ماذا لو لم يتدخل «حزب الله» في سوريا؟

ماذا لو لم يتدخل «حزب الله» في سوريا؟
TT

ماذا لو لم يتدخل «حزب الله» في سوريا؟

ماذا لو لم يتدخل «حزب الله» في سوريا؟

بعد تصريحات البطريرك الماروني بشارة الراعي الأخيرة في برنامج «حديث العرب» على قناة «سكاي نيوز عربية» بشأن تدخل «حزب الله» في سوريا وقتاله إلى جانب قوات النظام، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بردود أفعال الناشطين. وتصدر هاشتاغ «لولا تدخل حزب الله»، قائمة موقع «تويتر».
هجوم غير مبرر اجتاح حسابات «المقاومة الافتراضية» وامتد ليومين متتاليين. وانطلقت حملة تحريضية و«شخصية» ضد البطريرك الراعي وصلت حد الشتم والسخرية اللاذعة عند بعض مغردي جمهور «حزب الله». ونشأت هذه الحملة ردًا على تأكيد الراعي تفرّد «حزب الله» بقراره الدخول في الحرب السورية، ما ساهم في «انقسام اللبنانيين»، موضحًا أنّ «حزب الله» دخل الحرب السورية من دون أي اعتبار لقرار الدولة اللبنانية بالنأي بالنفس الذي كان قد اتخذ في إعلان بعبدا، واعتبر أنّ ذلك «أحرجَ اللبنانيين وقَسّمهم بين مؤيّد لتدخّله ورافض له».
وكما هو الحال المعتاد في الشارع اللبناني، فقد انقسمت التغريدات بين مؤيدين لتدخل الحزب ومعارضين له.
اختار المغردون بداية، نشر صور جُمعت من أماكن مختلفة لبعض عناصر الحزب أمام الكنائس ودور العبادة المسيحية في سوريا، مثل عنصر يحمل تمثالًا للسيدة العذراء لحمايته من التشوّه، وآخر يقدّم التحية العسكرية لتمثال السيد المسيح في معلولا، وعنصر ثالث مدجج بالسلاح يلتقط سيلفي في غرفة ممتلئة بصور القديسين. مظاهر التُقطت كمادة توثيقية في الترويج الإعلامي لدفاع الحزب عن الأقليات، ولا سيما المسيحية في المنطقة.
ثم بدأت آراء ونظريات أخرى بالظهور من ضمن الهجوم المدروس. ومن التعليقات اللافتة التي أثارت جدلًا كبيرًا بين المغردين، مداخلات لعناصر من «حزب الله» تنتقد تدخل رجال الدين في الشؤون السياسية، فيما يدرك جمهور الحزب قبل أي أحد آخر أنّه ينتمي إلى تنظيم عسكري ديني في الدرجة الأولى، يقوده رجل دين يبني كل عقائد حزبه وخططة وسياسته على أساس توجهاته واعتقاداته الدينية.
وعلى الرغم من محاولة كادت أن تكون مقنعة من مؤيدي «حزب الله» بشأن اهتمامهم بالتعددية الدينية والمحافظة على الأقليات في سوريا والمنطقة، فإنه يأتي ما يبرهن على العكس. فلم تخلُ بعض التعليقات من انتقاص واضح للمسيحيين. واستعيد نشر تصاريح لنائب الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم: «لولا تدخل (حزب الله) لكان (داعش) يقيم الحواجز في جونية».
واستمرت الحملة بتعليقات ساخرة من مواقف الراعي، ونشر أحدهم تغريدات تعتبر تهديدًا علنيًا، كحساب علي جواد الذي كتب: «لولا تدخل حزب الله لصار لبنان من بعد سوريا إمارة من إمارات إسرائيل وأميركا الداعشية ومن يأبى رأيناه معلقًا على الصليب».

