العثماني: هناك أطراف تريد التشويش على تجربة المغرب

ابن كيران اعتبر إعفاءه أمراً عادياً... وأكد أنه سيساعد رئيس الحكومة الجديد

سعد الدين العثماني خلال وصوله لحضور الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الذي عقد بسلا أمس (أ.ب)
سعد الدين العثماني خلال وصوله لحضور الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الذي عقد بسلا أمس (أ.ب)
TT

العثماني: هناك أطراف تريد التشويش على تجربة المغرب

سعد الدين العثماني خلال وصوله لحضور الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الذي عقد بسلا أمس (أ.ب)
سعد الدين العثماني خلال وصوله لحضور الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الذي عقد بسلا أمس (أ.ب)

قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربي المكلف ورئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، إن المغرب «يمر اليوم بظرفية سياسية صعبة تتطلب قسطاً عالياً من النضج والمسؤولية ورؤية بعيدة المدى».
وأوضح العثماني، الذي كان يتحدث أمس خلال الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي عقد بسلا المجاورة للرباط، في جلسة مغلقة خصصت لمناقشة تداعيات إعفاء عبد الإله ابن كيران الأمين العام للحزب من مهمة تشكيل الحكومة وتعيينه خلفاً له «إن المدة التي استغرقتها مشاورات تشكيل الحكومة كشفت أن أطرافاً أخرى، تريد أن تشوش على تجربة المغرب و(العدالة والتنمية) كفاعل سياسي وطني».
من جهة أخرى، صرح العثماني لوسائل الإعلام قبل انعقاد الاجتماع بأنه ليس لديه بعد أي تصور بخصوص المشاورات المتعلقة بالحكومة المقبلة، وقال بهذا الخصوص: «ليس لدي إلى حد الساعة أي تصور من أين سأبدأ المشاورات، ومع من وكيف؟ وكما يقال لكل داخل دهشة فاحترموا دهشتي».
وأعلن العثماني أنه قبل بدء المشاورات مع الأحزاب السياسية، سيستمع لتوجهات أعضاء المجلس الوطني، وبعده لأعضاء الأمانة العامة للحزب، مؤكداً أن المجلس، وكما عهد عليه، يعلي دائماً في قراراته السياسية المصلحة العليا للوطن، مع كل ما تقتضيه من روح المسؤولية.
وقال مصدر حضر الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إن العثماني كشف أمام أعضاء المجلس عن الحديث الذي دار بينه وبين الملك محمد السادس خلال استقباله بالقصر الملكي في الدار البيضاء، وقال إن الملك أخبره بأنه «يريد الاستمرار في العمل مع حزب العدالة والتنمية لأنه حزب وطني له أهميته»، وطلب منه إبلاغ تحياته لأعضاء الحزب.
وقال العثماني مخاطباً أعضاء المجلس الوطني إن قوة الحزب تتمثل في 3 أمور؛ أولها منهجه الذي تجلى في تمسكه بالثوابت الوطنية، والتدرج في الإصلاح، والتوافق مع الفرقاء السياسيين. وثاني هذه الأمور هي وحدة الحزب، وقال في هذا السياق: «إننا نحرص دائماً على أن نسير إلى الأمام موحدين»، فيما يتمثل الأمر الثالث في القاعدة الاجتماعية، مؤكداً أن العدالة والتنمية حزب متمسك بالملكية والمصلحة الوطنية بصدق، وفقاً لما نقله الموقع الرسمي للحزب.
وعبر العثماني عن اعتزازه الكبير بالتعيين الملكي، ووصف الملك محمد السادس بـ«اللطيف والطيب»، قائلاً إن «المسؤولية الملقاة على عاتقي ثقيلة، في ظرفية سياسية يقظة تحتاج إلى بعد النظر واستحضار منهج الحزب الذي سرنا عليه باستمرار».
من جهته، اعتبر عبد الإله ابن كيران، الأمين العام للحزب، إعفاءه من طرف الملك محمد السادس من مهمة تشكيل الحكومة «أمراً عادياً»، وقال إن «صاحب الجلالة عينني، وجلالة الملك أعفاني جزاه الله خيراً، الموضوع انتهى بالنسبة لهذه القضية، وعبد الإله ابن كيران بالنسبة للحكومة انتهى».
