العثماني يبدأ اليوم مشاورات تشكيل الحكومة

أمانة «العدالة والتنمية» أعطته الضوء الأخضر للمضي قدماً في منهجيته

رئيس الحكومة المغربية المعين (رويترز)
رئيس الحكومة المغربية المعين (رويترز)
TT

العثماني يبدأ اليوم مشاورات تشكيل الحكومة

رئيس الحكومة المغربية المعين (رويترز)
رئيس الحكومة المغربية المعين (رويترز)

قال الدكتور سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية المعين، إنه سيشرع في بدء مشاورات تشكيل الحكومة مع جميع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، من دون أن يحدد موعداً لبدئها.
جاء ذلك في تصريح أدلى العثماني به للموقع الإلكتروني الرسمي لحزب العدالة والتنمية أمس (الأحد). بيد أن مصدراً حزبياً وثيقاً أكد لـ«الشرق الأوسط» أن المشاورات ستبدأ اليوم (الاثنين). وذكر العثماني أنه بعد لقاء الأمانة العامة للحزب، صباح أمس، والمشاورات التي شهدها، تقرر بدء المشاورات الأولى لتشكيل الحكومة، بعقد لقاءات مع جميع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان تباعاً، حسب نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة. وفهم المراقبون من تصريح العثماني أنه سينفتح على حزب الأصالة والمعاصرة، الذي كان سلفه عبد الإله ابن كيران قد اعتبره خطاً أحمر، بينما اختار «الأصالة والمعاصرة» التموقع في المعارضة منذ اللحظات الأولى لإعلان نتائج الانتخابات.
ويبدو أن السياسة هي فن الممكن، خصوصاً أنه معروف عن الدكتور العثماني قوله إن «أي تقارب ممكن بين حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة سيفقد السياسة معناها».
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل حمل تصريح رئيس الحكومة المعين إشارة إلى أنه سيمد الجسور مجدداً مع حزب الاستقلال الذي جرفه تيار الأزمة مع موريتانيا، ليجد نفسه خارج مشاورات الحكومة. كما سيستأنف تواصله مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو الحزب الذي أدى اشتراط مشاركته في الحكومة من طرف عزيز أخنوش رئيس التجمع الوطني للأحرار إلى تعذر تشكيلها من قبل ابن كيران، الذي عده حزباً غير مرغوب فيه في حكومته التي كانت مرتقبة.
ورأى المتتبعون في فتح الباب أمام «الأصالة والمعاصرة» تكتيكاً من «العدالة والتنمية» لكبح جماح حزب التجمع الوطني الأحرار، المستقوي بثلاثة أحزاب سياسية؛ هي الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
تأتي تصريحات الدكتور العثماني في وقت حدد فيه المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي اجتمع السبت في سلا المجاورة للرباط، خريطة الطريق التي ينبغي على العثماني السير على نهجها، والتي تتمثل في احترام الاختيار الديمقراطي ونتائج الاقتراع ومقتضيات الدستور. وهو النهج نفسه الذي سار عليه ابن كيران، وذلك في إشارة إلى أن مواقف هذا الأخير هي مواقف الحزب برمته، وليست مجرد مواقف شخصية.
في سياق ذلك، قال قيادي في حزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط»، فضّل عدم ذكر اسمه، إنه حتى حدود الساعة لا توجد تغييرات في مواقف الحزب بشأن تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أن الدكتور العثماني له تصور آخر لمنهجية المشاورات، وأنه فضّل أن يستمع لجميع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وأن الأمانة العامة للحزب وافقت له على ذلك.
وخلص المصدر ذاته إلى أنه بعد الجولة الأولى من المشاورات، سيجري الدكتور العثماني جولة ثانية منها.
وكان المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي التأم في دورة استثنائية دامت 11 ساعة، قد فوض الأمانة العامة بما يشبه الإجماع، بالنظر في تركيبة الأغلبية المقبلة ومنهجية التفاوض مع الأحزاب.
وعبر المجلس عن اعتزازه بالتعيين الملكي للدكتور العثماني، رئيس المجلس الوطني والأمين العام السابق للحزب، رئيساً للحكومة خلفاً لابن كيران، مؤكداً دعمه له وحرصه على الاستمرار في مواصلة الإصلاحات التي بدأتها الحكومة السابقة بقيادة ابن كيران.
وعبر المجلس الوطني في بيانه عن تقديره العالي لحرص الملك محمد السادس على توطيد الاختيار الديمقراطي وصيانة المكتسبات «التي حققتها بلادنا في هذا المجال، واختياره الاستمرار في التفعيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور المتعلقة بتشكيل الحكومة، من خلال تكليفه شخصية ثانية من حزب العدالة والتنمية بصفته المتصدر للانتخابات».
وعبر بيان المجلس الوطني للحزب عن اعتزازه بما قدمه الأمين العام ابن كيران طيلة الفترة التي تولى فيها رئاسة الحكومة من مبادرات إصلاحية شجاعة، وتقديم المصلحة العليا للوطن بكل كفاءة واقتدار ونكران الذات.
وأشار البيان إلى اقتناع المجلس الوطني التام بحسن تدبيره للتفاوض من أجل تشكيل الحكومة، إذ عمل في احترام تام للمنطق الدستوري والتكليف الملكي والاختيار الديمقراطي، واعتبار نتائج الانتخابات التي بوأت الحزب الصدارة. كل ذلك في نطاق عالٍ من الإحساس بالمسؤولية والمرونة اللازمة والتنازل من أجل مصلحة الوطن العليا، من أجل تشكيل حكومة قوية ومنسجمة تكون في مستوى تطلعات الملك، وسعياً لاحترام إرادة الناخبين.
يذكر أن معظم مداخلات أعضاء المجلس الوطني صبت في اتجاه رفض مشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي في الحكومة، باعتبار أن قبول مشاركته تحمل ابن كيران مسؤولية الانسداد الذي أخر تشكيل الحكومة مدة 5 أشهر.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.