الحكومة التركية ماضية في متابعة «ملف غولن» وإجراءات تطهير في الإدارات الرسمية

محاميه لـ {الشرق الأوسط} : لا مذكرات توقيف.. والسلطة توهم الرأي العام

جانب من المواجهات بين معارضين اتراك والشرطة التي استعملت الغاز المسيل للدموع في إسطنبول لتفريقهم بمناسبة عيد العمال أمس (إ.ب.أ)
جانب من المواجهات بين معارضين اتراك والشرطة التي استعملت الغاز المسيل للدموع في إسطنبول لتفريقهم بمناسبة عيد العمال أمس (إ.ب.أ)
TT

الحكومة التركية ماضية في متابعة «ملف غولن» وإجراءات تطهير في الإدارات الرسمية

جانب من المواجهات بين معارضين اتراك والشرطة التي استعملت الغاز المسيل للدموع في إسطنبول لتفريقهم بمناسبة عيد العمال أمس (إ.ب.أ)
جانب من المواجهات بين معارضين اتراك والشرطة التي استعملت الغاز المسيل للدموع في إسطنبول لتفريقهم بمناسبة عيد العمال أمس (إ.ب.أ)

نفى مسؤولون أتراك وأعضاء في حركة «خدمة» التي يرأسها الداعية التركي فتح الله غولن وجود ملاحقة قضائية بحق الداعية الذي قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان هذا الأسبوع، إن بلاده تعتزم طلب استرداده من الولايات المتحدة التي يقيم فيها منذ التسعينات بتهمة «التحضير لانقلاب على السلطات الشرعية»، غير أن الحكومة التركية تبدو ماضية في خطتها لـ«تطهير» مؤسسات الدولة من مناصريه، بعد اتهامهم بممارسة نشاطات تؤدي إلى إقامة دولة من ضمن الدولة، أو ما يعرف بـ«الهيكلية الموازية».
وفي حين أكد مسؤول رفيع في وزارة الخارجية لـ«الشرق الأوسط» أنه لا إجراءات رسمية تركية بعد لملاحقة غولن، أكدت مصادر قضائية تركية، أن النيابة العامة لم تفتح أي تحقيق بحق غولن، على الرغم من معلومات جرى تداولها في الصحف التركية عن أن «مواطنا صالحا» تركيا رفع دعوى بحق غولن بتهمة «التخابر مع دولة أجنبية»، وأن النيابة العامة بدأت تحقيقاتها في القضية، كما نفى محامي كولن نور الله البيراق لـ«الشرق الأوسط» وجود أي تحقيقات قضائية جارية متعلقة بموكله، كما لا توجد أي أوامر اعتقال أو ضبط وإحضار ضده. وعد ما يجري هو «حملة من الإعلام الموالي لخداع الناس». وينص قانون الجزاء التركي على عقوبات من 20 عاما حتى المؤبد على من يشارك في انقلاب على الشرعية.
وقالت صحيفة «زمان» التركية الموالية لغولن، إن بعض الصحف الموالية قد استغلّت تصريحات رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان التي كشف فيها عن طلبه من واشنطن تسليم الأستاذ غولن، فغدت تزوّر الحقائق وتنشر الأكاذيب وتدّعي أن النيابة العامة في أنقرة قد فتحت تحقيقا قضائيًا بحقه. ولفتت الصحيفة إلى أن عددًا من النيابات العامة في تركيا قد تلقّت الكثير من الدعاوى القضائية، غير أنها تُلقِي عليها نظرة روتينية فقط، ولا تفتح تحقيقًا لعدم وجود أدلة عليها.
وقالت مصادر رسمية تركية، إن أنقرة مصرة على متابعة ملف التنصت الذي تتهم به جماعة غولن حتى النهاية. وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الإجراءات القانونية سوف تأخذ مجراها، فإذا ثبت تورط الجماعة سيجري اتخذا الإجراءات اللازمة بحق كل المتورطين. وأوضحت المصادر، أن ملف التنصت على المسؤولين الأتراك وفي مقدمتهم رئيس الدولة عبد الله غل، ورئيس الوزراء وعشرات الوزراء والنواب والموظفين والصحافيين أمر من الخطورة بمكان، لا يمكن معه التغاضي عنه. وقالت إن شعبة مكافحة الإرهاب تحقق في قضية رفعها مواطن صالح بحق غولن، وهي تقوم بعملها بكل جدية لكشف صحتها من عدمها». وكشفت المصادر عن «إجراءات يجري اتخاذها على مستوى الإدارة التركية من أجل (تنظيفها) من (عملاء الخارج)»، في إشارة غير مباشرة إلى مناصري غولن.
وقالت مصادر تركية في هذا الإطار لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة تنوي إقالة جميع الذين شاركوا من قريب أو بعيد في تحقيقات ما عرف بـ«الفساد» في 17 و25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما ستقوم بإيقاف ملفات الفساد التي ستصل إلى البرلمان بحق الوزراء الأربعة.
