«وستمينستر» قلب الديمقراطية والحكم في مهب الإرهاب

أثار الهجوم الأخير على مقر قلب الديمقراطية والحكم في العاصمة البريطانية لندن تساؤلات عدة بشأن قيمة ورمزية المكان، وسبب اختياره هدفا لأحدث هجوم اعتداء إرهابي شهدته لندن، رغم ما يتمتع به محيطه من إجراءات أمنية مشددة على مدار الساعة.
وقال جوناثان راسل رئيس السياسات في منظمة كويليام لمكافحة التطرف إن «هناك ثلاثة أسباب رئيسية لاستهداف البرلمان، الأول هو مكانة ويستمنستر كقلب لندن والقوة البريطانية ويعتبر هذا الاعتداء هجوما على الديمقراطية وكما نعرف أن التطرف هو عدو الديمقراطية». وأضاف في مكالمة هاتفية مع «الشرق الأوسط» أمس: «أما السبب الثاني هو أن الإرهابيين يعون أنهم عندما ينفذون عملية في مقر بأهمية البرلمان ستكون هناك تغطية إعلامية ضخمة»، واستطرد: «أما السبب الثالث فهو نشر الذعر بين سكان بريطانيا وحول العالم». إلا أن راسل أكد أن الاعتداء «لا يمثل تهديدا لأمن المملكة المتحدة القومي، لكن كان له أثر رمزي».
ومن جانبه، يقول المستشار في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، أوليفير غيتا، إن العملية تأتي رمزية كونها تستهدف البرلمان البريطاني، ورئيسة الوزراء، تيريزا ماي داخله، مما يشكل رسالة قوية للحكومة البريطانية.
وأشار إلى أن اللافت للنظر أن الإرهابيين يهاجمون دوما أهدافا سهلة لا تشهد كثافة أمنية، إلا أن هذه المرة استهدفوا منطقة ذات كثافة أمنية مشددة، حيث يحاولون نشر الفوضى في مدينة كبيرة مثل لندن.
ولم يأتِ الهجوم كصدمة لجوناثان راسل، إذ يقول إن «جميع من يعمل في مجال مكافحة التطرف ورصد تحركات المتطرفين، كانوا يتوقعون اعتداء في لندن وتأهبوا له. لكن في حالة هذا الهجوم البدائي الذي نفذ بوساطة مركبة وسكين، فإنه من الصعب إحباطه». وأضاف: «لكن ما يميز بريطانيا عن غيرها في أوروبا ويجعلها أكثر أمانا القبضة الأمنية في البلاد التي تردع المتطرفين على اختيارها كوجهة لتنفيذ الهجمات، نظرا لأنهم دائما يلجأون لاختيار دول أضعف أمنيا».
ويذكر أن الأجهزة البريطانية تقوم بإحباط الكثير من الهجمات الإرهابية الأكثر تعقيدا من تفجيرات إلى هجمات مسلحة كل أسبوع. إلا أن الوسائل التي تم استعمالها في هجوم أمس تحمل بصمات «داعش»، كون المتحدث السابق باسم «داعش» محمد العدناني وجه عملاءه في وقت سابق لاستخدام هذه الوسائل في هجماتهم الإرهابية.
وكشفت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أن منفذ الهجوم خالد «تأثر بآيديولوجية داعش». حيث يذكر هذا الاعتداء باعتداء نيس، الذي أوقع 84 قتيلا وبرلين الذي خلف 12 قتيلا عام 2016.
ومسعود الذي قتلته الشرطة أول من أمس كان يعيش في منطقة ويست ميدلاندز التي تضم مدينة برمنغهام التي نفذت فيها الشرطة المسلحة عملية مداهمة ليل الأربعاء الخميس.
وجدير بالذكر أن صحيفة «الغارديان» البريطانية كانت قد نشرت على موقعها أول من أمس قبل سويعات على الهجوم على البرلمان أنباء عن محاكمة ثلاث متطرفين من برمنغهام، المدينة ذاتها، خططوا لتنفيذ هجمات إرهابية في بريطانيا مشابهة لهجوم مسعود.
وقالت إن المدعوين موهبور رحمن وخوبيب حسين وناويد على تواصل على موقع «تلغرام» للتواصل الاجتماعي في غرفة «الفرسان الثلاثة» وخططوا لتنفيذ هجمات إرهابية وعند تفتيش مركباتهم وبيوتهم جرى العثور على سكاكين وأسلحة حادة كتب عليها «كافر».
وأعلنت محكمة «أولد بايلي» عن بدء المحاكمة وأن بعض الجلسات ستكون سرية. وحول تزامن الخبرين قال راسل لـ«الشرق الأوسط»: «لا نستطيع الجزم في الوقت الحالي أن برمنغهام هي بؤرة أو قلب للإرهاب في البلاد، وأرجح أن التواصل حاليا يتم على شبكة الإنترنت وليس في مراكز ومساجد».
ورجح أن منفذ هجوم البرلمان هو ذئب منفرد بقوله: «من المرجح أن يكون المنفذ ذئبا منفردا لكن نرى الكثير من السيناريوهات التي يعمل بها المتطرفون كثنائي أي يعمل شخصان للتخطيط». واستطرد: «حتى لو المحاكمون ليسوا على دراية بمنفذ هجوم البرلمان، إلا أن العوامل مشتركة في استلهام الهجوم وقد يكونون تعرضوا للتجنيد في ذات المكان».