{الحرس} الإيراني يتحرك ضد ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي

بوادر مواجهة جديدة بين طهران وواشنطن بشأن «النووي»

عناصر من الحرس الثوري الإيراني أثناء العرض العسكري بمناسبة ذكرى الحرب الإيرانية - العراقية (أ.ف.ب)
عناصر من الحرس الثوري الإيراني أثناء العرض العسكري بمناسبة ذكرى الحرب الإيرانية - العراقية (أ.ف.ب)
TT

{الحرس} الإيراني يتحرك ضد ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي

عناصر من الحرس الثوري الإيراني أثناء العرض العسكري بمناسبة ذكرى الحرب الإيرانية - العراقية (أ.ف.ب)
عناصر من الحرس الثوري الإيراني أثناء العرض العسكري بمناسبة ذكرى الحرب الإيرانية - العراقية (أ.ف.ب)

وجه نواب إيرانيون انتقادات للسلطات الأمنية تتعلق بالاعتقالات بحق صحافيين ومديري حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو (أيار)، وطال أحد الانتقادات الحرس الثوري بشكل مباشر في رسالة نشرها نائب إصلاحي أمس. وفي هذا السياق، أصدرت محكمة إيرانية حكماً بالسجن على ابنة الرئيس الإيراني الأسبق، أكبر هاشمي رفسنجاني، بتهمة نشر الأكاذيب بشأن الحسابات المصرفية للسلطة القضائية، طبقاً لما ذكرته وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء أمس. وفي اتجاه ثانٍ، تلوح في الأفق بوادر مواجهة جديدة بين طهران وواشنطن بشأن خرق إيران لأحد نصوص «الاتفاق النووي» الموقع مع القوى الكبرى.
ويوضح نواب إيرانيون أن الاعتقالات التي وقعت خلال الأيام الأخيرة، استهدفت أشخاصاً لم تتم تسميتهم يديرون قنوات على تطبيق «تليغرام» للتراسل الفوري تدعم الإصلاحيين وحكومة الرئيس حسن روحاني. واعتقلت السلطات أيضاً الصحافيين البارزين إحسان مازانداراني ومراد ساغافي. وكتب النائب الإصلاحي محمود صادقي رسالة مفتوحة إلى القائد العام للحرس الثوري محمد علي جعفري يدعو فيها الحرس للبقاء بعيداً عن السياسة. وقال صادقي في الرسالة التي نشرتها وكالة «إيلنا» العمالية: «بعض الأحداث في الأيام الأخيرة، بما فيها الاعتقالات المتزامنة لمديري قنوات تليغرام المقربة من الإصلاحيين والداعمين للحكومة، التي قامت بها في الظاهر ذراع المخابرات في الحرس الثوري، أثارت موجة قلق في المجتمع». وانتقد نواب آخرون أيضاً الاعتقالات في رسائل مفتوحة نشرت هذا الأسبوع. وهدد النائب المحافظ المعتدل علي مطهري بالسعي لمقاضاة وزير الاستخبارات إذا لم يقدم تفاصيل عن الاعتقالات.
ويدير الحرس الثوري جهاز استخبارات خاصاً به بشكل مستقل عن الحكومة يرتبط مباشرة بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وروحاني الذي يسعى لإعادة انتخابه في 16 مايو قام بتوحيد المعتدلين والإصلاحيين في إطار جهوده لتحسين العلاقات مع الغرب، على الرغم من فشله في إطلاق سراح الزعماء الإصلاحيين المسجونين أو تحسين الحقوق المدنية كما وعد خلال حملته الانتخابية عام 2013. وتحول تطبيق «تليغرام»، الذي يستخدمه نحو 20 مليون إيراني، إلى الموقع الأول للنقاشات السياسية في بلد يحظر فيه استخدام موقعي «فيسبوك» و«تويتر».
وحاولت السلطات السيطرة على التطبيق من خلال مطالبة القنوات التي تملك أكثر من 5 آلاف متابع بالتسجيل لدى الحكومة. ونشرت صحيفة إصلاحية أمس أن فائزة هاشمي ابنة الرئيس الأسبق الراحل أكبر هاشمي رفسنجاني حكم عليها بالسجن 6 أشهر مجدداً بتهمة «نشر الأكاذيب» بعد أن وجهت اتهامات إلى القضاء بالفساد. وهاشمي التي جاهرت بتأييدها للزعيم المعارض مير حسين موسوي خلال المظاهرات الكبيرة التي تلت نتائج انتخابات عام 2009، كانت قد نفذت عقوبة بالسجن 6 أشهر بين عامي 2012 و2013 بتهمة «تشويش الرأي العام». وكان قبل فترة، قد تم فتح ملف إدانة ابنة رفسنجاني في محكمة طهران. وفي هذا الملف، تم تسجيل اتهام لفائزة هاشمي بنشر الأكاذيب. وخضعت للتحقيق.
ورغم أن محامي فائزة هاشمي رفض الحديث عن هذا الملف، فإن المصادر القضائية أيدت هذا الخبر. وكان قد تم إصدار حكم بالسجن على فائزة هاشمي 6 أشهر بسبب إجرائها مقابلات بشأن الحسابات المصرفية المنسوبة لرئيس السلطة القضائية. وكانت فاطمة ابنة أخرى لرفسنجاني قد شككت في وقت سابق الشهر الحالي في أسباب وفاة والدها، الذي وافاه الأجل في الثامن من يناير (كانون الثاني) الماضي، إثر جلطة قلبية.
من جهة ثانية، تتحدى إيران أحد نصوص الاتفاق النووي الموقع مع القوى الكبرى، الداعي لشحن المواد الحساسة للخارج إذا تجاوز مخزونها حداً معيناً وضعه الاتفاق. ويثير هذا التحدي احتمالات حدوث مواجهة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لأن الدبلوماسيين يقولون إنه ليس أمام إيران سوى أشهر للوصول إلى هذا السقف.
وتحد الاتفاقية التي أبرمت في 2015 من الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات عن طهران. وأحد هذه القيود مفروضة على مخزونها من المياه الثقيلة، وهي وسيط يُستخدم في نوع من المفاعلات التي يمكن أن تنتج البلوتونيوم، مثل المفاعل الذي لم يتم اكتماله في آراك والذي أُزيل قلبه بموجب الاتفاق. وتجاوزت إيران مرتين بالفعل الحد المفروض على مخزونها من المياه الثقيلة الذي يبلغ 130 طناً. ولم يتم نزع فتيل أحدث مواجهة مع واشنطن بشأن هذه المسألة في ديسمبر (كانون الأول)، إلا عندما شحنت إيران الكمية الزائدة إلى سلطنة عمان، حيث يجري تخزين المياه الثقيلة إلى أن يتم العثور على مشترٍ. وقالت إيران في رسالة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة وُزعت على الدول الأعضاء يوم الخميس ونُشرت على موقع الوكالة على الإنترنت، إن الاتفاق لا يلزمها بشحن كميات المياه الثقيلة الزائدة إلى خارج البلاد.
وقالت إيران: «لا يوجد شيء في (الاتفاق) يلزم إيران بشحن المياه الثقيلة الزائدة للخارج التي عُرضت في السوق الدولية، ولكن لم تجد بعد مشترياً فعلياً يتعين تسليم المياه الثقيلة له». ويقول الاتفاق إن كل المياه الثقيلة الزائدة «ستتاح للتصدير للسوق الدولية بناء على الأسعار الدولية وتُسلم للمشتري الدولي».



نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن الموقف الإسرائيلي الرافض لمشاركة فرنسا في لجنة المراقبة على تنفيذ اتفاق الهدنة المتبلور مع لبنان، يعود إلى سلسلة ممارسات فرنسية أزعجت إسرائيل في الآونة الأخيرة، وفي مقدمتها انضمام القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي إلى بقية القضاة ليصدروا بالإجماع قرارهم إصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وقالت هذه المصادر إن الحكومة الإسرائيلية تتابع بقلق الدور الفرنسي في محكمة لاهاي. وتشير إلى قيام المحامي الفرنسي المخضرم جيل ديفرز بقيادة فريق من 300 محامٍ دولي من مختلف الجنسيات تطوعوا لتقديم التماس إلى المحكمة الجنائية الدولية يتهم إسرائيل بـ«ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، ثم جاء قرار المحكمة قبول طلب المدعي العام بإصدار مذكرة الاعتقال.

وبحسب صحيفة «معاريف»، فإنهم «في إسرائيل يقدرون أن القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي الذي وقّع على أمر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت، ما كان ليتجرأ على فعل ذلك دون أن يكون تلقى ضوءاً أخضر وإسناداً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنفسه».

وتضيف المصادر الإسرائيلية أسباباً أخرى للغضب على فرنسا، مثل قرار الحكومة الفرنسية إقصاء الصناعات الأمنية الإسرائيلية عن المشاركة في معارض السلاح الفرنسية، في مطلع الشهر الجاري.