وقال البيراق ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن الملاحقة القضائية بحق موكله: «أولا أريد أن أركز على أنه لا توجد أي خطوات رسمية حول استرداد الشيخ فتح الله كولن، فقط ما يجري الآن هي حملة من بعض وسائل الإعلام الموالية للحكومة لخداع الرأي العام، وإيهامه بأن الدولة تقوم الآن بمعاملات استرداد الشيخ فتح الله من الولايات المتحدة». وأضاف: «من أجل استرداد أي متهم يجب أن تبدأ عمليات المحاكمة في تركيا، وقبل هذا يجب أن تكون هناك دعوى قضائية وإلى هذا الوقت لا يوجد مثل هذا، ومن ثم يبدأ الدفاع عن المتهم وبعد انتهاء الدفاع تعطي المحكمة قرارها، ومن ثم تتيح للدفاع الاستئناف وعندما تقر محكمة التمييز الحكم يرسل عن طريق وزارة العدل إلى الخارجية التي ترسله بدورها إلى الخارجية الأميركية التي ترسل المذكرة للقضاء الأميركي الذي هو أيضا ينظر هل توجد مبررات كافية لإعادة المتهم أم لا».
ورأى البيراق أن التحقيقات التي بدأها مدعي عام الجمهورية في أنقرة «هي نتيجة بلاغ بعريضة قدمه أحد المواطنين في مدينة سكاريا وهو شخص اعتاد أن يرفع دعاوى ضد كل شخص لا يروق له»، مؤكدا أن الدعوى ليست فقط ضد الشيخ غولن.. «ففي العريضة يطلب المواطن فتح تحقيق ضد رئيس الوزراء رجب إردوغان وضد الشيخ فتح الله غولن وضد الكثير من الوزراء ونواب البرلمان»، مشيرا إلى أن الشكوى «لا تستند إلى أي مذكرة أو دليل مادي، فقط ما تردد في وسائل الإعلام ذكره كدليل.
ومثل هذه الشكاوى والادعاءات الجميع يعرف بأنها لا تلقى أي اهتمام من قبل المدعي العام، ولكن شكوى هذا الرجل أخذها المدعي على محمل الجدية وهذا يطرح تساؤلات. وأضاف: «فلنفترض أنه يوجد ادعاء وأدلة قوية لفتح تحقيق في هذه الشكوى، فإنه يجب عليهم في البداية رفع قضية في محكمة الصلح يطالبون فيها بتقديم الأدلة لطلب استرداد الشيخ، من ثم سيقوم الادعاء بالدفاع عن الشيخ، ومن ثم إذا اتخذت المحكمة قرار اعتقال فإن المدعي العام سيطلب من وزارة العدل اتباع الخطوات الرسمية التي ذكرتها في السابق» ليخلص إلى التأكيد أن إصدار قرار الاسترداد ليس بالهين، وإنما يستمر لمدة زمنية طويلة جدا»، مشددا على أنه «لا يمكن لأي مدعٍ عام في تركيا أن يعتمد على عناوين الصحف والمجلات ونشرات الأخبار لفتح دعوى». ورأى البيراق أن «التهم الموجهة في الشكوى هي عبارة عن الكلمات التي كان يطلقها إردوغان في حملاته الانتخابية في الميادين، ومن أهمها هي اعتباره اعتقالات عملية الفساد في الـ17 والـ25 من ديسمبر هي انقلاب على الشرعية قام بتدبيره الشيخ فتح الله غولن، لكن مر على هذه الأحداث أكثر من أربعة أشهر وإلى حتى الآن لم يعلن أي مسؤول في الحكومة أن لديه أي دليل قاطع على أنه كان يحضر لانقلاب في تركيا».
وبدوره، قال ترجان بآش ترك السكرتير العام لـ«ميديا لوغ» إحدى مؤسسات حركة الخدمة أن الإعلام الموالي والسياسيين الأتراك يروجون لمثل هذه الدعايات للاستهلاك السياسي المحلي، ويحاولون اختلاق زوبعة في ملعقة مياه. وأضاف: «قام النظام السابق العلماني المدعوم من العسكر بفتح دعاوى قضائية بين عام 1999 وحتى عام 2009 ضد الشيخ، واستمرت هذه المحاكم نحو عشرة أعوام، وأصدرت المحاكم قرارات براءة في جميع التهم الموجهة للشيخ، ومحاكم الاستئناف أقرت قرارات البراءة، والآن بعض الأوساط يحاولون يحاول إعادة فتح تلك القضايا».
وقال: «من حق أي إنسان في العالم وتركيا أن يفتح دعاوى قضائية ضد أي إنسان، فلو نظرنا إلى تركيا فإن رئيس الوزراء إردوغان توجد ضده العشرات من القضايا في المحاكم، كما يوجد بحق العشرات من النواب والوزراء ورؤساء أحزاب المعارضة، ولكن هذا لا يعني أنهم مذنبون». ويستغرب كيف يبدأ الإعلام الموالي حملة ضد شخص لم يصدر بحقه أي قرار قضائي، وكان إلى فترة قصيرة أي قبل ثمانية أشهر يتصل به رئيس الوزراء إردوغان ويقول له: «هل تأمرني بشيء شيخينا الجليل»، فهل لم يكن يعي بأن هذا الإنسان رئيس لمنظمة إرهابية تريد قلب النظام في تركيا، حسب ادعائهم، إلا بعد فضيحة الفساد التي أطاحت بأربعة وزراء له؟».
ورأى أن السبب الحقيقي من وراء الحملة الشعواء التي «تشنها الحكومة والموالون لها ضد حركة خدمة هي أننا كحركة أعلنا مبادئنا منذ زمن طويل، أي قبل 20 عاما وهي دمقرطة تركيا، وحرية الرأي وحرية اعتناق المبادئ، ووضع تركيا على طريق الانضمام للاتحاد الأوروبي ومكافحة الفساد وحرية العبادة وحرية التعبير عنها بكل الوسائل». وقال: «ولكن في الفترة الأخيرة نرى أن حزب العدالة والتنمية بدأ يتراجع عن هذه المبادئ واحدة بعد الأخرى.. المشكلة في العدالة والتنمية التي تتباهى بالقاعدة الجماهيرية التي تعطيه الأغلبية في تركيا وضرب بعرض الحائط مبادئ الليبرالية والديمقراطية، وهي الآن في طريقها إلى الديكتاتورية».



