«أولديش»... قالب تراثي في قلب القاهرة

أجدد عنوان للأكلات المصرية بمذاق «بيتي»

واجهة أولديش من الخارج - من جلسات المطعم الخارجية
واجهة أولديش من الخارج - من جلسات المطعم الخارجية
TT

«أولديش»... قالب تراثي في قلب القاهرة

واجهة أولديش من الخارج - من جلسات المطعم الخارجية
واجهة أولديش من الخارج - من جلسات المطعم الخارجية

بواجهة فريدة من نوعها وديكورات تستعيد عبق الزمن الجميل، أصبح مطعم ومقهى «أولديش» المكان المفضل لرواد وسط القاهرة، وقبلة لكثير من الجاليات الأجنبية وطلاب الجامعة الأميركية، فهو بالإضافة إلى موقعه المميز على بعد دقيقتين من ميدان التحرير، ينفرد بمذاق خاص كونه يجمع بين ديكورات تراثية تأخذك على الفور إلى زمن «الأبيض والأسود» بحميمية تفتقر إليها معظم المطاعم والمقاهي العصرية التي انتشرت في قلب العاصمة المصرية، فضلاً عن أنه يحمل طابعًا عصريًا شبابيًا.
يستقبلك مدخل «أولديش» ببوابة خشبية عتيقة تشبه أبواب البيوت المصرية القديمة، وموسيقى تركية أو شرقية طربية سواء مصرية أو لبنانية، وسوف تصاحبك ابتسامة فريق العمل الذين يحرصون على تدليلك كما لو كنتَ زبونًا دائمًا منذ سنوات. فهم يرحبون بك كما لو كنت في أحد أفلام الستينات: «نهارك سعيد» كما يستخدم فريق العمل ألقاب «باشا» أو «هانم» لتدليل الزبائن لاستكمال الأجواء الكلاسيكية. من المبهر أن هذا المكان الذي يطل على شارع محمد محمود الحيوي يتميز بوجود حديقة خلفية تتوسطها نخلة سامقة وتحيط بها الشجيرات والورود وتلفها أشجار اللباب المنسدلة على الحوائط، فتأخذك من زحام وسط القاهرة إلى أجواء مريحة ومبهجة.
بالنسبة لي أعتبر هذا المكان كواحة صغيرة تبض بالحياة في قلب القاهرة الذي يعج بالمقار الإدارية والبنوك والمصارف ومحال الملابس، فهو يكفل مكانًا مفتوحًا في الهواء الطلق لتناول إفطار لذيذ أو تناول مشروب ساخن في الحديقة، ولن تجد الملل أو الضيق يتسرب إليك، فحولك ديكورات جميلة من طرابيش وأجهزة راديو عتيقة وأباريق وأكواب نحاسية ومشغولات بالأرابيسك، وهي الجلسة المفضلة لغالبية زبائن «أولديش»، لذا يجب أن تقوم بالحجز مسبقًا.
أما إذا كنتَ من عشاق القراءة، فهناك ركن خاص يحتوي على مكتبة صغيرة وأماكن تناسب العمل إذا كنت في حاجة لاستخدام كومبيوتر محمول، أو تحتاج لبعض الهدوء مع فنجان قهوة وقطعة من الحلوى. وهناك مناضد تطل عبر واجهة زجاجية على شارع محمد محمود، وهو الذي اشتهر بالمظاهرات المتوجهة للتحرير أثناء ثورة يناير (كانون الثاني) 2011.
تضم قائمة طعام «أولديش» مجموعة متنوعة من المقبلات الشرقية والغربية، وأنواعًا من الطواجن المصرية والبيتزا والباستا، وقائمة من الحلويات والعصائر، ستجعل تشعر بالحيرة، لكن ابدأ بما تمليه عليه معدتك، ثم ستجد الفرصة في زيارتك المتكررة لتجربة جميع الأصناف مثلما فعلت.
هذا المطعم له أجواء خاصة ستجعلك تحب الذهاب إليه وفي كل مرة ستشعر بالشعور بالحميمية والحفاوة نفسهما، فضلاً عن المأكولات المصنوعة بحرفية ومذاق «بيتي» أصيل.
يقول محمد العبد، مدير المطعم، لـ«الشرق الأوسط»: «حرصنا على أن يحمل كل ركن من أركان المطعم أجواء الزمن الجميل، وهي الأجواء التي تستقطب الشباب، وأن نقدم الأكلات المصرية (البيتي) في قالب عصري. وفكرنا أيضًا أن نقدم العروض الموسيقية الحية سواء عزف على العود أو الغناء الشرقي أو موسيقى الجاز».
يقدم «أولديش» وجبات الإفطار المصري، التي تتضمن الفول والفلافل والطحينة والبابا غنوج والسلطة الخضراء، إلى جانب الخبز الطازج. أما المقبلات فننصح بتجربة كبد الدجاج بدبس الرمان، أو سبرينج رولز الدجاج، أما طبق السجق الشرقي بالبصل والتوابل والبهارات فهو فعلاً تجربة تشبع الحواس لعشاق السجق.
وفي العادة إذا أردتَ أن تحكم على مطعم يقدم الأكل الشرقي، فعليك بتجربة طبق الملوخية لتعرف مدى إتقانه لباقي الأكلات، وهو ما فعلته وأنصح به.
يقدم «أولديش» طبق الملوخية الخضراء الطازجة وليست المجمدة، وهناك توازن ما بين الملح والتوابل، كالكسبرة الجافة والفلفل الأسود، والثوم والبصل المفروم، وهي مكونات «طشة الملوخية» المصرية الشهيرة، مذاق الطبق بالفعل كان مصريًا خالصًا وفيه «النفَس البيتي»، كما يقدم إلى جانب الملوخية الدجاج المحمر والمزين بالبقدونس والأرز الأبيض. هناك طواجن البامية باللحم والمسقعة باللحم المفروم، وكلها جديرة بمعدتك. أما إذا كنت على عجلة من أمرك، فيمكنك الاختيار من قائمة الساندويتشات ما يحلو لك من الدجاج أو اللحوم، وجميعها ذات مستوى جيد جدًا.
أما الحلويات، فإلى جانب طاجن «أم علي» والبطاطا المشوية بالكريمة أو مع المارشميلو أو النوتيلا، سيجد عشاق الوافلز والكريب ما يرضي رغباتهم من مذاقات مختلفة. مر على افتتاح «أولديش» ما يزيد على عام ونصف العام، وتجربته بشكل عام متميزة، وأعتقد أنه إذا حافظ على مستواه الأعوام المقبلة، فسيحقق اسمًا مرموقًا بين أشهر المطاعم المصرية.



