مركز «جميل للفنون» يفتح أبوابه في دبي العام المقبل

مؤسسة «الفن جميل» تعلن عن شراكة لاقتناء الأعمال الفنية العربية مع متحف المتروبوليتان بنيويورك

رسم إلكتروني لمركز «جميل للفنون» بدبي الذي سيفتح أبوابه في شتاء 2018 (سيري أركيتيكتس) - مركز «جميل للفنون» على خور دبي (سيري أركيتيكتس)
رسم إلكتروني لمركز «جميل للفنون» بدبي الذي سيفتح أبوابه في شتاء 2018 (سيري أركيتيكتس) - مركز «جميل للفنون» على خور دبي (سيري أركيتيكتس)
TT

مركز «جميل للفنون» يفتح أبوابه في دبي العام المقبل

رسم إلكتروني لمركز «جميل للفنون» بدبي الذي سيفتح أبوابه في شتاء 2018 (سيري أركيتيكتس) - مركز «جميل للفنون» على خور دبي (سيري أركيتيكتس)
رسم إلكتروني لمركز «جميل للفنون» بدبي الذي سيفتح أبوابه في شتاء 2018 (سيري أركيتيكتس) - مركز «جميل للفنون» على خور دبي (سيري أركيتيكتس)

في أسبوع الفنون بدبي، تتحول المدينة إلى خلية نحل، يأتيها الزوار من جميع أنحاء العالم، وتنتهز المؤسسات الفنية وصالات العرض الفرصة لإقامة فعاليات خاصة، كما تعلن الأخبار الهامة في هذا الأسبوع أيضاً. وهذا ما حدث أول من أمس، بشارع الفنون «السيركال أفينيو» بدبي، حيث أعلنت مؤسسة «الفن جميل» عن إقامة مركز «جميل للفنون» في دبي، وافتتاحه في 2018، واكتمل الحدث الصحافي، الذي يعد دبي بمركز فني ضخم، بإعلان عقد شراكة فنية بين مؤسسة «الفن جميل» ومتحف المتروبوليتان للفنون بنيويورك.
وتم الإعلان خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في منصة جميل للفنون بالسيركال أفينيو، والذي حضره عدد من الصحافيين المحليين والعالميين، إضافة إلى شخصيات عالمية، مثل آنا سومز كوكس رئيس تحرير صحيفة «ذا آرت نيوزبيبر»، والمؤرخ الفني البريطاني أندرو غراهام ديكسون.
وحسب البيان الذي أصدرته المؤسسة، سيقام مركز جميل للفنون في قرية الثقافة المطلة على خور دبي، وقد كُلّفت شركة سيري أركيتيكتس البريطانية بتصميم المركز الذي يضم 3 طوابق ممتّدة على إجمالي مساحة بناء تقدر بـ10 آلاف متر مربع. ويضم المركز صالة عرض فنية، بالإضافة إلى مركز بحثي متخصص للفنانين والمؤسسات الثقافية المحلية والعربية، بمساحة 300 متر مربع. ويضم المركز أيضاً مساحات متكيفة للفعاليات، وشرفة على سطح المبنى مصممة لعروض الأفلام، ومساحة خارجية للمجسمات، ومقهى، ومطعماً، ومكتبة.
واستوحت مهندسة المناظر الطبيعية أنوك فيجل تصميماتها من الصحراء في الباحات الداخلية الموجودة في المبنى، وستمثل كل مساحة خارجية مشهداً خاصاً من البيئة الصحراوية، وتضم نباتات نادرة تم جمعها من دولة الإمارات العربية المتحدة ومن حول العالم.
