معارك بمئات الملايين وأفلام حرب في العراق وأفغانستان

«الشرق الأوسط» تفتح ملفات الموسم السينمائي لهذا الصيف

«حراس المجرة 2» بطولة كريس برات
«حراس المجرة 2» بطولة كريس برات
TT

معارك بمئات الملايين وأفلام حرب في العراق وأفغانستان

«حراس المجرة 2» بطولة كريس برات
«حراس المجرة 2» بطولة كريس برات

في البداية لم يكن هناك موسم صيف. إذ كانت الفترة الممتدة من نهاية يونيو (حزيران) إلى مطلع سبتمبر (أيلول) هي فترة لرمي الأفلام التي لا أمل لها في النجاح. تلك التي تم التعاقد عليها أو التي على شركات التوزيع عرضها لا محالة. ففي الصيف يذهب الجميع إلى عطل طويلة بمن فيهم الجمهور العريض وأصحاب الصالات أيضاً.
هذا التقليد تغير عندما قامت شركة يونيفرسال بعرض فيلم ستيفن سبيلبرغ Jaws في أواخر يونيو. فيلم عن السباحة وسط أسماك القرش على شواطئ رملية في العطل الصيفية.
رغم ذلك، تأخر عرض هذا الفيلم في معظم الدول حول العالم حتى شهر ديسمبر (كانون الأول) قبيل عيد الميلاد في بعضها ويوم عيد الميلاد في بعضها الآخر.
لكن التجربة نجحت في أميركا وكندا وبدأ غزو مواسم الصيف بكم أكبر قليلاً في كل مرّة، حتى انقلبت الأحوال جميعاً وشاركت كل دول العالم في استقبال كم ضخم من أفلام الصيف تُعرض لكمٍ ضخمٍ من الجمهور. هكذا طارت العطل وحطّت السينما.
* صرح جديد
كجزء من هذه الظاهرة، تغيّر موسم الصيف ذاته. رسمياً يبدأ الصيف في النصف الثاني من يونيو، لكن الأسابيع التي يشملها لا تكفي لعرض كل الأعمال الكبيرة المنتظرة كصف سيارات التاكسي أمام فندق من 5 نجوم. فتمت توسعة الموسم بحيث يمكن له أن يستقبل أفلاماً تعرض من مطلع الشهر السادس، وخلال السنوات الخمس اللاحقة، تم توسيعه، كما لو كان مدرج مطار، ليشمل أسابيع شهر مايو (أيار).
وبالنظر إلى أفلام هذا الشهر، تلك التي تم افتتاحها وتلك التي تنطلق هذه الأيام، فإن الربيع دخل عملية تغيير البيئة بدوره. الآن يمكن القول إن هوليوود بدأت ببناء صرح جديد لموسم الصيف يشمل الربيع أيضاً.
للتذكير نحن ما زلنا في شهر مارس (آذار) وسينما «السوبر هيروز» والوحوش العملاقة الآتية من المجهول واثقة من أن جمهور الصيف الذي طالما ألف هذه الأعمال خلال الأشهر الحارة سيقبل عليها كما لو أنها معروضة في الشهر السابع أو الثامن من العام. وهكذا شهدنا قبل أسبوعين ولادة «لوغان»، الآتي من شخصيات الكوميكس والذي تموضع سريعاً في المركز الأول بنحو 82 مليون دولار بلا عناء.
هذا الأسبوع نجد نموذجاً آخر من الأفلام التي كانت عادة ما تنتظر موسم الصيف لكي تشهد عروضها وهو «كونغ: جزيرة الجمجمة» الذي اعتلى المركز الأول بنحو 61 مليون دولار. وتأكيداً على أن الشهر الحالي بات منصّة انطلاق أكبر الصواريخ السينمائية سنشهد في الأسبوع المقبل «الجميلة والوحش»، وبعده بأسبوع واحد «باور رانجرز»، مصحوباً بفيلم الأكشن «السريع والغاضب 8» الذي تم تحويل عنوانه إلى «قدر الغاضب» The Fate of the Furious.
* فضاء بعيد
هوليوود لا تتصرّف تبعاً لأهواء آنية. لقد درست الوضع ووجدت أن تمديد أشهر الصيف لتشمل أشهر الربيع أيضاً هو فعل صحيح. السبب هو كثرة الأفلام المزدحمة للعرض خلال فصل الصيف التقليدي ما يمنع بعضها من عرض عضلاته وقدراته التجارية كاملاً. وإذا نظرنا إلى ما يحمله صيف هذا العام من أفلام سنجد أن هذا الاعتقاد له مبرراته.
