السراج يطالب أوروبا بدور أكبر لحل الأزمة السياسية في ليبيا

حفتر يأمر بالتحقيق في انتهاكات ضد أسرى اعتقلهم الجيش في بنغازي

جندي يجلس وسط أحد شوارع طرابلس بعد طرد الجماعات الإرهابية منها أمس (رويترز)
جندي يجلس وسط أحد شوارع طرابلس بعد طرد الجماعات الإرهابية منها أمس (رويترز)
TT

السراج يطالب أوروبا بدور أكبر لحل الأزمة السياسية في ليبيا

جندي يجلس وسط أحد شوارع طرابلس بعد طرد الجماعات الإرهابية منها أمس (رويترز)
جندي يجلس وسط أحد شوارع طرابلس بعد طرد الجماعات الإرهابية منها أمس (رويترز)

طالب فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، خلال زيارته إلى روما، أول من أمس، دول الاتحاد الأوروبي بأن تُسهِم بثِقَل أكبر في حل المشاكل السياسية والأمنية في ليبيا، وقال إن بلاده دولة عبور للهجرة، وليست مصدِّرة لها، موضحاً أنها أبدت استعداداً للتعاون لحماية المهاجرين، الذين يغامرون بأرواحهم، في ظل ثوابت سيادة الدولة الليبية وعدم المساس بها.
وأضاف السراج أن بلاده «تتطلع إلى شراكة حقيقية مع الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة، وأن تترجم بيانات الدعم والتعاون إلى أفعال على أرض الواقع»، معتبراً أن الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا سيكون له دور حاسم في مواجهة مشكلة الهجرة غير القانونية، حيث يساعد هذا الاستقرار في معالجة انتشار السلاح والحدّ من نشاط المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون وعصابات الجريمة المنظمة، بما فيها المتورطة في تهريب البشر والاتجار بهم.
وشدَّدَ السراج على أن المواطن الليبي يجب أن يشعر بالأثر الإيجابي للشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وألا يكون موضوع الهجرة وحده هو ما يشغل الأصدقاء الأوروبيين، دون الالتفات إلى معاناة المواطن الليبي القاسية اليومية.
وعقب محادثات السراج مع باولو جينتيلوني، رئيس الحكومة الإيطالية في روما، أعلن وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينّيتي، أن بلاده ستسلم ليبيا أول دفعة من زوارق الدورية التي كانت في عهدتها منذ عام 2011، بحلول منتصف مايو (أيار) المقبل. لكنه تحدث بشكل لافت للانتباه عن «إقامة مخيمات لاستقبال المهاجرين فيها بهدف ضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان».
في غضون ذلك، قال المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي المتمركز في شرق البلاد، إنه أصدر تعليمات بالتحقيق في انتهاكات ارتكبها مقاتلوه بعد ظهور صور لجثث تم عرضها علناً، ومزاعم بعمليات قتل بلا محاكمة في أعقاب انتهاء حصار في بنغازي الأسبوع الماضي.
وقال الجيش الوطني الليبي إن عشرات من معارضيه، الذين يقودهم إسلاميون، قُتلوا مع انتهاء حصار أبراج تحت الإنشاء في بنغازي، السبت الماضي، وذلك عندما حاول مقاتلون وأُسَرُهم الهروب. وبعد ذلك بفترة وجيزة ظهرت صور وتسجيلات مصوَّرَة على وسائل التواصل الاجتماعي لجنود من قوات الجيش على ما يبدو، وهم يلتقطون صوراً مع الجثث ويعرضون جثة معارض بارز على مركبة.
كما ظهر النقيب محمود الورفلي، مسؤول المحاور في قوات الصاعقة بالجيش الذي يقاتل الإرهابيين منذ نحو ثلاث سنوات، وهو يقتل ثلاثة يبدو أنهم من الأسرى.
وعلى الفور، دعا حفتر قادة الوحدات إلى تسليم كل من ظهروا في الشريط المصور وهم يرتكبون انتهاكات إلى الشرطة العسكرية كي تستجوبهم لجنة عسكرية، مؤكداً أن من ارتكبوا هذه الانتهاكات سيُحاسبون على تصرفاتهم، وعدم التزامهم بالقانون العسكري.
من جهته، اعتبر العميد ونيس بوخماده، آمر القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة للجيش الوطني، أن العسكري مُجبَر على احترام تعليمات الانضباط العسكري، وليس عاطفته أو موقفه من الإرهابيين، أو ردة فعله. وتعهد بمحاسبة كل من شارك في «تلك التصرفات التي تنافي تعاليم ديننا الحنيف وشرفنا العسكري»، مؤكداً عدم قبول أي تصرفات من شأنها المسّ بسمعة المؤسسة العسكرية.
وكان الناطق الرسمي باسم القوات الخاصة العقيد ميلود الزوي قد قدم اعتذاراً علنياً للرأي العام المحلى، وقال في بيان: «إن القوات الخاصة تقدم الاعتذار لأبناء هذه المدينة وجميع الليبيين، ونرجو أن يلتمسوا لنا العذر. فنحن تعرضنا لكل أنواع القتل والتنكيل والتمثيل».
وتثير هذه الانتهاكات تساؤلات جديدة بشأن تماسك الجيش الوطني الليبي كقوة مقاتلة محترفة، حيث تطرح شخصيات عسكرية من الشرق، منفصلة عن المسؤولين المعترف بهم دولياً في طرابلس بالغرب، الجيش الوطني كقوة آخذة في التوسع وذات كفاءة متزايدة ستسيطر في نهاية الأمر على ليبيا بأسرها.
إلى ذلك، أعلن الجيش الليبي عن انطلاق عملية عسكرية جديدة تحمل اسم «الرمال المتحركة» لتحرير منطقة الجنوب بالكامل.
وقالت مصادر إن قوات «اللواء 12 مجحفل» التي تلقَّت تعليمات من المشير حفتر بالتحرك سيطرت على بوابات قويره المال بالكامل، مشيرة إلى اندلاع معارك في محيط قاعدة تمنهنت شرق مدينة سبها.
وأغلقت قوات الجيش الطريق الرابط بين مدينتي سبها والشاطئ لتضييق الخناق على الجماعات الإرهابية في الجنوب. وفي غضون ذلك، قال مسؤول محلى إنه تم التعاون مع الجيش لإعادة فتح الطريق الرئيس الرابط بين بنغازي ومناطق ومدن غرب ليبيا، بعد إزالة مخلفات الحرب والسواتر الترابية.
علما أنه تم إغلاق هذا الطريق على مدى السنوات الثلاث الماضية بسبب وقوعه ضمن منطقة العمليات العسكرية لقوات الجيش.
وطبقا لمسؤول أمني فقد تم خلال هذه العمليات اعتقال نجل محمد الجازوي، وزير الشهداء والمفقودين في حكومة الإنقاذ الوطني التابعة للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، بالإضافة إلى ثمانية مقاتلين من المتطرفين، بينهم مصري الجنسية في منطقة قنفودة غرب بنغازي.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.