«الإنفلوونسرز» في عالم الموضة... علاقة عمل ناجحة وتجارة مربحة

عرض «دولتشي أند غابانا» سلط الأضواء على قوتهن المتزايدة

شخصيات مهمة في عرض «دولتشي أند غابانا» الأخير - في عرض «دولتشي أند غابانا» الأخير كانت العارضات من كل الأعمار والأجناس والمقاسات
شخصيات مهمة في عرض «دولتشي أند غابانا» الأخير - في عرض «دولتشي أند غابانا» الأخير كانت العارضات من كل الأعمار والأجناس والمقاسات
TT

«الإنفلوونسرز» في عالم الموضة... علاقة عمل ناجحة وتجارة مربحة

شخصيات مهمة في عرض «دولتشي أند غابانا» الأخير - في عرض «دولتشي أند غابانا» الأخير كانت العارضات من كل الأعمار والأجناس والمقاسات
شخصيات مهمة في عرض «دولتشي أند غابانا» الأخير - في عرض «دولتشي أند غابانا» الأخير كانت العارضات من كل الأعمار والأجناس والمقاسات

كانت البداية مجرد حلم بحضور عرض أزياء، ولو وقوفاً. ومع الوقت، تسحبن للمقاعد الأمامية كشخصيات مهمة. وأخيراً وليس آخراً، وجدن طريقهن إلى منصات العرض. هذه، بتلخيص، قصة تطور ما أصبح يُعرف حالياً بـ«الإنفلوونسرز»، أو المؤثرات، في عالم الموضة.
قصة بسيطة بدأت بحساب على «إنستغرام»، توسع وكبر ليشد انتباه المصممين وطمعهم في الوصول إلى متابعيهن. وكانت النتيجة ولادة علاقة عمل ناجحة وتجارة مربحة للجهتين، وصلت إلى أوجها في عرض «دولتشي أند غابانا» الأخير. فالثنائي الإيطالي لم يستعينا بعارضات محترفات، كما جرت العادة، فضلاً عن أن تكون المشاركة عالمية ومن شخصيات «عادية». والمقصود بالعادية هنا أن نسبة عالية من العارضات لسن محترفات في فن عرض الأزياء، لكنهن يعوضن عدم خبرتهن في المشي، وحتى افتقاد بعضهن لمقاسات مثالية، بمتابعين يُعدون بالملايين على «إنستغرام» و«سنابشات» و«تويتر»، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي.
أول ما يشد انتباهك في العرض أنهن من جنسيات مختلفة، ومن كل أنحاء المعمورة، لكن لا يجب فهم العملية خطأ، فالهدف هنا ليس الاحتفال بتنوع الألوان، ولا بتلاقح الثقافات، بقدر ما كان رغبة تجارية في مخاطبة كل الأسواق، وإثارة ضجة وحركة في وسائل الإعلام. وهذا ما حصل بالفعل، فيما يمكن القول إنه أصبح مهارة أخرى تُضاف إلى قدرات الثنائي دولتشي وغابانا. فقد سبق لهما أن تعاونا في العام الماضي مع مجموعة من الشابات صغيرات السن، أيضاً لسن عارضات، لكن أغلبهن من صغيرات السن اللواتي يُمثلن جيلاً بأكمله.
انتماؤهن لطبقات مخملية ساعد بالطبع. هذه المرة، وخلال عرضهما لخريف 2017 وشتاء 2018، ضمت اللائحة أيضاً أسماء مخمليات، من مثيلات لايدي كايتي سبنسر ابنة أخ الأميرة الراحلة ديانا، وبنات مشاهير مثل ديستري ألين سبيلبورغ ابنة المخرج الأميركي المعروف، ورينيه ستيوارت ابنة المغني رود ستيوارت، والعارضة السابقة رايتشل هانتر، وديلان جاغر لي ابن باميلا أندرسون، وهلم جرا. وبالنسبة للـ«إنفلوونسرز»، نذكر منهم ماركوس باتلر، وإيمي سونغ، واللبنانية لانا الساهلي، والأختان هالي وكلوي بايلي. وهاتان الأخيرتان ظهرتا في فيديو على «يوتيوب»، حصل على 13.3 مليون مشاهدة، وهما تؤديان أغنية «بريتي هيرتس» لبيونسيه.
أما بالنسبة للمصممان، فإن الفكرة، كما قالا، ولدت من رغبة في تقديم عرض ضخم لكل الأجيال، حتى تشارك فيه الأمهات مع بناتهن، والآباء مع أبنائهم، والأصدقاء مع بعضهم بعضاً. أليست الثقافة الإيطالية مبنية على الترابط والدفء العائلي والصداقات الحميمة؟
كما اعترف المصممان، فإن العملية لم تكن سهلة، إذ قاما بالدور الأكبر في اختيار المشاركين والمشاركات، وعددهم 125 تقريباً، من كل الأعمار والجنسيات. ولأن أغلبهم ليسوا بمقاييس أو مقاسات العارضين المحترفين، تطلبت العملية جهداً أكبر منهما. فما كان يستغرق منهما يومين، لضبط المقاسات وإجراء البروفات والرتوشات، استغرق 5 أيام. ومع ذلك، برهنت النتيجة على أن العملية كانت تستحق كل هذا الجهد، لما أثاره العرض من ضجة لا تُقدر بثمن، عدا أنه وصل إلى أكبر عدد من المتابعين، وهم بمئات الملايين، إذا جمعنا حسابات كل المشاركين.
تجدر الإشارة إلى أن دولتشي وغابانا ليسا الوحيدين اللذين يغازلان المدونات والـ«إنفلوونسرز» في الآونة الأخيرة. فهن شريحة تعوض عن الإعلانات بشكلها التقليدي في المجلات البراقة والصحف، رغم أن تغريدة واحدة أو رسالة على «إنستغرام» تكلفهم في العادة بين ألفين و5 آلاف جنيه إسترليني، لتصل أحياناً إلى 30 ألف جنيه إسترليني، إذا كان عدد المتابعين يفوق الـ5 ملايين.
هذه الطريقة الجديدة للإعلانات حتمها شُح المساحة التحريرية التي باتت الصحف والمجلات تمنحها للمصممين لتغطية جديدهم. كما أن العلامات الكبيرة، سواء كانت بيوت أزياء أو جواهر أو إكسسوارات، لا تحتاج للإعلانات التقليدية، بقدر ما تحتاج لاستقطاب جيل شاب يعشق الإنترنت، ويستمد ثقافته من وسائل التواصل الاجتماعي عموماً.
من جهتهن، فإن الـ«إنفلوونسرز» أكدن أنهن سيدات أعمال من الطراز العالي. فبحسهن التجاري، فهمن سريعاً أن الماركات الكبيرة لا تحتاجهن، مقارنة بالماركات الصغيرة غير المعروفة عالمياً، فهذه أكثر حاجة للوصول إلى متابعيهن المترامين في كل أنحاء العالم. ومع ذلك، فإنهن يغازلن الماركات العالمية لتلميع صورهن، والحفاظ على مكانتهن.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.