«الشرق الأوسط» في استقبال 50 حافلة من مهجّري الوعر إلى شمال سوريا

أعطال ميكانيكية ومعارك مع «داعش» تمدد الرحلة إلى 24 ساعة

استقبال المهجّرين قرب مدينة الباب شمال سوريا أمس عند وصول حافلات أقلت سكان حي الوعر الذين تم إجلاؤهم بناء على اتفاق مع النظام برعاية روسية («الشرق الأوسط»)
استقبال المهجّرين قرب مدينة الباب شمال سوريا أمس عند وصول حافلات أقلت سكان حي الوعر الذين تم إجلاؤهم بناء على اتفاق مع النظام برعاية روسية («الشرق الأوسط»)
TT

«الشرق الأوسط» في استقبال 50 حافلة من مهجّري الوعر إلى شمال سوريا

استقبال المهجّرين قرب مدينة الباب شمال سوريا أمس عند وصول حافلات أقلت سكان حي الوعر الذين تم إجلاؤهم بناء على اتفاق مع النظام برعاية روسية («الشرق الأوسط»)
استقبال المهجّرين قرب مدينة الباب شمال سوريا أمس عند وصول حافلات أقلت سكان حي الوعر الذين تم إجلاؤهم بناء على اتفاق مع النظام برعاية روسية («الشرق الأوسط»)

وصلت إلى مناطق سيطرة الجيش السوري الحر في شمال حلب، صباح أمس، أولى الدفعات من مهجّري حي الوعر الحمصي، بعد رحلة طويلة استغرقت قرابة 24 ساعة.
وتضم القافلة التي انطلقت من حي الوعر برفقة الهلال الأحمر السوري، صباح السبت، ما يقارب 50 حافلة نقل ركاب، تحمل 1400 مدني، بالإضافة إلى 400 مقاتل، بحسب إحصاءات حصلت عليها «الشرق الأوسط».
وتأتي هذه العملية في إطار اتفاق أبرم بين النظام ولجنة من أهالي حي الوعر برعاية روسية، الاثنين 13 مارس (آذار) الحالي، يقضي بخروج مقاتلي الحي وعوائلهم ومدنيين ممن يريدون الخروج، إلى مناطق المعارضة في الشمال السوري.
وعند نقطة التماس بين مناطق الجيش الحر وقوات النظام، قرب مدينة الباب، التقت «الشرق الأوسط» أفرادا من أهالي حي الوعر الواصلين، حيث توقفت القافلة لاستراحة قصيرة، قامت خلالها المنظمات الإنسانية بتوزيع المساعدات عليهم، بينما كان لسانهم يقول: تركنا بيوتنا خلفنا في حمص، لنعيش داخل مخيمات.
يقول أحد المهجرين، اسمه هاني سباعي، وهو في الخمسينات من عمره والتعب جليّ على وجهه، إن «الرحلة كانت شاقة للغاية». وتابع: «أوقفتنا حواجز النظام لوقت طويل، كما أن اشتباكات جرت عند منطقة خناصر بين النظام و(داعش) أوقفت الرحلة لساعات، إضافة لتعطل إحدى الحافلات».
وقالت إحدى السيدات إن مشقة الرحلة لم تنسها ألم الفراق ولم تجفف دمعتها على المدينة وأهلها، وتابعت: «عشت حياتي كلها في حمص، ربيت أربعة أطفال فيها، واليوم يجري تهجيرنا من منزلنا مكرهين ولا خيار آخر أمامنا. لا أدري ماذا سيحل بنا هنا». وتأمل هذه السيدة بعودتها سريعا إلى الوعر، وإن كانت لا تخفي حدسها بأن هذه العودة لن تكون قريبة. وتلقي باللوم على المجتمع الدولي «الذي تخاذل عن حماية الشعب السوري، تاركا إياه أمام خيار العيش تحت نير حكم نظام بشار الأسد أو النزوح أو التهجير خارج البلاد».
وتابعت القافلة طريقها من مدينة الباب إلى النقطة النهائية قرب جرابلس على الحدود السورية - التركية، حيث أقيم مخيم لإيواء المهجرين.
واستعد كثير من المنظمات بتحضيرات طارئة لاستقبال مهجري حي الوعر، من بينها الدفاع المدني السوري والهلال الأحمر التركي ومنظمة «آفاد».
وقال مسؤول الملف السوري في هيئة الإغاثة الإنسانية التركية IHH، عمر كوبران، لـ«الشرق الأوسط»: «المنظمة أنشأت مخيماً لإيواء المهجرين من حي الوعر، قرب قرية شمارخ بريف أعزاز شمال حلب؛ حيث ستستقبل هذا المخيمات الدفعات الآتية من حي الوعر، فيما استقرت الدفعة الأولى في مخيم جرى إنشاؤه قرب مدينة جرابلس على الحدود السورية - التركية».
وأضاف: «قمنا بإنشاء مطبخ متنقل لتلبية احتياجات المهجرين، بالإضافة لتجهيز عدة سيارات إغاثة تحوي أغطية وإسفنجات ووجبات طوارئ وألبسة أطفال».
ومن المفترض أن تستكمل عملية إخلاء حي الوعر، على مدار الشهرين المقبلين، بمعدل دفعة كل أسبوع، حيث يقطن الحي، بحسب تقديرات، نحو 40 ألف شخص، سيتم إجلاؤهم إلى 3 مناطق: ريفا حلب وإدلب، وريف حمص الشمالي.
وقال محافظ حمص طلال البرازي لـ«رويترز»، أول من أمس، إن هناك اتصالات قائمة مع مناطق أخرى تحت سيطرة المعارضة شمال حمص للتوصل لاتفاقات مماثلة، من بينها بلدتا الرستن وتلبيسة. وأبدى تفاؤله بأن يمهد خروج مقاتلي المعارضة بالكامل من حي الوعر الطريق أمام اتفاقات وتسويات أخرى.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.