بري يطالب بالعودة لمناقشة قانون جديد للانتخابات باعتباره من «الأولويات»

الكتل السياسية اللبنانية تحاول احتواء أزمة «الضرائب» عشية تحركات شعبية بوسط بيروت

اعضاء في الحزب الشيوعي اللبناني أثناء تظاهرهم في بيروت أمس ضد فرض ضرائب جديدة (إ.ب.أ)
اعضاء في الحزب الشيوعي اللبناني أثناء تظاهرهم في بيروت أمس ضد فرض ضرائب جديدة (إ.ب.أ)
TT

بري يطالب بالعودة لمناقشة قانون جديد للانتخابات باعتباره من «الأولويات»

اعضاء في الحزب الشيوعي اللبناني أثناء تظاهرهم في بيروت أمس ضد فرض ضرائب جديدة (إ.ب.أ)
اعضاء في الحزب الشيوعي اللبناني أثناء تظاهرهم في بيروت أمس ضد فرض ضرائب جديدة (إ.ب.أ)

اعتبر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إقرار قانون الانتخابات النيابية المقبلة «أولوية»، محذراً من أن الاشتباك السياسي الذي اندلع الخميس الماضي في البرلمان، على خلفية المناقشات المرتبطة بزيادة الضرائب: «حملة منظمة على مجلس النواب، والهدف تطيير قانون الانتخاب والانتخابات». ومن جانب آخر، وقّع وزير الداخلية نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، ورفعه إلى رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي سيرفعه إلى رئيس الجمهورية ميشال عون مع انتهاء المهلة اليوم (الأحد).
الاشتباك في البرلمان الأسبوع الماضي، خلال المناقشات الهادفة إلى زيادة الضرائب بهدف تمويل «سلسلة الرتب والرواتب»، شكّل أول اختبار جدي للعهد الجديد بعد انتخاب رئيس للجمهورية؛ وذلك لأنه حمل ملامح مواجهة بين الحكومة وهيئات المجتمع المدني الذين ازدادت وتيرة اعتراضهم على الضرائب. وهو ما دفع الكتل السياسية إلى التحول باتجاه «سياسة احتواء» للأزمة، بدأت معالمها تتشكل بانفضاض كتل سياسية عن إقرار الضرائب، وتنصّل أفرقاء آخرين منها، وإيضاحات أخرى بأن الضرائب لن تستهدف الطبقات الفقيرة.
ولقد شدد رئيس مجلس النواب في بيان له، على أن «ما يحصل في حقيقته المخفية عمدا هو حملة منظمة على مجلس النواب، والهدف تطيير قانون الانتخاب والانتخابات؛ بدليل أن العمل كان قائما على قدم وساق للوصول إلى قانون انتخابي، وفجأة تحول إلى موضوع السلسلة»، في إشارة إلى المناقشة المرتبطة بسلسلة الرتب والرواتب. وأردف أن هذا حصل «علما بأن السلسلة حق للناس والإداريين والأساتذة (...) منذ أكثر من عشر سنوات، وكان يجب الآن إدخالها في الموازنة لا الاكتفاء بتحديد قيمتها الرقمية، مع ذلك مافيات مصرفية ومؤسسات بحرية تحركت في كل اتجاه تماما كما في عام 2014؛ في سبيل عدم تمويلها، والغريب أنها تحاول أن تستخدم من يجب أن يستفيد منها».
وتابع بري «واجبات المجلس النيابي إقرار حقوق الناس، وعلى الحكومة تأمين الإيرادات من خلال الموازنة، لا أن تكون سيوفها على السلسلة وقلوبها على المافيات»، وشدد على توجهه «لإعادة الأمور إلى نصابها»، محدداً أولويات المباحثات اللبنانية. وتابع أن «العمل سيكون من الآن فصاعدا على أولوية قانون الانتخابات، وتعيين لجنة تحقيق برلمانية لكشف الفساد والمفسدين ومحاكمتهم، ولإقرار السلسلة لكل ذوي الحقوق، وإقرار الموازنة»، مكرراً أن خلفية كل ما جرى «هو سياسي ولعدم الوصول إلى قانون انتخاب».