«حراس المجرة 2» يبدأ النزال باكراً في الشهر الخامس: أكشن طوال الوقت مع شخصيات ذات قدرات خارقة يقوده كريس برات وتشمل قطّة (بالمعنى المحدد بالكلمة) محاربة تجيد القتل. على مقربة يتدحرج فيلم ضخم آخر هو «برميثيوس 2» لريدلي سكوت مع مايكل فاسبيندر وكاثرين ووترستون، ومجموعة أخرى من التي ما زالت عالقة فوق ذلك الكوكب المتوحش.
وقبل نهاية مايو نتابع عودة جوني ديب في مغامرة جديدة من مغامرات «قراصنة الكاريبي». وفي يونيو نحن على موعد مع «ووندر وومان» مع غال غادو في دور البطولة أمام كريس باين وروبن رايت والبريطاني ديفيد ثويليس والمغربي سعيد تاجماوي.
«ووندر وومان» سيعرض في الثاني من الشهر السادس، وبعده بأسبوع فيلم كبير آخر هو «المومياء»، الذي هو إعادة صنع لفيلم من التسعينات لاقى ما لاقاه من نجاح حينها. الفيلم الجديد من بطولة توم كروز وهو يريد أن يعلمك بأنه، وكالعادة، قام ببعض المشاهد الخطرة بنفسه.
وحال نكتشف ما الذي تستطيع المومياء الفرعونية إضافته من جديد ينقلنا «ترانسفورمرز 5» إلى وضع مختلف. الجزء الخامس من هذا الفيلم الذي أخرجه من البداية مايكل باي.
فيلم شهر يوليو (تموز) الأول سيكون «سبايدر مان: العودة» مع توم هولاند وماريسا توماي ومايكل كيتون وتحت إدارة مخرج آخر يبدأ من القمة هو جون واتس. هذا الفيلم سينطلق في السابع من الشهر ولديه أسبوع واحد ليجمع قدر ما يستطيع لأن القردة الغاضبة ستحتل الشاشات في الرابع عشر من الشهر من خلال «حرب كوكب القردة» لمات ريفز مع أندري سركيس ووودي هارلسون في البطولة.
وهذا أيضاً لديه أسبوع واحد لكي يجمع ما يستطيع قبل أن يحط مكانه «دونكيرك»، فيلم حربي ضخم من بطولة توم هاردي ومارا رإيلانس وكنيث برانوف. عادة أفلام الحرب ليست ركيزة صيفية لكن الاسم الذي يقف وراء هذا العمل هو كريستوفر نولان في أول فيلم له منذ أن انفصل، وفي الوقت المناسب، عن إخراج ملاحم «باتمان».
في الأسبوع الثالث من يوليو نفسه سيطرح لوك بيسون فيلمه الخيالي العلمي «فالريان ومدينة الكواكب الألف». المخرج والمنتج الفرنسي يحب السينما الأميركية التي على هذا المنوال وهو جهز نفسه ليقارع فيلم نولان.
في أعقابهما وقبل أن ينتهي هذا الشهر المزدحم، سنجد أمامنا «البرج الداكن»، فيلم مغامرات فانتازية مع اسمين كبيرين في القيادة هما إدريس إلبا وماثيو ماكونوهي.
* أجزاء وملاحق
هذا كله باستثناء أفلام الرسوم المتحركة. ففي أبريل (نيسان) المقبل نشاهد Smurfs 3 وبعده، في الشهر ذاته: «سبارك»، وكلاهما يدور في كوكب بلا بشر، يتبعهما «باليرينا» وقبل نهاية الشهر نتعرف على The Boss Baby الذي يقوم بالتمثيل صوتياً فيه أليك بولدون وليزا كودروف.
وفي غضون الشهر الخامس، في الأسبوع المتزامن مع عرض فيلم ريدلي سكوت «بروميثيوس 3» نشاهد «مفكرة ويمبي كيد» وفي أعقابه The Nut Job 2 ومع مطلع الشهر السادس «كابتن أندربانتس» و«سيارات 3» ثم Despicable Me 3. نأخذ راحة من هذه الأفلام طوال شهر يوليو، ثم يطالعنا أغسطس (آب) بثلاثة أفلام من هذا النوع أولها (في الرابع من الشهر) «ساموراي ملتهب» أو Blazing Samurai ثم Emoji Movie 2 ويتبعهما عن كثب The Son of Bigfoot.
ثمة مناهج أخرى للكشف عما ينتظرنا في موسم الصيف هذا العام، ذلك الذي، كما ذكرنا، يبدأ في الشهر الحالي.
أحدها تعداد الأفلام التي هي مسلسلات أو إعادة صنع لما سبق من مسلسلات.