وأضاف ابن كيران، قبل اجتماع المجلس أن الملك محمد السادس «قرر أن يعين شخصاً آخر من الحزب، وحدث ذلك، ونحن سنناقش في المجلس كل هذه الأمور دفعة واحدة»، موضحاً أنه هنأ رئيس الحكومة المكلف، وتمنى له التوفيق، «وإذا استطعت أن أساعده فسأفعل ما أقدر عليه».
وخلال مخاطبته أعضاء المجلس الوطني، قال ابن كيران إن «الحزب لا يزال في بداية طريق الإصلاح، ولكي نستمر من الضروري ألا ننسى الحفاظ على بعض الأمور، وفي مقدمتها المرجعية الإسلامية، والمؤسسة الملكية، وأمن واستقرار بلدنا».
وتابع ابن كيران موضحاً أن «حزبنا يقوم على المرجعية الإسلامية، وهذا في حد ذاته إلهام من الله»، مبرزاً أنها «تعني نظافة اليد وصدق القول والوفاء بالعهد والوعد والعقد، وحسن السلوك».
وحث ابن كيران أعضاء المجلس على الحفاظ على المؤسسة الملكية، وخاطبهم قائلاً: «إنكم إذا حافظتم على المؤسسة الملكية ستحافظون على المغرب، ولو جاز أن أصفها بـ(عقيدة سياسية) لفعلت»، وزاد قائلاً إن «مرجعيتنا هي التي علمتنا هذا، كما علمتنا أن نحافظ على الاستقرار والأمن في بلدنا»، مضيفاً أن الحزب أتى للمساهمة في الإصلاح، وقام بمسار موفق جداً، «وأنتم ترون كيف يقيم في الداخل والخارج، وسنواصل مسلسل الإصلاح سواء من داخل الحكومة أو من خارجها».
وكشفت تسريبات من اجتماع المجلس الوطني للحزب أن ابن كيران أخبر أعضاء المجلس المجتمعين أن الملك محمد السادس اتصل به أول من أمس. وقال ابن كيران، حسب التسريبات إن «الملك محمد السادس اتصل بي، وكان ودوداً معي، لكن اعذروني لن أحكي لكم تفاصيل ما دار بيني وبينه، فالحديث مع الملوك يبقى سرياً».
من جانبه، قال مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات وعضو الأمانة العامة للحزب، الذي كان أحد المرشحين لخلافة ابن كيران إن «الملك محمد السادس احترم المنهجية الديمقراطية مرتين»، موضحاً أنه «في المرة الأولى اختار أمين عام الحزب الأول لتشكيل الحكومة، وفي المرة الثانية عين الرجل الثاني في الحزب بعد أن تعذر على الأمين العام تشكيل الحكومة للأسباب التي تعرفونها والتي يمكن أنكم لا تعرفونها».
وبخصوص القرار الذي يمكن أن يخرج به المجلس الوطني، قال الرميد إن المجلس سيزكي في الغالب ما أشارت إليه الأمانة العامة للحزب، قائلاً: «إن كانت للمجلس الوطني الحرية في التعبير عن المواقف التي يريدها، فأعتقد أنه لن يخرج عن إطار ما أشارت إليه الأمانة العامة من التجاوب الإيجابي مع البيان الملكي».
ووصف الموقع الإلكتروني الرسمي للحزب أمس أشغال المجلس بأنها مرت في أجواء حماسية، موضحاً أن أعضاء المجلس استقبلوا ابن كيران وقيادة الحزب بالشعارات الحماسية، وذكّر بأن «هذه الأجواء تعكس روح الوحدة والانسجام داخل الحزب، وتقدم صورة واضحة على أن الحزب متماسك بمنهجه وبسلوك قيادته والتفاف بقية أعضائه وقواعده حول القيادة، وهو ما سيجعل خصومه ينتظرون طويلاً وبلا أمل في تحقيق مسعاهم وأمانيهم في خلق الانقسام داخل الحزب»، وذلك رداً على من رأى أن إعفاء ابن كيران وتعيين العثماني خلفاً له سيؤدي إلى انقسام الحزب أو إضعافه على الأقل.
من جهة أخرى، قالت مصادر متطابقة حضرت الاجتماع، إن جل مداخلات أعضاء المجلس الوطني للحزب أجمعت على عدم الرضوخ للشروط التي وضعها عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، لا سيما المتعلقة بإدخال حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى الحكومة، موضحة أن الاتجاه داخل المجلس الوطني للحزب هو تبني موقف الأمانة العامة، التي عبرت في وقت سابق عن رفضها قبول مشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.