الأطفال ضحايا أزمة الهجرة إلى أوروبا

الأطفال ضحايا أزمة الهجرة إلى أوروبا
TT

الأطفال ضحايا أزمة الهجرة إلى أوروبا

الأطفال ضحايا أزمة الهجرة إلى أوروبا

إبراهيم، فتى خجول ونحيف، يحب الذهاب إلى المدرسة، على عكس كثير من غيره من الصبية.
وعندما كان يبلغ من العمر 14 عاما، تم إرساله في رحلة من موطنه غامبيا، عبر ليبيا، إلى بلدة سيراكيوز الساحلية في صقلية.
وفي حديثه لوكالة الأنباء الألمانية بعد عامين من قيامه بالرحلة، ما زال إبراهيم يجد صعوبة في سرد تفاصيل انتقاله من غرب أفريقيا إلى جنوب إيطاليا.
يتوقف جسده، وتبدأ رعشة بسيطة في عينه اليسرى. ويقول بعد صمت طويل: «طلبت مني أمي أن أتحرك».
ويقول على مضض بصوت يمكن بالكاد سماعه: «أعطتني قليلا من المال، ثم غادرت. ونفد المال في الطريق، فكان علي أن أعمل في ليبيا لدفع ثمن الرحلة».
وعن وصوله إلى شواطئ صقلية في يناير (كانون الثاني) من عام 2015، يقول: «لقد ارتحت جدا بوصولي إلى هنا».
وفقا لبيانات صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، فقد تضاعف عدد الأطفال غير المصحوبين بأولياء أمورهم، الذين يصلون إلى إيطاليا عن طريق البحر من شواطئ شمال أفريقيا، إلى 25 ألفا و800 طفل في عام 2016. وهو ضعف العدد الذي سجل في العام السابق.
وفي الوقت الذي ترتفع فيه أعداد الوافدين باستمرار، يسعى النظام الإيطالي جاهدا للتأقلم مع الوضع، مع عشوائية الاستجابة المؤسسية، واعتمادها بشكل كبير على تعاطف المجتمع المدني والمتطوعين.
وفي تقرير صدر مؤخرا، تحذر أصفهان خان، المنسقة الخاصة لليونيسيف المعنية بأزمة اللاجئين والمهاجرين في أوروبا، من أنه: «في حال لم يتم تطوير نظام رعاية يوازي أعداد الوافدين، فهناك خطر من أن يتم دفع الأطفال المهاجرين الذين يسافرون بمفردهم، مثل إبراهيم، إلى الإجرام والدعارة، على نحو متزايد».
وتروي خان، التي عادت لتوها من بعثة لتقصي الحقائق في إيطاليا، أن كثيرا من الأطفال الذين قاموا بالرحلة تعرضوا في طريقهم إلى أوروبا أو بعد وصولهم، إلى الاستغلال الجنسي.
وأشارت إلى انخراط صغار المهاجرين من الذكور في أعمال الدعارة في المنطقة المحيطة بمحطة القطارات الرئيسية في روما، ولقائها فتيات اضطررن لبيع أجسادهن في ليبيا لمدة عامين، للحصول على ثمن مرورهن إلى أوروبا.
«إن كثيرا من هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى رعاية نفسية واجتماعية ويرغبون في الذهاب إلى المدارس، حيث ستحدد طريقة تعاملنا مع ذلك على ما نمثله كمواطنين» تقول خان.
وبالنسبة لإبراهيم أيضا، كانت السنة الأولى له في إيطاليا قاسية. كان يشعر بالحنين إلى الوطن، ويعاني من العزلة ويعيش في مخيم مكتظ، ويتوق إلى العودة إلى بلاده ليكون مع أسرته في غامبيا.
لكنه كان محظوظا. فقد تمكنت منظمة غير حكومية في صقلية، تحمل اسم «Accoglierete»، من توفير وصي قانوني مؤقت له، وهو شرط تضعه السلطات في إيطاليا لأي طفل غير مصحوب بولي أمر - مثله - إذا كان يرغب في البقاء في البلاد.
وتناسبت مواصفات إبراهيم مع الشابة فيديريكا بيلاساي صاحبة الشعر المجعد، خريجة القانون التي تبلغ من العمر 26 عاما، وهي من سكان سيراكيوز، التي تعتبر الآن الوصي القانوني لخمسة آخرين من الصبية من غرب أفريقيا.
ولا تقدم فيديريكا الدعم لإبراهيم والصبية الآخرين في التقدم للحصول على بطاقات هوية والتسجيل لحضور دروس اللغة فحسب، بل إنها عرفته أيضا على عادة احتساء مشروب الـ«إسبرسو» المعروفة في إيطاليا.
وتقول إنه حتى بعد مرور نحو عام منذ أن تعرفت على إبراهيم، ما زال يتجنب الحديث عن الرحلة التي قام بها. وتقول فيديريكا عن تجربتها من الصبية الستة: «تعتبر هذه الفترة في حياتهم صعبة، وعليهم أن يثقوا بي حتى أتمكن من مساعدتهم... إنه من المهم بالنسبة لهم أن يعرفوا أن هناك من يقف إلى جانبهم هنا».
ولكن وسط ردود الأفعال المناهضة للهجرة في أوروبا، فإن الرغبة في تخصيص مزيد من الموارد والموظفين للتعامل مع التدفق المستمر للمهاجرين القادمين من أفريقيا، تعد منخفضة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة في هولندا وفرنسا وألمانيا، فقد ركز السياسيون الأوروبيون على محاولة وقف تدفق المهاجرين، بدلا من تعزيز الاستجابة المؤسسية للهجرة.
وتعتقد فيديريكا أن هذا خطأ، مضيفة في حديثها لوكالة الأنباء الألمانية «أن تقول: إنه ليس هناك مكان وأن تغلق الباب، هو رد لشخص لا يهتم بتقديم حلول. إن صقلية مزدحمة، ولكن ما زال علينا أن نكون رحماء. إنها ليست مسألة وجود مكان ولكنها مسألة تنظيم».
ويأمل إبراهيم في أن يتخرج في غضون السنوات الخمس المقبلة، وأن يحصل على وظيفة: «آمل أن أكون قادرا على دفع تكاليف رحلة طيران لرؤية والدتي وأخواتي... فـأنا أفتقدهن كثيراً».



