بلال عبد الكريم... أميركي يدير منصة {دعائية للمتشددين}

صحافي يرسل تقاريره من سوريا باللغة الإنجليزية

بلال عبد الكريم... أميركي يدير منصة {دعائية للمتشددين}
TT

بلال عبد الكريم... أميركي يدير منصة {دعائية للمتشددين}

بلال عبد الكريم... أميركي يدير منصة {دعائية للمتشددين}

على امتداد طريق طويل بشمال سوريا، سُمع أزيز صاروخ يخترق السماء ليفجر سيارة على الأرض ويقتل متطرفا مسلحا، ويحيل السيارة إلى حطام بأحد حقول الزيتون. وبعد ذلك بقليل وصل إلى موقع الانفجار رجل أميركي من أصول أفريقية، جاء ليوثق ما جرى، وكان أصلع وملتحيا، اعتنق الإسلام قبل مجيئه إلى سوريا، وكان يعمل في السابق ممثلا كوميديا في مدينة نيويورك. وفي مواجهة الكاميرا، وقف بلال عبد الكريم وعلامات الغضب العارم بادية على وجهه ليعرض شظايا الصاروخ الذي قال إنه انطلق من طائرة «درون» وأنه تسبب في إصابات لأطفال كانوا يلهون بالقرب من المكان، نقلوا بعدها جميعا إلى المستشفى. «البعض هنا لا يستحسن ما جرى»، في إشارة إلى الضربة الصاروخية، متسائلا إن كان ما يجري «حربا مفتوحة» على السوريين، طالما أن دولا مثل الولايات المتحدة مصرة على استهداف رجل بعينه هناك.
كان هذا التقرير ضمن مئات التقارير التي أرسلها عبد الكريم من سوريا في السنوات الأخيرة، ليذيع صيته بعدها كصوت فريد يغطي الأحداث من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، والتي فر منها غيره من المراسلين الأجانب خشية تعرضهم للاختطاف وقطع رقابهم على يد المتشددين.
ونجح عبد الكريم في إجراء لقاءات صحافية مع مقاتلين أجانب من بريطانيا ودول عربية، وواصل عمله رغم الحصار الذي فرضته القوات الحكومية على شرق حلب العام الماضي. وعلى الرغم من انتقاده القوي للمتطرفين بتنظيم داعش، فقد أجرى مقابلات كثيرة مع أعضاء فرع تنظيم القاعدة باليمن، وفي إحدى هذه المقابلات شرح عبد الكريم كيف أن الانضمام إلى القتال في سوريا يعد واجبا دينيا، وأن المقاتلين في سوريا هم «خط الدفاع الأول» في مواجهة الشيعة.
وتسببت هذه المقابلات في أن يلقب عبد الكريم بـ«مسؤول دعاية المتشددين». وتقول حكومة النظام السوري وحلفاؤها الروس، إنه يشعر بالسعادة الغامرة لوجوده وسط الإرهابيين.
ورغم أن الولايات المتحدة لم تتخذ موقفا معلنا من العمل الذي يؤديه عبد الكريم، فإن محللي الإرهاب أفادوا بأن ما يقوم به هو بمثابة منصة غير ناقدة للمتطرفين باللغة الإنجليزية.
وأفاد ألبرتو فرنانديز، مسؤول رفيع سابق بمجال مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأميركية، ويشغل حاليا منصب نائب مدير «معهد أبحاث إعلام الشرق الأوسط»، بأن ما يقوم به عبد الكريم «هو أسلوب ناعم محلى بالسكر». غير أن لهذا النهج فائدته الكبيرة لاستراتيجية فرع «القاعدة» باليمن، المعروف بـ«جبهة النصرة» التي انضمت إلى تيارات معارضة أخرى لتغير اسمها وتعلن انفصالها عن «القاعدة»، وهي التحركات التي لم تقنع الولايات المتحدة بأن هذا التنظيم قد غير من نهجه، بحسب فرنانديز. أضاف: «لكن بالنسبة للعالم الخارجي، فإن الداخل السوري، ووفق ما يروج له على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك جهد لإعادة تصويرهم باعتبارهم متشددين ألين أفئدة وأكثر لطفا» وأن عبد الكريم كان جزءا من هذا الجهد.
كان الهم الأكبر لعبد الكريم أن يبدو مختلفا، فعندما تواصلت معه بشأن عمله، اقترح مازحا أن ألبي دعوته على العشاء، حيث يوجد شمال سوريا.
وفي سلسلة من المقابلات الشخصية عبر تطبيق «سكايب»، ناقش عبد الكريم طبيعة عمله، وكيف أنه تحول من صبي دائم التردد على الكنيسة بمنطقة ماونت فيرنون بولاية نيويورك، إلى مراسل غير اعتيادي بمناطق الحرب في الشرق الأوسط. وأصر على أنه كان مراسلا صحافيا مستقلا لا ينتمي لأي تنظيم مسلح، ويعارض العنف ضد المدنيين، ولم يحمل السلاح من قبل. وتساءل مازحا: «هل تعتقد أن الحرب الجارية في حاجة إلى رجل أسود أصلع يحمل كلاشنيكوف؟» لكنه اعترف بأنه يتحدث مع أعضاء التنظيمات المتشددة المسلحة في سوريا، ومنها «القاعدة» ليكون بمثابة نافذة أمام الجمهور الغربي للاطلاع على آرائهم.
غالبا ما يصف الغرب المقاتلين بالإرهابيين من دون فهم الحافز الذي يحركهم، وهو ما وضع الطرفين في صراع خاسر ولا نهائي، بحسب عبد الكريم، صراع لن يحل إلا من خلال الحوار. لكنه اعترف بأن تلك الأمنية بعيدة المنال، خاصة بعد تصريح الرئيس ترمب بالبيت الأبيض الذي دعا فيه إلى تصعيد المواجهة مع «الإسلام الراديكالي المتطرف». أضاف: «أستطيع إجراء هذه الحوارات مع أعضاء (القاعدة)، وأحيانا أنجح في إقناعهم وأحيانا لا أنجح. لكني أتساءل: هل سيرحبون بي مثلا لو أنني توجهت إلى واشنطن وقلت: اسمعوني، أريد أن أتحدث إليكم بشأن القاعدة؟ ترى هل سيعطونني نفس كوب الشاي المحلّى بالسكر».
كان اسم عبد الكريم عند الميلاد دوريل لامونت فيلبس، وتولت أمه تربيته بمنطقة ماونت فيرنون.
ويظهر عبد الكريم مبتسما في صورة التقطت له عام 1988 أثناء دراسته الثانوية، لكنه انتقل بعد ذلك إلى نيويورك، حيث انضم لفرقة موسيقية وعمل بالمسرح كممثل «ستاند أب كوميدي»، قبل أن يعتنق الإسلام الذي جذبه بأسلوب تناوله لمفهوم الذات الإلهية، ومفهومه للحياة النظيفة.
بعد ذلك قرر عبد الكريم دراسة اللغة العربية ليستطيع فهم القرآن بنفسه، ثم سافر إلى السودان قبل أن يستقر في مصر التي حصل فيها على عمل كممثل لبرنامج ديني باللغة الإنجليزية بقناة تلفزيونية سعودية. غير أنه ترك العمل بالقناة بسبب اهتمامه بالأحداث الجارية في سوريا. ولاحقا أعد أفلاما وثائقية في ليبيا ورواندا وفي غيرها لصالح قناة تلفزيونية بريطانية.
* خدمة «نيويورك تايمز»



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.