وخلال لقاء مع أنطونيا كارفر، المدير التنفيذي لـ«الفن جميل»، التي انضمت حديثاً للمؤسسة، تحدثت حول أهمية المركز وتفرده في بعض المجالات، وكونه إضافة مميزة للمشهد الفني في المنطقة العربية. وبداية، سألتها عن جدولها والخطط التي تعمل عليها حالياً، فقالت: «انضممت لمؤسسة (الفن جميل) منذ 5 أشهر، ونعمل لجعل المؤسسة مظلة للفنون؛ لدينا مشاريع تختص بحفظ التراث، ولدينا المراكز الفنية، وأحدثها هذا المركز في دبي، إضافة إلى الشراكات والتعاون مع المؤسسات الفنية المختلفة. تلك هي الجوانب الرئيسية لعمل المؤسسة، ووظيفتي هي أن أشرف على تنفيذها».
وبالنسبة للمركز الجديد، تقول إنه سيلبي احتياجات دول مجلس التعاون الخليجي كأولوية، وتشير إلى أن المؤسسة ستستمر في استخدام المكان الحالي في السيركال لعامين مقبلين، لإقامة المعارض والفعاليات، وهي طريقة لكسب جمهور، وتضيف: «نشعر بحماس شديد لإتاحة مساحة للتبادل بين السعودية والإمارات، وقد بدأنا بالفعل في الحديث مع الفنانين السعوديين الذين يرغبون في عرض أعمالهم في دبي، ونظرائهم في الإمارات لعرض أعمالهم في السعودية».
ومن الجوانب التي ستميز مركز «جميل للفنون» في دبي برنامج الإقامة الفنية، الذي سيمنح الفرصة للكتاب والباحثين في مجال الفنون للعمل في المركز، وتضيف كارفر: «هناك حاجة فعلية للمطبوعات، ولتوثيق التاريخ الفني للمنطقة. أشعر أن ذلك أمر أساسي، ولهذا سنقيم مكتبة، ومركزاً للأبحاث، تضم الكتب والمجلات الفنية، وتعمل على توثيق أعمال الفنانين في منطقة الخليج. نريد أيضاً أن نمد الدعوة للباحثين والكتاب للإقامة في هذا المكان لإنتاج كتاباتهم الخاصة».
وبالنسبة لإعلان الشراكة مع متحف «المتروبوليتان للفنون» بنيويورك، تشير إلى أنها فرصة للفنانين من الشرق الأوسط لأن يعرضوا أعمالهم في أحد أشهر المتاحف العالمية، وأن تصل لأكبر عدد من الجمهور. والشراكة مع المتحف الأميركي تعتمد على وقف نقدي تقدمة «الفن جميل» للمتروبوليتان، ليشتري بمقتضاه أعمالاً لفنانين عرب معاصرين، لتضاف للمجموعة الدائمة للمتحف.
وخلال المؤتمر الصحافي، أعلن عن إضافة عملين عربيين لمجموعة المتروبوليتان، بمقتضى عقد الشراكة الجديد، وتضيف كارفر أن هناك المزيد من الأعمال التي ستتخذ طريقها لمجموعة المتحف الشهير، وتستطرد: «بدأنا العمل بالفعل منذ 6 أشهر، وهذه هي البداية فقط، فالأمر سيثمر على المدى الطويل. (الفن جميل) قدمت وقفاً نقدياً، وسيقوم متحف المتروبوليتان باختيار الأعمال التي ستنضم مستقبلاً لمجموعته»، وتؤكد على أن القرار يعود لخبراء المتروبوليتان، قائلة: «الأمر بيد خبراء المتحف، ولا تدخل لنا في عملية الاختيار؛ إنه أمر جيد للفنانين من المنطقة العربية».
وقد دعم الصندوق أخيراً عملية شراء عملين للفنانة المصرية مها مأمون، وهما «قناة الفيديو الوحيدة 2026»، و6 صور من سلسلة فوتوغرافية بعنوان «سياحة داخلية 1». وتعمل مأمون في مجالي التصوير الفوتوغرافي والفيديو، وتتناول أعمالها تمثيلات مرئية أو نصية عامة للقاهرة، لتستكشف كيف تتعامل وتتقاطع هذه التمثيلات وتتحول مع التجارب.