في هذه الأثناء، سارعت القوى السياسية اللبنانية إلى احتواء الأزمة الناشئة على خلفية الاعتراضات الواسعة على الضرائب، بموازاة دعوات من المجتمع المدني صدرت لحشد متظاهرين اليوم في وسط بيروت. وبدأت الاعتصامات الرمزية منذ الجمعة؛ تمهيدا للحشد لمظاهرة اليوم، ونفذ أحدها أمس (السبت) الحزب الشيوعي الذي دعا أمينه العام، حنا غريب، اللبنانيين للنزول إلى الشارع «لتغيير الطبقة السياسية ولإسقاط النظام الضريبي الجائر على الفقراء».
في المقابل، وعلى خط الكتل السياسية، أوضح رئيس تكتل التغيير والإصلاح (التيار العوني) وزير الخارجية جبران باسيل بعد اجتماع التكتل الاستثنائي، أن «السلسلة مطلب فئات كبيرة في القطاع العام، و80 في المائة من الضرائب تطال الطبقات الميسورة فقط، والباقي يشمل الجميع». وتابع: «قبلنا بالـtva (الضريبة على القيمة المضافة) على مضض، لكن في المقابل هناك مواد استهلاكية معفاة منها، وهناك علاج للتهرب الضريبي بناء على قرارات اتخذت في مجلس الوزراء»، مشيراً إلى أنهم «تكلموا بداية عن tva بقيمة 15 في المائة، ولم نقبل إلا أن تكون 11 في المائة». وأضاف باسيل «لن نسمح بتطيير إنجازاتنا، فنحن نجحنا في فرض ضرائب على مجالات كانت محرمة سابقا، مثل الربح العقاري، ولم يتجرأ أحد سابقا على تناول موضوع الأملاك البحرية، وكذلك المصارف والشركات بموضوع الضرائب، واليوم أصبح هذا الموضوع قيد الإقرار».
من جهته، اعتبر الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، أنه يمكن تمويل سلسلة الرتب والرواتب من دون زيادة ليرة واحدة على الفقير، قائلا: «الأمر يحتاج إلى قرار جريء، وإلى تنازل عن بعض الامتيازات، وإلى بعض التقشف». واستطرد «سيتم الاتفاق على لقاء مصغر للكتل النيابية لإعادة النظر بتمويل السلسلة وسنقدم فيه طرحا لبدائل تمويلها».
وفيما بدا أنه انسحاب من فرض الضرائب، أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن حزبه ضد أي زيادة للضرائب «كما أننا لسنا مع أن تقوم الدولة بصرف الأموال في الوقت الحاضر»، مشيراً إلى أن «وزراء القوات سينقلون اقتراحات واضحة جدا إلى مجلس الوزراء تتعلق بالإبقاء على موازنة الدولة كما كانت عليه في العام الماضي؛ إذ لسنا في وضعية تتيح لنا زيادة سنوية بالإنفاق بين ألفين و4 آلاف مليار ليرة».
وأكد جعجع «إننا متمسكون بمجموعة إصلاحات قادرة على تحسين وضع الدولة المالي، وليس عبر فرض بعض الضرائب من هنا أو من هناك؛ فالهدر في الدولة كبير جدا، والفساد أكبر وأكبر، ونحتاج إلى وقت طويل للخروج من هذا الوضع». ولفت إلى أن «وقف الهدر عبارة عن عملية طويلة تحتاج إلى مجموعة تدابير تبدأ اليوم، وتستغرق من سنة إلى ثلاث سنوات حتى تنتهي، ولكن من اليوم وإلى حين تحقيق هذا الهدف المنشود يجب تقليص حجم المصروف في الدولة لكي تتجنب فرض ضرائب جديدة».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.