الرئيس المصري لوفد صحافي أفريقي: حرية الإعلام تقابلها مسؤولية وطنية كبيرة

الرئيس المصري لوفد صحافي أفريقي: حرية الإعلام تقابلها مسؤولية وطنية كبيرة
TT

الرئيس المصري لوفد صحافي أفريقي: حرية الإعلام تقابلها مسؤولية وطنية كبيرة

الرئيس المصري لوفد صحافي أفريقي: حرية الإعلام تقابلها مسؤولية وطنية كبيرة

أكد الرئيس المصري خلال لقائه بوفد من كبار الصحافيين والإعلاميين الأفارقة على أن الحرية التي تتمتع بها الصحافة تقابلها مسؤولية مهنية ووطنية باعتبار أن الإعلام شريك في التنمية.
استقبل السيسي، صباح أمس، وفدا أفريقيا من 25 دولة يشاركون في ورشة العمل التي تنظمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وذلك بحضور سامح شكري وزير الخارجية المصري.
وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إن السيسي أكد حرص بلاده على تعزيز علاقاتها مع كل الدول والشعوب الأفريقية، مشيرا إلى الدور المحوري للإعلام الأفريقي في زيادة الوعي لدى مواطني القارة بمختلف القضايا التي تمس حياتهم، فضلاً عن مساهمته القيمة في الدفع قدماً بآفاق العمل الأفريقي المشترك، وتسليط الضوء على التحديات المشتركة التي تواجه دول القارة وسبل التعامل معها، وبحيث يعكس الإعلام نبض الشعوب الأفريقية ويعبر عن آمالها وتطلعاتها.
وخلال العامين الأولين من حكمه دأب الرئيس المصري على توجيه انتقادات لوسائل إعلام محلية، لافتاً إلى قيمة الإعلام والصحافة في زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
وأشار السيسي خلال اللقاء أمس إلى أن الدور المهم والمتنامي للإعلام، والحرية الواسعة التي يتمتع بها، تقابلهما مسؤولية كبيرة في التحلي بأعلى درجات المهنية والموضوعية والوطنية، باعتبار الإعلام شريكا أساسيا في مسيرة التنمية التي تمثل لمصر التحدي الأكبر، مؤكدا حرص مصر على استضافة مثل هذه المنتديات لتعزيز التواصل بين الإعلاميين الأفارقة لتبادل وجهات النظر والخبرات، بما يصب في صالح خدمة أهداف التنمية والتقدم في أفريقيا.
وينتقد معارضون للرئيس المصري من التضييق على الحريات، ويوجهون أصابع الاتهام لدور السلطات في توقف عدد من البرامج التي دأبت على توجيه انتقادات لسياسات الحكومة المصرية.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيس أكد خلال اللقاء أن مصر تتبنى سياسة منفتحة تجاه كل الدول الأفريقية، وذلك في إطار من مبادئ ثابتة ترتكز على عدم التدخل في شؤون الدول الأفريقية واحترام سيادتها على أراضيها، وبذل أقصى الجهد في تعزيز التعاون والتنمية بين مصر ودول القارة، فضلاً عن التعبير عن الشواغل الأفريقية في كل المحافل الدولية، وخاصة في إطار عضوية مصر الحالية في مجلس الأمن الدولي، ومجلس السلم والأمن الأفريقي، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
كما أشار الرئيس المصري إلى أن جهود تفعيل التعاون بين مصر ودول حوض النيل تستند إلى العمل على تحويل نهر النيل إلى محور للبناء والتنمية والتعاون بين كل دول الحوض، بما يحفظ حقوق جميع الدول الشقيقة في التنمية، ويحفظ حق الشعب المصري في الحياة، أخذاً في الاعتبار أن نهر النيل يعد المصدر الأساسي للمياه في مصر.
وتنخرط مصر في مفاوضات مضنية مع إثيوبيا التي تبني سدا على النيل الأزرق تخشى القاهرة من تأثيره على حصتها في مياه النيل. ووقعت مصر وإثيوبيا والسودان على اتفاقية مبادئ تجرى المفاوضات الراهنة وفقا لها.
وذكر السفير يوسف أنه دار حوار مفتوح بين الرئيس المصري والصحافيين والإعلاميين الأفارقة، حيث أعربوا عن بالغ تقديرهم لمصر قيادة وشعباً، متوجهين بالشكر لمصر على ما تقدمه لأشقائها الأفارقة من مساندة ودعم متواصلين، ومؤكدين سعادتهم بعودتها لدورها الريادي في أفريقيا، وبما شاهدوه في مصر من تقدم في تنفيذ المشروعات الكبرى الجاري إنشاؤها في كل أنحاء البلاد، بما يعزز الثقة والأمل في مستقبل أفضل لمصر وأفريقيا.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.