وزارة العمل السعودية تحاصر تحديات استقدام العمالة المنزلية عبر «مساند»

تستهدف خفض تكلفة الاستقدام... والقضاء على السماسرة

وزارة العمل السعودية تحاصر تحديات استقدام العمالة المنزلية عبر «مساند»
TT

وزارة العمل السعودية تحاصر تحديات استقدام العمالة المنزلية عبر «مساند»

وزارة العمل السعودية تحاصر تحديات استقدام العمالة المنزلية عبر «مساند»

في وقت تبحث فيه وزارة العمل السعودية الحلول المناسبة لإنهاء أزمة استقدام العمالة المنزلية، كشفت الوزارة يوم أمس، عن عزمها توفير بيئة مثالية لقطاع استقدام العمالة المنزلية من خلال برنامج «مساند» المعني بشؤون العمالة المنزلية، مبينة أن عدد المواطنين والمواطنات المسجلين في هذا البرنامج بلغ أكثر من 600 ألف مواطن ومواطنة.
وبحسب معلومات توفرت لـ«الشرق الأوسط» أمس، تستهدف وزارة العمل السعودية خفض تكلفة استقدام العمالة المنزلية إلى البلاد، بالإضافة إلى القضاء على عمليات التلاعب التي قد تحدث في نشاط استقدام العمالة المنزلية، في وقت بلغ فيه عدد مكاتب وشركات الاستقدام المسجلة في موقع «مساند»، أكثر من 600 مكتب وشركة.
ووفقاً للإحصائيات الأخيرة لموقع «مساند»، الذي يعد من مبادرات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية التي تربط الجهات المعنية المسؤولة بكل ما يتعلق بالعمالة المنزلية تحت مظلة واحدة، فقد بلغ عدد مكاتب وشركات الاستقدام المسجلة 605 مكاتب، في حين بلغ عدد العمالة المستفيدة من الموقع 61.4 ألف عامل وعاملة، بالإضافة إلى وجود أكثر من 40 ألف سيرة ذاتية لعمال الخدمة المنزلية في الموقع.
وقالت وزارة العمل السعودية في بيان صحافي يوم أمس: «يعتبر (مساند) نواة التحول الإيجابي لخدمات الاستقدام من خلال طرح مجموعة من الحلول التطويرية الرامية لتحسين بيئة عمل هذا القطاع تحت مظلة هذا البرنامج؛ إذ يهدف إلى تحسين وتطوير قطاع العمالة المنزلية في المملكة، وذلك عبر تنسيق العلاقة بين مزودي الخدمة من مكاتب وشركات الاستقدام، وأصحاب العمل المستفيدين من الخدمات التي يقدمها مساند، وعمال الخدمة المنزلية، وذلك من خلال تقديم تطبيقات تقنية مبتكرة وخدمات إلكترونية تستهدف أصحاب العمل ومقدمي الخدمات في المملكة وخارجها».
وأكدت الوزارة أنها تسعى من خلال برنامج مساند إلى حماية حقوق جميع الأطراف بما يضمن تحقيق العدالة والشفافية، والقضاء على السماسرة والمكاتب غير المرخص لها من خلال التحكم بإجراءات التعاقد الداخلية والخارجية، كما تسعى إلى توفير منصة إلكترونية تمكن المستخدمين من الوصول إلى جميع المعلومات والأخبار المتعلقة بقطاع العمالة المنزلية في المملكة، وتقليل التكاليف على المستوى المتوسط عن طريق التحكم بالتحصيل المالي الإلكتروني بين المستفيد من خدمات عمال الخدمة المنزلية ومزود الخدمة.
يذكر أن برنامج «مساند» أطلقته الوزارة في 16 مارس (آذار) 2014، ليتيح لعملائه التعرف على الحقوق والواجبات، ورفع التوعية بالعلاقة التعاقدية للطرفين، بالإضافة إلى التعريف بآلية تقديم الشكاوى والنزاعات، وتوفير المستندات المطلوبة كطلب استقدام عمال الخدمة المنزلية، ونماذج الخدمات ذات العلاقة.
وتأتي هذه التطورات، في وقت تسعى فيه وزارة العمل السعودية إلى سد حاجة السوق من العاملات المنزليات اللاتي يتم استقدامهن من عدة دول، مما حدا بها إلى فتح الاستقدام من بنغلاديش، بعد أن كانت العاملات المنزليات من إندونيسيا قبيل عام 2010 يمثلن النسبة الكبرى من العاملات المنزليات اللاتي يتم استقدامهن للعمل في السعودية، وذلك قبل أن يتم فتح مجال الاستقدام من عدة دول.
وتتمثل الإجراءات التي فرضتها وزارة العمل السعودية في شهر أغسطس (آب) 2015، في تحديد مدة استقدام العمالة المنزلية بـ60 يوما سقفا زمنيا أعلى لمدة الاستقدام، كما جرى منع شركات ومكاتب الاستقدام من تحصيل مبلغ العقد كاملا عند التوقيع، على ألا تتجاوز الدفعة الأولى أكثر من 25 في المائة من قيمة العقد، ويجري دفع القيمة المتبقية للشركة أو المكتب عند إشعار المستفيد كتابة بالسداد، مع ما يفيد التأشير على جواز سفر العامل أو العاملة من السفارة السعودية في البلد المرسل للعمالة.
وعلى صعيد الغرامات، أقرت وزارة العمل السعودية قيمة جديدة للغرامات المالية في حال تأخر وصول العامل أو العامل البديل عن 60 يوما، لتصبح قيمة الغرامة مائة ريال (26.6 دولار) عن كل يوم تأخير، وبحد أقصى لا يتجاوز 3 آلاف ريال (800 دولار).
وأبانت وزارة العمل السعودية حينها أنه في حال تجاوزت مدة تأخر وصول العامل أو العامل البديل 30 يوما عن المدة المتفق عليها، يصبح العقد ملغى تلقائيا، وعلى الشركة أو المكتب إعادة التكاليف التي جرى دفعها، وقالت: «سيحد هذا الإجراء من جمع أموال المواطنين، ثم الانتظار لحين اكتمال الطلبات والسفر لاحقا للبلد المرسل للبحث عن طلب المواطن وإتمام إجراءات الاستقدام».