في هذا الإطار فإن «لوغان»، لجيمس مانغولد وبطولة هيو جاكسون ورد إلى صالاتنا أولاً تبعه «كونغ: سكَل آيلاند»، الذي هو رابع محاولات تقديم هذا الوحش الأسطوري المعروف بكينغ كونغ. «ترينسبوتينغ 2» هو جزء جديد للفيلم البريطاني الذي تم تحقيقه قبل 20 سنة. «الجميلة والوحش» إعادة حيّة (أي غير كرتونية) لفيلم وشخصيات الفانتازيا الموجهة للصغار.
* ملايين بلا نهاية
لكن المفرح أن ليس كل ما يعرض في هذه الأشهر المزدحمة هو من هذا النوع.
في الواقع هناك غزو من الأفلام الأكثر تواضعاً وتنوّعاً ما سيجعل من المثير معرفة كيف ستواجه هذه الأفلام الأعمال البالونية الكبيرة المذكورة. هل هناك من حصان أسود، أو أكثر، ينتزع النجاح من براثن الوحش؟
حتى في مجال الخيال - العلمي، سنجد مجموعة من الأفلام التي لا سوابق لها في عداد المسلسلات والتي تؤم مواضيعها بجدية وذلك من منتصف الشهر الحالي عندما يطالعنا فيلم بعنوان Atomica يليه فيلم عنوانه «حياة» يضطلع ببطولته إيثان هوكس و«واحد تحت الشمس» (One Under the Sun) يتبعه Mindgamers و«الاكتشاف» وهذا من بطولة روني مارا وجاسون سيغال. ولدى توم هانكس وإيما واتسون فيلماً من هذا النوع عنوانه «الدائرة» من عروض نهاية الشهر المقبل.
والكوميديا لها أيضاً حضور متسع يشمل أكثر من عشرة أفلام من بينها «الساهر» (أو All Nighter) و«تشيبس» و«المضي برفاهية» (Going in Style) و«ساندي وكسلر» و«كيف تصبح عاشقاً لاتينيناً».
لكن النوع الذي يطرق الباب بقوّة هذا الصيف، وعلى عكس المواسم السابقة، هو النوع الحربي. مثل «الوسترن» (الذي سنشاهد منه فيلمين هذا الموسم) و«الميوزيكال» (فيلم واحد سيعرض في نهاية السنة) فإن أفلام الحرب بدأت تنشط من دون أن تكون توقفت بالفعل. وفي هذه السنة هناك 6 فيلماً تقع أحداثها في فترات مختلفة من التاريخ. من بينها أربعة أفلام معروضة خلال الفترة التي نتحدث عنها.
في السابع من الشهر المقبل نتابع أرمي هامر وأنابيل ووليس في فيلم عنوانه «لغم» تقع أحداثه في أفغانستان. وفي الشهر ذاته نشاهد هنري كافيل في الزي العسكري يقاتل في العراق سنة 2003 في فيلم «قلعة رملية». والعراق مسرح فيلم حربي آخر لدوغ ليمان مع آرون تايلور - جونسون والعراقي ليث نخلي.
ثم نعود إلى أفغانستان مع براد بيت في بطولة «آلة حرب» ومعه تيلدا سوينتون وبن كينغلسي.
وكخاتمة لا بد من ذكر أن من بين أفلام التشويق واحد باسم «نتيجة» Aftermath وهو من بطولة أرنولد شوارتزنيغر. لكنه لن يكون شوارتزنيغر الرهيب الذي عرفناه، بل سيكون الممثل الذي بلغ التاسعة والستين من عمره والذي ما عاد يتقاضى 20 مليون دولار عن كل دور يؤديه. كيف سيفعل ذلك إذا ما كانت ميزانية هذا الفيلم الجديد بأسرها لا تتعدى العشرة ملايين دولار؟
هذا الجانب يقودنا إلى معادلة طاحنة: المنافسة بين أفلام الصيف الكبرى هي مثل طحن الحديد بالحديد. ميزانية كل واحد من الأفلام الكبيرة المذكورة («ترانسفورمرز 5»: «برمثيوس 2»: «حراس المجرة 2») كذلك أفلام الأنيميشن التي باتت لا تقل كلفة، لا تقل عن 150 مليون دولار (يتبع كل منها نحو 80 مليون دولار تصرف في شؤون الدعاية والترويج)، ما يعني أن لدى هوليوود بضاعة قيمتها الإجمالية تقترب من مليارين و500 مليون دولار عليها أن تجني أضعافها لكي تستثمرها في أفلام الغد. بالتالي هناك منافسة هادرة بين الخمسة عشر فيلماً كبيراً أو نحوها سينتج عنها اختراق القلة وسقوط الغالبية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».