روسيا تدرّب مقاتلين أكراداً وتوقع اتفاق قاعدة عسكرية في عفرين

«سوريا الديمقراطية»: الخطة قد تساعد في تحرير مناطق {درع الفرات} والريف الشمالي

منظر عام لمدينة عفرين ذات الأغلبية الكردية شمال غربي سوريا كما بدت قبل سنتين (رويترز)
منظر عام لمدينة عفرين ذات الأغلبية الكردية شمال غربي سوريا كما بدت قبل سنتين (رويترز)
TT

روسيا تدرّب مقاتلين أكراداً وتوقع اتفاق قاعدة عسكرية في عفرين

منظر عام لمدينة عفرين ذات الأغلبية الكردية شمال غربي سوريا كما بدت قبل سنتين (رويترز)
منظر عام لمدينة عفرين ذات الأغلبية الكردية شمال غربي سوريا كما بدت قبل سنتين (رويترز)

أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية، أمس، توقيعها اتفاقاً هو «الأول من نوعه» مع روسيا يقضي بتدريب مقاتليها في شمال سوريا، كاشفة عن خطة لزيادة قواتها إلى 100 ألف مقاتل بحدود منتصف العام الحالي، وقالت إن روسيا بصدد إقامة قاعدة عسكرية في شمال غربي سوريا بالاتفاق مع الوحدات التي تسيطر على المنطقة وإن موسكو ستعمل أيضا على تدريب مقاتلي الوحدات في إطار مكافحة الإرهاب. وهو ما عادت روسيا ونفته، مشيرة إلى أنه لا توجد خطط لنشر قواعد عسكرية جديدة في سوريا.
وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان لها إن جزءا من «مركز المصالحة»، الذي تقول روسيا إنه يساعد في التفاوض على اتفاقات محلية لوقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في سوريا، سينقل إلى محافظة حلب بالقرب من عفرين لمنع انتهاكات وقف إطلاق النار.
وقال ناصر حاج منصور، مستشار القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية، «إن هذه الخطوة أتت نتيجة الواقع الذي تعيشه منطقة عفرين والذي يجعلها عرضة للهجوم من داعش ومن فصائل درع الفرات، كما إلى غياب البديل عن الأكراد للقيام بمهمة محاربة الإرهاب».
ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «إن هذا الأمر سيحمي على الأقل في المرحلة الأولى، الأكراد من القصف الذي كانوا يتعرضون له من قبل الأتراك، وقد يؤدي في المرحلة التالية إلى وضع خطة لتحرير بعض المناطق الخاضعة لسيطرة (درع الفرات) أو تلك الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي». وأضاف: «قد يطرح البعض علامة استفهام حول تنسيقنا مع فريقين متناقضين، هما روسيا وأميركا، لكن، مع تأكيدنا على أننا لسنا عساكر تحت الطلب، في النهاية نحن أصحاب مشروع كردي سوري بشكل عام وكردي بشكل خاص، يهدف إلى الوصول إلى حل سياسي للأزمة وحصولنا على حقوقنا كأي مكوّن في أي دولة، وهذا ما توافقنا عليه مع كل من موسكو وواشنطن، إضافة إلى موقفنا تجاه العدو المشترك المتمثل بداعش».
وتعد هذه القاعدة العسكرية الثالثة لموسكو في سوريا، بعد الجوية التي تمتلكها في «مطار حميميم» بريف اللاذقية والبحرية في طرطوس.
وأشار المتحدث الرسمي باسم الوحدات ريدور خليل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى «اتفاق بين وحداتنا والقوات الروسية العاملة في سوريا في إطار التعاون ضد الإرهاب، يقضي بتلقي قواتنا تدريبات على أساليب الحرب الحديثة». وأوضح أن هذا الاتفاق «هو الأول من نوعه بهذا الشكل مع روسيا» رغم وجود تنسيق سابق على بعض الجبهات في حلب.
وبموجب الاتفاق الذي تم توقيعه الأحد ودخل الاثنين حيز التنفيذ، وفق خليل، وصلت قوات روسية مع ناقلات جند ومدرعات إلى منطقة جنديرس في عفرين إحدى المقاطعات الثلاث التي أعلن الأكراد فيها إقامة إدارة ذاتية مؤقتة في عام 2013. ووصف خليل الاتفاق بأنه «خطوة إيجابية في إطار علاقاتنا وتحالفاتنا ضد الإرهاب في سوريا»، لافتا إلى أن عملية التدريب ستبدأ قريباً من دون تحديد موعدها.
وردا على سؤال حول كيفية التوفيق بين الدعم الأميركي المستمر منذ سنوات والدعم الروسي الجديد، اكتفى خليل بالقول: «اتفاقاتنا وتعاوننا واضح، والاتفاق الأخير يأتي في إطار مكافحة الإرهاب».
وقال خليل، لـ«وكالة رويترز» إن وحدات حماية الشعب الكردية تستهدف زيادة قواتها بواقع الثلثين إلى أكثر من 100 ألف مقاتل بحدود منتصف هذا العام، في خطة لتحويل نفسها إلى قوة أكثر تنظيما تماثل جيشا ستعزز الجيوب الكردية ذات الحكم الذاتي والتي تثير قلق تركيا بشدة. وأضاف: «الوحدات كانت بنهاية 2016 تضم 60 ألف مقاتل، بما في ذلك وحدات حماية المرأة، وهي شكلت عشر كتائب جديدة منذ بداية هذا العام، كل كتيبة مؤلفة من نحو 300 مقاتل».
وتتلقى وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا دعماً عسكرياً من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، بعدما أثبتت فعالية في قتال تنظيم داعش وتمكنت من طرده مع فصائل عربية من مناطق عدة في شمال وشمال شرقي سوريا.
وتعد روسيا أبرز حلفاء النظام السوري، وتقدم له منذ 30 سبتمبر (أيلول) 2015، دعما جويا، كما تنشر قواتها على جبهات عدة. ومنذ نهاية عام 2016، بدأت محادثات مع تركيا التي تعد أبرز داعمي المعارضة السورية، لكنها تصنف المقاتلين الأكراد بـ«الإرهابيين».
ويريد الأكراد في سوريا تحقيق حلم طال انتظاره بربط مقاطعاتهم الثلاث عفرين والجزيرة (الحسكة) وكوباني (عين العرب) من أجل إنشاء حكم ذاتي فيها على غرار كردستان العراق. ويثير هذا الحلم امتعاض ومخاوف أنقرة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».