سارة أبي كنعان: الدراما اللبنانية تعيش ثورة أسهمت في تطورها

قالت إنها ستؤدي دور المرأة الشريرة في الوقت المناسب

سارة أبي كنعان: الدراما اللبنانية تعيش ثورة أسهمت في تطورها
TT

سارة أبي كنعان: الدراما اللبنانية تعيش ثورة أسهمت في تطورها

سارة أبي كنعان: الدراما اللبنانية تعيش ثورة أسهمت في تطورها

قالت الممثلة اللبنانية سارة أبي كنعان إن الدراما اللبنانية تعيش حالة من الثورة مما أسهم في تطورها بشكل ملحوظ. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «قطعنا شوطا لا يستهان به، ولا أذيع سرّا إذا قلت إنه توجد أعمال لبنانية عدة صارت مطلوبة بالاسم من قبل محطات عربية مختلفة، وأن مسلسل (الشقيقتان) هو واحد منها». وحاليا تشارك سارة في المسلسل المذكور إلى جانب نادين الراسي ورولا حمادة وباسم مغنية وغيرهم من الممثلين اللبنانيين، وهو من تأليف كلوديا مرشيليان وإخراج سمير حبشي. وتابعت: «ثمة منتجون لبنانيون لعبوا دورا كبيرا في هذا الموضوع؛ إذ وثقوا بقدرات الممثل والكاتب والمخرج اللبنانيين ووضعوا تحت تصرّفهم ميزانيات عالية، رفعت من مستوى أعمالنا وجمال سنان هو واحد من هؤلاء المنتجين الذين لعبوا هذا الدور، إذ يتعامل مع فريق أي مسلسل يتولّى إنتاجه بحرفية عالية، وذلك من أجل العبور بالدراما اللبنانية إلى شاطئ الأمان».
وأشارت سارة التي تقوم حاليا بتصوير مسلسل جديد بعنوان «ثورة الفلّاحين» من تأليف كلوديا مرشيليان، إلى أن المشاهد بات يلمس هذا التطوّر في أعمالنا المحليّة، وسيتفاجأ عندما سيتابع مسلسلها الجديد (ثورة الفلاحين) لما يتضمن من عناصر ناجحة وميزانية ضخمة تضعه في مصاف الأعمال العالمية.
وتتابع: «أعتقد أن الممثل اللبناني بحدّ ذاته صار يشكّل عنصرا أساسيا من عناصر الدراما العربية ككلّ، والدليل على ذلك هو مشاركته في غالبيتها وحتى في المصرية منها».
وعما أضاف إليها دورها في مسلسل «الشقيقتان» لا سيما أنها تؤلّف مع زميلتها نادين الراسي ثنائيا متناقضا من حيث شخصية كلّ منهما أجابت: «لطالما ألّفت مع نادين ثنائيا ناجحا، وعندما عرض علي هذا الدور وقبل أن أعرف طبيعة الدور فرحت كوني سأتشارك فيه البطولة مع زميلتي نادين. وكان من الصعب جدا أن أقف أمامها في شخصية ثريا الشريرة. فنحن على تناغم كبير عندما نكون على موقع التصوير، إلا أننا لم نعمل سويا إلا ضمن إطار الفتاتين المتّفقتين. فكنت أضحك وأوقف التصوير أحيانا كوني لا أتقبلها في هذا الأداء الجديد علينا، والذي أبدعت في تقديمه كونها ممثلة محترفة من النوع الرفيع استطاعت رغم طبيعته استعطاف المشاهد». وماذا عنك هل تتخيلين نفسك تقومين بدور الفتاة الشريرة يوما ما؟ تردّ: «دور الشرّ يتطلّب احترافا عاليا ولا يمكن لمن يؤدّيه إلا أن يكون قد اكتسب خبرة في مسيرته التمثيلية فصار محنّكا». وتابعت: «هذا الدور هو أصعب بكثير من أدوار البراءة والرومانسية بالنسبة للممثل، كما أن هذا الأخير عليه أن يجيد لعب أي شخصية تعرض عليه، ولذلك سأقوم بالتأكيد بهذا الدور في الوقت المناسب عندما أشعر بأنني صرت جاهزة له».
ولكن وجد البعض أن شخصيتك في «الشقيقتان» مبالغ في طيبتها، خصوصا أن لا ردود فعل مناسبة منك لكلّ الشر الذي تنويه لك شقيقتك؟ «المسلسل يدور في الستينات ولم تكن الفتيات على نسبة عالية من الحنكة والانفتاح، خصوصا أن (فرح) أي الشخصية التي ألعبها محاطة باهتمام كبير من والدها كي يحميها من أي سوء قد تتعرّض له. فهي تربّت في أجواء مليئة بالمحبة ومن الصعب عليها أن تتصرّف بطريقة أخرى لأنها مشبّعة بالحبّ». وحسب سارة فإن المسلسل سيبدأ في مرحلة تصاعدية مغايرة عما نشهده حاليا، إذ إن (فرح) ستبدأ في ممارسة عدم التغاضي عن الشكّ الذي يساورها فيما يخصّ أختها، مما سيزوّد العمل بعنصري الإثارة والتشويق أكثر فأكثر.
وختمت: «دوري في هذا المسلسل هو بمثابة محطة مهمة في مشواري التمثيلي كوني أقدم فيه لأول مرة دور بطولة، كما أنه حمل لي تحدّيات كثيرة من خلال العمل مع مخرج على طراز سمير حبشي، الذي مرّ وقتا طويلا لم أتعاون معه عندما شاركت في مسلسل (بنت الحي) وكنت يومها في الحادية عشرة من عمري».
وعن النهاية التي سيحملها المسلسل المذكور: «ستكون نهاية سعيدة في الشق الذي يتعلّق بي بينما سيكون العكس بالنسبة لغيري».
وعن دورها في «ثورة الفلاحين» قالت: «لو لم يتم استدعائي للمشاركة فيه لكنت بالتأكيد حزنت. فهو عمل رائع يتم التعامل فيه مع فريق محترف من جميع النواحي تمثيلا (ورد الخال وإيميه صياح وباسم مغنية وكارلوس عازار وتقلا شمعون وغيرهم) وإخراجا (فيليب أسمر) وكتابة (كلوديا مرشيليان) وإنتاجا (جمال سنان)، ولا أبالغ إذا قلت بأنه سيذكّر المشاهد بالأعمال الأجنبية».
يبدو أنك تحبين كتابات كلوديا مرشيليان؟ «هي كاتبة فريدة من نوعها ويمكن أن تلاحظي ذلك في أعمالها التي تتّسم بالحبكة الصلبة، فتجذب المشاهد بأسلوبها الغامض منذ اللحظات الأولى، ثم لا تلبث أن تفلش بخيوط أسراره مرة واحدة ليصبح عنصر التشويق أساسا فيها».
وعن كيفية اختيار أدوارها تردّ: «غالبا ما آخذ وقتي في خياراتي لها وأعتمد استشارة مقرّبين مني أثق بآرائهم، وحتى اليوم تسير أموري بالشكل المطلوب وبالصورة التي أرغب فيها، فلا أعود خطوة إلى الوراء بل أمشي بخطى ثابتة إلى الأمام وبمسؤولية كبيرة. حتى أنني أحبّ أن ألوّن أي شخصية ألعبها بشيء من شخصيتي الحقيقية كي لا يشعر المشاهد بزيفها أو انفصالها عني تماما، فأقولبها لتكون مزيجا من الواقع ومن الدور الذي أؤديه، كما أن إدارة المخرج للممثل تلعب دورا كبيرا في هذا الصدد لا يمكننا أن نستخف بها».
تابعت سارة أبي كنعان دورات دراسية وتدريبية في التمثيل في كلّ من أميركا وكندا، وهي تعدّها تجربة فريدة من نوعها صقلت مشوارها التمثيلي وعلّقت: «على كلّ ممثّل أن يقوم بهذا النوع من التدريبات في الأداء كي يكتشف نقاطا مهمة في موهبته من ناحية وليتعرّف إلى المستوى الرفيع الذي يجب أن يحيط بأدائه. فالتقنية المتطورة التي شاهدتها عن كثب في أفلام هوليود مثلا حفّزتني بشكل أكبر لدخول العمل السينمائي، فلطالما حلمت بمشاهدة استوديوهات عالمية كـ(فوكس) و(يونيفرسال) للحشرية الكبيرة التي كانت تسكنني، ولا أستطيع وصف انبهاري بتلك الاستوديوهات وبالتطوّر الذي يتمتعون به على هذا الصعيد». وتمنّت سارة أن يتوصّل الوطن العربي يوما ما إلى صناعة سينمائية مشابهة.
وهل سنراك قريبا في أفلام سينمائية لبنانية؟ «هي فرصة أتمنى أن أنالها قريبا عندما يأتيني العرض المناسب، فالسينما اللبنانية تشهد حركة صناعة جيّدة حاليا، وهي خطوة نحن بحاجة إليها. بغض النظر عن الأعمال التجارية التي نشهدها، إلا أنني استمتعت بمشاهدة أفلام سينمائية أخرى حملت إلينا مواهب فنيّة رائعة سواء في التمثيل أو الإخراج مما عكس ثراء لبنان في هذا المجال».



سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
TT

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)

بعد نحو 30 عاماً من مسيرة غنائية رصّعتها الفنانة سمية بعلبكي بالطرب الأصيل، جرى تكريمها أخيراً، في حفل جائزة الـ«موركس دور»، ولكنها تلقّتها بغصّة في القلب. فهي جاءت مباشرة بعد حرب دامية شهدها لبنان، وإثر تفجير منزل بعلبكي العائلي في قريتها العديسة الجنوبية. اختلط طعم فرح النجاح بمرارة خسارة ذكريات الطفولة، فتمنت لو أن هذه المناسبة جاءت في وقت ثانٍ كي تشعر بسعادة التقدير الحقيقية. وتقول بعلبكي لـ«الشرق الأوسط»: «أنبذ الحروب بكل أوجهها حتى المقدّسة منها. فهي مبنية على صراعات تبحث عنها البشرية عبر التاريخ، ولكنها لم تحمل يوماً إلا النتائج السلبية في طيّاتها».

تصف سمية بعلبكي خسارة منزل العائلة كمن فقد قطعة من وجدانه. «إنه يمثّل الذكريات والهوية ومسافة أمان في الوطن. عندما تلقيت الخبر أحسست بالفراغ وكأن سقفاً اقتلع من فوق رأسي، صارت السماء مكشوفة. داهمني الشعور بالغربة، لأن لكل منّا بيتين، أحدهما منزل نقيم فيه، والثاني هو الوطن. وعندما نفقد بيتنا الصغير يتزعزع شعور الأمان بمنزلك الكبير».

أثناء تسلّمها جائزة {موركس دور} (سمية بعلبكي)

في تكريمها بجائزة «موركس دور» تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الفنية، خلعت بعلبكي لبس الحداد على بيتها للحظات. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت بحاجة إلى الأمل وإلى غد أفضل. رحلتي هي كناية عن جهد وتعب وتحديات جمّة. فرحت بالجائزة لأنها تكرّم مسيرة صعبة. فالموسيقى بالفعل تشفي من الجراح، لا سيما أن قلبي كان مكسوراً على وطني وأرضي. يا ليت هذا التكريم جاء في توقيت مغاير لكان وقعه أفضل عليّ».

تألقت سمية بعلبكي وهي تتسلّم جائزتها وفرحة ملامح وجهها كانت بادية على وجهها. وتوضح: «لقد سألت نفسي عند مصابي كيف أستطيع تجاوزه ولو للحظات. كانت الموسيقى هي الجواب الشافي. خرجت بعبارة (سنغني قريباً) لعلّ الجرح يطيب. تأثري بفقدان منزلنا العائلي ترك بصماته عليّ. ولا أعتقد أنني أستطيع تجاوز هذا الحزن ولو بعد حين. فإثر إعلامنا بخبر تفجير البيت بقيت لأسابيع طويلة فاقدة القدرة على الغناء. صمت صوتي وما عدت أستطيع ممارسة أي تمارين غنائية لصقله. الألم كان كبيراً، لا سيما أننا لم نتمكن بعد من لمس المصاب عن قرب. لم نر ما حصل إلا بالصور. أرضنا لا تزال محتلة ولا نستطيع الوصول إليها كي نلملم ما تبقى من ذكرياتنا، فنبحث عنها بين الردم علّها تبلسم جراحنا».

الانسلاخ عن الفن طيلة هذه الفترة، لم تستطع سمية بعلبكي تحمّل وزره. «إننا شعب يحب الحياة ويكره الحروب. وأنا بطبعي لا أنكسر أو أستسلم للكآبة والإحباط. نفضت غبار الحرب عني، وقررت إكمال الطريق رغم كل شيء».

تقول بعلبكي إن أحلاماً كثيرة تراودها ولم تستطع تحقيقها بعد. «أحياناً يقف الزمن حاجزاً بيني وبينها. مرات أخرى لا تأتي الفرصة المناسبة لاقتناصها. هناك العديد من أبناء جيلي أقفلوا باب الغناء وراءهم وغادروا الساحة بسبب مصاعب واجهوها. ولكن من ناحيتي، حبّ الناس كان عزائي الوحيد. لقد أحياني وأسهم في إكمالي المشوار».

تمسّكت سمية بعلبكي بالأغنية الأصيلة فاتخذتها هوية لا تتنازل عنها. جميع أعمالها الفنية تتسّم بالرقي والطرب الأصيل. يحلّق معها سامعها في سماء يكمن ازرقاقها بصوتها الشجي. هل شكّلت هويتها هذه عائقاً لانتشار أوسع؟ ترد: «لقد تربيت في منزل فني بامتياز يقوم على الأصالة. والدي ووالدتي الراحلان زرعا في داخلي حب الفن الحقيقي غير المستهلك، فكانا أول من شجعني على دخول الفن. تمحور حلم والدي على رؤيتي فنانة تعتلي المسرح وتغني الأصالة. وما أقوم به ينبع من داخلي ومن شغفي للفن، ولا أستطيع يوماً تغيير هويتي هذه».

تحضّر أغنية جديدة من ألحان الراحل إحسان المنذر (سمية بعلبكي)

وما تلاحظه اليوم على الساحة هو توارث هذا الفن عند مواهب الغد. «يلفتني غناء مواهب صغيرة في برامج الهواة للأغنية الطربية. هم يؤدونها بأسلوب رائع يستوقفني. فهو أمر يفرّحني بحد ذاته؛ كون الأغنية الطربية لها مكانتها في هذا النوع من البرامج، ويتربى الجيل الجديد عليها. أصوات رائعة سمعناها في السنوات الأخيرة. وأتمنى أن تلاقي الفرص المناسبة كي تبدع وتتألّق».

ولكن هل شعرت بالإحباط أو الخيبة في لحظات معينة؟ «لكل منا لحظات من هذا النوع. أصبت بخيبات كثيرة وواجهت معاكسات مختلفة وفقدان فرص مؤاتية، وأصعب هذه اللحظات هي تلك التي يغيب فيها التقدير. ولكنني أعود وأنتصب دائماً وأبذل الجهد من جديد. لم أعرف يوماً (البزنس) في الفن لأني مسكونة بالموسيقى الأصيلة. فهي جزء لا يتجزأ من كياني ووجودي».

سبق وتم تكريم سمية بعلبكي بجوائز عدة، ولكن لجائزة الـ«موركس دور» نكهتها الخاصة لا سيما أنها جاءت بعد حرب منهكة. في بداية مسارها حازت على جائزة «الميكروفون الذهبي» في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كان ذلك في عام 1994 في تونس. جرى تكريمها إلى جانب مجموعة من المغنين مثل أنغام وصابر الرباعي وأمل عرفة وغيرهم.

وتختم: «كانت روح المنافسة الحلوة تحضر في تلك الحقبة، وكانت الجوائز التكريمية قليلة وتحمل معاني كثيرة. ولكن اليوم مع جائزة (موركس دور) وفي حفل لبناني بامتياز النكهة تختلف. أهديتها لوالدي الراحلين تكريماً لعطائهما الفني، فانطبع الحدث بالأمل والشعور بغدٍ أفضل نترقبه رغم كل شيء».

تستعد سمية بعلبكي لإصدار مجموعة أغنيات جديدة. وتخبر «الشرق الأوسط» عنها: «قبل الحرب كنت أحضّر لأغنية بعنوان (يعني ارتحت)، من كلمات منير بو عساف وألحان بلال الزين. وعندما انتهينا من تصويرها اندلعت الحرب، فامتنعت عن إصدارها في ظروف مماثلة. وهي تتناول قصة المرأة المعنّفة. وأفكّر بإطلاقها قريباً في الأشهر القليلة المقبلة. كما أن هناك قصيدة للراحل نزار قباني أنوي غناءها. وهي من ألحان المبدع الراحل إحسان المنذر. كما ندرس وأخي المايسترو لبنان بعلبكي إمكانية إقامة حفل موسيقي في بيروت احتفالاً بلبنان الصلابة».