خامنئي ينفي تدخله في الانتخابات الرئاسية ويواصل انتقاداته للاقتصاد

اعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي نفسه شريكا في مواطن الضعف التي يعاني منها النظام الإيراني بسبب سوء الإدارة، قبل أن يتراجع حسابه الرسمي في «تويتر» ويحذف هذا الجزء من خطابه. وضمن تأكيده أهمية المشاركة في الانتخابات نفى خامنئي أي تدخل له في مسار الانتخابات الرئاسية، قائلا إنه تصدى لمحاولات للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية في أربع نسخ سابقة، مؤكدا أنه لا يتدخل لصالح أي من المرشحين في الانتخابات المقررة مايو (أيار) المقبل، وشدد على ضرورة جدية المسؤولين في إطلاق حركة اقتصادية في العام الجديد للخروج من المشكلات الراهنة.
وقال خامنئي، في تصريح يعد غير مسبوق خلال سنوات حكمه بمنصب ولي الفقيه: «توجد نقاط ضعف كثيرة في النظام تتعلق بإدارتنا بما فيهم أنا الحقير (تعبير عن التواضع) أنا أعرف بمواطن الضعف»... قبل أن يحذف حسابه الرسمي في «تويتر» هذا الجزء من خطابه. وكان الموقع الرسمي التابع لمكتب خامنئي ينشر مقتطفات من خطابه، بينما يلقي أمس ثاني خطاباته التقليدية في بداية العام الإيراني وسط حشد من أنصاره بمدينة مشهد.
وأقدم حسابه الرسمي على نشر تغريدة معدلة قال فيها إن «الخدمات الكبيرة التي قدمها النظام الإسلامي لإيران والشعب الإيراني، خدمات مثالية، نعم توجد نقاط ضعف لكن نحن مصدرها».
وتعد هذه المرة الأولى منذ توليه منصب المرشد الأعلى، التي يذكر فيها خامنئي تأثير سوء إدارته على ضعف النظام. وأوضح خامنئي أن ما يهمه في الدرجة الأولى «المشاركة العامة في الانتخابات»، وأضاف: «في قضية الانتخابات يجب العمل بالقانون، مهما تكن النتيجة فإنها معتبرة وقانونية».
ونفى خامنئي أن يكون منحازا لأي من المرشحين في الانتخابات المقبلة عندما قال: «أنا لا أتدخل في الانتخابات ولا أقول اختاروا هذا الشخص وذاك». رغم ذلك فقد ذكر أنه يتدخل في حالة واحدة بوجه من يحاولون تغيير مسار الانتخابات، وقال: «سأقف بوجه كل من يحاول التدخل في نتيجة أصوات الشعب مثلما حدث في السنوات الماضية» وفي توضيح ذلك أشار خامنئي إلى محاولة تغيير مسار الانتخابات في 1997 و2005 و2009 و2013، لافتا إلى أن الشعب يعرف بعض تلك المحاولات ولا يعرف بعضها الآخر.
في الشهر الماضي خلال مؤتمر اللجان الانتخابية طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني المسؤولين الحكوميين بالاحتجاج علنا في حال تدخل جهات في الانتخابات. وكان روحاني يلمح في خطابه إلى قوات الحرس الثوري. وفي المقابل، أعلن قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري منع تدخل أي من قادة أو منتسبي الحرس الثوري في الانتخابات.
أوساط مقربة من التيار المحافظ المقرب من الحرس الثوري اعتبرت تصريحات جعفري لا تدل على عدم المشاركة في الانتخابات، وإنما القيام بدور فاعل في التأثير على مسار الاستحقاق الانتخابي الأهم في إيران. لكن من جهة ثانية، أعربت أطراف سياسية مقربة من الائتلاف الإصلاحي والمعتدل في إيران من إمكانية تكرار تجاوزات سابقة في الانتخابات الرئاسية.
يذكر أن السلطات الإيرانية تفرض الإقامة الجبرية على المرشحين الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي منذ 2011 بعد قيادة احتجاجات الحركة الخضراء عقب إعلانهما رفض نتائج الانتخابات واتهام السلطات بالتأثير على مسار النتائج لصالح الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد.
