3 جلسات محورية في محكمة أمن الدولة الأردنية

محاكمة متهمين من جنسيات عربية بتهم مختلفة بقضايا مرتبطة بـ«الإرهاب»

3 جلسات محورية في محكمة أمن الدولة الأردنية
TT

3 جلسات محورية في محكمة أمن الدولة الأردنية

3 جلسات محورية في محكمة أمن الدولة الأردنية

ثلاث جلسات محورية شهدتها قاعة محكمة أمن الدولة الأردنية، أمس، على رأسها بدء محاكمة خمسة عناصر «داعشيين» سوريين متهمين بتفجير موقع عسكري أردني في منطقة الركبان الحدودية، ومحاكمة يمنيين في قضايا إرهابية تهدد الأمن الوطني، ومحاكمة لخمسة أردنيين بتهم الترويج لتنظيم داعش المتطرف. وتأتي جميع المحاكمات في سياق إحكام الدولة قبضتها على الأمن، ودحض التطرف.
وفي المحاكمة الأولى، نفى متهمو خلية الركبان الإرهابية التابعة لتنظيم داعش المتطرفة أمام محكمة أمن الدولة الأردنية خلال جلسة علنية عقدتها أمس التهم المسندة إليهم، مؤكدين في ردهم على سؤال المحكمة فيما إذا كانوا مذنبين أم لا؟ بـ«غير مذنبين».
وأنكر المتهمون، وهم نجم العمور، أحمد البدور، فادي العمور، خليف غياث، أحمد هلال، وجميعهم يحملون الجنسية السورية، أمام هيئة المحكمة، تهم القيام بأعمال إرهابية أفضت إلى موت إنسان باستخدام مواد متفجرة، والقيام بأعمال إرهابية باستخدام مواد متفجرة أفضت إلى هدم بناء، وحيازة أسلحة أوتوماتيكية بقصد استعمالها على وجه غير مشروع بالاشتراك، استيراد مواد مخدرة بقصد الاتجار، الدخول إلى أراضي المملكة بطريقة غير مشروعة.
وعيّنت محكمة أمن الدولة، التي عقدت وسط إجراءات أمنية مشددة، المحامي بشير العقيلي للدفاع عنهم؛ وذلك لعدم قدرتهم المالية على توكيل محام.
وقررت المحكمة تأجيل النظر بالدعوى إلى الأحد المقبل لتمكين المدعي العام من إحضار شهود النيابة.
والمتهمون موقوفون على ذمة القضية منذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، ومتورطون في تفجير انتحاري الركبان (الحد الأردني) الذي استهدف سرية عسكرية تابعة للقوات المسلحة الأردنية في حزيران يونيو (حزيران) الماضي، الذي قتل سبعة أفراد، وأصيب به 15 آخرون.
ويواجه المتهمون، عقوبة الإعدام شنقا حتى الموت في حال إدانتهم.
ووفق لائحة الاتهام، فإن المتهمين الخمسة وأعمارهم بالعشرينات، وخلال تواجدهم في منطقة الركبان السورية، على الحد السوري، وجميعهم من المنتمين إلى تنظيم داعش الإرهابي، قد قاموا بتكليف من تنظيم داعش الإرهابي في سوريا بمعاينة الركبان الأردنية- الحد الأردني- وذلك بتصوير المكان وجمع المعلومات عنه، وبالفعل فقد كانوا يقومون بتصوير السرية العسكرية الأردنية في الركبان من زوايا عدة ومن داخل السوري.
وخلال الجلسة الثانية، أصدرت محكمة أمن الدولة حكما على اثنين من الجنسية اليمنية منتمَين إلى تنظيم داعش بالسجن 15 عاما والآخر سنة واحدة عن التهم الموجه إليهما.
وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»: إن المحكمة حكمت على المتهم عبد الجليل الشراحي بالوضع بالأشغال الشاقة 15 سنة بعد إدانته بجناية القيام بأعمال إرهابية، وحكمت على المتهم الثاني عبد الملك منصور حسين بالحبس سنة واحدة بعد إدانته بجنحة عدم الإبلاغ عن معلومات ذات صلة بنشاط إرهابي.
