ترمب «مرتاح» بعد تأكيد نائب جمهوري مزاعم التنصت على فريقه

ديفين نيونز اعتذر للجنة الاستخبارات عن إبلاغ البيت الأبيض

ترمب «مرتاح» بعد تأكيد نائب جمهوري مزاعم التنصت على فريقه
TT

ترمب «مرتاح» بعد تأكيد نائب جمهوري مزاعم التنصت على فريقه

ترمب «مرتاح» بعد تأكيد نائب جمهوري مزاعم التنصت على فريقه

بعد ساعات من إعراب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «ارتياحه» إثر إعلان رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، الجمهوري ديفين نيونز، أن وكالات الاستخبارات تنصتت العام الماضي بشكل عرضي على اتصالات أعضاء الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب، اضطر الأخير إلى الاعتذار إلى لجنته.
وقال نيونز لدى لقائه ترمب في البيت الأبيض إن «هناك كثيرا من المعلومات في التقارير التي اطلعت عليها تقودني إلى الاعتقاد أن الإدارة السابقة، وعددا من الوكالات كانت لديها فكرة واضحة جدا عما كان الرئيس المنتخب ترمب يقوم به». وأضاف: «وجدت أنه من المهم للرئيس أن يعلم ذلك».
وعلى الفور، سأل أحد الصحافيين الرئيس عما إذا كان يشعر بالارتياح بعد هذا التصريح فأجاب ترمب: «نعم، نوعا ما. أنا سعيد لأنهم وجدوا ما وجدوه». وبحسب نيونز، فإن المعلومات التي اطّلع عليها تفيد بأن الاتصالات التي تم جمعها لا علاقة لها بالتحقيقات في احتمال وجود روابط بين حملة ترمب وروسيا، وليس لها قيمة استخباراتية أجنبية كبيرة. وأضاف أن الاتصالات كانت مراقبة قانونيا، على ما يبدو، في إطار جمع معلومات استخباراتية أجنبية، وأن جمع المعلومات حول فريق ترمب كان «عرضيا»، بمعنى أن الفريق لم يكن مركز اهتمام عمليات المراقبة، وإنما أجانب. إلا أن المعلومات التي تم جمعها في الفترة ما بين نوفمبر (تشرين الثاني) ويناير (كانون الثاني)، أي الفترة بين فوز ترمب وتنصيبه «تم توزيعها بشكل واسع» في أوساط الاستخبارات الأميركية، بحسب نيونز.
وأضاف: «مؤخرا، أكدت أنه في كثير من المناسبات جمعت أجهزة الاستخبارات عرضيا معلومات حول مواطنين أميركيين مشاركين في فريق ترمب الانتقالي». وتابع: «لا علاقة لأي من عمليات المراقبة هذه بروسيا أو التحقيق في نشاطات روسية أو في فريق ترمب».
وأشار نيونز إلى أن الضالعين في عملية المراقبة انتهكوا القوانين التي تنص على ضرورة التغطية على أي معلومات عن الأشخاص الذين تتم مراقبتهم.
وفي تصريحه يوم الأربعاء في مؤتمر صحافي، قال نيونز: «أكدت مؤخراً أن الاستخبارات، في أوقات متعددة، قامت بجمع معلومات عن مواطنين أميركيين الذين لهم صلة بفترة ترمب الانتقالية»، ثم تحدث عن طبيعة المعلومات التي تم جمعها واعتبرها «تفاصيل ذات قيمة بسيطة». وأضاف أن تجميع المعلومات استهدف مواطنين بشكل عام، ولكن الاستخبارات «جمعت معلومات عن الفريق الانتقالي صدفة».
لم يقم نيونز بمشاركة اكتشافاته مع عضو اللجنة الديمقراطي البارز، النائب آدم شيف، قبل المؤتمر الصحافي، وفق ما أفادت شبكة «إن بي سي». وصرّح شيف في وقت لاحق بأن نيونز لم يخبره أو أي عضو آخر من لجنة الاستخبارات قبل الإعلان الرسمي. وقال شيف إنه قد تحدث مع نيونز للتعبير عن قلقه، و«كان يجب مشاركة هذه المعلومات مع لجنة الاستخبارات إذا كانت هذه المعلومات صائبة، ولكن لم يتم ذلك». وأضاف: «من الغريب أيضاً مشاركة رئيس المجلس هذه المعلومات مع البيت الأبيض قبل اللجنة، لأن الأمر حالياً تحت التحقيق. لقد عبرت عن قلقي لرئيس المجلس، وأكدت له أنه لا يمكن لتحقيق معتمد أن يتم بهذه الطريقة».
واعتذر نيونز، صباح أمس، لأعضاء لجنة الاستخبارات لعدم اطلاعهم بالمعلومات قبل ذهابه للبيت الأبيض. إلا أن هذا الاعتذار لم يقنع النواب، واعتبرت جاكي سباير، نائبة من ولاية كاليفورنيا، أنه «قام بالاعتذار وحسب، ولم يذكر سبب ذلك»، متابعة: «سنقوم بتقييم في الأيام المقبلة إذا ما كنا نشعر بالثقة في إمكانية استمراره في ممارسة دوره». في حين أضاف شيف: «على نيونز الاختيار، بين أن يكون محققاً مستقلاً، أو أن يعمل بمثابة بديل للبيت الأبيض».
يعتبر الرئيس ترمب تصريح نيونز دليلا داعما لاستخدام الرئيس أوباما أجهزة تنصت في «ترمب تاور». وفي مقابلته يوم الأربعاء مع مجلة «ذا تايمز»، أشار إلى تعليق نيونز بأن فريقه قد تمت مراقبته من قبل الاستخبارات الأجنبية، وأنه بينما قد يكون عملاً قانونياً، إلا أنه من المقلق وجود أسماء مواطنين أميركيين في تقارير استخبارات أجنبية.
وتنص قوانين أجهزة الاستخبارات الأميركية على أن المعلومات التي يتم جمعها عرضا عن المواطنين الأميركيين بعد مراقبتهم يجب أن تشطب أو تتم التغطية عليها في التقارير الاستخباراتية.
يعد توقيت تصريحات نيونز مكسبا سياسيا للرئيس ترمب، إذ جاءت بعد أيام من إفادة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، جيمس كومي، بأن مزاعم ترمب حول تنصت إدارة أوباما عليه لا أساس لها من الصحة، كما جاءت في إطار محاولة الجمهوريين حشد الأصوات من أجل تمرير قانون بديل للرعاية الصحية.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.