وألمح في القاعة كلير ديفيس، القيمة الفنية المساعدة للفنون المعاصرة والحديثة لمنطقة الشرق الأوسط، شمال أفريقيا وتركيا، في متحف المتروبوليتان للفنون، فأتحدث معها حول الشراكة الجديدة وأهميتها بالنسبة للمتحف، فتقول إن الأمر مهم على أكثر من مستوى، وتضيف: «من المهم في هذا الوقت أن تتوسع المتاحف في العالم في نظرتها للفنون المعاصرة والحديثة، وأن تولي أهمية للحقيقة العالمية، ففي ظل الأحداث المتتالية من المهم أن نبدأ ذلك الحوار».
وتبدي ديفيس حماسة خاصة لإضافة أعمال عربية جدية لمجموعة المتحف، فهي قد نشأت في منطقة الشرق الأوسط، كما تذكر لي، وعملت أيضاً مع عدد من الفنانين العرب، وتضيف أن الشراكة مع «الفن جميل» تعني «الكثير بالنسبة لي».
والأمر بالنسبة لديفيس محمل بالمكاسب، أو الإيجابيات، فهو ليس فقط فرصة لعرض أعمال فنانين عرب للجمهور في نيويورك، بل أيضاً هناك «فرصة حقيقية لإقامة حوار قوي بين الفنانين في الإمارات والسعودية ومصر ولبنان وكل البلدان العربية من جانب، ومتحف المتروبوليتان من جانب آخر».
هل هناك أعمال لفنانين عرب في مجموعة المتحف؟ سؤال أطرحه على ديفيس، فتجيب عنه قائلة: «هناك أعمال لجبران خليل جبران، إضافة إلى عمل للفنانة المصرية جاذبية سري يحمل عنوان (الخماسين)، كانت الفنانة قد أهدته للمتحف في عام 2009. غير أن العدد زاد بعد انضمامي للمتحف منذ عام ونصف العام، فاستطعنا ضم لوحات لفنانين آخرين، مثل الفنان السوداني إبراهيم الصلحي، والفنان وليد رعد، من سلسلة أعماله الأخيرة يتأمل فيها أوضاع العالم العربي. وأعتقد أنه من المهم للجمهور الأميركي الاطلاع على المنطقة من خلال فنانيها وأعمالهم».
وبالنسبة لتفاصيل الشراكة، وكيفية عملها، تقول إنها تقوم بالبحث عن الأعمال المحتملة، من خلال عملها، كقيمة مساعدة للفنون المعاصرة والحديثة لمنطقة الشرق الأوسط، شمال أفريقيا وتركيا. وتضيف: «أتقدم بعد ذلك بمقترحاتي للقسم، وتبدأ المناقشات والمشاورات، وإذا ما كان الكل على رأي واحد، نقوم بإخبار مؤسسة جميل بالقرار، ونقوم بشراء اللوحة».
وتعد هذه الشراكة مع المتروبوليتان جزءاً من شراكات «الفن جميل»، إلى جانب الشراكة مع متحف فيكتوريا وآلبرت، المتمثلة في دعم «صالة جميل للفنون الإسلامية» و«جائزة جميل للفن الإسلامي» المرموقة. أما الشراكة طويلة الأمد مع مدرسة الأمير تشارلز للفنون التراثية، فقد نتج عنها تأسيس وتطوير مؤسسات للتراث في القاهرة وجدة، والمؤسسة الجديدة المقرر افتتاحها في عام 2019، في دمفريز هاوس، في اسكوتلندا.
جدير بالذكر أن منصة مشاريع «الفن جميل» في السيركال أفينيو تقدم حالياً معرضاً افتتاحياً يضم أعمال فيديو بخمس شاشات لباسل عباس وروان أبو رحمة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».