في 2005 ادعى ثلاثة من المرشحين الإصلاحيين (علي أكبر هاشمي رفسنجاني، ومهدي كروبي، ومصطفى معين) تدخل جهات عليا في الانتخابات وتغيير النتائج لصالح المرشح المحافظ محمود أحمدي نجاد. وأصدر هاشمي رفسنجاني بيانا تحدث فيه عن «تدخل منظم وتجاوزات تركت أثرها على مسار الانتخابات» ومنذ ذلك الحين ظهرت الخلافات بين خامنئي وهاشمي رفسنجاني إلى العلن.
وكانت المرة الأولى التي يذكر فيها مسؤول إيراني رفيع محاولات للتأثير على مسار الانتخابات في 2013 من دون تقديم تفاصيل عن تلك الجهات، وكان سعيد جليلي ممثل خامنئي الحالي في مجلس تشخيص مصلحة النظام منافس حسن روحاني.
مع ذلك، فإن جزءا من الاتهامات تطارد المرشد الإيراني بسبب تأثير لجنة «صيانة الدستور» على تنفيذ انتخابات حرة في إيران من خلال إبعاد المرشحين. ويختار خامنئي رئيس اللجنة ونصف أعضائها بشكل مباشر، بينما يختار النصف الآخر (ستة من الخبراء) رئيس الجهاز القضائي الذي بدوره يعينه خامنئي.
إضافة إلى ذلك، تطارد شبهة هندسة الانتخابات الاستحقاقات الانتخابية في إيران بسبب تمويل بعض الجهات للحملات الانتخابية وهو ما عرف خلال السنوات الماضية بـ«الأموال القذرة» في الانتخابات.
وكان خامنئي في الجزء الأول من خطابه أمس فتح ملف الأوضاع الاقتصادية التي اعتبرها «أولوية أولى» في إيران، وذلك بعد يوم من رسالة التهنئة التي وجهها للإيرانيين أعلن ضمنها شعار «الاقتصاد المقاوم... الإنتاج والتوظيف» وانتقد فيها أداء الحكومة الاقتصادي. وبينما جدد خامنئي انتقادات للوضع الاقتصادي، رهن حل المشكلات الحالية في إيران بـ«إدارة ثورية وكفؤة ومتدينة» معتبرا الإدارة غير النشطة وغير الثورية مصدر المشكلات.
وقلل خامنئي ضمنا من أهمية تصريحات روحاني أول من أمس بشأن النمو الاقتصادي في إيران، وقال إن «النمو الاقتصادي يُظهر مؤشرا إيجابيا لكن نمو الاستثمار سلبي وهذه من العيوب الأساسية والكبيرة» مضيفا أن «الإحصائيات الرسمية لا تطمئن بشأن الحركة باتجاه رفع المشكلات».
وأعرب خامنئي عن رضاه من مواقف الشعب الإيراني على الرغم من المشكلات الاقتصادية في العام الماضي حسب تعبيره. ورأى خامنئي ذلك تحت تأثير عاملين: الأول التزام بقيم الثورة والنظام، والثاني التزام بالقضايا الدينية والإيمانية.
واعتبر خامنئي الإنتاج الداخلي والتصدي لظاهرة التهريب في إيران من القضايا المهمة لتحسين الوضع الاقتصادي، ودعا إلى تحريم شرعي وقانوني لاستيراد السلع التي تنتج في الداخل الإيراني، معتبرا استيراد تلك السلع مدعاة للأسف. وبحسب خامنئي فإن إجمالي التهريب في إيران يبلغ 15 مليار دولار متوقعا أن يكون حجم التهريب بين 20 إلى 25 مليار دولار. خامنئي لم يقدم تفاصيل عن الجهات التي تقوم بهذا الحجم من التهريب، لكن خلال السنوات الماضية كان الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد قد اتهم الحرس الثوري ضمنا بالتأثير على الاقتصاد عندما أشار في أحد خطاباته إلى «الإخوة المهربين».