​الرسوم تعصف بآفاق النمو... البنك الدولي يخفض توقعاته لمنطقة الشرق الأوسط

رئيس البنك الدولي أجاي بانغا يتحدث خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)
رئيس البنك الدولي أجاي بانغا يتحدث خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

​الرسوم تعصف بآفاق النمو... البنك الدولي يخفض توقعاته لمنطقة الشرق الأوسط

رئيس البنك الدولي أجاي بانغا يتحدث خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)
رئيس البنك الدولي أجاي بانغا يتحدث خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)

خفّض البنك الدولي توقعاته بشكل حاد لنمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى ما نسبته 2.6 في المائة و3.7 في المائة في عامي 2025 و2026 على التوالي للمرة الثانية هذا العام، من 3.4 في المائة و4.1 في المائة في توقعات يناير (كانون الثاني)، خفضاً من 3.8 في المائة لهذا العام في توقعاته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 (من دون تعديل توقعات العام المقبل)، وذلك في ضوء تراجع متوقع لآفاق الاقتصاد العالمي جراء تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية، والتعريفات المضادة لها.

وكان صندوق النقد الدولي قدّم، يوم الثلاثاء، نظرة متشائمة بشأن نمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعامين الحالي والمقبل، وتوقع نموها بنسبة 2.6 في المائة في العام الحالي و3.4 في المائة في العام المقبل، مما يمثل خفضاً بنحو 0.9 نقطة مئوية، و0.5 نقطة مئوية على التوالي مقارنة بتقديراته السابقة في بداية العام.

وقال البنك في مرصده الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا تحت عنوان: «كيف يمكن للقطاع الخاص تعزيز النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، الذي أطلقه خلال اجتماعات الربيع المنعقدة حالياً في واشنطن بينه وبين الصندوق النقد الدولي، إن هذه التوقعات يكتنفها كل من الصراع، والمناخ، والصدمات المتطرفة، وتقلبات أسعار النفط، والتطورات الجيوسياسية العالمية الآخذة في التغير، موضحاً أن حالة عدم اليقين هذه تتفاقم بسبب الآثار غير المباشرة المحتملة للتباطؤ العالمي وتقلبات أسعار الفائدة على النمو العالمي وديناميكيات التضخم.

ويشير التقرير كذلك إلى أن الصراع يمكن أن يقوض قوة من التقدم الاقتصادي، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية طويلة الأمد.

وقد نمت المنطقة بنسبة متواضعة بلغت 1.9 في المائة في عام 2024، بتراجع طفيف من توقعاته السابقة البالغة 2 في المائة، وفق التقرير. ومع ذلك، من المتوقع أن يكون الانتعاش في البلدان المستوردة للنفط مدفوعاً بزيادة الاستهلاك، في ظل تراجع معدلات التضخم، إلى أن تعافي القطاع الزراعي في بعض الاقتصادات لا يزال يواجه درجة عالية من عدم اليقين، مدفوعة بتقلبات الطقس.

وفود تستعد للدخول إلى مبنى صندوق النقد الدولي حيث تعقد اجتماعات الربيع (أ.ب)

التضخم

يقول التقرير إنه خلال عام 2024 استمرت الضغوط التضخمية في الاعتدال في المنطقة، متتبعة اتجاهات التضخم في بقية العالم. لكنه يشير إلى أن حالة عدم اليقين المحيطة بالسياسة التجارية قد تؤدي إلى إعادة إشعال الضغوط التضخمية في المنطقة.

وتشير تقديرات البنك إلى أن التضخم في المنطقة بلغ 2.2 في المائة عام 2024، لكنه يتوقع ارتفاعه إلى 2.4 في المائة خلال 2025 ليعود فيتراجع إلى 2.3 في المائة خلال 2026.

