عالم الموضة غير مستعد لاستراتيجية «العرض اليوم والبيع غداً»

من اقتراحات «رالف لورين» الذي لا يزال يتبنى الاستراتيجية الجديدة - من اقتراحات «رالف لورين» الذي لا يزال يتبنى الاستراتيجية الجديدة
من اقتراحات «رالف لورين» الذي لا يزال يتبنى الاستراتيجية الجديدة - من اقتراحات «رالف لورين» الذي لا يزال يتبنى الاستراتيجية الجديدة
TT

عالم الموضة غير مستعد لاستراتيجية «العرض اليوم والبيع غداً»

من اقتراحات «رالف لورين» الذي لا يزال يتبنى الاستراتيجية الجديدة - من اقتراحات «رالف لورين» الذي لا يزال يتبنى الاستراتيجية الجديدة
من اقتراحات «رالف لورين» الذي لا يزال يتبنى الاستراتيجية الجديدة - من اقتراحات «رالف لورين» الذي لا يزال يتبنى الاستراتيجية الجديدة

بعد أقل من 6 أشهر من تبنيهما استراتيجية «العرض اليوم والبيع غداً» تراجع كل من توم فورد وثاكون عنها، وأعلنا قرارهما العودة إلى الأسلوب التقليدي الذي يتمثل في العرض اليوم والبيع بعد ستة أشهر. وقد كان توم فورد من أشد المدافعين عن الاستراتيجية، قبل أن يعلن بعد عرضه الأخير أنه يريد أن يُعطي زبائنه فرصة لـ«هضم» ما يتابعونه على منصات العرض.
بدوره أعلن ثاكون بانيشغال توقفه عنها لحين ترتيب أوراقه، مضيفاً أنه مقتنع بأن الأسلوب التقليدي يحتاج إلى تغيير لكنه غير متأكد من أن الاستراتيجية الجديدة هي الحل المثالي. والسبب حسب قول كل من توم فورد وثاكون، أن السوق غير مستعدة لها بعد، على الأقل بالنسبة للمصممين الشباب أو الذين لا يمتلكون محلاتهم الخاصة في كل أنحاء العالم. فهي يمكن أن تنجح في حالة واحدة، وأن يتبع الكل الاستراتيجية نفسها حتى تتوافق تواريخ طرح مُنتجاتهم وإلا باءت بالفشل.
الأمر مختلف بالنسبة لبيوت الأزياء الكبيرة، مثل: «رالف لورين» و«بيربري» و«تومي هيلفيغر» من الذين لا يزالون مقتنعين بالاستراتيجية الجديدة، ويؤكدون أنهم يشهدون تزايداً في الأرباح بعد تبنيهم لها، لأنهم يمتلكون محلات مترامية في كل أنحاء العالم، وبالتالي لا يرتبطون بغيرهم، علماً بأن المشكلة، كما اكتشف أمثال توم فورد وثاكون، لا تكمن في عدم توفرهم على محلاتهم الخاصة فحسب، بل المشكلة تكمن أساساً في تأخر طرحهم منتجاتهم بشهر مقارنة بغيرهم. والسبب أن أسابيع الموضة تبدأ بعد شهر من وصول الأزياء التي تم عرضها منذ 6 أشهر إلى المحلات، ما يضعهم في مأزق. في حالة توم فورد مثلاً فإنه يحيط تشكيلاته بسرية تامة قبل عرضها أمام الحضور، وهو ما يزيد الأمر سوءاً؛ لا سيما أن المشترين يحتاجون للاطلاع عليها بوقت طويل. من هذا المنطلق بينت التجربة أنها غير عملية. تجدر الإشارة إلى أن الاستراتيجية الجديدة نادى بها كريستوفر بايلي، مصمم دار «بيربري» في العام الماضي، على أساس أن المرأة لا تريد الانتظار أشهراً قبل حصولها على قطعة تتداولها صفحات التواصل الاجتماعي وتستهلك على الإنستغرام، ما يُفقدها جاذبيتها. ووافقه الرأي الكثير من المصممين الذين رغبوا في ركوب الموجة قبل أن يكتشفوا جوانبها السلبية بالنسبة لكل واحد منهم.



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».