوف آخرين يغادرون سطح نظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور» بمناسبة حفل تدشين هذا النظام في بولندا 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
وفد يضم الرئيس البولندي وضيوف آخرين يغادرون سطح نظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور» بمناسبة حفل تدشين هذا النظام في بولندا 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

افتُتحت رسمياً، اليوم (الأربعاء)، في بولندا، قاعدة تشكّل جزءاً من نظام دفاعي أميركي مضاد للصواريخ الباليستية يثير ريبة موسكو، استكمالاً لنظام موجود بالفعل في تركيا ورومانيا وإسبانيا.

وقال وزير الدفاع البولندي، فلاديسلاف كوشينياك كاميش، خلال مراسم في قاعدة «ريدجيكوفو» في شمال البلاد، بحضور عدد من كبار السياسيين البولنديين والقادة العسكريين الأميركيين: «هذا حدث ذو أهمية تاريخية لأمن بولندا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وزير الدفاع البولندي فلاديسلاف كوشينياك كاميش يتحدث إلى الضيوف خلال حفل التدشين الرسمي لنظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور بولندا» 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وبدأ العمل في هذا الموقع منذ يوليو (تموز) الماضي، في إطار مشروع الدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي، وهو جزء من شبكة رادارات وصواريخ اعتراضية، بدأت واشنطن إنشاءها قبل خمسة عشر عاماً، وتهدف إلى الحماية من تهديدات الصواريخ الباليستية المتأتية من خارج منطقة أوروبا والمحيط الأطلسي، خصوصاً من إيران.

ولطالما أثار انتشار هذه الشبكة في أوروبا ردود فعل سلبية من روسيا التي ترى فيها خطراً على أمنها، رغم تأكيدات حلف شمال الأطلسي بأنها ليست موجهة ضدها.

واحتجت موسكو مجدداً، الأربعاء، على هذه القاعدة المقامة على بُعد 230 كيلومتراً من جيب كالينينغراد الروسي.

السفير الأميركي في بولندا يتحدث إلى الضيوف خلال حفل التدشين الرسمي لنظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور بولندا» في 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وحذّر الناطق باسم «الكرملين»، دميتري بيسكوف، من أن «هذا تقدم للبنية التحتية العسكرية الأميركية في أوروبا نحو حدودنا»، و«سيؤدي ذلك إلى اتخاذ إجراءات مناسبة لضمان التكافؤ».

وتشمل العناصر الرئيسية لهذه الدرع المضادة للصواريخ، بالإضافة إلى القاعدة في بولندا، موقعاً مشابهاً في رومانيا، ومدمرات تابعة للبحرية الأميركية متمركزة في روتا بإسبانيا، وراداراً للإنذار المبكر في كوريجيك بتركيا.

وينتشر حالياً أكثر من 10 آلاف جندي أميركي في بولندا، إحدى الدول الأكثر دعماً لجارتها أوكرانيا.