دول الخليج

بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، التي تشمل البحرين والكويت وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فيتوقع البنك الدولي أن يرتفع نمو ناتجها المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 3.2 في المائة في عام 2025، ثم إلى 4.5 في المائة في عام 2026، بتراجع هذا العام عن توقعات أكتوبر 4.1 في المائة، فيما رفع توقعاته للعام المقبل إلى 4.5 في المائة من 4.4 في المائة.

ومن المتوقع أن تدعم معدلات النمو انتعاش إنتاج النفط وجهود التنويع الاقتصادي في القطاعات غير النفطية، لا سيما في دول مثل عُمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. كما أنه من المتوقع أن يتعافى الاقتصاد بفضل التراجع التدريجي عن تخفيضات إنتاج النفط التي حددتها «أوبك بلس»، وهو ما من المتوقع أن يعزز النشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط. وبالإضافة إلى ذلك، بحسب التقرير، لا تزال المبادرات المحددة التي تهدف إلى تنويع الاقتصادات بعيداً عن الاعتماد على النفط تشكل مسار النمو، خصوصاً في السعودية والإمارات، حيث تتوسع القطاعات غير النفطية.

وبالنسبة للتضخم في دول الخليج، فيتوقع التقرير أن يبلغ ما نسبته 2.4 في المائة في 2025 ارتفاعاً من توقعات أكتوبر بواقع 2 في المائة، ليعود فيتراجع إلى 2.3 في المائة خلال 2026.

لكن التقرير يرى أنه على الرغم من التوقعات الإيجابية، فإنه لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي تواجه مخاطر ناجمة عن تقلبات أسعار النفط العالمية، والاضطرابات التجارية المحتملة، والبيئة الاقتصادية العالمية غير المؤكدة التي قد تضعف آفاق التعافي. كما تشمل التحديات الأخرى الحاجة إلى الاستمرار في الاستثمار برأس المال البشري والبنية الأساسية لضمان قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات والتكيف مع الظروف المتغيرة.

العاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

دور القطاع الخاص

ويستكشف التقرير الدور الحيوي للقطاع الخاص في دفع عجلة النمو، ويؤكد على قدرة الشركات على خلق فرص العمل وتحفيز الابتكار. وفي المقابل، يشير التقرير إلى أن غياب قطاع خاص مزدهر يعيق النمو القوي في المنطقة.

ويخلص التقرير إلى أن القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يفتقر إلى الديناميكية، فقد شهد نمو الإنتاجية العمالية تراجعاً كبيراً في معظم أنحاء المنطقة. إن القليل من الشركات تستثمر وتبتكر، ولا يوجد سوى القليل من الشركات القادرة على المنافسة على المستوى الدولي، والقليل منها مدرج في قائمة الشركات الرائدة، علاوة على ذلك، لا يزال هناك قطاع رسمي صغير عالق، وقطاع غير رسمي كبير. ولا يشارك سوى عدد قليل من النساء في القطاع الخاص من حيث الإنتاجية.

وأشار أوسمان ديون، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أن «المنطقة لطالما عانت من نقص رأس المال البشري. وتستبعد النساء إلى حد كبير من سوق العمل. ويمكن للشركات التي ستوظف بدورها مزيداً من النساء أن تجتذب مزيداً من المواهب من القيادات النسائية».

لقاء في واشنطن بين وزير المالية السعودي محمد الجدعان ونائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أوسمان ديون (منصة إكس)

وأضاف: «سد الفجوة بين الجنسين في التشغيل من شأنه أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في نصيب الفرد من الدخل بنحو 50 في المائة بأي اقتصاد من اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».

وتلعب الحكومات والمؤسسات أدواراً تكميلية في تطوير قطاع الأعمال. ويمكن للحكومات، بالتشاور مع القطاع الخاص، تعزيز المنافسة في الأسواق، وتحسين بيئة الأعمال، والاستثمار في البنية التحتية والبيانات لتعزيز أداء الشركات.

وقالت روبرتا غاتي، رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي إن «وجود قطاع خاص ديناميكي يعد أمراً ضرورياً لإطلاق العنان للنمو المستدام والازدهار في المنطقة. ولتحقيق هذه الإمكانات التنافسية، يجب على الحكومات في جميع أنحاء المنطقة أن تتبنى دورها بوصفها ميسراً».

وأكد التقرير أن مستقبلاً أكثر إشراقاً للقطاع الخاص في المنطقة قريب المنال إذا أعادت الحكومات التفكير في دورها، وتسخير المواهب غير المستغلة من رواد الأعمال والعاملين، وبالاستثمار الفعال، وإذا قامت الشركات ببناء قدراتها بنفسها عن طريق تحسين ممارساتها الإدارية. ومن الممكن أن يؤدي تسخير المواهب والعمالة إلى تعزيز النمو.