الاقتصاد السعودي تأقلم مع تقلبات النفط... و{أساساته قوية}

وزارة المالية: وكالة «فيتش» رفعت نظرتها المستقبلية إلى «مستقرة»

إيرادات السعودية العام الماضي فاقت التوقعات وسجلت 140.8 مليار دولار («الشرق الأوسط»)
إيرادات السعودية العام الماضي فاقت التوقعات وسجلت 140.8 مليار دولار («الشرق الأوسط»)
TT

الاقتصاد السعودي تأقلم مع تقلبات النفط... و{أساساته قوية}

إيرادات السعودية العام الماضي فاقت التوقعات وسجلت 140.8 مليار دولار («الشرق الأوسط»)
إيرادات السعودية العام الماضي فاقت التوقعات وسجلت 140.8 مليار دولار («الشرق الأوسط»)

أكدت وزارة المالية السعودية أن اقتصاد البلاد يرتكز على أساسات قوية، مشيرةً إلى أن أصول النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي تُقدّر بنحو 84 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يشكّل ثالث أكبر نسبة من حيث الناتج المحلي الإجمالي عالمياً.
وتأتي هذه التأكيدات الجديدة في الوقت الذي يُعتَبَر فيه الاقتصاد السعودي واحداً من أهم اقتصادات دول العالم التي منحتها وكالات التصنيف الدولية نظرة مستقبلية «مستقرة». يأتي ذلك على الرغم من الانخفاضات الحادة التي شهدتها أسعار النفط خلال الفترة الماضية.
وتعكس هذه الموثوقية العالية التي تطلقها وكالات التصنيف الدولية تجاه الاقتصاد السعودي، مدى ثقة هذه الوكالات في قدرة اقتصاد المملكة من الانتقال إلى مرحلة ما بعد النفط، وهو الانتقال الحيوي الذي تنص عليه «رؤية المملكة 2030».
وفي هذا الخصوص، ذكرت وزارة المالية السعودية أن وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني قامت بترقية نظرتها المستقبلية من «سلبية» إلى «مستقرة»، مشيرة إلى أن التخفيض الأخير في التقييم السيادي اعتمد على تحليل كمي ومؤشرات رقمية.
وأضافت الوزارة أن إيرادات 2016 المقدرة فاقت التوقعات، مسجلة 528 مليار ريال (140.8 مليار دولار)، فيما كان نصيب القطاع غير النفطي منها 199 مليار ريال (53 مليار دولار)، تمثل ما نسبته 38 في المائة من إجمالي الإيرادات.
وقالت «المالية السعودية» في بيان صحافي، أمس: «شهد عام 2016 إطلاق رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020، اللذين يسهمان (إضافة إلى عدد من المبادرات الأخرى الجادة) في تحقيق ميزانية متوازنة بحلول 2020». وأضافت: «كما عززت الحكومة من قدرات التمويل من خلال الاستفادة الناجحة (ولأول مرة) من أسواق الدين الخارجية، وفتح أسواق رأس المال المحلية أمام المستثمرين الأجانب».
وأشارت الوزارة إلى أن السياسات النفطية للمملكة أسفرت عن زيادة استقرار أسعار النفط العالمية، وقالت: «كما تأقلم الاقتصاد السعودي مع تقلبات أسعار النفط من خلال اعتماد أسعار نفط متوازنة وأكثر استدامة».
وفي هذا الشأن، قال محمد الجدعان وزير المالية السعودي: «يقوم الاقتصاد السعودي على ركائز متينة، حيث تُقدّر أصول النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي بنحو 84 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثالث أكبر نسبة من حيث الناتج المحلي الإجمالي عالمياً، كما أن الأصول الحكومية العامة تتجاوز الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 100 في المائة».
وأضاف الوزير أنه «من خلال (رؤية 2030)، قمنا بإطلاق كثير من المبادرات الرامية لتعزيز هيكلية الاقتصاد، وتمثل الهدف الرئيسي منها في تقليص الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل وتحفيز التنويع الاقتصادي، كما أحرزت الحكومة تقدماً كبيراً في مجال تحسين الكفاءة من خلال الترشيد وضبط سياسات الإنفاق»، متابعاً: «كان لتقوية آليات الحوكمة، وإضفاء الطابع المؤسسي على الإصلاحات الهيكلية وتعزيز الشفافية... دور في إنجاح هذه الجهود».
يُشار إلى أنه في مؤشر مهم على ثقة العالم بالاقتصاد السعودي، بلغت مستويات الطلب الدولية على السندات الحكومية السعودية التي تم طرحها في وقت سابق أرقاماً مرتفعة، مقابل حجم السندات المطروحة، حيث تكشف الأرقام عن أن حجم الطلب بلغ 67 مليار دولار، مقابل حجم سندات بلغ 17.5 مليار دولار، مما يعني أن حجم الطلب إلى العرض يوازي 382 في المائة.
ويكشف حجم ارتفاع الطلب العالمي على السندات الحكومية السعودية، معدلات التعطش العالية التي تظهرها رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في السندات الحكومية السعودية، وسط مؤشرات دولية تؤكد أن الاقتصاد السعودي، رغم تراجع مستوى النمو خلال عام 2016، سيحقق معدلات نمو أفضل حالاً خلال العام الحالي (2017).
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي أصبحت فيه السعودية اليوم بثقلها الاقتصادي العالمي واجهة جديدة للاستثمارات، وعنواناً بارزاً على صعيد الإصلاحات الاقتصادية، ففي الوقت الذي انخفضت فيه متوسطات أسعار النفط خلال العام الماضي إلى ما دون مستويات الـ50 دولاراً، أطلقت المملكة رؤيتها الطموحة «2030» لمرحلة ما بعد النفط، وهي المرحلة التي ستغير خريطة الاستثمار، وتحفظ فرص استدامة نمو الاقتصاد.
وتعتبر السندات الحكومية أكثر قنوات التمويل التي تتوجه لها الدول ذات التصنيفات الائتمانية المستقرة، حيث تتمكن الدول المتجهة إلى إصدار السندات الحكومية من الحصول على التمويل المالي اللازم، بأفضل الهوامش الربحية، مما يحفظ لها استدامة احتياطياتها الأجنبية، ويدعم في الوقت ذاته نمو الاقتصاد المحلي.
وترتكز السعودية على قوة مالية واحتياطيات أجنبية كبيرة، كما أنها حافظت على تصنيفها الائتماني المريح من وكالات دولية عدة، يأتي ذلك على الرغم من الانخفاض الحاد في أسعار النفط، حيث تمثل الإصلاحات الاقتصادية السبب الرئيسي في الحفاظ على الموقف الائتماني الإيجابي.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».