غرق مهاجر ومخاوف من فقد آخرين بعد انقلاب قارب قبالة اليونان

سفينة على متنها مهاجرون غير شرعيين ترسو في جزيرة كريت اليونانية (أرشيفية - رويترز)
سفينة على متنها مهاجرون غير شرعيين ترسو في جزيرة كريت اليونانية (أرشيفية - رويترز)
TT

غرق مهاجر ومخاوف من فقد آخرين بعد انقلاب قارب قبالة اليونان

سفينة على متنها مهاجرون غير شرعيين ترسو في جزيرة كريت اليونانية (أرشيفية - رويترز)
سفينة على متنها مهاجرون غير شرعيين ترسو في جزيرة كريت اليونانية (أرشيفية - رويترز)

قال خفر السواحل اليوناني، اليوم السبت، إن السلطات انتشلت جثة مهاجر وأنقذت 39 آخرين من البحر بعد انقلاب قارب كانوا على متنه قبالة جزيرة جافدوس الجنوبية في البحر المتوسط.

وقال شهود إن كثيرين ما زالوا في عداد المفقودين بينما يواصل خفر السواحل عملية بحث بمشاركة سفن وطائرات منذ الإبلاغ عن وقوع الحادث مساء أمس الجمعة، بحسب وكالة «رويترز».

وفي واقعتين منفصلتين اليوم، أنقذت سفينة شحن ترفع علم مالطا 47 مهاجرا من قارب كان يبحر على بعد نحو 40 ميلا بحريا قبالة جافدوس بينما أنقذت ناقلة 88 مهاجرا آخرين على بعد نحو 28 ميلا بحريا قبالة الجزيرة الصغيرة في جنوب اليونان.

وقال مسؤولو خفر السواحل إن المعلومات الأولية تشير إلى أن القاربين غادرا معا من ليبيا.

واليونان وجهة المهاجرين المفضلة لدخول الاتحاد الأوروبي، ومعظمهم من الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. ووصل إلى جزر اليونان ما يقرب من مليون لاجئ ومهاجر خلال عامي 2015 و2016، غالبيتهم بواسطة قوارب مطاطية.

وخلال العام المنصرم زادت حوادث القوارب التي تقل مهاجرين قبالة جزيرتي كريت وجافدوس اليونانيتين المعزولتين إلى حد ما وتقعان في وسط البحر المتوسط.

ووقعت حوادث مماثلة خلال الأسابيع الأخيرة يعود آخرها إلى مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) عندما قضى أربعة أشخاص قرب جزيرة رودس. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قضى شخصان قرب جزيرة ساموس وقبل بضعة أيام، قضى أربعة، من بينهم طفلان، قرب جزيرة كوس.