نتنياهو وماكرون (رويترز)

ومع أن فرنسا كانت قد وقفت إلى جانب إسرائيل في مواجهة هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وساندتها بقوة في الحرب الانتقامية على قطاع غزة، واستجابت لطلب إسرائيل وامتنعت حتى الآن عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ فإن الحكومة الإسرائيلية لا تكتفي. وتريد لفرنسا أن تسلك طريق الولايات المتحدة وتقدم دعماً أعمى لها في حربها. وهي تشعر بثقة غير عادية بالنفس، أن «تعاقب» فرنسا، فتقرر ألا تسمح لها بالمشاركة في التسوية في لبنان، مع العلم أن الحكومة الإسرائيلية نفسها كانت قد توجهت عدة مرات إلى باريس تتوسل تدخلها، خصوصاً خلال الحرب على لبنان.

حوار هامس بين ماكرون وميقاتي اللذين تجمعهما علاقة قوية (إ.ب.أ)

يُذكر أن الإسرائيليين ما زالوا ينظرون بتفاؤل إلى جهود المبعوث الأميركي عاموس هوكستين، لوقف النار في لبنان. وينتظرون قراراً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يحسم فيه موقفه النهائي. فهو ما زال يدير محادثات مع رفاقه وحلفائه في اليمين المتطرف الرافضين للاتفاق والذين يطالبون بألا يسمح بعودة المواطنين اللبنانيين إلى قراهم على الحدود مع إسرائيل، وتحويل الحزام الأمني إلى منطقة خالية من السكان إلى الأبد وزرعها بالألغام.

محادثات هوكستين

ومع ذلك، فإن مصادر سياسية ادعت أن ما يعوق الاتفاق حتى الآن هو لبنان. ووفقاً لما نقلته «القناة 12» الإسرائيلية، فإن هوكستين أبدى «موقفاً حازماً وغير متهاون» خلال محادثاته مع الجانب اللبناني؛ إذ قدّم شروطاً واضحة نُقلت إلى «حزب الله»، وهو ما قالت القناة إنه «أدى إلى إحراز تقدم ملحوظ» في المحادثات.

وتوقعت جهات إسرائيلية أن يتم التوصل إلى اتفاق خلال أيام. وأفادت القناة بأن هوكستين قال في محادثات مغلقة مع مسؤولين إسرائيليين، خلال زيارته الأخيرة إلى تل أبيب التي وصل إليها قادماً من بيروت بعد محادثات مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي: «وضعت أمامهم (في إشارة إلى المسؤولين اللبنانيين) إنذاراً نهائياً، ويبدو أنه كان فعّالاً».

عقبة إيران

لكن القناة أكدت أنه على الرغم من «الأجواء الإيجابية»، فإن مصادر دبلوماسية وصفتها بـ«المطلعة»، تشير إلى «عقبة رئيسة ما زالت قائمة»، وهي أن «لبنان لم يحصل بعدُ على الموافقة النهائية المطلوبة من إيران التي تملك نفوذاً كبيراً على (حزب الله)».

وضمن التطورات الأخيرة، زار قائد القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) الجنرال مايكل كوريلا، إسرائيل، الجمعة، وعقد اجتماعاً مع رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي. وناقش الطرفان تفاصيل آلية رقابة أميركية على أنشطة الجيش اللبناني.

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي من لقاء كوريلا وهليفي في تل أبيب

ووفقاً لمسودة الاتفاق الجاري إعدادها، سيتعين على الجيش اللبناني تنفيذ عملية شاملة لإزالة الأسلحة من قرى جنوب لبنان، على أن تتولى قوات تابعة للقيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم)، مهمة «الإشراف على تنفيذ العملية ومراقبتها». وفي الوقت الذي تسير فيه المحادثات الدبلوماسية، يستمر الجيش الإسرائيلي في ممارسة ضغوط عسكرية عبر تكثيف الغارات الجوية ومحاولة توسيع عملياته البرية في إطار توغل قواته جنوب لبنان، كما أصدر هليفي تعليماته بمواصلة إعداد خطط عملياتية شاملة.

سيناريوهات

وقالت «القناة 12» إن ذلك يأتي في ظل الاستعدادات الإسرائيلية لإمكانية «انهيار المفاوضات أو خرق الاتفاق من جانب (حزب الله)». وأفادت بأن الجانب الإسرائيلي يرى أن «هذه السيناريوهات قد تستدعي تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية». وذكرت القناة أن «إحدى القضايا التي لا تزال بحاجة إلى حلّ، هي تشكيل اللجنة التي تشرف على تنفيذ الاتفاق بين إسرائيل ولبنان»، مشيرة إلى أن تل أبيب «تصرّ على ألّا تكون فرنسا جزءاً من الاتفاق، ولا جزءاً من اللجنة التي ستشرف على تنفيذه».