أبو الغيط يتوقع «إعلاناً مهماً مؤثراً» في قمة عمان

ناقش مع العاهل الأردني ترتيبات عقدها... وشددا على توحيد المواقف

الملك عبد الله الثاني أثناء استقباله أبو الغيط في عمان أمس (أ.ف.ب)
الملك عبد الله الثاني أثناء استقباله أبو الغيط في عمان أمس (أ.ف.ب)
TT

أبو الغيط يتوقع «إعلاناً مهماً مؤثراً» في قمة عمان

الملك عبد الله الثاني أثناء استقباله أبو الغيط في عمان أمس (أ.ف.ب)
الملك عبد الله الثاني أثناء استقباله أبو الغيط في عمان أمس (أ.ف.ب)

بعد لقاء مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لمناقشة ملفات القمة العربية المقررة نهاية الشهر في عمان وترتيباتها، قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط إنه يتوقع أن يصدر عن القمة «إعلان مهم له تأثيره»، لكنه لم يكشف موضوع الإعلان أو تفاصيله.
وشدد الملك عبد الله الثاني، خلال استقباله أبو الغيط أمس، على «أهمية تنسيق وتوحيد المواقف لمواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة» خلال القمة. وأكد «حرص الأردن على دعم كل جهد يصب في تطوير ومأسسة العمل العربي المشترك».
وعرض اللقاء أبرز القضايا التي ستناقشها القمة التي أكد أبو الغيط أهمية انعقادها «في ظل ما يواجه بعض الدول العربية من تحديات». وقال خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عقب محادثاتهما في عمّان، أمس، إنه يأمل بأن تشهد القمة حضوراً غير مسبوق، لافتاً إلى أن «الجامعة وجدت تعاوناً كاملاً من الجانب الأردني في تنظيمها».
وأوضح أبو الغيط أن الهدف من زيارته «الاتفاق على كثير من المحاور والمنهجية التي سيتم بها تناول عمل القمة المقبلة»، موضحاً أنه قدم للعاهل الأردني مجموعة وثائق وتقارير عن تنفيذ قرارات القمم السابقة، وجدول أعمال القمة المقبلة، وترتيباتها.
وأشار إلى أن القمة «تعقد في خضم مأساة تتعرض لها دول عربية كثيرة، وبالتالي ستكون هناك حاجة إلى كثير من الجهد المبذول»، معتبراً أن «القمة ستكون فرصة جيدة للغاية للقاءات الثنائية والثلاثية للم الشمل وتسوية أي مفاهيم خاطئة هنا أو هناك». وتمنى «أن تكون قمة ناجحة وتنتهي مساء 29 مارس (آذار) وهناك إحساس بالرضا عما سيتحقق».
ولفت الأمين العام للجامعة إلى أن موضوع التدخلات الإيرانية في الدول العربية «يحظى باهتمام كبير من قبل اجتماعات الجامعة، سواء على مستوى المندوبين أو الوزراء أو القمة ذاتها»، مشيراً إلى أنه «على مدى السنوات الماضية كان هناك موقف واضح من القمم العربية والاجتماعات الوزارية، وآخرها الاجتماع الوزاري في القاهرة هذا الشهر، والذي طالب إيران بأن تتوقف عن أدائها وتصرفاتها فيما يتعلق بالافتئات على السيادة العربية، فضلاً عن أن هناك قراراً فيما يتعلق بالجزر الإماراتية، وهذا قرار دائم وموجود». وأكد أن «هناك أكثر من قرار يتناول الرؤية العربية لمكافحة الإرهاب، وهذه القرارات تمثل منهجاً شاملاً في التعامل مع خطر الإرهاب».
وقال وزير الخارجية الأردني خلال المؤتمر، إنه ناقش مع الأمين العام للجامعة، استعدادات القمة. وأوضح أن لقاءهما «عرض الاستعدادات والخطوات كافة التي يتم اتخاذها لضمان أن تكون القمة ناجحة، وأن تكون منبراً لحوار عربي صريح معمق مكثف حول كيفية التعامل مع القضايا والأزمات التي تعصف بالمنطقة، وأيضاً حول كيفية تعزيز العمل العربي المشترك بما يضمن قدرتنا على خدمة مصالح الأمة العربية وتحقيق طموحات شعوبنا».
وأضاف الصفدي أن «هناك توافقاً وجهداً مشتركاً ما بين الأردن والجامعة العربية في هذا الصدد»، مؤكداً أن «الجانبين عملا ويعملان بروح شراكة وأخوية كاملة متكاملة وتنسيق متكامل في شأن كل الخطوات المطلوبة وتعاون مطلق»، منوهاً بأن «هذا التعاون والتنسيق ستظهر نتائجه بشكل واضح على النجاح الذي سيتحقق إن شاء الله». ورداً على سؤال عن دعوة سوريا إلى القمة المقبلة، قال الصفدي إن بلاده لن تدعو دمشق إلى المشاركة «التزاماً بقرارات الجامعة العربية».
وقالت مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الأوسط» إن قمة عمان «ستركز على الوفاق العربي والتفاهم حول القضايا الاستراتيجية والأزمات الراهنة، وحماية الأمن القومي من مخاطر وتداعيات التدخلات الخارجية، وفي مقدمتها تدخلات إيران وتهديدها للأمن العربي والإقليمي».
وأكدت المصادر أن «القادة العرب يعتزمون مطالبة إيران بأفعال وتعهدات مكتوبة بتغيير سياستها ضد المنطقة العربية، وليس مجرد تصريحات صحافية». وأشارت إلى أن جدول الأعمال «تمت تنقيته من حيث الكم والمضمون، حتى يتم التركيز على الضرورات العاجلة لطبيعة المرحلة، كما سيتم تقييم معالجة الأزمة السورية مع دعم الحل السياسي وفق مرجعية جنيف-1 وتسريع الخطى وصولاً إلى المرحلة الانتقالية».
ولفتت إلى أن الجامعة «لن تتعامل بشكل عاطفي» مع الموضوع السوري أو غيره من الملفات، وإنما «وفقاً لمواقف عملية على الأرض». وأوضحت أنه «سبق وأن ظلت مصر خارج الجامعة العربية 10 سنوات وتم نقل المقر من القاهرة إلى تونس، ثم عادت واستعادت العلاقات مع الدول العربية، ومن ثم يجب أن يكون هناك حل للأزمة السورية قبل الحديث عن عودتها إلى الجامعة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.