رد المعارضين والاصطفاف المسيحي

مقابل هذه الحملة ضد تصريحات الراعي، برز الاصطفاف المسيحي موحدًا في مواجهة الهجوم. فغرد عدد كبير آخر من اللبنانيين المسيحيين والمعارضين لتدخل «حزب الله» في سوريا. ألين كتبت: «لولا تدخل حزب الله ما كان في شباب شيعة عم يطقوا حنك ع (تويتر) ويتطاولوا على كرسي الموارنة الأعلى. وحماية!!»، فيما ثمّن جابر موقف بكركي التاريخي قائلا: «بكركي نطقت بالحق. هكذا كانت وهكذا ستظل». وتوجه خليل يموني إلى كل المسيحيين الداعمين للحزب في قراره بدخول الحرب بالقول: «لكل المشككين أو المغشوشين أو المستهبلين أو الانبطاحيين، قراءة شتائم جمهور (حزب الله) بحق البطريرك لولا تدخل حزب الله».
وبدوره علّق يورغوس باختصار، مكتفيًا بإظهار تداعيات مشاركة الحزب في الحرب على لبنان برمّته: «لولا تدخل حزب الله كنا ع الأقل دولة مش مزرعة»، فيما علّقت إلسي باسيل بوضوح أكثر مؤكدة تراجع دور لبنان الريادي بسبب السياسات الانفرادية للحزب: «لولا تدخل حزب الله لعاد لبنان قبلة الشرق وعالية وبحمدون وصوفر عروس المصايف وبيروت ست الدنيا».
وعبر كثيرون عن امتعاضهم ومعارضتهم الكبيرة لمشروع «حزب الله» وأهدافه «البعيدة عن مصلحة لبنان»، «فئة خائنة لجغرافيتها وأصلها، عميلة لبني فارس وأحقادهم، دمى في يد مشروعات غريبة عن وطننا، لا بارك الله فيكم لولا تدخل حزب الله».
فيما انتقد شربل عيد هجوم جمهور الحزب على الراعي بعد ادعاء حماية المسيحيين: «أسوأ ما في هجوم (حزب الله) على البطريرك ادعاؤهم أنّهم بسلاحهم يحمون المسيحيين، وفاتهم أن المسيحيين في لبنان هم من أسس المقاومة منذ 1400 سنة».
أما الصحافي اللبناني يزبك وهبة، فغرد قائلا: «لولا تدخل حزب الله لم يَستشر أحدًا في لبنان بتدخّله هناك... وليتنا لم ندخل كلبنانيين في وحول سوريا».
ويظهر حساب لافت للأنظار، يسمى «منشق عن (حزب الله)»، يتابعه أكثر من 182 ألفا، ليغرد بالتالي: «لولا تدخل حزب الله الطائفي في سوريا لما تيتم الأطفال وترمّلت النساء وهدمت المدن والقرى وقتل أكثر من نصف مليون سوري». ولطالما يدعو هذا الحساب المقاتلين في سوريا للانشقاق عن الحزب، وحسب تغريدة له: «هام كل مقاتل بـ(حزب الله) يرغب في الانشقاق بسبب أهوال الحرب السورية وعبثيتها يتواصل معنا وسنؤمن خروجه من لبنان إلى بلد آمن ولائق له ولعائلته».

ردود فعل سياسية

استمر تكتم قادة «حزب الله» على تورطه في الحرب السورية، إلى أن انطلقت معركة استعادة مدينة القصير بمحافظة حمص من يد المعارضة السورية في مايو (أيار) عام 2013. وتغيرت مقاربة الحزب العلنية للأزمة السورية، خصوصًا بعد أن ألقى الأمين العام للحزب حسن نصر الله خطابًا مثل إعلان حرب على الثورة السورية، تعهد في سياقه بدحر ما أسماه التمرد والإبقاء على نظام بشار الأسد، معلنا أن «سوريا هي ظهر المقاومة وسندها، والمقاومة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي وتسمح للتكفيريين بكسر عمودها الفقري».
وفي السياق، انهمرت التعليقات وردود الفعل السياسية اللبنانية التي تذكرها المغردون على «تويتر» في اليومين الماضيين، وأبرزها:
* الرئيس اللبناني ميشال سليمان: انتقد «حزب الله» باستقلاله عن منطق الدولة وتخطيه الحدود والانخراط في نزاع مسلح.
* رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري: «إن تدخل (حزب الله) في سوريا جريمة في حق اللبنانيين والسوريين».
* الشيخ الشيعي صبحي الطفيلي: «إن زج (حزب الله) بمعركة سوريا فتح الباب أمام حرب مذهبية، وإنّ قتلى الحزب مصيرهم جهنم».
* رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل: «إن تدخل (حزب الله) في سوريا يجر التكفيريين إلى لبنان».
* رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع: «إن (حزب الله) جاء بالإرهابيين إلى لبنان نتيجة ذهابه للحرب في سوريا بدعوى محاربة هؤلاء الإرهابيين».
بينما تتواصل المعارك بين المعارضة السورية من جهة، وقوات النظام والمساندين غير السوريين له من جهة أخرى، برز دور «حزب الله» كمساند لقوات النظام منذ بداية الحرب السورية، ثم عنصرًا حاسمًا في المعارك. وبعد كل هذه الحملات المناصرة للتدخل والحملات المضادة، لا يمكننا إلّا أن نلمس حقيقة أن تدخل حزب لبناني في حرب خارجية، مهما كانت الأسباب، يعزز الانقسامات الطائفية والسياسية في الداخل اللبناني. فينتظر اللبنانيون خطابًا واحدًا أو تصريحًا إعلاميًا حادًا لتشتعل مواقع التواصل الاجتماعي بالكلمات المحرضة والحاقدة التي من شأنها تعظيم حدة الصراعات المذهبية والعقائدية بين أبناء البلد الواحد.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.