«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)
TT

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)

هل تناولت من قبل طاجناً من «النجراسكو» و«اللازانيا»، أو أقدمت على تجربة «الدجاج الهندي المخلي»، أو حتى «طاجن لحم النعام بالحمام»، يمكنك تذوق ذلك وأكثر، عبر مجموعة من الوصفات التي تخللتها لمسات مصرية على أكلات غربية.

في منطقة حيوية صاخبة في مدينة «6 أكتوبر» المصرية (غرب القاهرة الكبرى) يحتل مطعم «قصر الطواجن» المتخصص بشكل أساسي في تقديم طبق «الطاجن» مساحة كبيرة، وساحة أمامية لافتة، يزينها منطقة للأطفال، بينما تتميز قاعاته الداخلية بفخامة تليق بمفهوم «القصور» المرتبط باسمه.

لا شك أن التدقيق في اختيار اسم المطعم يلعب دوراً في شهرته، إلا أنه تبقى دوماً التجربة خير دليل، بحسب تعبير أحمد مختار، مدير المطعم.

ريش بورق العنب (صفحة المطعم على فيسبوك)

ألوان مختلفة من الطواجن يقدمها المطعم، فإذا لم تكن راغباً في صنف بعينه، فحتماً سيثير «المنيو» حيرتك، وإذا كنت من عشاق الطواجن بشكل عام، فعليك أن تختار ما بين طاجن «البط البلدي» بخلطة «قصر الطواجن» أو «الكوارع» أو «ريش البتلو بورق العنب»، أو «ريش الضاني»، أو «الأرز المعمر بالقشطة واللحم»، أو «طاجن لحم النعام بالحمام»، وهناك أيضاً طاجن «بصلية» و«الفريك بالحمام»، و«لسان العصفور باللحم» و«رول الضاني».

وإذا كنت من محبي الطعام الكلاسيكي، فينتظرك هناك طاجن «بهاريز زمان»، المكون من 5 مكونات بعضها عتيق في المطبخ المصري، ومنها الكوارع، النخاع، قلوب البتلو، والكلاوي، ولا مانع أن تجرب طواجن ذات أسماء من ابتكار المطعم مثل «طاجن السعادة» المكون من المخاصي والحلويات واللحم، أو طاجن «فولتارين» الذي يداوي أي ضغوط نفسية، وفق مدير المطعم.

