القوات العراقية تسيطر على مناطق جديدة غرب الموصل

بالإضافة إلى تفتيش وتمشيط المناطق المحررة

جنود عراقييون وسط الموصل (رويترز)
جنود عراقييون وسط الموصل (رويترز)
TT

القوات العراقية تسيطر على مناطق جديدة غرب الموصل

جنود عراقييون وسط الموصل (رويترز)
جنود عراقييون وسط الموصل (رويترز)

أعلنت القوات العراقية اليوم (الاثنين) السيطرة على مناطق جديدة في الجانب الغربي من مدينة الموصل بعد استعادتها أكثر من ثلث مساحته في إطار هجوم متواصل للضغط على المتطرفين لطردهم من ثاني مدن البلاد.
وبدأت القوات العراقية في 19 فبراير (شباط) الماضي، عملية، انطلاقا من المحور الجنوبي للموصل، لاستعادة السيطرة على الجانب الغربي، وهو الأكثر اكتظاظا بالسكان، من أيدي تنظيم داعش.
وأدى هجوم انطلق في 5 مارس (آذار) الحالي إلى استعادة عدد من الأحياء ومواقع مهمة بينها مقر مجلس المحافظة ومتحف الموصل وزيادة الضغط على الإرهابيين.
وما زال تنظيم داعش يسيطر على الجانب الغربي من الموصل، الذي يعد آخر أكبر معاقلهم في العراق، كما هي حال الرقة في البلد المجاور سوريا.
ويشارك التحالف الدولي بقيادة واشنطن، في تقديم الدعم خصوصا عبر توجيه ضربات جوية ضد معاقل المتطرفين في كلا البلدين.
وأعلنت قيادة القوات المشتركة الاثنين سيطرة القوات العراقية على مناطق جديدة من خلال سيطرة قوات مكافحة الإرهاب على حي النفط، في غرب الموصل.
ونقل بيان عن قائد عمليات نينوى الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارلله، أن «قوات مكافحة الإرهاب تحرر حي النفط في الساحل الأيمن (غرب الموصل) من مدينة الموصل وترفع العلم العراقي فوق مبانيه».
كما أعلن الفريق رائد شاكر جودت قائد الشرطة الاتحادية أن «قطعات الشرطة الاتحادية والرد السريع تجري عمليات تمشيط وتفتيش للمناطق المحررة في باب الطوب (غرب الموصل) بحثا عن الألغام (عبوات) والفخاخ والإرهابيين المتخفين وسط الأهالي».
وتمثل المدينة القديمة، أكثر أحياء الموصل اكتظاظا بالسكان؛ حيث إن شوارعها ضيقة ومبانيها متلاصقة، مما يرجح أن تكون المعارك فيها أكثر صعوبة.
وفيما تتولى قوات مكافحة الإرهاب والرد السريع والشرطة الاتحادية التقدم في عمق الجانب الغربي من الموصل، تخوض قوات من الجيش معارك في مناطق تمتد إلى الغرب من المدينة.
وأكد الموفد الأميركي الخاص لدى التحالف الدولي ضد المتطرفين بريت ماكغورك، خلال زيارته لبغداد، أمس (الأحد)، أن المتطرفين محاصرون في آخر معاقلهم في العراق. وقال ان «تنظيم داعش محاصر، فالليلة الماضية قطعت الفرقة التاسعة المدرعة في الجيش العراقي ومقرها قرب بادوش شمال غربي الموصل، آخر الطرق» المؤدية إلى المدينة. وأضاف أن «جميع المسلحين (المتطرفين) الموجودين في الموصل سيقضون فيها».
وتمثل معركة استعادة غرب الموصل المرحلة الكبيرة الثانية من عملية بدأتها القوات العراقية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2016 لطرد المسلحين من آخر أكبر معاقلهم في البلاد.
وأعلنت هذه القوات المدعومة من تحالف دولي بقيادة أميركية في نهاية يناير (كانون الثاني) 2017 استعادة الجانب الشرقي من الموصل.
وأكد المبعوث الأميركي دعم بلاده الحرب ضد تنظيم داعش، قائلا: «نحن ملتزمون جدا؛ ليس لمجرد إلحاق الهزيمة بهم في الموصل، ولكن للتأكد من أن هؤلاء الرجال لا يمكنهم الهروب».
وعمليا، قد يتمكن عدد من مقاتلي تنظيم داعش من التسلل والهرب خارج الموصل في مجموعات صغيرة، لكن عدم التمكن من الوصول إلى طرقات يجعل التحركات الأوسع نطاقا والإمدادات أكثر صعوبة أو حتى مستحيلة.
وأضاف ماكغورك: «نعتقد أننا قتلنا كثيرا من مقاتليهم، وأنه لم يكن باستطاعتهم تعويضهم، ولم تكن هذه هي الحال نفسها قبل سنة». وأشار إلى مقتل 180 قياديا من التنظيم.
في سوريا، يقدم التحالف الدولي بقيادة واشنطن الدعم لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي تقاتل الإرهابيين وتتقدم باتجاه معقلهم الممثل بالرقة.
وقال ماكغورك: «لا تزال الرقة، عاصمة الإدارة الخاصة (بالمتطرفين)، ونعتقد أنه يوجد فيها كثير من قادتهم، ويخططون من هناك لهجمات في سائر أنحاء العالم على ما نعتقد».
وتخوض «قوات الديمقراطية» اليوم (الاثنين)، اشتباكات ضد المتطرفين عند الأطراف الشمالية من نهر الفرات، في محافظة الرقة، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، من دون الإشارة إلى حصيلة جراء المواجهات.
كما تقاتل فصائل معارضة مدعومة من تركيا، الإرهابيين في شمال سوريا، فيما تخوض قوات النظام السوري معارك مماثلة بدعم روسي.
وقتل 19 شخصا، بينهم 8 مدنيين، في غارات لقوات التحالف الدولي استهدفت ليل السبت - الأحد مناطق تقع على بعد 4 كيلومترات جنوب مدينة الرقة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلن المرصد أيضا عن مقتل أكثر من 320 ألف شخص خلال 6 سنوات من النزاع الدامي الذي تشهده سوريا، بينهم أكثر من 96 ألف مدني.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم