قالت مصادر خاصة إن ميليشيات الحوثي وصالح أقدمت في العاصمة صنعاء، على إصدار تعميم تطالب فيه، عبر أقسام الشرطة، المواطنين بتصوير بطاقاتهم الثبوتية، ومذكرات من أماكن عملهم، كإجراءات أمنية جديدة، تعكس حجم مخاوفهم مع اقتراب العمليات العسكرية من مطار صنعاء الدولي الكائن في شمال المدينة.
وقال حافظ الجليدي، وهو مواطن لـ«الشرق الأوسط»، إن أشخاصاً ينتمون للميليشيات بمرافقة أفراد من أقسام الشرطة، زاروا عدداً من المنازل (ومنزله أحدها) يطالبونهم بتصوير البطاقات الشخصية، وحصر عدد الأشخاص في المنازل.
واعتبر عدد من سكان العاصمة أن هذه الإجراءات حالة فَرْز، ولا يمكن قراءتها بمعزل عن واقع المعارك والانتصارات التي يحققها الجيش الوطني اليمني والمقاومة في جبهات الساحل الغربي من البلاد، وعلى تخوم صنعاء ذاتها. وفقاً للدكتور معن دماج، الأستاذ في كلية الآداب بجامعة صنعاء الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن خوف الناس مفهوم وهو الأساس في علاقة المواطنين بأطراف تحالف «الحوثي - صالح» وهم يسعون لجمع بيانات المواطنين لفرزهم وتصنيفهم على أساس خلفياتهم السياسية والاجتماعية والمناطقية، للاستخدام حسب الحاجة. ومنذ أسبوعين، أصدرت أقسام الشرطة تعميماً لعقال (رؤساء) الحارات يقضي بطلب مالكي المنازل إبلاغ المستأجرين بدورهم بتصوير بطاقاتهم الشخصية، وإحضار مذكرات من أماكن عملهم، وذلك في إطار الإجراءات الأمنية المشددة التي عمد إليها الانقلابيون في صنعاء.
وبحسب ما سرب الانقلابيون وميليشياتهم، في صنعاء، فإن هذه الإجراءات جاءت بعد اكتشاف خلايا نائمة تتبع الشرعية وقوات التحالف.
وجاءت هذه الإجراءات المتَّخَذَة بعد الخطابات التي ألقاها الرئيس السابق علي صالح، مطلع الشهر الحالي، وتحريضه على اعتقال منتسبي الأحزاب السياسية المؤيدة للتحالف والشرعية، إضافة إلى خطابات قيادات حوثية تطالب وتدعو للتجنيد والقتال في الجبهات من أبناء الحارات.
ويرى مراقبون أن هذا الإجراء قد لا يكون مفاجئاً لاستهداف أبناء المناطق المحررة وطردهم من صنعاء، واختطافهم بذرائع مختلفة، في ظل تلميحات الانقلابيين الانفصالية كحل للأزمة، على أساس أن يحكموا الأطراف الشمالية من البلاد. واعتبر المواطن حمدي نعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المسألة ليست معزولة عن ظرف الحرب الذي تعيشه الجماعة والهزائم المتتالية التي تلقتها في مناطق سيطرتها وتعزز من هاجسها الأمني وتخوفها المتضخم من الاختراق.
وقال: «هذه الإجراءات، وإن كانت متوقعة، إلا أنها تكشف عن حالة استثنائية من اللامسؤولية يقوم بها الانقلابيون الذين لا يعبأون بما يعيشه المواطن وما وصل إليه من حالة، جراء انقطاع الرواتب منذ 6 أشهر، وهذا الأمر تعدٍّ سافر على الحقوق المدنية».
واقع الحال في صنعاء المكتظة بالسكان والنازحين، لا يختلف تماماً عما تعيشه بعض محافظات البلاد التي تشهد مواجهات منذ سنتين، فأوضاعها الأمنية والتشديدات المتخذة من قبل الانقلابيين تعكس صورة للواقع الذي تشهده المدينة، فعوضاً عن ذلك، فإن المساعدات التي تقدم وتوزع للنازحين تباع في الأسواق السوداء، مما يؤزِّم حياة المواطنين. ومع الأوضاع الذي تشهدها صنعاء، هنالك حالة من التذمر في أوساط السكان لما وصلوا إليه من وضع، وتصاعدت وتيرة الإضرابات المناوئة للجماعة والمطالبة بالرواتب في مؤسسات طبية وتعليمة وصحافية. ولعل حالة الخوف التي تعتري سكان صنعاء، يعكسها رفض كثير من المواطنين الحديث بأسمائهم الحقيقية.
ويحاول الانقلابيون، بطرق مختلفة، احتواء هذه المواقف غير أنهم يفشلون ويقومون باتخاذ المزيد من الإجراءات التعسفية، منها الاستبدال ببعض الموظفين وكوادر المؤسسات، آخرين من خارج تلك القطاعات، عوضاً عن الإجراءات الأمنية التي تُتَّخَذ في منافذ الدخول للعاصمة بحق القادمين إليها من مختلف المحافظات، خصوصاً المحافظات المحررة، إضافة إلى عمليات التغيير الديموغرافي التي تجري في صنعاء، من خلال تحويل المناطق والأراضي المحيطة بالعاصمة، من مختلف الاتجاهات، إلى مناطق سكنية خاصة بعناصر الميليشيات، عبر شراء الأراضي أو السطو عليها، وأيضاً شراء أكبر البنايات السكنية والمنازل الفخمة في الأحياء الراقية من المدينة.
الميليشيات تصعّد خناقها الأمني على أهالي صنعاء وزوارها
الميليشيات تصعّد خناقها الأمني على أهالي صنعاء وزوارها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة