فنانة بلجيكية تنثر تراث الشعر السعودي على لوحاتها

«قصائد مرئية» تعبر عن تأثر بالحضارة المحلية

لوحات فنية مصنوعة يدويا من الإسمنت ومزينة بقطع الكروم والنحاس
لوحات فنية مصنوعة يدويا من الإسمنت ومزينة بقطع الكروم والنحاس
TT

فنانة بلجيكية تنثر تراث الشعر السعودي على لوحاتها

لوحات فنية مصنوعة يدويا من الإسمنت ومزينة بقطع الكروم والنحاس
لوحات فنية مصنوعة يدويا من الإسمنت ومزينة بقطع الكروم والنحاس

تختلف طرق العرض الفني من معرض لآخر ومن رؤية الفنان بذاته، إلا أن البلجيكية ليتيسيا دي كليرك كسرت حاجز الفن التشكيلي المرتكز على التراث لاسيما التراث السعودي، حيث مقر إقامتها الحالي. ومن خلال معرضها الأول بالسعودية وتحديداً بصالة معرض الفن النقي بالرياض، اختارت الفنانة دي كليرك مسمى "قصائد مرئية" للمعرض، وكل عمل فيه يحمل في طياته تجربة مستقلة تعبر عن ارتجال فني جميل، بنقوش استوحتها من القطع الفنية المعروضة في المتحف الوطني السعودي، ورسمتها على اللوحات الفنية المصنوعة يدويا من الإسمنت والمزينة بقطع الكروم والنحاس، ليبرز البعد التجريدي والسمة العامة للمعرض. وتظهر إيقاعات العمل، عبر تدرج الحبر، الأسود مكونة على حد قولها "حلما معبرا في قصيدة شعر" من خلال تضاد واضح في الألوان بين البراق والغامق.
ليتيسيا دي كليرك متخصصة في التصميم الرقمي (الجرافيكي) من كلية سنترال سانت مارتينز في العاصمة البريطانية لندن، حيث لم يحل عملها بالتصميم على الحاسوب دون عشقها لبدء أعمالها الفنية من الصفر، فهي لا تحبذ ابتياع اللوحات الجاهزة والرسم عليها، وإنما تجهزها يدوياً بخامات مختلفة، ليظهر العمل بشكل متكامل تصميماً ورسماً، وهندسة من خلال استخدام مواد البناء كالإسمنت الذي يعطي اللوحة الشكل الثلاثي الأبعاد.
شاركت الفنانة البلجيكية في عدة معارض مشتركة وأقامت معارض خاصة، إلا أن معرض "قصائد مرئية" شكل سلسلة من الأعمال الفنية المستوحاة من الحضارة السعودية، بحثا عن إيقاع عاطفي، وقراءة لما بين الأسطر من رموز وعلامات وحروف عربية يمكن جمعها في قطعة واحدة.
وقد التقت «الشرق الأوسط» بليتيسيا دي كليرك في معرضها، حيث ذكرت في حديثها حول المعرض: "أقيم في السعودية منذ أكثر من عامين، تأثرت خلالها بالبعد الحضاري في الحياة اليومية، وأشرت له في لوحاتي بالألوان البراقة كالذهبي والفضي كما شعرت به تماماً". وأشارت كليرك إلى أنه من خلال بحثها المستمر لاحظت بأن الفنون الشعبية في السعودية تركزت على الموسيقى والرقصات الفلكلورية والشعر. وتستطرد كليرك حول ملهمها الأول في لوحاتها قائلة: "الشعر سرق اهتمامي، وركزت عليه أثناء عملي وبحثت عنه كثيراً، وأدركت بأن الشعر أحياناً يُغنى أو يلحن عند إلقائه أو يرفق بموسيقى عذبة، وهذا ما أردت إبرازه بشكل كبير في أعمالي بالمعرض". وتضيف: " استخدمت ألوان الباستيل الزيتية والجافة، والحبر الأسود للكتابة، مع استخدام ورق الذهب والألمنيوم الذهبي ليضفي على العمل لمسة براقة وبعدا مختلفا".



محمد ثروت: الجمهور مشتاق لزمن الغناء الأصيل

مع مطربي حفل روائع عبد الوهاب في صورة تذكارية (هيئة الترفيه)
مع مطربي حفل روائع عبد الوهاب في صورة تذكارية (هيئة الترفيه)
TT

محمد ثروت: الجمهور مشتاق لزمن الغناء الأصيل

مع مطربي حفل روائع عبد الوهاب في صورة تذكارية (هيئة الترفيه)
مع مطربي حفل روائع عبد الوهاب في صورة تذكارية (هيئة الترفيه)

صدى كبير حققه حفل «روائع محمد عبد الوهاب» في «موسم الرياض»، سواء بين الجمهور أو مطربي الحفل، ولعل أكثرهم سعادة كان المطرب المصري محمد ثروت ليس لحبه وتقديره لفن عبد الوهاب، بل لأنه أيضاً تلميذ مخلص للموسيقار الراحل الذي لحن له 12 أغنية وقد اقترب ثروت كثيراً منه، لذا فقد عدّ هذا الحفل تحية لروح عبد الوهاب الذي أخلص لفنه وترك إرثاً فنياً غنياً بألحانه وأغنياته التي سكنت وجدان الجمهور العربي.

يستعد ثروت لتصوير أغنية جديدة من ألحان محمد رحيم وإخراج نجله أحمد ثروت ({الشرق الأوسط})

وقدم محمد ثروت خلال الحفل الذي أقيم بمسرح أبو بكر سالم أغنيتين؛ الأولى كانت «ميدلي» لبعض أغنياته على غرار «امتى الزمان يسمح يا جميل» و«خايف أقول اللي في قلبي» وقد أشعل الحفل بها، والثانية أغنية «أهواك» للعندليب عبد الحليم حافظ وألحان عبد الوهاب.

وكشف ثروت في حواره مع «الشرق الأوسط» عن أن هذا الكوكتيل الغنائي قدمه خلال حياة الموسيقار الراحل الذي أعجب به، وكان يطلب منه أن يغنيه في كل مناسبة.

يقول ثروت: «هذا الكوكتيل قدمته في حياة الموسيقار محمد عبد الوهاب وقد أعجبته الفكرة، فقد بدأت بموال (أشكي لمين الهوى والكل عزالي)، ودخلت بعده ومن المقام الموسيقي نفسه على الكوبليه الأول من أغنية (لما أنت ناوي تغيب على طول)، ومنها على أغنية (امتى الزمان يسمح يا جميل)، ثم (خايف أقول اللي في قلبي)، وقد تعمدت أن أغير الشكل الإيقاعي للألحان ليحقق حالة من البهجة للمستمع بتواصل الميدلي مع الموال وأسعدني تجاوب الجمهور مع هذا الاختيار».

وحول اختياره أغنية «أهواك» ليقدمها في الحفل، يقول ثروت: «لكي أكون محقاً فإن المستشار تركي آل الشيخ هو من اختار هذه الأغنية لكي أغنيها، وكنت أتطلع لتقديمها بشكل يسعد الناس وساعدني في ذلك المايسترو وليد فايد، وجرى إخراجها بالشكل الموسيقي الذي شاهدناه وتفاعل الجمهور معها وطلبوا إعادتها».

وبدا واضحاً التفاهم الكبير بين المايسترو وليد فايد الذي قاد الأوركسترا والفنان محمد ثروت الذي يقول عن ذلك: «التفاهم بيني وبين وليد فايد بدأ منذ عشرات السنين، وكان معي في حفلاتي وأسفاري، وهو فنان متميز وابن فنان، يهتم بالعمل، وهو ما ظهر في هذا الحفل وفي كل حفلاته».

تبدو سعادته بهذا الحفل أكبر من أي حفل آخر، حسبما يؤكد: «حفل تكريم الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب أعاد الناس لمرحلة رائعة من الألحان والأغنيات الفنية المتميزة والعطاء، لذا أتوجه بالشكر للمستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، على الاهتمام الكبير الذي حظي به الحفل، وقد جاءت الأصداء عالية وشعرت أن الجمهور مشتاق لزمن الغناء الأصيل».

ووفق ثروت، فإن عبد الوهاب يستحق التكريم على إبداعاته الممتدة، فرغم أنه بقي على القمة لنحو مائة عام فإنه لم يُكرّم بالشكل الذي يتلاءم مع عطائه.

ويتحمس ثروت لأهمية تقديم سيرة عبد الوهاب درامياً، مؤكداً أن حياته تعد فترة ثرية بأحداثها السياسية والفنية والشخصية، وأن تقدم من خلال كاتب يعبر عن كل مرحلة من حياة الموسيقار الراحل ويستعرض من خلاله مشوار الألحان من عشرينات القرن الماضي وحتى التسعينات.

يستعيد محمد ثروت ذكرى لقائه بـ«موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب، قائلاً: «التقيت بالأستاذ واستمع لغنائي وطلب مني أن أكون على اتصال به، وتعددت لقاءاتنا، كان كل لقاء معه به إضافة ولمسة ورؤية وعلم وأشياء أستفيد بها حتى اليوم، إلى أن لحن أوبريت (الأرض الطيبة) واختارني لأشارك بالغناء فيه مع محمد الحلو وتوفيق فريد وإيمان الطوخي وسوزان عطية وزينب يونس، ثم اختارني لأغني (مصريتنا حماها الله) التي حققت نجاحاً كبيراً وما زال لها تأثيرها في تنمية الروح الوطنية عند المصريين».

ويشعر محمد ثروت بالامتنان الكبير لاحتضان عبد الوهاب له في مرحلة مبكرة من حياته مثلما يقول: «أَدين للموسيقار الراحل بالكثير، فقد شرفت أنه قدم لي عدة ألحان ومنها (مصريتنا) (عينيه السهرانين)، (عاشت بلادنا)، (يا حياتي)، (يا قمر يا غالي)، وصارت تجمعنا علاقة قوية حتى فاجأني بحضور حفل زواجي وهو الذي لم يحضر مثل هذه المناسبات طوال عمره».

يتوقف ثروت عند بعض لمحات عبد الوهاب الفنية مؤكداً أن له لمسته الموسيقية الخاصة فقد قدم أغنية «مصريتنا» دون مقدمة موسيقية تقريباً، بعدما قفز فيها على الألحان بحداثة أكبر مستخدماً الجمل الموسيقية القصيرة مع اللحن الوطني العاطفي، مشيراً إلى أن هناك لحنين لم يخرجا للنور حيث أوصى الموسيقار الراحل أسرته بأنهما لمحمد ثروت.

يتذكر محمد ثروت نصائح الأستاذ عبد الوهاب، ليقدمها بدوره للأجيال الجديدة من المطربين، مؤكداً أن أولاها «احترام فنك الذي تقدمه، واحترام عقل الجمهور، وأن الفنان لا بد أن يكون متطوراً ليس لرغبته في لفت النظر، بل التطور الذي يحمل قيمة»، مشيراً إلى أن الأجيال الجديدة من المطربين يجب أن تعلم أن الفن يحتاج إلى جدية ومثابرة وإدراك لقيمة الرسالة الفنية التي تصل إلى المجتمع فتستطيع أن تغير فيه للأفضل.

ويستعد ثروت لتصوير أغنية جديدة من ألحان محمد رحيم، إخراج نجله أحمد ثروت الذي أخرج له من قبل أغنية «يا مستعجل فراقي». كل لقاء مع «موسيقار الأجيال» كانت به إضافة ولمسة ورؤية وعلم وأشياء أستفيد بها حتى اليوم