بكين تُعزز انتشارها العسكري حول تايوان

جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
TT

بكين تُعزز انتشارها العسكري حول تايوان

جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

عزّزت الصين انتشارها العسكري حول تايوان خلال الساعات الـ24 الماضية، مع إرسالها 53 طائرة عسكرية و19 سفينة، وفق ما أفادت به، الأربعاء، سلطات الجزيرة، واصفة بكين بأنها «مثيرة مشاكل».

وتُعدّ الصين تايوان جزءاً من أراضيها، وتؤكد عزمها على إعادة ضمها مستقبلاً، حتى لو بالقوة.

وتعود جذور النزاع بين تايوان والصين إلى عام 1949، عندما فرّت القوى القومية بقيادة تشانغ كاي تشيك إلى الجزيرة، إثر هزيمتها في برّ الصين الرئيس أمام القوى الشيوعية، بقيادة ماو تسي تونغ.

حاملة الطائرات الصينية «لياونينغ» ومجموعتها القتالية خلال تدريبات في أكتوبر 2024 (موقع الجيش الصيني)

وقالت تايوان، الأربعاء، إنها رصدت خلال الـ24 ساعة الماضية 53 طائرة عسكرية صينية و19 سفينة حول الجزيرة، في إطار تنفيذ الجيش الصيني أكبر انتشار بحري له منذ سنوات.

