825 انتهاكاً بحق إعلاميي سوريا خلال 6 سنوات... أبرزها القتل

مدير «المركز السوري للحريات الصحافية» قال إن النظام تربع على رأس القائمة

825 انتهاكاً بحق إعلاميي سوريا خلال 6 سنوات... أبرزها القتل
TT

825 انتهاكاً بحق إعلاميي سوريا خلال 6 سنوات... أبرزها القتل

825 انتهاكاً بحق إعلاميي سوريا خلال 6 سنوات... أبرزها القتل

وثق «المركز السوري للحريات الصحافية» 825 انتهاكا بحق العاملين في مجال الإعلام منذ انطلاق الثورة السورية منتصف مارس (آذار) 2011 وحتى نهاية فبراير (شباط) 2017. وقال مدير المركز إبراهيم حسين إن «النظام السوري، العدو الأول للحريات الإعلامية في سوريا، بقي متربعاً على قائمة أكثر الأنظمة قمعاً للإعلام وللإعلاميين في عام 2016».
وتابع حسين في تصريح لـ«الشرق الأوسط، أن المركز وثق 392 حالة قتل للإعلاميين خلال 6 سنوات، بينما شملت حالات الخطف والاعتقال التي تم توثيقها 196 حالة. وقال إن عام 2013 كان العام الذي شهد الانتهاكات الأكبر بحق الإعلام، بتوثيق الرابطة 221 انتهاكاً، منها 109 حالات قتل.
وتأسس «المركز السوري للحريات الصحافية» عام 2014 جزءاً من نشاط «رابطة الصحافيين السوريين» التي أطلقتها مجموعة من الصحافيين السوريين المناهضين للنظام في فبراير 2012. وبعد توثيق للانتهاكات من خلال لجنة الحريات، قررت الرابطة بدعم من منظمة «فري برس أنلميتد» الهولندية، تأسيس مركز دائم مقره غازي عنتاب جنوب تركيا، يوثق لانتهاكات النظام وبقية الأطراف بحق الإعلاميين والمواطنين الصحافيين.
وبحسب توثيق المركز، فقد توزعت مسؤولية الجهات الفاعلة عن الانتهاكات خلال 6 سنوات، كالتالي: النظام السوري يتحمل 443 انتهاكا، «داعش» يتحمل 96 انتهاكا، «النصرة» وتنظيمات القاعدة باختلاف تسميتها تتحمل 41 انتهاكا، حزب الاتحاد الديمقراطي والتنظيمات المحسوبة عليه 42 انتهاكا.
ويقول إبراهيم حسين إن تغيرا حدث بالفعل في طبيعة هذه الانتهاكات مع تغير الظروف على الأرض خلال السنوات الست؛ «حيث لاحظنا مثلاً غياب النظام عن قائمة الجهات المسؤولة عن اعتقال واحتجاز الإعلاميين في العام المنصرم، بينما كان مسؤولاً عن قتل أكثر من 50 في المائة من الإعلاميين في سوريا». ويلفت إلى أن هذه الملحوظة، تدل بوضوح على أن الحريات الصحافية معدومة في المناطق التي يسيطر عليها النظام «لأنه على ما يبدو نجح في قمع كل الأصوات الإعلامية التي لا تنسجم مع سياساته، لدرجة أنه لم يعد بحاجة لاعتقال أي إعلامي في تلك المناطق، مكتفيا بالاستهداف المميت، أو الذي يتسبب بإصابات بليغة».
ويشير مدير المركز السوري للحريات الصحافية، إلى أن حجم التضييق الذي مارسه النظام على العمل الإعلامي، دفع الإعلاميين والناشطين الذين لا يدورون في فلكه، إلى مغادرة البلاد، أو التزام الصمت والاستكانة.
بالنسبة للمناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة أو الفصائل المتشددة، فقد كانت السمة البارزة للانتهاكات هي الاعتقال أو الاحتجاز. وتزداد هذه الانتهاكات في المناطق الخاضعة لسيطرة «جبهة النصرة» أو أشباهها (جبهة فتح الشام): «ولاحظنا أن بعضهم جرى اعتقاله لكونه يعمل مع فصيل يختلف مع الفصائل المشددة في التوجهات».
وشدد مدير المركز على أن جميع الإعلاميين الذين كانوا يعملون في المناطق المحررة من مدينة حلب خرجوا منها بسلام وانتقل معظمهم إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في ريف حلب أو في محافظة إدلب، وبعضهم خرج لاحقاً إلى تركيا. وقال: «تابع المركز السوري للحريات الصحافية أوضاعهم منذ بداية الحصار، لأننا كنا ندرك حجم الخطر الذي يحيق بهم باعتبار أن النظام يضعهم على قائمة المطلوبين، مثلهم مثل العناصر المسلحة التي كانت تقاتل انطلاقاً من مدينة حلب». ورغم وجود ضمانات بالخروج الآمن لكل المحاصرين، فإنه فقد تم رصد بعض الانتهاكات التي حدثت بحق الإعلاميين أثناء خروجهم من المناطق المحاصرة، حيث تعرض 4 منهم للاعتداء بالضرب والشتائم ومصادرة ما بحوزتهم من معدات وأموال من قبل عناصر من جيش النظام والقوى الحليفة له.
وفي التقرير السنوي الذي أصدرته رابطة الصحافيين السوريين، إشارة إلى انخفاض بسيط بعدد الانتهاكات في عام 2016 مقارنة بعام 2015. غير أن النظام السوري بقي يتصدر قائمة المنتهكين بـ86 انتهاكاً، تلاه «حزب الاتحاد الديمقراطي» (PYD) بـ23 انتهاكاً، متقدماً بذلك على تنظيم داعش الذي ارتكب 20 انتهاكاً، في حين ارتكبت «جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً)» و«جيش الفتح» 15 انتهاكاً، أما روسيا فقد ارتكبت 8 انتهاكات، ولم يتم التعرف على المسؤولين عن ارتكاب 17 انتهاكاً آخر.
في الختام، أشار مدير المركز إلى مدى صعوبة الوصول إلى جميع الانتهاكات نتيجة الوضع الحرج الذي يعمل في ظله الإعلاميون في سوريا. ودعا مجدداً إلى ضرورة احترام حرية العمل الإعلامي في سوريا، والعمل على ضمان سلامة العاملين فيه؛ «مع محاسبة كل المتورطين في الانتهاكات»، مطالباً «مختلف الأطراف، والجهات الدولية المعنية بتفعيل القوانين الدولية الخاصة بحماية الإعلاميين، ومحاسبة كل من ارتكب جرائم بحقهم، والعمل على الدفاع عنهم وعن حرية الصحافة وحق نقل المعلومات في سوريا».



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.