انتقادات يمنية للأمم المتحدة حول الإشراف على ميناء الحديدة

انتقادات يمنية للأمم المتحدة حول الإشراف على ميناء الحديدة
TT

انتقادات يمنية للأمم المتحدة حول الإشراف على ميناء الحديدة

انتقادات يمنية للأمم المتحدة حول الإشراف على ميناء الحديدة

هاجم خالد اليماني، سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، المنظمة الدولية، لعدم إرسال مراقبين إلى ميناء الحديدة، مؤكدا أن تلك الخطوة «تهرب من المسؤولية الملقاة عليها، ويمثل تجاهلا صريحا للقانون الإنساني الدولي»، معبرا عن أسف اليمن الشديد إزاء عدم قيام الأمم المتحدة بدورها الحقيقي في اليمن.
وكانت الأمم المتحدة قد اعلنت على لسان المتحدث باسمها, فرحان حق, أول من أمس، رفض طلب التحالف العربي الإشراف على ميناء الحديدة الاستراتيجي، الذي يسيطر عليه المتمردون الحوثيون، بعد مقتل 42 لاجئا صوماليا، بينهم نساء وأطفال، في إطلاق نار على مركبهم الذي كان ينقل 150 لاجئا قبالة الحديدة, حسب وكالة رويترز.
وأوضح يماني لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن الحكومة الشرعية اليمنية قدمت مرارا الدلائل الواضحة التي تثبت أن المساعدات الإنسانية في الحديدة يتم استخدمها من قبل القوى الانقلابية، ولا تصل إلى أبناء الشعب اليمني، مشيرا إلى أن الممثل المقيم باليمن رفض إنشاء آلية لمتابعة إيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها.
وأوضح مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، أن اليمن لم يطالب بالإشراف على العمليات الملاحية، بل طالب بوجود مراقبين يقومون بأدوارهم الواجب فعلها، ويظهرون حقيقة ما يجري في ميناء الحديدة للعالم، لافتا إلى أن القوى الانقلابية «الحوثي وصالح» لا تزال تستخدم هذا الميناء لأهدافها الحربية، وتواصل عمليات تهريب الأسلحة إلى البلاد، مضيفا: «بالنظر إلى آلية المراقبة المتبعة نجد كميات كبيرة من مواد الإغاثة دخلت إلى اليمن خلال فترة الحرب تخدم مصالح القوى الانقلابية، وتعمل تلك القوى الانقلابية على تطويع تلك المساعدات إلى مجهودها الحربي، وتدعي أن (الحديدة) يعاني من قلة في المساعدات الإنسانية، بينما في الحقيقة أنها لم تسمح لها بالدخول أو تبيعها في السوق السوداء». واعتبر يماني أن الطريقة المتبعة من قبل القوى الانقلابية بتحويل المساعدات إلى السوق السوداء بمثابة ابتزاز حقيقي لأبناء الشعب اليمني، لافتا إلى أن الصليب والهلال الأحمر لديهما آليات واضحة وشفافة أكثر من البرامج الأخرى التابعة للأمم المتحدة. وأشار إلى أن القوى الانقلابية عندما لا تريد أن ترسو أي سفينة فإنها تنزل البضائع الغذائية التي تحملها، ويتم الاكتفاء بالنفط الذي تحمله تلك السفن، ومن ثم تدخله للميناء على أن يتم بيعه بالسوق السوداء وتطويع تلك الأموال التي يتم جنيها للمجهود الحربي للقوى الانقلابية، مبينا أن الشعب اليمني لا يجد الوقود الضروري إلا عبر السوق السوداء التي أنشأتها القوى الانقلابية.
وكان التحالف العربي نفى في وقت سابق أن يكون قد طلب من الأمم المتحدة حماية ميناء الحديدة، معتبرا أن على الأمم المتحدة الإشراف على إدارة الموانئ حتى لا تُستغل في عمليات هجومية، في حين قال فرحان حق، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن على الأطراف المتنازعة تحمل مسؤولية حماية المدنيين والمنشآت التحتية في هذا البلد، مضيفا على حد قوله أن «هذه الواجبات لا يمكن نقلها إلى آخرين»، مبينا أن «المجتمع الإنساني يرسل مساعدات إلى اليمن على أساس احتياجاته حصرا وليس لاعتبارات سياسية، وسيواصل القيام بذلك».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.