وأحياناً يسألك طاقم الضيافة هل تريد أن تجرب أكلات عالمية في طواجن مصرية، لتزداد حيرتك أمام طاجن «الدجاج الهندي المخلي» أو«المكسيكي الحار»، أو «إسباجيتي بلونيز»، أو «النجراسكو واللازانيا»، أما في حالة إصرارك على اختيار طبق من مصر، فتتصدر الأطباق الشعبية «منيو» الطواجن، فلا يفوتك مذاق طاجن «العكاوي» بالبصل والثوم والزنجبيل والكمون والفلفل الحلو والكركم.

«ليس غريباً أن يكون في القاهرة مطعم متخصص في الطواجن»، يقول مدير المطعم لـ«الشرق الأوسط»، ويتابع: «لقد تميزت مِصر بأنواع كثيرة من الطواجن الحادقة واللذيذة والشهية، ما بين الخضراوات واللحوم والأرز والطيور والمحاشي، واختصت أيضاً بعدة طواجن من الحلويات».

وأوضح: «وتتميز الطواجن على الطريقة المصرية بطرق ومكونات ووصفات كثيرة، وجميعها مميزة وشهية ويحبها المصريون والأجانب؛ لأنها تعتمد طريقة طهي اللحم ببطء على نار خفيفة غالباً لعدة ساعات، كما يساعد الشكل المخروطي للوعاء على «حبس» النكهة كاملة بالداخل؛ فتكون مركزة وغنية، كما يعمل الطاجن على تنعيم اللحوم والخضراوات المطبوخة».

وأضاف: «طاجن الملوخية بالطشة، البامية باللحم الضأن، التورلي باللحم، الكوسا المغموسة في الصلصلة الحمراء والبصل، هي بعض من طواجن الخضراوات التي يقدمها المطعم أيضاً لرواده، (تشتهر بها مصر كذلك)، ولذلك نحرص على تقديمها في المطعم، من خلال هذه الطريقة تظل الخضراوات محتفظة بقيمتها الغذائية، وتكتسب مذاقاً شهياً ولذيذاً وخفيفاً يحرض الجميع على التهامها، حتى بالنسبة لهؤلاء الذين لا يفضلون تناول الخضراوات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الطعام يظل محتفظاً بسخونته لوقت طويل».

يبتكر الشيفات في المطعم في تقديم طواجن بلمسات عصرية: «نحرص على التجديد لتجربة طعام مبتكرة، إن امتزاج الأصالة بالحداثة أمر رائع في عالم الطهي؛ إذا أردت أن تخوض هذه التجربة فأنصحك أن تطلب طاجن الحمام المحشي باللحم، الذي تعلوه جبن الموتزريلا، أو الرقاق بطبقات القشطة، وغير ذلك».

أما «الطاسات» والصواني فهي طرق جديدة لمواجهة الضغوط الاقتصادية؛ فهي تسمح لرواد المطعم بإحضار الأسرة أو عمل ولائم وتقديم أنواع أنيقة ومختلفة من الطعام للمدعوين، بسعر أقل، وفي الوقت نفسه تسمح بالاستمتاع برفاهية المذاق على حد قول مختار.

لا تضم قائمة الطعام الطواجن وحدها؛ إنما هي تمثل الأطباق التي فيها توليفة من النكهات التي تحتفي بثراء التقاليد الطهوية الشرقية، فبجانب الطواجن، يقدم المطعم لرواده قائمة طويلة من المشويات، وأنواعاً مختلفة من الحساء والأرز، والمحاشي والسلطات، إلى جانب أكلات محلية من محافظات مصرية مثل البط الدمياطي والحواوشي والسجق الإسكندراني.

يعد المطعم أن المحافظة على التراث الطهوي المصري من ضمن أهدافه، يقول مختار: «نحافظ على أصالة المطبخ المصري من خلال الحصول على أطيب المكونات، وأفضل خامات الأواني الفخارية الآمنة من الناحية الصحية؛ مما يضمن أن تكون كل وجبة بمثابة مغامرة تذوق طعام مفيد وخالٍ من أي أضرار محتملة».

دوماً ترتفع تجربة تناول الطعام الخاصة بنا إلى مستوى أعلى من المتعة والرقي، حين يكون العاملون في المطعم على دراية جيدة وواعية بفن الضيافة، وهذا ما يتحقق في «قصر الطواجن»؛ فهم يبدون بصفتهم جزءاً من النسيج الثقافي والاجتماعي الغني في مصر؛ عبر ابتسامتهم الدائمة، ومهارتهم، وسرعة تلبية احتياجات الزبائن.