حملة للشرطة الفلسطينية على السيارات المهربة

تستخدم في تنفيذ الجرائم... ومسؤولة عن نصف قتلى حوادث السير

جرافة تابعة للشرطة الفلسطينية تسحق سيارة مهربة بلوحات إسرائيلية في ضاحية الرام في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جرافة تابعة للشرطة الفلسطينية تسحق سيارة مهربة بلوحات إسرائيلية في ضاحية الرام في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

حملة للشرطة الفلسطينية على السيارات المهربة

جرافة تابعة للشرطة الفلسطينية تسحق سيارة مهربة بلوحات إسرائيلية في ضاحية الرام في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جرافة تابعة للشرطة الفلسطينية تسحق سيارة مهربة بلوحات إسرائيلية في ضاحية الرام في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

يتجاهل الضابط الفلسطيني احتجاجات فتاتين ووالدتهما، ويعطي أوامره بتحطيم سيارة متوقفة قرب منزلهن في ضاحية الرام في الضفة الغربية، لمنعها من السير على الطريق. كل سنة، تدمّر الشرطة في الضفة الغربية المحتلة آلاف المركبات التي يتم إدخالها بصورة غير قانونية من إسرائيل لتسير على طرق الأراضي الفلسطينية، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، ذكر أن الشرطة الفلسطينية تمكنت خلال العام الماضي من مصادرة 16 ألف مركبة غير قانونية (مسروقة أو غير مصرح لها بالسير على الطرق).
ومنذ بداية العام الحالي حتى نهاية الشهر الماضي، تمكنت الشرطة من مصادرة وإتلاف نحو 5 آلاف مركبة مماثلة. ويقول الضابط إن المركبة التي احتجت صاحبتها على تدميرها في ضاحية الرام «انتهى تاريخ تسجيلها، وتحمل لوحة ترخيص إسرائيلية. طلبت منها ورقة تسجيل، غير أنها لم تظهر شيئاً». وأوضح أن «غالبية المركبات التي تم ضبطها انقضت فترة تسجيلها، وهناك مركبات مسروقة جاءت من إسرائيل».
ويقود الضابط حملة البحث عن المركبات غير القانونية برفقة حافلتين محملتين بأفراد مسلحين من الشرطة الفلسطينية، إضافة إلى مركبة إسعاف وجرافتين، ومركبتين إضافيتين تحملان أرقاماً حكومية؛ إحداهما تابعة للدفاع المدني، والأخرى ناقلة مركبات.
في مكان آخر، يأمر الضابط بإتلاف كامل لمركبة تحمل لوحة إسرائيلية لَم يظهر صاحبها، وتقوم شاحنة بنقل المركبة بعد تدميرها إلى ساحة في مركز الشرطة في المنطقة تمهيداً لتجميع المركبات المحطمة ونقلها إلى المركز الرئيسي في رام الله، وعرضها للبيع كخردة.
وتصل غالبية هذه المركبات إلى الأراضي الفلسطينية من داخل إسرائيل، منها ما يتم إدخاله عن طريق لصوص، ومنها ما يدخل بطريقة قانونية تحت عنوان «مركبات غير صالحة للسير» وتكون مشطوبة من سجلات السير الإسرائيلية. وتباع هذه السيارات بأثمان زهيدة جداً في الأراضي الفلسطينية، ولا تتعدى أحياناً 500 دولار. ويمكن للمركبات التي تحمل لوحة تسجيل إسرائيلية (صفراء) الدخول إلى الأراضي الفلسطينية بسهولة، في حين تمنع المركبات التي تحمل لوحات تسجيل فلسطينية (خضراء) من دخول إسرائيل. وكثفت الشرطة الفلسطينية أخيراً ملاحقة المركبات غير القانونية، بعدما بات انتشارها «ظاهرة مقلقة»، وفق ما أفاد الناطق باسم الشرطة لؤي زريقات. ويعتبر زريقات هذه الظاهرة «من أخطر الظواهر التي مرت على المجتمع الفلسطيني». ويوضح أن «غالبية الجرائم التي ترتكب، من سرقات وهجمات، تتم من خلال مركبات غير قانونية تحمل لوحات ترخيص صفراء». ولفت إلى أن هذه المركبات تدخل «عن طريق المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل، والاحتلال يسمح بإدخال هذه المركبات على أيدي أشخاص أو تجار إسرائيليين إلى المناطق الفلسطينية لتصبح الأراضي الفلسطينية مكباً للمركبات غير القانونية».
وخلال الشهرين الماضيين، قُتل 15 فلسطينياً في حوادث سير، بينهم سبعة في حوادث تسببت بها مركبات غير قانونية، بحسب زريقات. وقُتل شرطي فلسطيني الأسبوع الماضي حين دهسته مركبة غير قانونية كان يحاول إيقافها للتأكد من وثائقها، فيما جُرح اثنان آخران خلال مطاردتهما شاحنة غير قانونية. وأصدرت وزارة الأوقاف الفلسطينية تعميماً على خطباء المساجد للحديث عن هذه «الظاهرة» في خطب الجمعة. ولا يمر يوم من دون أن تعلن الشرطة ضبط وإتلاف أعداد كبيرة من المركبات في جنين ونابلس وبيت لحم والخليل.
وينفي زريقات وجود أي تنسيق مع الشرطة الإسرائيلية في هذا الموضوع. ويقول: «إطلاقاً. لا يوجد أي تنسيق، هم موجودون على الحدود التي تدخل منها المركبات عن طريق الحواجز الإسرائيلية، ويغضون الطرف». ويتساءل: «في ضواحي القدس حيث تسيطر إسرائيل أمنياً، لم لا يتخذون إجراءات ضد هذه المركبات التي تمر أمام أعينهم وبشكل واضح؟». وعقبت الناطقة باسم الشرطة الإسرائيلية لوبا السمري على الموضوع بالقول إن الشرطة الإسرائيلية تعالج الموضوع، وتقوم: «بين الفينة والأخرى باعتقالات وحملات... سعياً إلى الحد من ظاهرة سرقة المركبات وتوقيف الضالعين فيها».



مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

جدّدت مصر الحديث عن صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن قضية «سد النهضة»، مؤكدة أنها «خاضت تجربة مريرة لمدة 13 عاماً»، ورهنت حدوث انفراجة في الملف بـ«توافر إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

وجدَّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء تلفزيوني، مساء السبت، تأكيده «محورية حقوقها المائية من مياه النيل»، وقال إن بلاده «ترفض الممارسات الأحادية، من الجانب الإثيوبي، بشأن مشروع (السد)».

وتقيم إثيوبيا مشروع سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي، منذ 2011، ويواجَه مشروع السد باعتراضات من دولتَي المصب مصر والسودان؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد».

وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأن السد الإثيوبي»، وقال إن «بلاده لها تجربة مريرة امتدت إلى 13 عاماً دون التوصل إلى أي نتيجة بشأن (سد النهضة)»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا ليست لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق قانوني».

وعدّ عبد العاطي ملف المياه «قضية وجودية لمصر والسودان»، وقال إن «موقف الدولتين متطابق بشأن السد الإثيوبي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق بيانات وزارة الري المصرية.

ورهن عبد العاطي الوصول لاتفاق بين الدول الثلاث بشأن السد بـ«ضرورة توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا؛ من أجل التوصل لاتفاق قانوني». وقال إن «ممارسات أديس أبابا الأحادية بملء بحيرة السد وتشغيله انتهاك لمبادئ القانون الدولي، باعتبار نهر النيل نهراً دولياً مشتركاً عابراً للحدود».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قرب «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال، في شهر أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب، نهاية عام 2024».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن «الحكومة الإثيوبية لم تلتزم باتفاقيات التعاون المبرَمة بينها وبين مصر والسودان، خصوصاً إعلان المبادئ الذي جرى توقيعه عام 2015، بين الدول الثلاث»، إلى جانب «مخالفة الاتفاقيات الدولية، المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود، والتي تقضي بعدم إقامة أي مشروعات مائية، في دول المنابع، دون موافقة دول المصب»، منوهاً بأن «أديس أبابا لم تستشِر القاهرة والخرطوم بخصوص مشروع السد».

ووقَّعت مصر وإثيوبيا والسودان، في مارس (آذار) 2015، اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن سد النهضة، تضمَّن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث، من بينها التزام إثيوبيا «بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».

وفي تقدير حجاج، فإن «الجانب الإثيوبي لم يشارك في مسارات التفاوض بشأن السد، بحسن نية». وقال إن «أديس أبابا أفشلت المفاوضات بسبب التعنت وغياب الإرادة السياسية لإبرام اتفاق قانوني بشأن السد»، ودلل على ذلك بـ«عدم التجاوب الإثيوبي مع توصيات مجلس الأمن بضرورة الوصول لاتفاق نهائي بشأن السد».

كان مجلس الأمن قد أصدر بياناً، في سبتمبر (أيلول) 2021، حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزِم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

بدوره، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، أن «القاهرة واجهت صعوبات عدة في مسار مفاوضات سد النهضة؛ بسبب تعنت الجانب الإثيوبي». وقال إن «أديس أبابا لم تُثبت جديتها في جولات التفاوض على مدار 13 عاماً»، معتبراً أن ما يحرك الجانب الإثيوبي «المكايدة السياسية ضد القاهرة، وممارسة ضغوط جيوسياسية عليها».

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس الماضي، من «تأثيرات خطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيّاتٍ صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».