وحسب المصدر القضائي، فقد ثبت للمحكمة أن المتهم عبد الجليل، كان عضوا في تنظيم القاعدة في اليمن، وكان يقاتل إلى جانبهم، وتلقى دورات على الأسلحة وتصنيع المتفجرات وشارك في القتال إلى جانبهم باليمن، وبعد ذلك ترك تنظيم القاعدة وانضم إلى تنظيم داعش باليمن، وهناك تلقى على أيديهم دورات شرعية وقتالية، وبعد ذلك تم إلحاقه بجبهات القتال، إلى أن تعرض للإصابة.
وأضاف المصدر، أنه بعد أن شفي تم إلحاقه بكتيبة الاغتيالات التابعة لتنظيم داعش، التي تتلقى أوامرها من القيادة العليا بالاغتيالات والتصفية، وبالفعل شارك في اغتيالات عدة هناك، وبعد ذلك التحق بتنظيم داعش بسوريا؛ ولهذه الغاية توجه إلى الأردن برفقة المتهم الثاني عبد الملك، وأقاما في منطقة ماركا، إحدى ضواحي عمان الشرقية، وتواصل المتهمان مع أعضاء تنظيم داعش عبر مواقع مخصصة على الإنترنت لتسهيل عمله وسفره إلى تركيا، ومنها إلى سوريا.
وأفادت وقائع المحكمة بأنهم «أخبروا أن الوصول إلى سوريا محال في هذا الوقت بسبب تشديد الإجراءات الأمنية، وطلبوا منه تنفيذ أعمال إرهابية على الساحة الأردنية لصالح التنظيم، وهي استهداف السياح الأجانب من الأميركان والروس، ورصد المراكز الأمنية الأردنية وتصويرها، ومعرفة عدد أفرادها وعتادها، وخطف عسكريين أردنيين وقتلهم أمام كاميرات التصوير، وإرسال مقاطع الفيديو إلى التنظيم الإرهابي ليصدر بيانات لتلك العمليات وتبنيها».
وتابعت المحكمة: إنه «طلب المتهم عبد الجليل من تنظيم داعش إمداده بالأموال والعناصر اللازمة لتنفيذ تلك العمليات، وطلبوا منه التريث لحين وصول الأموال وإلحاق عناصر به ليتم التنفيذ.
وفي هذه الأثناء عرض المتهم عبد الجليل على المتهم عبد المالك مشاركته في تلك العمليات، إلا أن المتهم الثاني عبد المالك رفض، لكنه لم يقم بإبلاغ السلطات الأردنية عن ذلك، وبعد ذلك ورد للمتهم عبد الجليل التعليمات من تنظيم داعش بأن يقوم بعمل انتحاري داخل الأردن بعد أن يصنع الحزام الناسف لهذه الغاية، كما تم تدريبه عليه في اليمن، واخبروه بأنه بعد أن ينتهي من تصنيع الحزام الناسف سيرده اتصال لتحديد الهدف الذي تتكتم عليه قيادة تنظيم داعش لخطورته وسريته، عندها أخذ المتهم عبد الجليل في البحث عن المواد الأولية التي تدخل في تصنيع الحزام الناسف، واشترى حزاما يستخدمه المعتمرون ومادة السماد، إلا أن الأجهزة الأمنية كانت تتعقبه إلى أن ألقت القبض عليه في أغسطس (آب) 2015».
أما في الجلسة الثالثة، أصدرت محكمة أمن الدولة أحكاما بحق خمسة أردنيين منتسبين إلى تنظيم داعش تراوحت بين 7 و8 أعوام بتهم القيام بأعمال إرهابية والترويج لأفكار تنظيم إرهابي.
ونسبت المحكمة إلى أربعة إرهابيين تهمة الترويج لأفكار جماعة إرهابية ومحاولة الالتحاق بتلك الجماعات، وحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤقتة 8 سنوات مع الرسوم.
وحكمت المحكمة على الإرهابي الخامس عن تهمتي التهديد بالقيام بأعمال إرهابية والترويج لأفكار تنظيم إرهابي، بالحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤقتة 7 سنوات مع الرسوم.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.