وقالت وزارة الخارجية التايوانية في بيان: «تُولّد هذه التصرفات حالة من عدم اليقين وأخطاراً في المنطقة، وتتسبب في اضطرابات للدول المجاورة، وتؤكد أن الصين مثيرة مشاكل تُهدد السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن الولايات المتحدة تراقب الوضع، وستضمن «ألا يقوم أحد بأي شيء لتغيير الوضع القائم في مضيق تايوان».

وأضاف، الأربعاء، لصحافيين في قاعدة أميركية في اليابان: «نقولها مجدداً، سياستنا لم تتغير. سنواصل بذل كل ما في وسعنا لمساعدة تايوان في الحصول على وسائل للدفاع عن نفسها».

وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان: «إن الطائرات والسفن، وبينها 11 سفينة حربية، رصدت خلال فترة 24 ساعة انتهت في الساعة السادسة صباحاً (22.00 ت.غ الثلاثاء)».

لقطة من فيديو للجيش الصيني تُظهر ضابطاً ينظر للأفق عبر منظار مكبر على متن قطعة بحرية (أرشيفية - الجيش الصيني)

وهذا أعلى عدد من الطائرات والسفن الصينية التي ترصدها تايوان منذ المناورات العسكرية التي نظمتها بكين في أكتوبر (تشرين الأول) ردّاً على خطاب الرئيس لاي تشينغ تي، في العيد الوطني لتايوان قبل أيام من ذلك. وعند انتهاء تلك المناورات، رُصِد عدد قياسي، بلغ 153 طائرة صينية، في يوم واحد قرب الجزيرة، إضافة إلى 14 سفينة صينية.

والثلاثاء، أعلنت تايوان أنها رصدت حول الجزيرة خلال الساعات الـ24 الماضية 47 طائرة عسكرية، و12 سفينة حربية صينية، وذلك بعيد أيام من انتهاء جولة خارجية قام بها الرئيس التايواني لاي تشينغ تي، وأدانتها بكين بشدّة.

جنود من الجيش الصيني خلال التدريبات (أرشيفية - موقع الجيش الصيني)

وفي المجموع، نشرت بكين نحو 90 سفينة على مساحة أوسع، في مياه بحر الصين الشرقي والجنوبي، وكذلك في مضيق تايوان الذي يفصل الجزيرة عن البر الرئيس للصين، فيما وصفته تايبيه بأنها من كبرى المناورات البحرية منذ سنوات.

وقامت هذه السفن (60 سفينة حربية، و30 أخرى تابعة لخفر السواحل الصينيين) بمحاكاة مهاجمة سفن أجنبية، وتعطيل طرق شحن في المياه المحيطة بتايوان «لرسم خط أحمر» قبل تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، وفق ما أوضح مسؤول أمني تايواني.

ولم يُعلن الجيش الصيني ووسائل الإعلام الحكومية الصينية عن زيادة النشاط في هذه المناطق.

لكن ناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية صرّحت، الثلاثاء، بأن الصين «ستدافع بقوة» عن سيادتها.

مقاتلة تظهر خلال دورية الاستعداد القتالي والتدريبات العسكرية حول جزيرة تايوان التي نفذها الجيش الصيني (أرشيفية - أ.ب)

وتأتي هذه المناورات بعد أيام من انتهاء جولة قام بها الرئيس التايواني، وشملت منطقتين أميركيتين هما هاواي وغوام، وأثارت غضباً صينياً عارماً، وتكهّنات بشأن ردّ محتمل من جانب بكين.

وكانت جولة لاي في المحيط الهادئ أول رحلة خارجية له منذ تولّيه منصبه في مايو (أيار).

وخلال جولته، أجرى لاي مكالمة هاتفية مع رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، ما أثار غضب بكين.

وتتهم الصين لاي، مثل الرئيسة السابقة تساي إنغ وين، بالرغبة في تعميق الانفصال الثقافي مع القارة، منددة بالتصرفات «الانفصالية».

وتايوان التي تحظى بحكم ذاتي تُعدها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وتعارض أي اعتراف دولي بالجزيرة، وكونها دولة ذات سيادة.

وبكين، التي تعارض أيّ اتصال رسمي بين تايبيه ودول أجنبية، دانت «بشدة» جولة لاي، وحضّت الولايات المتحدة على «التوقف عن التدخل في شؤون تايوان».

وكذلك، حذّرت بكين تايوان من أي محاولة «تهدف إلى الاستقلال بمساعدة الولايات المتحدة»، مؤكدة أنها «ستفشل».